قضايا وآراء

كي لا تنسوا خزعل الماجدي ... أيها الشعراء؟؟ / فائز الحداد

ورياضيات الجدولة الكاذبة، وأسطرة التنظير االمبحوح، والقراءات الساذجة، وبقاليات العروض النفعية - فالشعر - أكبر من الصلعات والكراسي، وأبهى من البدلات الملهلهلة، وعورات العوران، وقردة الشعر المتنطعين، ووخراتيت المواقع السياسية المتثاقفة، بل وحاكميات الأدب المنافق في ظل الغزو الثقافي الكاوبويي)..

 أكرر ظز واعية، مع جل تقديري للمنهزمين من ساحة الشعر الى ساحات بيع (اللبلبي العراقي مع ربع عرق بعشيقة) فهم –أ درى بحالهم-، فلا مرجعيات هناك في الأدب، وليس هناك من شاعر كبير صيرته ظروف السياسة البائسة، و سننته الآسنات بفاعل السلطة المتسالطة .. لأن هناك نص كبير بس .. ولا خير في إسم كبير لايعضده المنجز الكبير كعلامة فارقة.

بلا .. الشعر ليس مشيخة لأحد ولا إقطاعية لطاغية أو شفرة لفروج تنجب غجور الشعر، وكي يكون كتاب محي الدين اللاذقاني (أباء الحداثة الشعرية) قادح الأذى في إجتراح ما ينبغي أن أشير له في الضائعات، أشير فيما أشير لـ (خزعل الماجدي الشاعر الفذ) هذا الخزعل القدير، هو أخطر إسم حداثي شعري سبعيني، شغل الناس فأبدع في شاغله واشتغالاته، ولعمري هو الشاعر الكبير، وما كان شغله الوحيد إلا الشعر لكنه كُسر ب (مروانه) الجميل، وما أدراك بانكسار الشاعر في الأغر الأعز .. ؟أأ

والله، وفي حسرة الموجوع أقول : من العيب على أي نظام أن يصبح شاعر مثل خزعل الماجدي، مجرد صورة منسيه على حواف المواقع والجرائد،، وهنا ( أطلق طززززززززززز قاتلة، بحجم الأسى العراقي الذي يحمله كل شاعر عراقي كسير بحجم خزعل ..، فماذا إذن سأقول حاملا وجعنا العراق، وفينا نحن الشعراء المكسورين دائما ألف انكسار..

إيييييييييييييييييييييييييييييه ..

ما تدري حكها الناس وناتي بسوكت

حسرة لي بالدلال، ظلت لما اموت ..

لنفرأ . خزعل الماجدي في هذه اللوحات لنستدرك الضائعات والضياع أفضل، وليسمح لي أخي خزعل، بنشر ما له من كنوز.. فأقرأوووووووووووووووووووووووه، ولكم حسنات جده الحلاج ..

 

من ديوان فلم طويل جداً / قــد أكــون أنا!

 

قــد أكــون أنا!

كلما أرتدى شبحاً صارَ أبعد

كلما تراشقَ مع الباطن اسودَّ

هذه نهايات جسدِه ورمادِه

كيف تحلى بوردةٍ ونشيد ذات يوم؟

معتمٌ أصفر ومسخمٌ بخمورٍ

يسير في الشوارع ويهذي بالحقيقية، في يده العصا يصفِّف شعرَه ويحلم بالماضي.. أيّ عهد؟ ماذا دهى الخرافاتُ ممددةً على الشوارع التماعاته في النشيد وفي الملاطفات ظهرت الشمس فكشف قلادته كان يدير السماءَ من اليمين إلى اليسار شبابُـهُ محترق بهذه السوالف وعيونُـهُ لا ترى ما على الأرض.

 

ثانـويــة قتيبة

يفركـون حجـرَ الفلاسفـةِ

فلا يتحول الرصاصُ إلى ذهبٍ

بـل تتحـول أيـديهــم

الأمراءُ الصغـار بملابس كالحـةٍ يعيدون نشيدَهـم الأبدي،وعشبةٌ حمراءَ في أفواههم،نشيد النبالةِ والإرثِ كان آباؤهم فلاحين وصائدي أسماك وحاملي رايات عشائر. تقوّضت مضائفهم فلم يعد لأولادهم سوى مضيف واحد اسمه (ثانويـة قتيبة) التي ازدحمت بهم وبأساطيرهم وبجذورهم وأثمارهم الملقاة في جمرّاتها.

زيـدان خلـف

الإسطرلابيّ الحزين

الامراءُ المرتبكون الذين يقطعون الطريقَ من بيوتهم إلى المدرسة وفي أيديهم المصابيح. أين وردي لأحكَّ عنه الصدأ والزمان، حاملـو الدفاتر السمراء، الطامحون لصعود القمم البعيدة. أخذوا من مجامرِهم ورموا سرّةَ المدينة بالكلمات.

 

فلاح حسن

اللاعبُ الجميلُ الساحرُ القويّ.

كاظم كوكز

المهندسُ المتربصُ بالبحر.

صباح جاسم

الطبيبُ الغريبُ التائـه.ُ

علي أحمد

أستاذ اوركسترا الرياضيات الذي علّمنا

الجفرَ وأشعل فينـا الحرائق.

 سلالـةٌ من الأمراء الذي أزاحوا الغشاءَ وتقدموا نحو مصائرِهم يفتحون أكثر من فجر لكن نهارَهم القادمَ مدمّى لماذا؟ شطيـط نهـرٌ أعمـى له بصيرة الخفاء خلاصةُ تاريخٍ فَسُدَ بأيدي الطغاة، حنّ للفجر لكنه تعثّر واحترق، حنّ لأن يكون نهراً له قدمان وكفّان وعينان لكنه تعثّرَ بين الصرائف وبيوت الطين ورآه الفقراءُ مثل قتيلٍ، ابتكروا له شعلةً وجدائلَ من فحمٍ وقمّطوه.

    نهــرٌ شاهدٌ على الفجيعة قبل أوانهــا شاهدٌ على الموت،رموا فيه أسلحتهم وأحلامهم ورثوه طويلاً،لججُ الغيم فيه، وفيه الجنون وفيه خلاصـات ورد مدمّى.

 

نهـر الكيمياء

تناسلت فيه الأخلاطُ وارتفعت فيه كرومٌ من الجحيم، حنّ لمنبـعٍ حنَّ لمصبٍّ ولكنه كـان أعـزل إلاّ من الخوف، ماتت به الطيور وذابت به المعاطف الخاكية والأبقار واسودّ حتى علت عليه الدفوفُ حمراء وحتى تهاوت به النهارات والليل كان يعانقهُ.

 

نهـرٌ

شاهدٌ وشهيد

ذلك الذي جمع أحلامَنا في سلالات مدجّجةٍ بأدويةٍ وبأمراضٍ وتكدس فينـا، يالبغـداد ويالأسراهـا، يالأنهارها التي تُخرج الحيّ من الميت وتخرج الميت من الحيّ ويالعذاب السنين.

دُفنَ شطيط تحت التراب لكن أشباحه ما زالت تحوم.

 

خردة

يخرج من شقّته، يركب السيارات، يرى في ساحـة التحرير بسطـات الخردة والفديوهات والأتـاري، يشتري كتباً ممنوعةً، يدخل مطعماً، يجلس في مقهى، يرى بوسترات الأفلام الرخيصة، يشتري قميصاً من البالة، يلاقي أبانؤاس مخموراً، يرى ذيل الحيّة، يرى قبر الحلاج، يمشي قرب دجلة، يعاتبه السهروردي، يشوون اللحم والكلاوي، يدخن نصف سيجارة، يدخل المقهى ويرى الشعراءَ الفاشلين، يتابع امرأة، يشتري كاميرا، يكتب جملةً شعرية في دفتر التلفونات، يتنفس بعمق غير أنه يحسّ أن رائحـةَ بغداد الخفيـة المدمّاة المقهورة تتسرب إلى رئتيه وجسدهِ.

 

كيف أداوي جراحكِ

كيف ألثم يدكِ وأبوسها

ومن أين لي أدوات الخلاص لكي أرفعكِ مما أنتِ فيه نحنُ الشعراء العزّل نحنُ الضعفاء الذين لا نقوى إلاّ على الحب.

  

هذا أكثر ما يؤلمنـي

في كركوك

في ذلك المعسكرِ الموحشِ

وقفتُ أبادلُ النجومَ حسرتَها

وأدوِّن هدرَ أيامي بتنظيف بندقيتي القديمـة وبسطالي الكالح

ما الذي جنيته لكي يهيؤنني إلى الحرب

لا شيء سوى المعسكرات الموحشة والليالي التي تقطرُ عذاباً

حياتي تتسرب من بين يدي وتذهب إلى الموت

نباحُ الكلابِ الذي يقطر من الليل

حسرات الحرمان

أحلامُ النوم بين أحضان زوجةٍ أو حبيبةٍ

أحلامُ ارتشاف كأسٍ مع الأصدقاء

حسرات تقطرُ من حديد المعسكرات ومن أشجارها الموحشةِ

هناكَ حيث تبددت حياتي

وهُدر مني شِعر كثير في السواقي الآسنةِ

هناك حيث ضاعت أفكاري وقصائدي

مع أصوات الجزم العسكرية

كيف أستجبت لكلِّ ذلك الهباء؟

وكيف قبلتُ أن تدنَّسَ حياتي هكذا؟

هذا أكثر ما يؤلمني.

كان أمراً يصعب قبوله

ولا أدري الآن كيف قبلتهُ ببساطةٍ؟

هذا أكثر ما يؤلمني.

 

واقفٌ أمام النصوص المستحيلة

واقفٌ أمام الخمور

واقفٌ أمام النصوص المستحيلة أحفر فيها وأكتب:

مرّ قربي فوزي كريم ثم مضى إلى عزلته

مرّ زاهر الجيزاني ثم مضى إلى بيته

مرّ سلام كاظم ثم مضى إلى زوجاته

مرّ رعد عبد القادر ثم مضى إلى مشاغله

مرّ عادل عبد الله ثم مضى إلى مبالغاته

مرّ حكمت الحاج ثم مضى إلى المقهى

مرّ محمد تركي النصّار ثم مضى إلى منفاه

مرّ منصور عبد الناصر ثم مضى إلى أعماله

مرّ طاهر رياض ثم مضى إلى بستانه

ما زلتُ واقفاً وحدي أمام هذه الحقول العصيّة

لقد ذهبوا مبكرين وتركوني وحيداً

رغم أن لي عزلةً وبيتاً وزوجةً ومشاغل ومبالغات ومقهى ومنفى وأعمالاً وبستاناً

لكني أقفُ أمام المستحيل

وغالباً ما أبكي.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1439 السبت 26/06/2010)

 

في المثقف اليوم