قضايا وآراء

موناليزا الثانية بين الحقيقة والخيال / كاظم شمهود

وبالنظر لاهمية وجمال الموضوع والآراء المتضاربة والمتناقضة وما خلفه من صدمة كبيرة في الوسط الفني العالمي  لكشف لوحة موناليزا الثانية ونظرا لفيض الجدل ومجرى الاحداث المتصاعدة عالميا حول حقيقة هذه اللوحة فقد رأينا انه من المفيد ان  ننقل ماكتبته الصحافة من نقد وتحليل وعلامات استفهام كثيرة حول الغموض والسر في بقاء هذه اللوحة في متحف البرادو حوالي - 500 سنة - مجهولة الهوية وعدم معرفة وتشخيص رسامها .....؟؟؟؟

وبما ان مكانة ليوناردو دافنشي صاحب موناليزا الاصلية وشهرته العالمية، وانه كان ولازال يشكل قطبا عالميا في تاريخ الفن وفي عالم الاختراع والهندسة فقد تحول اكتشاف اللوح الثانية الى مزايدات  تجارية ودعائية ومؤتمرات وصراعات بين المتاحف .  يضاف الى ذلك ان دافنشي ثلثيه الفسيولوجي والفكري من العرب، حيث يذكر ان امه من اصل عربي ..... وكما يقال في المثل (ثلثي الولد على الخال) .او في الحديث (اختاروا لنطفكم فان العرق دساس) ويعني ذلك ان له عرق عربي ..

 

قصة اللوحة:

منذ سنة 1666 كانت هناك لوحة معلقة في متحف البرادوEl Prado  في مدريد ضمن مئات اللوحات الاخرى التي تنتمي غالبيتها الى العصور الماضية وكانت هذه اللوحة تمثل موناليزا . ولم يلتفت اليها احد من المسؤلين والزوار اعتقادا منهم بانها عبارة عن استنساخ لللوحة الاصلية لدافنشي من قبل احد الرسامين المتأخرين ..

وكان المحققون في متحف البرادو يعتقدون في اول الامر ان اللوحة كانت منفذة من قبل احد الرسامين الفلامنكوس او هولندي الاصل والسبب يعود الى ان الخشبة المرسوم عليها  هي من نوع شجر البلوط وهي عادة لم يستخدم هذا النوع من الخشب عند رسامي فلورنسا في ايطاليا

، فقد كانوا يستخدمون خشب شجر الجوز .. وبعد اعادة الدراسة والتحقيق بوسائط وتقنيات حديثة ثبت لهم ان قطعة الخشب المرسوم عليها موناليزا الثانية هي في الحقيقة من شجرة الجوز ... ؟؟؟؟

و هو مما ادى الى صرخة مدوية في المتحف لاكتشاف سر هذه اللوحة  .

قبل سنتين كان متحف اللوفر في باريس يحضر ويهئ لاقامة معرضا خاصا لاعمال دافنشي ويبدوا انهم اتصلوا بمتحف البرادو لاعارتهم بعض الاعمال لدافنشي التي تمكث هناك معلقة في المتحف . وكانت هذه الفكرة حثت المسؤلين في المتحف لمراجعة اعمال دافنشي واجراء بعض التنظيف والترميم لها . وكان من ضمن هذه الاعمال هي هذه اللوحة المستنسخة لموناليزا- جيوكندا– واثناء الترميم في اللوحة وازالت طبقات متراكمة من دهن البارنيش الذي سودها وجعلها داكنة وكئيبة المظهر منذ 500 سنة،  وصلوا الى الالوان الاصلية ...

وقد قام بهذا العمل فريق متخصص في ترميم الآثار يشرف عليه كل من : المدينة سانجث وآنا

Al Mudena Sanchez غونثالث  و A?a Gonzalez Mozo .

وبعد الدراسة والتحليل مستخدمين اعلى التقنيات الحديثة وجدوا ان اللوحة تنتمي الى احد تلاميذ دافنشي فاما ان يكون آندري سالاي او فرانثيسكو ميلزيAndre Salai او Francesco Melzi

و كان الخبير الايطالي في متحف البرادو Miguel Falomir  مغيل فالومير  قد رجح ان يكون صاحب اللوحة هو فرانثيسكو ميلزي ... وذكروا بان دافنشي سمح لاحد تلاميذه ان يرسم الى جانبه اثناء رسمه لموناليزا . .. ؟؟؟؟؟؟

 

- علامات استفهام –

في 23 / 2/ 2012 عرضت موناليزا الثانية على الجمهور في متحف البرادو بعد اربعة اشهر من الترميم .  وكانت المشرفة على الترميم – المدينة – وكذلك مدير المتحف Miguel Zugaza

قد شرحا للصحفيين طريقة الترميم والمراحل الصعبة والدقيقة والحذرة التي مر بها فريق العمل .

كما اظهرا اعتزازهما وفخرهما بهذا الانجاز والاكتشاف الكبير على مستوى التقنية وكذلك على مستوى الاكتشاف .. وهذا التجربة الناجحة دعت المسؤلين في متحف اللوفر التفكير في الاستعانة بخبرة الاسبان في ترميم موناليزا الاصلية حيث منذ فترة طويلة لم يتجرا احد على ترميمها خوفا من العواقب السيئة والغير متوقعة والتي قد تضر باللوحة . خاصة وانها مورد اقتصادي كبير للدولة .

 

ولكن دعونا نناقش مسألة موناليزا الثانية من ناحية علمية وفنية ومنطقية وان نكون محكمين وليس مجرد متلقين ونحلل ونتسائل : . فهل هي اصلية اي ان التلميذ رسم الموديل مباشرة جنبا الى جنب مع استاذه دافنشي ؟؟ ام انه استنسخ موناليزا بعد انتهاء دافنشي منها ؟؟ . فاذا كانت اللوحة اصلية، فاين كان يقف التلميذ اثناء الرسم ؟؟

اذن لابد للتلميذ ان يقف الى جانب استاذه على بعد مترين على الاقل وفي هذه الحالة ستتغير زاوية الرؤيا ويسيختلف عن خط رؤية استاذه دافنشي .

ولكن عند مقارنة اللوحتين نجدهما متشابهتين ومتطابقتين في زاوية الرؤيا بمعني ان الاثنين على خط واحد وهذا غير ممكن .... والمسألة الاخرى هي ان التفاصيل متشابهة جدا من ناحية وضعية اليدين وطيات الملابس والشعر والنظرة وغيرها ..

اما الاختلاف فهو حسب المحللين يكمن بالعمر فموناليزا الاصلية يتراوح عمرها بين 30 و35 سنة، وموناليزا الثانية حوالي عشرين سنة وان الاولى تختفي فيها الحواجب بينما تظهر في الثانية وهذه الامور غير مقنعة لاثبات كونها اصلية .. وبالتالي فانه يرجح انها استنساخ .

ولذلك فان المحللين والنقاد يضعون علامات استفهام كثيرة حول هذه اللوحة . وقد نشر في صحيفة الباييس El Pa?s  في تاريخ 22/2/ 2012 نقدا وتحليلا وشرحا وافيا عن هذا الموضوع منها حيث تسألوا : هل ان الامر يدور حول استراتيجية المتاحف في العرض وكسب مزيد من الزوار وتنشيط السياحة ...؟ . او ان المسألة هي تدخل ضمن المفاجئات في تاريخ الفن العالمي ولفت الانتباه الى هذه الصروح (المتاحف) الكبيرة التي تضم آلاف اللوحات العالمية ... ؟

 

و من المقرر ان ترحل موناليزا الثانية الى متحف اللوفر لتشترك في المعرض الشامل للفنان العالمي ليوناردو دافنشي الذي ينظمه متحف اللوفر في باريس من 29 مارثو حتى 25 مايو 2012 . ويعتبر البعض ان دخول هذه اللوحة الى متحف اللوفر يعتبر نصرا كبيرا لمتحف البرادو وخبراءه ومهندسيه وادارته .. ونحن من جانبنا نتمى ان يتألق متحف البرادو في نشاطه الثقافي والفني وان يكون قبلة للزوار والسائحين وعشاق الفن .

 

 نقطة اضاءه

في هذه الايام القليلة المنصرمة اجريت  دراسات علمية حديثة من قبل علماء واساتذة حول عدد من اعمال دافنشي من قبل الدكتور لويجي كاباسو مدير متحف التاريخ والعلوم بجامعة كيني . والدكتور جانفر آنكو دي فولفيو والذي يعتبر من اكبر علماء جامعة فلورنسا، وغيرهم من العلماء الايطاليين .  حيث استطاع هولاء من العثور على بصمات دافنشي على ادوات الرسم التي يستخدمها وعلى لوحاته وقد احصوا 200 بصمة من 52 وثيقة . وهذه البصمات تحمل 65 بالمئة من سمات بصمات العرب .. وقد نشرت هذا الاكتشافات والتقارير العلمية في مجلة – بانوراما – الايطالية في مطلع هذ العام 2012 . كما اقيم احتفال خاص للمناسبة .

و يذكر ان والد دافنشي(1452 -1519) من اثرياء واغنياء فلورنسا . وامه فلاحة ذات اصول عربية من شمال افريقيا ومن المهاجرين وربما كانت تشتغل عند والده . حيث ان هذه المناطق مثل ايطاليا ومالطة وصقلية وقبرص وغيرها قد شهد حضورا عربيا حضاريا وبشريا مكثفا في ذلك الوقت . ولازالت اللغة العربية التونسية والسوري الدارجة تشكل 60 بالمئة من اللغة المالطية الحالية .. وقد التقيت بعدد من السواح المالطيين في اسبانيا وتحدثت معهم فكانت لغتهم تتقاطع فيها العبارات العربية بشكل واضح وجميل  وغير معجمة رغم ان العرب لم يبقوا فيها كثيرا ، (من سنة 869 الى 1090 م-) وكنت عندما اسمع من افواههم تتقاطر الكلمات العربية ارى دمعا يتقاطر معها ....

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2048 السبت 03 / 03 / 2012)

في المثقف اليوم