آراء

برنارد لويس "واستفتاء كردستان"

bakir sabatinهل يتحول إقليم كردستان إلى "إسرائيل" ثانية!؟

وهل سيشهد المستقبل وجود قواعد عسكرية إسرائيلية ومنصات استخبارية للموساد في ذلك الإقليم الموجود في خاصرة كل من العراق وإيران وتركيا!

هل هناك دول عربية تنسق مع الكيان الصهيوني للاعتراف باستقلال الإقليم بغية تطويق إيران من خلاله!؟

يبدو أن مشروع المفكر الصهيوني برنارد لويس التصحيحي لمعاهدة سايكس بيكو سيأخذ طريقه السالك باتجاه انفصال إقليم كردستان عن العراق من خلال الاستفتاء الذي يقوده مسعود البارزاني، وبدعم إسرائيلي منقطع النظير تبدّى من خلال التواجد اللافت لمراسلي صحف الكيان الصهيونى الذين انتشروا في عموم الإقليم الذي تربطه بالكيان الإسرائيلي علاقات تاريخية خاصة. وذلك ليس بغريب، ففي كتابه (الموساد في العراق ودول الجوار) يتحدث الكاتب الإسرائيلي شلومو نكديمون عن التعاون بين الكيان الصهيوني (وتحديداً الموساد) وبين ا الملا مصطفى البارزاني للفترة 1963 –1975 وتغلغل الموساد داخل شمال العراق، ليس لنوازع إنسانية – كما يدعي الصهاينة – بل لاستخدام الأكراد جسراًً للعبور نحو دول الجوار، إيران وتركيا، وإضعافاً للعراق"

ومن هذا المنطلق يتولى الكيان الصهيوني مسئولية الضغط السياسي على الولايات المتحدة الأمريكية لدعم الاستفتاء غير المشروط، وربما لخلق أزمة من شأنها صرف الأنظار عما يحاك في الكيان المحتل ضد حزب الله تزامناً مع وصول أكبر مدمرة أمريكية إلى ميناء حيفا! وإن بدا احتمال ذلك ضعيفاً. ومن جهتها فإن الحكومة العراقية المركزية هددت بتوجيه رد عسكري لردع هذا التوجه الكردستاني الذي يتعارض مع دستور البلاد، ونظراً لخطورة ما سينتج عن هذا المشروع من مخاطر على دول الجوار فقد بادر حيدر العبادي إلى زيارة تركيا للتنسيق مع أردوغان حول هذا الحدث المفاجئ؛ لحساسية الملف بالنسبة للطرفين ، ولكن إيران ذهبت إلى أكثر من ذلك مهددة بإغلاق حدودها مع كردستان فيما لو تم الاستفتاء.

وتتجلى المخاوف الإيرانية في تحول كردستان مستقبلاً إلى "إسرائيل " ثانية، لا بل قد يتحول الإقليم إلى منصة استخبارية تخريبية للموساد تهدف إلى العبث في الفسيفساء الإيرانية لتفكيكها وفق رؤية برنارد لويس! أو إنشاء قاعدة إسرائيلية متقدمة؛ تضع الكيان الإسرئيلي على تماس مباشر مع إيران في أي حرب مقبلة! علماً بأنه في السياق ذاته لا استبعد وجود تنسيق عربي مع الكيان الصهيوني للاعتراف باستقلال كردستان توطئة لتطويق إيران مستقبلا.

أما في أتون ما يجري الآن ورغم الضغوطات الإسرائيلية على أمريكا فقد أبدت الأخيرة اعتراضها على استفتاء كردستان كونه جاء في غير موعده ولا يتوافق مع المصالح الأمريكية في ظل الأزمات المتفاقمة التي تحيق بمنطقة الشرق الأوسط وخاصة الخليج العربي ومواجهة داعش في كل من سوريا والعراق.

وفي هذا السياق ينبغي العودة إلى الصهيوني العتيد برنارد لويس الذي يعد من أهم مستشاري البيت الأبيض والبنتاغون ألذي راهن عبر تاريخ حياته على تقسيم العالم الإسلامي إلى عشرات الكنتونات العرقية والطائفية وفق خرائط اجتهد على وضعها حيث اعتمدها الكونغرس الأمريكي عام ١٩٨٣، وما زال يوليها اهتمامه ويدرجها في المخططات قيد التنفيذ.

وتجدر الإشارة إلى أن برنارد لويس يسوق للعالم الغربي وخاصة أمريكا، صورة مشوهة عن المسلمين وخاصة العرب، إذ يرى هذا المستشرق العنصري بأن العرب لا يحسنون التحضر ولا يمكنهم التعامل مع الديمقراطية كونهم يتشكلون من طوائف وعشائر وأقليات عرقية غير متوافقة، وتحكمهم سياسة القطيع، ولا يجد هذا المفكر العالمي من يصده عبر وسائل الإعلام بعد وفاة خصمه اللدود البروفسور الفلسطيني إدوارد سعيد الذي حاججه بقوة المنطق، وها هي الساحة باتت مفتوحة على أسوأ الاحتمالات، وهو ما نبه إليه صاحب كتاب الاستشراق قبل رحيله، من هنا فإن استفتاء كردستان ما هو إلا ناقوس خطر يدق.. ويسير وفق رؤية برنارد لويس استكمالاً لما يجري في ليبيا واليمن وسوريا، وكل ذلك يصب في مصلحة الكيان الإسرائيلي الذي ما يزال يتمدد متجاوزاً حدود حلمه من النيل إلى الفرات..

 

بقلم بكر السباتين..

 

 

في المثقف اليوم