قضايا وآراء

الشيعة والانتخابات المصرية / مهدي الصافي

في إعادة إحياء الثقافة الفاطمية الراسخة في الوجدان المصري،عبر رغبتها في التواصل مع هذا البلد وتاريخه العريق،فقد استوعبت الجامعات السلفية الوهابية السعودية (جامعة أم القرى،وجامعة الإمام محمد بن سعود السلفية، الخ) والقطرية العديد من شباب هذا البلد المندفع،وانفتحت أيضا أبواب تلك الدول وجامعاتها الإسلامية السلفية أمام بلاد الشام (فظهرت جماعاتها في لبنان والأردن وسوريا وتحاول اختراق الجانب الفلسطيني)،

وقد اعتبرت أكثر التصريحات شهرة في العالم الإسلامي (هو مصر تشيعت..)

وهي كذبة كبرى يراد منها قطع طريق التواصل الفقهي والمذهبي الذي سعت إليه إيران منذ فترة في مشروعها الإسلامي الهادف (مشروع التقريب بين المذاهب)،

فجاء التيار السلفي التآمري على الإسلام بدعم خليجي-أمريكي امبريالي عالمي،للحد من ظاهرة إحياء الشريعة الإسلامية التي تقودها إيران وبعض الدول العربية والإسلامية المعتدلة،التي فضحت بوقوفها إلى جانب المصالح الإسلامية العربية (من خلال دعم لبنان وفلسطين المقاومة) دور ملوك وأمراء البترول الفاسدين في تمييع القضية الفلسطينية وتجاهلها،

ولينظر شيوخ الضلال ووعاظ السلاطين إلى الأموال التي تهدر على ملذات وشهوات هؤلاء الفاسقين

 (التي لعب فيها أمراءهم وأصبحوا من أكثر أثرياء العالم بذخ وإسراف وفسادا، ومنهم من يريد إن يصنع اكبر يخت في العالم، وهم يرون حاجة وعوز فقراء العرب والعالم الإسلامي، بل وفقراء بلدانهم)

،يقول شيخ السلفيين الضال محمد يعقوب في محاضرة وضيعة له،يشرح أسباب دعم المرشح السلفي الدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية،يذكر انه التقى بالمرشح السلفي وسجل له صوت وصورة،شروط الولاء والطاعة للجماعة السلفية،بدأ يعدد له تلك الشروط الجماعة (مجلس شورى علماء السلفية) أولا ان يكون سلفيا..وقد أجاب بأنه سلفي..وان لايخاف أمريكا...فكان رده هو انه لايخاف أمريكا...ومن ثم عبر إلى الشيعة..فجاوبهم بأن الشيعة اخطر من اليهود على الإسلام،

ولم يسأله عن إسرائيل،ولانعرف لماذا لم يسأله عن أنبوب الغاز والأسعار التفضيلية التي تشتري به إسرائيل الغاز المصري؟

السؤال المطروح إذا كانت هذه هي البرامج الانتخابية للرئيس السلفي القادم،فأين هي خطط الأعمار والبناء ومشاريع الإسكان والقضاء على البطالة،وإيجاد فرص الاستثمار، وتنفيذ خطط التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية،اين هي الخطط والمشاريع الكفيلة برفع دخل المواطن المصري الخ.

رئيس يراد له ان يترك كل شيئ في مصر،ويتجه لمحاربة التشيع نيابة عن أمراء البترول والمخابرات الأمريكية والإسرائيلية وحتى الدولية،

كيف يمكن لشعب مصر ان يرى النور،وهو يرى إن رئيسه القادم يعاهد شعبه على محاربة إيران وسوريا والعراق ولبنان لانهم شيعة يقفون بوجه المشروع الإسرائيلي الاستيطاني الاستعماري التوسعي في المنطقة،

هل يعرف السلفيين الأغبياء حقيقة العلاقة التاريخية التي تربط الجمهورية الإسلامية بلاد فارس سابقا ببلاد العرب،هذه الدولة التي شيدت لهم مايفتخرون به إمبراطورية الدولة العباسية على الرغم من موقفها السيئ من شيعة أهل البيت،

وهل يعرف الجهلة ان أكثر القيادات والمرجعيات الدينية المسيطرة على القرار الإيراني هم من الأصول العربية العلوية،

نعم هناك مصالح ذاتية وقومية لبلاد فارس قديما وإيران حديثا،ولكن الظروف الحالية جعلتها تلتقي مصيريا مع المصالح العربية المضطربة لمواجهة التحديات الإقليمية والإسرائيلية الأمريكية،

ثم لماذا الشيعة؟

 ومالخطر الذي يشكلونه على جمهورية مصر العربية،

اذا كانت هناك أهداف لإعادة الثقافة الفاطمية إلى واجهة المشهد الثقافي المصري العام،فهذا جزء من تاريخ مصر وشواهده قائمة في كل بقعة من ارض الكنانة، فالشعب والمواطن المصري هو صاحب القرار في غربلة مايختار من مذهب أو طائفة أو أي فكر إنساني أخر،ولايحق لاحد إن يحجر على العقل المصري حرية التفكير والمعتقد،

وهذه هي احدى أهم شروط قيام الدولة الديمقراطية الحديثة ذات السلطات المستقلة الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)،

إذن هل كان الشيخ يتحدث كمواطن مصري أو شيخ سلفي مدفوع الثمن،وإلا فكيف استطاع هؤلاء فتح المساجد والعمل في القنوات الفضائية الكثيرة،وتلميع وتجديد بيوتهم وتعبئة جيوبهم وجيوب أبناءهم بالأموال الحرام.

إن ذكر الشيعة في معرض الحديث عن الانتخابات المصرية،توضح مدى الاختراق الوهابي لتلك العقليات المدسوسة لتخريب حياة المجتمعات العربية الآمنة،

الشيعة باختصار أيها السادة هم أول المسلمين سلفية،

هم أول من قال علينا ان نعود إلى سيرة السلف الصالح من أهل بيت النبي الأكرم محمد ص (ونجتهد في ماورد الينا من سنة مخترقة بالأحاديث المدسوسة)،

فقد رفض علماءهم الأحاديث الأموية الموضوعة والمحرفة،واعتمدوا في تحقيقاتهم الفقهية والتشريعية إلى سلسلة متوصلة من فقهاء أئمة أهل البيت عليهم السلام،

تقولون عندهم فقه وعقيدة الإمام المعصوم،

وهل انتم بعيدون عن إعطاء العصمة حتى لمعاوية بن ابي سفيان (أو حتى للخلفاء الأول والثاني والثالث وقد أٌحدث في السنة القرآنية والنبوية تغيرات كارثية-حرب منع حجب الزكاة وسميت بحرب الردة-ورفع المؤلفة قلوبهم ووضع اليد فوق الأخرى في الصلاة،وتغير عطاء المسلمين من الحقوق،وتفضيل بني أمية على بقية المسلمين حتى قوت دولتهم وتمردوا على الخليفة الرابع ع،الخ.)،

ذهب في شرحها العديد من علماء السنة بما فيهم العالم الجليل علي عبد الرزاق في كتابه الإسلام وأصول الحكم،

تقولون يكذبون في وضع الأحاديث (ورواتهم علي وفاطمة والحسن والحسين وذريتهم عليهم السلام والصحابة الأوائل رض،واستشهادهم دائما بالصحاح السنية الستة)،

وقد كان اغلب فقهاء المدارس المذهبية الأخرى (الحنفية والشافعية وحتى المالكية) تعتمد في دراستها ورواياتها على مدرسة أهل البيت ع،حتى قيل إن مقتل الإمام ابو حنيفة رحمه الله كان على يد المنصور، بعد إن عرفت مواقفه المعارضة للحكم العباسي، وضبط رسالة تأييد لعدة ثورات ومنها ثورة إبراهيم ابن الحسن ع،

ثم تكذبون وتقولون يتزوجون بزواج المتعة،

ونتحداكم ان تعطوا نسبة معينة عن زواج المتعة عندنا مقارنة بالزواج ألدائمي،مع إنكم لا تجرؤن على نكران وجود مثل هذا الزواج في حياة الرسول ص،

الشيعة ليس لهم فقه أو قرأن أو أدلة نبوي مختلفة،

لكنهم لايتبعون سنة بني أمية الفاسقين،التي أعادها إليكم وأحياها المنحرف ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ومن لف لفهم من الألباني وغيره،حتى بات ذكر عبارة الإسلام من اكره العبارات التي تلفظ في العالم الغربي،بعد ان كانت الشعوب والأمم تدخل في الإسلام لسمعته،

فبسبب أفعالكم وأفعال تنظيم القاعدة الإرهابي أسيئ للمسلمين بالرسومات السيئة للرسول ص،وصار صورة المسلم عندهم مقرونة بالإرهاب،

تكرهون شيعة أهل البيت عليهم السلام لأنهم يتمسكون بالسنة النبوية الأصيلة،ولا يؤمنون بالعنف الطائفي أو الديني أو بالعمليات الانتحارية تحت شريعة على نياتهم يحشرون،

بلادهم كانت دوما ملاذا امن لجميع الأديان والطوائف،يتصاهرون فيما بينهم لايعرفون كلمة شيعة أو سنة وهذه بلاد الرافدين تشهد بذلك حتى وصلتها راياتهم الصفراء تنثر بذور الفتنة بين أبناء البلد الواحد.

الشيعة يقرؤون التاريخ بطرق مختلفة وهذا حق من حقوقهم،

قال رسول الله ص،وهو يتنبأ بالاحداث المستقبلية وما ستواجهه بضعته السيدة فاطمة الزهراء ع:

فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله، إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك:وقال كذلك

رضا فاطمة (عليها السلام) من رضاي وسخط فاطمة (عليها السلام) من سخطي، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني"

لماذا ذكر السخط هنا وهو يعلم ان الإمام علي ع لايمكن أن يجعل فاطمة ع أن تغضب او تسخط عليه،كانت رؤية الرسول ص واضحة بخصوص حادثة التوريث لواقعة فدك وبقية تركتها (راجع خطبة السيدة فاطمة ع في مجلس ابو بكر رض،او خطبة الإمام علي ع المسماة الشقشقية في حق الخلافة نهج البلاغة)، سخطت على الخليفة الأول رض

 (لأنه ادعى انه سمع ان الرسول يقول نحن معاشر الأنبياء لانورث فردت عليه السيدة فاطمة ع بحجج قرآنية وافية وشافية، ثم كيف تكون سيدة نساء العالمين،وترمى بالكذب حتى تجرأ عليها البعض فيما بعد، وصار سبها وسب ال بيت النبي ص شيء عادي في المواجهات مع البيت العلوي،

هل يمكن ان تنكرون حادثة فدك او تلك الواقعة،وكيف يمكن أن يكون هذا الأمر العائلي الخاص يعلم به ابو بكر رض،ولاتعلم به صاحبة الشأن وبعلها إمام المتقين علي بن ابي طالب ع،هل يمكن ان نقتنع أن الرسول ص لم يقل للسيدة فاطمة شيئا عن ارثه،وكيف يمكن ان نصدق الخليفة الأول ونكذب بضعة الرسول ص،الشيعة العلويين يتجادلون في مثل هذه الأمور العقلية والمنطقية والفقهية، ولايرمون الصحابة بشيئ سيئ الا قولهم بالخلاف)

،فهل هذا عندكم كفر أو تدليس، ام شغلتكم أكاذيب وأساطير بني أمية وسلفهم المنحرف،

ام تنكرون أن احد أهم أسباب كره ملوك وأمراء البترول لعلي بن ابي طالب ع وأهل بيت النبي ص هي الأسباب السياسية،اليس الخليفة الثاني هو القائل من أراد ان ينظر إلى قيصر الفرس عليه ان ينظر الى معاوية (وقد ولى رأس الفتنة والشقاق والانحراف في الشام في عهده)،فهم أي ملوك وأمراء البترول على هوى معاوية لأنه أول من سن سياسة التوريث والخلافة في الحكم،

وأول أمراء الفتنة الذي جعل رجال الدين كهنة تابعين لرغباته ونزواته من كعب الأحبار وغيره،

 دفاعهم عن حكم بني أمية يساعدهم في البقاء فترة أطول في الحكم،وخصوصا اذا كانت فقرة كره الشيعة الروافض في مقدمة الواجهة الدعائية لهم،

تروج لها أدبياتهم الفقهية و السياسية القائلة بمنع القيام والاحتجاج والثورة على أي حاكم مسلم وان كان فاسقا لايشهر كفره،حتى وان أهدر مليارات الدولارات في بيوت الدعارة او في لعب القمار،

وبهذه الثقافة المنحطة حكم ال سعود وأسقطت مملكة الشريف حسين بن علي في مكة والحجاز المعتدلة دينيا والمتسامحة طائفيا (1908-1924) .

الشيعة لايمثلون خطرا على احد،وكل من يقول بأن الشيعة اخطر من اليهود،

هذا يعني انه قد ارتضى أن يبيع دينه بحفنة دولارات خدمة للمصالح الأمريكية الإسرائيلية المتصالحة مع بعض ملوك وأمراء البترول في منطقة الخليج العربي،

لان الحقائق تبين ان الشيعة لايمثلون نسبة كبيرة من المسلمين،وليس لديهم إطماع استعمارية او توسعية،

إيران شيعة والعراق شيعة، ولكن هل يمكن أن نقول ان العراقيين سوف يبيعون وطنهم الى جارتهم الشيعية،

وهم يختلفون أحيانا فيما بينهم داخل الوطن الواحد،تنشب النزاعات بين محافظة او مدينة او قرية وأخرى لاسباب تافهة،فكيف بهم كما يصورهم أعدائهم من إنهم سينسجمون تحت راية الغرباء،وهم أصعب شعب عرفه التاريخ في الانصياع لحاكمه او قيادته او حتى حكومته المنتخبة.

ان الأمة العربية والإسلامية والشعب المصري تحديدا مدعوين لمحاربة خطر الفتنة السلفية الوهابية، أن خطر السلفية واضح وعليكم مواجهته بشتى الوسائل والممكنات الفكرية والثقافية والإعلامية،فإن كارثة سيطرتهم على هذه البلاد او غيرها من البلدان العربية،يعني خروج مصر العروبة والإسلام وخروج الدول العربية السائرة في خطاهم عن التاريخ الإنساني والحضاري،وسوف يٌدخلونها في بحر ظلماتهم المخيفة.


مهدي الصافي


تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف


العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2160 السبت 23/ 06 / 2012)

 

في المثقف اليوم