قضايا وآراء

عزفٌ على الوترِ السابع

ما دُمتِ أَعدَدْتِ الحَقَائِبَ

و افتَرَشْتِ مَوانِئَ الهَجرِ الثَّقِيلْ .

هِيَ آخِرُ الكَلِمَاتِ مِنكِ

فلا تَضِنِّي

مِثلَمَا ضَنَّت عَلَى قَلبِ المُتَيَّمِ

مُهجَةُ الزَّمَنِ البّخِيلْ .

هِيَ كِلْمةٌ

يا رُبَّما أَحيَتهُ مِن بَعدِ المَمَاتِ

و رُبَّما

عَادَت بِأَشلاءِ المُعَذَّبِ فِي هَوَاكِ

مِنَ الشَّتَاتِ

و رُبَّما

زَرَعَتْهُ فِي رَوضِ الأَمَانِي شَامِخاً

مِثلَ النَّخِيلْ .

قُولِي أُحِبُّكَ،

و اجعَلِيهَا آخِرَ الأَنغَامِ

تَسكُبُهَا طُيُورُكِ فِي مَسَامِعِهِ

و آخِرَ زَهرَةٍ تَنمُو عَلَى شَفَتَيكِ

يَقتُلُهَا الذُّبُولْ .

ما كُنتُ أَحسَبُكِ البَخِيلةَ لَحظَةَ التَّودِيعِ،

لا تُلقِينَ نَظرَتَكِ الأخِيرَةَ

قَبلَما يُغرِي شِراعَ فُؤَادِكِ المَجنُونَ

بَحرُ الأُمنِيَاتِ

و رِحلَةُ السَّفَرِ الطَّوِيلْ .

و يُقِلُّكِ البَحرُ الخِضَمُّ إلى جَزِيرَتِكِ البَعِيدةِ

حَيثُ لا قَلبٌ يُرَوِّيكِ

كَمَا قلبِ المُغَنِّي حين أفنى عُمرَهُ

يَسقِيكِ مِن سلسالِ نهرٍ سَلسَبِيلْ .

و يُرِيقُ فِي كَفَّيكِ مَاءَ حَيَاتِهِ

فَجَحَدْتِهِ

و تَرَكتِهِ طُعماً لأَنيَابِ السُّهَادِ

و لُقمةً

لِذِئابِ لَيلٍ مُستَبِدٍّ

تَنهشُ الحُلمَ الجَمِيلْ .

قُولِي أُحِبُّكَ وارحَلِي

و خُذِي حَقَائِبَكِ التي حَمَّلتِهَا بِالذِّكرياتِ

فإنَّنِي لَن أَمنَعَكْ .

و نَوَارِسُ القَلبِ المُعّذَّب .. يَا سُعا .. لَن تَتْبَعَكْ

و أنا

سَيَصلِبُنِي الفَرَاغُ عَلَى جُذُوعِ الوَقتِ

أَجتَرُّ الدَّقَائِقَ،

و المَفَارِقَ،

و الحَرَائِقَ،

أَستَعِينُ عَلَيكِ بِالنِّسيَانِ يا نَيسَانَ حُلمٍ مُستَحِيلْ .

قُولِي أُحبُّكَ و ارحَلِي

لا تَقرَئِي كَلِمَاتِ أُغنِيَتي الحَزِينةَ

لا تُرِيقِي دَمعَةً بَعدِي

و إنْ قلَّبْتِ سِفرَ الذِّكرياتِ فَلا تَقُولِي

هَا هُنَا كَانَ اللِّقاءُ

و هَا هُنَا

كُنَّا نَجُوبُ مَدِينَةَ الأَحلامِ

نَلهُو كَالفَرَاشِ

إذا دَعَاهُ .. لحفلةِ الرقصِ .. الضِّياءُ

و هَا هُنَا

ضَحِكَت لَنَا شَمسُ الصَّباحِ

و بَارَكَت خُطُوَاتِنَا شَمسُ الأَصِيلْ .

لا تَنظُرِي لِلخَلفِ نَظرَةَ مُشفِقٍ

أو تَحسَبِي

أَنِّي كَمَا جَبَلِ الجَلِيدِ إذا تَفَجَّرَ فِيهِ بُركانٌ يَسِيلْ .

أناْ مَن عَرَفتِ،

اْلفَارِسُ الحُرُّ النَبِيلْ .

لو مِتُّ أُبعَثُ مِن رَمَادِي مِثلَمَا الفِينِيقِ

مُمتَشِقاً زُهُورَ صَبَابَتِي

أَرعَى شُؤُونَ إِمَارَتِي

و أُضَمِّدُ الجُرحَ الذي خَلَّفْتِهِ

أَناْ أَلفُ نيلْ .

سَأَظَلُّ رَمزاً لِلعَطَاءِ و إِن تَقَلَّبَتِ الفُصُولُ

فَلَن أَجِفَّ

و لَن أَغُورَ و لن أمِيلْ.

فَلتَرحَلِي، لَن أَمنَعَكْ

قَلبِي مَعَكْ

لابُدَّ يَوماً ترجعينْ إليه .

:

الوتر السابع يدعوني كي أعود لألامس أوتار القلب لأكتشف مؤخرا أنّ القلب والوتر السابع في الموسيقى توأمان، (القلب والوتر) هذه العلاقة الجدلية ما بين الموت والحياة، بين الرحيل واللقاء، بين الحلم والواقع،وقد يعتقد قارىء أنني أتفصحن وأتفلسف لكنني أتكلم من منطلق حسيّ وفكري، من معرفة بهذه العلاقة التي ربما لا يعرفها الاّ من يملك الاحساس المرهف ليرسم لنا نوتة جديدة تحتاج لتدريب، تجتمع فيها الحواس، وكم نحن بحاجة لنطمئن أحيانا على الوتر السابع قبل أن يفوت الأوان وسأبدأ بالأوتار لتشريح القصيدة التي تخترق الذات بسهلها الممتنع وبجمال الأنامل التي عزفت بالقلم وعلى الوتر لتأتينا بتفعيلة أخّاذة نابضة .

ربما مداخلتي التي سألقيها على مسامعكم وأتركها بين أياديكم تحمل الكثير من الأبعاد لأنها تحتاج للتركيز وللتحليق في آن واحد:

تعرف الأصوات التي تسرّ أسماعنا بالموسيقى، وتنتج هذه الأصوات عن ذبذبات منتظمة بين فواصل زمنية، أما الأصوات الشاذة التي لا تسرّ أسماعنا فنسميها الضّجة أو الضّجيج . ولمن لا يعرف: هناك (سبعة نوتات) موسيقية وهي: سا، ري، ما، با، دا، ني، وسا، وهذه الموسيقى الغربية تسمى: دو، ريه، مي، فا، صول،لا، تي، دو . على أساس هذا السلّم الموسيقي ينتج الايقاع الموسيقي أو ما يسمى (بالهارموني) فهل تعرفون كيف تمّ اعداد هذا السلّم الموسيقي ؟ قد تتساءلون ما علاقة السؤال (بالوتر السابع) الذي جعل شاعرنا يجترح هذه القصيدة بايقاعها الهارموني الذي نلمسه بين السطور !!

اخترع السلّم الموسيقي راهب يدعى (غويدو داريزو) وكان مغرما جدا بالموسيقى الصافية، وقد عاش داريزو من سنة 990الى سنة 1050 بعد الميلاد بالتقويم المسيحي، وحتى ذلك الوقت لم تكن للنوتات الموسيقية وجود، كانت توجد موسيقى ارشادية فقط، تتكوّن من رموز فقط وكانت تسمى باللاتينية (neumes)، ولنغمات السلم الموسيقي ذبذبات محدّدة ومن الغريب في مكان والمحيّر في الأمر أنّ الذّبذبة الأخيرة ضعف الأولى تماما مع فواصل بين الاثنتين، ولن آتي هنا بالأعداد لأن هدفي هو الوصول للذبذبة الأخيرة والتي ان ضربنا كل الأعداد فنتاجها سيكون رقم "2" وهذا بالفعل يدلنا على الفارق بين (sa) سا، و (sa) سا الأخيرة في النوتة، وتسمى النغمة الأولى منها (النغمة الكبرى) والثانية (الصغرى) والثالثة (نصف النغمة) وهكذا مع هذه الفواصل الرئيسية الثلاث . وأضيف أنّ في جميع الآلات الموسيقية تكون طبقات الصوت في السلم الموسيقي مرتبة ترتيبا منتظما، أما في سلسلة من ثماني نغمات نحصل على نغمة موسيقية محددة . ما أردت قوله: أن الوتر السابع الذي اختاره شاعرنا الذكي والمبدع والذي ناتجه بين النوتة الأولى والسابعة هي _ 2_ يؤكّد على أن الوتر السابع دعاه ليعزف عليه والذي رمز به الى (الفراق) والرحيل، ونهاية المطاف، فقد تكون النوتة السابعة التي أبدعها الراهب (غويدو) لها علاقة بالموت والحياة كرمز أدخله في قصيدته د. جمال عن (طائر الفينيق / وللنيل).

وسآتي للقصيدة ولجماليات الصور الشعرية فيها، ولتوظيف الرموز، ولجو القصيدة، وللانتقال حسب الايقاع الهارموني الموسيقي بتوحّده مع نبضات القلب المتراكضة وكذا مع الذات التي تبدو متمرّدة لتكسر هذا الحزن الذي بدأ به قصيدته .

 

قُولِي: أُحِبُّكَ

و ارحَلِي

ما دُمتِ تَنوِينَ الرَّحِيلْ .

ما دُمتِ أَعدَدْتِ الحَقَائِبَ

و افتَرَشْتِ مَوانِئَ الهَجرِ الثَّقِيلْ .

هِيَ آخِرُ الكَلِمَاتِ مِنكِ

فلا تَضِنِّي

مِثلَمَا ضَنَّت عَلَى قَلبِ المُتَيَّمِ

مُهجَةُ الزَّمَنِ البّخِيلْ .

هِيَ كِلْمةٌ

يا رُبَّما أَحيَتهُ مِن بَعدِ المَمَاتِ

و رُبَّما

عَادَت بِأَشلاءِ المُعَذَّبِ فِي هَوَاكِ

مِنَ الشَّتَاتِ

و رُبَّما

زَرَعَتْهُ فِي رَوضِ الأَمَانِي شَامِخاً

مِثلَ النَّخِيلْ .

 

صوت الشاعر في بداية القصيدة ليس عاليا بل تتداخل فيه تموّجات تختلط بايقاظ النوتة السابعة فيه وتؤجله الى حين، فهو في مرحلة قبل الأخيرة وهنا قمة الابداع في تركيب القصيدة من ناحية النغم الهارموني للقصيدة، فالاستجداء لا يأتي الاّ بعد صراع مع الآخر، قد تكون الحبيبة، وقد يكون الوطن / الأرض، فهو يستجديها لأنه بحاجة لحبّها وهي على أعتاب الرحيل، والرحيل في القصيدة ليس الموت وانما الوداع والفراق . لحقائب السّفر، ولموانىء الهجر، علاقة بين الفراق وبين الزمن الذي بخل على الشاعر ولم ينصفه، فهل تكون في رحيلها عنه هي والزمن ؟ النغمة تعلو وتنخفض كما يبدو عندما تعمل الحواس مجتمعة ليكتفي بكلمة منها تعيد أشلاءه من الشتات لتزرعه شامخا وتحييه كالنخيل .وهنا يدخل الشاعر ليس في موضوع فراق الحبيبة وهجرها انما بقضية (الاغتراب) الذي هو جزء من حياته، ببعده عن وطنه ومسقط رأسه (مصر) .[/size][/color]

 

قُولِي أُحِبُّكَ،

و اجعَلِيهَا آخِرَ الأَنغَامِ

تَسكُبُهَا طُيُورُكِ فِي مَسَامِعِهِ

و آخِرَ زَهرَةٍ تَنمُو عَلَى شَفَتَيكِ

يَقتُلُهَا الذُّبُولْ .

ما كُنتُ أَحسَبُكِ البَخِيلةَ لَحظَةَ التَّودِيعِ،

لا تُلقِينَ نَظرَتَكِ الأخِيرَةَ

قَبلَما يُغرِي شِراعَ فُؤَادِكِ المَجنُونَ

بَحرُ الأُمنِيَاتِ

و رِحلَةُ السَّفَرِ الطَّوِيلْ .

و يُقِلُّكِ البَحرُ الخِضَمُّ إلى جَزِيرَتِكِ البَعِيدةِ

حَيثُ لا قَلبٌ يُرَوِّيكِ

كَمَا قلبِ المُغَنِّي حين أفنى عُمرَهُ

يَسقِيكِ مِن سلسالِ نهرٍ سَلسَبِيلْ .

 

هنا يبدأ عزف شاعرنا على (الوتر السابع) آخر النوتات، قفزة نوعية ما بين النوتة الأولى الى السابعة، فهو بكل حرفية يختزل العمر والوقت والمسافات وكأنّه لم يعد بالعمر متسع من الوقت، فالعامل الزمني يتدخّل ليحثّه القفز مباشرة وترك الفواصل ما بين النوتات دون مراعاة بنغمة أو بأخرى فما يهمّه الآن (الوتر السابع) محطته الأخيرة قبل رحيلها، يقول:" اجعليها آخر الأنغام / آخر زهرة تنمو على شفتيك، يقتلها الذبول " هو يحذّرها أنها لن تجد هناك في جزيرتها البعيدة قلبا يرويها، لأن الغربة لا تروي ظمأ المشرّد عن وطنه، لن تروي الشوق والحنين الى الأحبة، وأدهش هنا لهذا المزج في الصور الشعرية وموضوع القصيدة ما بين وداع الحبيبة ومعاناة الشاعر في غربته والذي يؤدي دور المغنّي الذي يفنى عمره في الغربة وهو الذي قد يروي حبيبته / ووطنه بنهره السلسبيل .

 

و يُرِيقُ فِي كَفَّيكِ مَاءَ حَيَاتِهِ

فَجَحَدْتِهِ

و تَرَكتِهِ طُعماً لأَنيَابِ السُّهَادِ

و لُقمةً

لِذِئابِ لَيلٍ مُستَبِدٍّ

تَنهشُ الحُلمَ الجَمِيلْ .

قُولِي أُحِبُّكَ وارحَلِي

و خُذِي حَقَائِبَكِ التي حَمَّلتِهَا بِالذِّكرياتِ

فإنَّنِي لَن أَمنَعَكْ .

و نَوَارِسُ القَلبِ المُعّذَّب .. يَا سُعا .. لَن تَتْبَعَكْ

و أنا

سَيَصلِبُنِي الفَرَاغُ عَلَى جُذُوعِ الوَقتِ

أَجتَرُّ الدَّقَائِقَ،

و المَفَارِقَ،

و الحَرَائِقَ،

أَستَعِينُ عَلَيكِ بِالنِّسيَانِ يا نَيسَانَ حُلمٍ مُستَحِيلْ .

 

ومن الذي تركه لقمة سهلة للذئاب ؟ ولأنياب السهاد والقلق والأرق ؟ من تركه لليل ينهش حلمه الجميل ؟؟ قُولِي أُحِبُّكَ وارحَلِي

و خُذِي حَقَائِبَكِ التي حَمَّلتِهَا بِالذِّكرياتِ

فإنَّنِي لَن أَمنَعَكْ .

 

هي اذن الحبيبة التي تسكنه، المغادرة، حاملة الحقائب المليئة بالذكريات،، وبين طيات المناديل المسافرة يعود بنا الشاعر الى ذكرياته القديمة الى حبيبته (مصر) ليوثّق هذا الاحساس في عزفه بحزنه ولومه للحبيبة وللوطن.

 

"أَستَعِينُ عَلَيكِ بِالنِّسيَانِ يا نَيسَانَ حُلمٍ مُستَحِيلْ."

هل يجد الحل هنا؟ النسيان؟ وهل النسيان ليس الذاكرة التي نحفظها، وهي الباقية؟

 

قُولِي أُحبُّكَ و ارحَلِي

لا تَقرَئِي كَلِمَاتِ أُغنِيَتي الحَزِينةَ

لا تُرِيقِي دَمعَةً بَعدِي

و إنْ قلَّبْتِ سِفرَ الذِّكرياتِ فَلا تَقُولِي

هَا هُنَا كَانَ اللِّقاءُ

و هَا هُنَا

كُنَّا نَجُوبُ مَدِينَةَ الأَحلامِ

نَلهُو كَالفَرَاشِ

إذا دَعَاهُ .. لحفلةِ الرقصِ .. الضِّياءُ

و هَا هُنَا

ضَحِكَت لَنَا شَمسُ الصَّباحِ

و بَارَكَت خُطُوَاتِنَا شَمسُ الأَصِيلْ .

لا تَنظُرِي لِلخَلفِ نَظرَةَ مُشفِقٍ

أو تَحسَبِي

أَنِّي كَمَا جَبَلِ الجَلِيدِ إذا تَفَجَّرَ فِيهِ بُركانٌ يَسِيلْ .

 

صوت الشاعر في القصيدة يتغيّر، النغمة، الايقاع، نراه يقترب بالأصابع للوتر السابع، هل هي أصابعها أم أصابعه ؟ ينتفض الوتر كما النبض كي يرتاح بسماعه كلمة أخيرة وهي (أحبك) قبل الرحيل، لا يريد منها العودة الى الذكريات لكنه بنفس الوقت يستحضر الأماكن التي جمعته بها، مدينة الأحلام: (الفراش / حفلة الرقص، الضياء/ شمس الصباح/ شمس الأصيل) حتى هنا باستحضاره مدينة الحلم يعزف على الوتر السابع والايقاع الهارموني داخل القصيد يتعالى ويرتفع، فبركانه لا يسيل هو جبل الجليد مهما هجرته الأحلام . ألا تلمسون معي النوتة المرتفعة في صوته الراعد ..؟

 

 

أناْ مَن عَرَفتِ،

اْلفَارِسُ الحُرُّ النَبِيلْ .

لو مِتُّ أُبعَثُ مِن رَمَادِي مِثلَمَا الفِينِيقِ

مُمتَشِقاً زُهُورَ صَبَابَتِي

أَرعَى شُؤُونَ إِمَارَتِي

و أُضَمِّدُ الجُرحَ الذي خَلَّفْتِهِ

أَناْ أَلفُ نيلْ .

سَأَظَلُّ رَمزاً لِلعَطَاءِ و إِن تَقَلَّبَتِ الفُصُولُ

فَلَن أَجِفَّ

و لَن أَغُورَ و لن أمِيلْ.

فَلتَرحَلِي، لَن أَمنَعَكْ

قَلبِي مَعَكْ

لابُدَّ يَوماً ترجعينْ إليه .[/

 

ها هو (الفارس الحرّ النبيل)،يصل الى النوتة السابعة، أصابعه لا تلامس الوتر فقط بل تصارع النغمة لتحدث في القصيدة تغييرا، الصوت مختلف، والنفسية مختلفة، والصور الشعرية مختلفة، ولغته بتوظيفه (الرموز) تختلف:

 

لو مِتُّ أُبعَثُ مِن رَمَادِي مِثلَمَا الفِينِيقِ

مُمتَشِقاً زُهُورَ صَبَابَتِي

أَرعَى شُؤُونَ إِمَارَتِي

و أُضَمِّدُ الجُرحَ الذي خَلَّفْتِهِ

أَناْ أَلفُ نيلْ .

 

قمّة القصيدة، دهشة الحرف، وقمّة العزف، الصوت الداخلي للفارس الحرّ الأبيّ، هو (الفينيق) الخارج من الرماد " لو متّ أبعث من رمادي"، ورمادي هنا ربما تؤكّد أن الشاعر قوته بنفسه وليس بحاجة لأحد و الممتشق بزهور الشباب والعنفوان، مضمّد الجرح لوحده، يرعى شؤون امارته لوحده، هو المبعوث من الموت (بألف نيل)،، النيل الذي لا يموت، رمز حياة الشاعر وتجدّده، فهو الأمل الذي يعيش به ومن أجله، هو النيل الذي سيظلّ رمز العطاء، لن يجف ولن يميل، لن يحيد عن الطريق السليم، .

فَلتَرحَلِي، لَن أَمنَعَكْ

قَلبِي مَعَكْ

لابُدَّ يَوماً ترجعينْ إليه .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1308 الجمعة 05/02/2010)

 

 

ويعود للعزف ليمزج بين النوتة الأولى والسابعة بعزفه لأن النيل وحبيبته مصر (اثنان) داخل واحد .

هذا هو الوتر السابع (النوتة الحزينة والمتمرّدة) التي أبى الشاعر القدير الاّ أن يتخطّاها فهل سيصل الى النوتة الثامنة ؟ لنراه يحصل على نغمة موسيقية محدّدة ؟؟

د. جمال،، هذا هو الشعر ولن أضيف،، عزفت وأجدت العزف يا سيّد الحرف،، أحييك

مودتي / هيام

في المثقف اليوم