قضايا وآراء

مسئولية الزامية التغيير في النظر والعمل .. أين نحن منها اليوم؟ / عبد الجبار العبيدي

هي تغيرات في الخطاب،  وتغيرات في المنهج،  وتغيرات في الآفاق،  وفي نوعية الحلول الوطنية التي تقدم بعد ان غرق الوطن في اللامعقول.

نكتب اليوم بعد ان زهقت أرواحنا من الخطأ المتبع في معاملة الوطن والمواطن، وبعد ان ضاعت الحقوق، وتبعثرت الجهود، وعاد البعثيون الى دست السلطة بلباس الدعوجية، يحيكون المؤامرات بينهم املا بعودة الثوريين. نكتب كلاما لن يكون من نوع أولئك الذين يكتبون الكثير من الكلام المزخرف، ولكن دون جدوى ولا منفعة أو وصفة علاجية، لمرض استشرى وأزمن في الفرد والمجتمع والدولة حتى وصل المواطن الى الرضوخ له وقبول استساغة الخطأ والأعوجاجية .

نكتب اليوم الى أولئك الذين بيدهم مقاليد الامور واختيروا لحكم الدولة وولوا على المواطنين وهم ليسوا بخيرهم،  ولكنهم لم يحسنوا الأداء، فمن واجبنا ان نذكرهم بالصلاح والفلاح واصلاح الخطاب،  واستقامة المنهج لنشره في الأفاق، وتقديم الحلول العلاجية لمرض بات يهدد الوطن والأمة. ولا يمكن ان يكون العلاج الا بمنهج علمي يعالج الواقع عمليا ويؤدي الى عمل بعد ان نحدد الأسلوب والشكل وطرق التنفيذ.

انه كلام نقوله لهم كلهم دون استثناء بعد ان شبعوا من الوطن حتى الانتفاخية، وشربوا من الوطن حتى الثمالة على حساب ما عملَنا من اجله فجاء بعضهم في غفلة الزمن بعد ان بدلوا جلودهم ليقطفوا الثمار اليانعة بدون وجه حق، نقول لهم اننا نطالبكم :

بمنهجٍ للتفكير، ونطالبكم بافاقٍ ثقافية عميقة وواضحة، ونطالبكم بعلمية في التطبيق دون ابطاء، رغم الأستحالة، فنقول :

يقوم المنهج في حكم المواطنين في العصر الحديث على التفكيرفي الواقع الموضوعي للتفكير بعد ان يستبعد الفكر المثالي المستقل عن الواقع الموضوعي وقوانينه التي عفا عنها الزمن واصبحت من الماضي، ذلك الفكر السهل الذي يأتي ليقول ما يشتهي وما يهوي وما يتوهم بعيدا عن رغبات الناس وقوانين الآله الخالق، هذا الفكر الذي يتلاعب بحذلقة اللسان والعبارات المنمقة يجترها في كل مناسبة فيؤثر في السامعين بحسن اخراجه اللفظي الذي يعتمد زخرفة القول ويوحي بالغرور ويحلق مع الاوهام، يقول صدام حسين في سالف الأزمان: (ان فكر الأرض مرتبط بخيوط السماء، والخنادق المتداخلة في الحسابات الدقيقة) هل فهمنا منه شيئا؟ أقرأ خطبهم اليوم ترى على نفس الوزن والمقاس.، ذلك الفكر الذي يقوم على الديموغوجية وتصورات وتجريدات لا تمثل الواقع ولا تمكن التغيير الحقيقي من ان يتقدم .

ان الواقع الموضوعي الذي نطالب به هو كل الواقع الموضوعي لجميع الظروف والعلاقات والقوانين التي تحكم الظاهرة الموضوعية، بعد ان نبتعد عن المعلومات والمناهج والمفاهيم المتنافرة والكتلية المتناحرة، ولا نتحدث عن أحداث ووقائع منفصلة أو مفاهيم جزئية.، فلا بد من الشمول والنظرة الكلية والمعرفة النظرية بالكل الأجتماعي والقوانين التي تسوده والوجهة التي يتخذها لتحقيق العدالة الاجتماعية المفقودة، ونبذ الطائفية البغيضة، والمحاصصة الوظيفة التي لا تستند الى دستور اوقانون، وابعاد العنصرية والاثنية التي تخالف كل دين، وعدم تمكين اصحاب التاريخ الاسود في العهد البائد من تسلم مقاليد الامور- وما أكثرهم اليوم - لأن هؤلاء هُم هُم لن يتغيروا في تمثيل كل ناعق جديد، أسئلوا مؤسساتكم وسفاراتكم كم فيها من البعثيين المخربين، ولكن لا عتب بعد ان أبعدتم كل مخلص أمين.

وعليكم توحيد آذان الصلاة فللمسلمين صلاة واحدة لا صلاتين، وآذان واحد لا آذانين، ووقف واحد لا وقفين، وأستبدالهما بوزارة للأوقاف تضم الجميع كوحدة واحدة لا وحدتين، واقتصار المناسبات الدينية بيوم العاشر من المحرم، فهي وحدها تستحق التقديس، وتقرير ضريبة دخل على زوار العتبات المقدسة كالتي تفعلها السعودية في الحج وتخصيص المبالغ المستحصلة لتطوير المدن بدلا من هدرها على المؤسسات الدينية التي تنفث سمومها في الوطن دون رنين، واقتصار ولائم رمضان في مؤسساتكم وسفاراتكم لمن هم في حاجة اليها من المحرومين واليتامى والمساكين، وقللوا من بوكيهات الورود الحمراء والصفراء فهي للمخلصين، وليس للمتخمين، والعناية بالثقافة الحديثة ومنهجية الوحدة والمصالحة الوطنية، ورعاية الأيتام والأرامل للخروج من حالة التخلف التي تلف الوطن اليوم، والأفضل من هذا كله توفير الآمن والامان للناس بعد ان غيب الارهاب الكثير، بالتخلص من هذه الآفات تبُنى الدولة وتستقر الأمور.هكذا بنيت الدول وتقدمت الشعوب .

هذا الذي نريده ونكتب عنه وأنتم تتجاهلونه وتتجاهلون كل المخلصين، ليس فكراً أنفعاليا تحريضيا أخلاقيا ينشر الضجيج، لأنه يستبعد الفكر الوضعي القاصر الذي يزور الواقع ويتحدث عنه بضجيج مفتعل ويملك مجموعة شعارات تكرر أمام كل مشكلة كأنها (تميمة) وبذلك نستبعد التمرد الذي لا يربط نفسه بواقع الأجتماع وقوانين التاريخ والذي يبدأ عادة بأبراز مجموعة من المهرجين والأنتهازيين الذي يجدون في فرصة الكسب غير المشروع وينتهوا بهم وبالدولة ومن أحتضنهم الى لا شيء، أما بالهروب او الأختفاء او الألتجاء في أحضان الأعداء كما يتكرر اليوم عندنا في عراق التغيير، فهل سيستمرسكوت الحاكم عن مضض بعد ان بلع الموس وصد عن نصيحة المخلصين املا في بقائه بمنصب المحكومين؟.

ان الفكر الموضوعي هو الفكر الذي يعالج الواقع الاجتماعي ككل بأعتباره ظاهرة تحيطها ظروف، وتحكمها قوانين ، تسود حياة الأفراد والجماعات والتاريخ، وبهذا تكون المعالجة متكاملة وفق خطة عمل محكمة والقائمين عليها من المؤمنين بها لا من اصحاب المصالح وخدمة السلطان، ولا من فصيلة تمسكن وتمكن من المتقلبين الخانعين والناعقين وراء كل بوم، بعد ان سيطروا على كل مؤسسات الدولة داخليا وخارجيا بهم وبأولادهم وكأن التغيير ماجاء الا لهم وليس لكل المواطنين .

من هذا المنطلق ومن يريد ان يسلك هذا الطريق في الاصلاح عليه ان يعلم انه يسلك الطريق الصعب، طريق الأستقراء والأحصاء والأستقصاء والتمحيص والتصنيف بين الطبيعة الأصلية وبين الظواهر العرضية، وبين الاتجاهات الاساسية التي تسود وبين الحركة الاساسية، وبين الاشكال اليومية التي تتخذها الحركة المجتمعية . ان من يريد ان يسلك هذا الفكر ويرغب بان يكون سياسيا ماهرا مراعيا لحقوق الناس عليه ان يسلك هذا الطريق بصبر نضالي ورهبة مخيفة ونية صادقة امام جلال وقدسية الوطن والمسئولية التاريخية وتطبيق اليمين، وان يبتعد عن نظرية رِجلُ هنا ورِجلُ هناك، فهؤلاء كلهم ماتوا دون ان يذكرهم التاريخ الا في صفحاته السوداء، او ان يتركها للمخلصين. .

ان من يرغب او يريد ان يكون قائدا مخلدا وشجاعا ومنصفا لنفسه ومجتمعه والتاريخ عليه ان يكون منفذا للقوانين الاساسية للحركة التاريخية وصاحب أفق واسع يطل به على عالمه في عصره المضطرب اليوم بروح التفائل والمسئولية القانونية، وينفذ كل هذا من أجل ان يجري تحولات اساسية في الواقع الموضوعي ليثبت دولة في وطن وشعب في دولة ومؤسسات مستقلة في الكل، لا ان يمنح مناقصات الأعمار لمن هب ودب املا في جني المحاصيل، فأقليم الشمال يُبنى ويُعمر والوسط والجنوب مُهدم ويُهدم.ان المسيرة التاريخية في بناء الدولة تحكمها قوانين محددة، على القائد والفرد ان يدركها لكي يدرك أفاق عصره وعالمه ويعرف مكانته ووجهته ومسئوليته امام الله والقانون، لا شك انها أفاق واسعة لا يدركها الا العالمون، وهي العدل والاستقامة والامن وحقوق الناس في المساواة القانونية وكلها بحاجة الى اصلاح، فقد ضاعت عندنا منذ التغيير وأستيلاء النفعية على سلطة الدولة دون مقاييس.

وتبقى الافاق الثقافية التي يمتلكها القائد هي النسق من المعرفة التي تصور واقعا اجتماعيا لما يرغب ويريد في مرحلة حكمه، وكيفية صنع المستقبل التاريخي له ولمجتمعه، ومواقفه المبدئية الجريئة منها .وعلى شبكة الأعلام العراقية المملوكة للدولة ان تساهم دون ان تلهي الناس كل يوم بتفسير آية قرآنية جليلة بما يوافق هوى السلطة.فدولتنا العراق غير مفصولة عن محيطها العربي، ومواقفنا يجب ان تكون مواقف مبدئية لا مصلحية، فالوقوف مع سورية اليوم مثلا موقف يحدده الألتزام بالوحدة المصيرية وعدم السماح للقاعدة وعملاء الخيانة باحتلال سوريا وتدمير العراق غدا، فسوريا هي الظهير للوطن العراقي وحسنا فعل الرئيس لكنه لا زال دون الطموح، ولو كان التغيير للاصلاح لما رفضنا ولكن ماذا نأمل من تغيير تقوده اسرائيل وقطر والسعودية اعداء الشعب العراقي وخدمة الصهيونية، فلا نبقى نتخفى بين الحقيقة والوهم حين التحدث عن المصير.

وبالمناسبة اقول لكل من يريد ان يتزعم حكم الدولة والراغب في استمراره لخدمة الناس عليه ان يعي مرحلته التاريخية ويبتعد عن الافكار الشوفينية التي يهيئها له اصحاب المصالح الخاصة من الناصحين الكاذبين واصحاب الاقلام الرخيصة التي بدونها لن يكونوا الا نسيا منسيا . لكنهم لا يعلمون ان الله نساهم مثلما نسي الشياطين، وسيحشرون غدا عميان في حساب التاريخ .

على الحاكم حين يستلم السلطة ان يبدأ بمخاطبة الناس على القليل والعمل على الكثير لا العكس، قولوا للناس يا سادة فلقد مللنا منكم الخطاب :

 قولوا للشعب : والله

لن نأخذ من أموالكم شيئا، وان كل مال مسروق منكم فهو مردود في بيت المال فأن الحق القديم لا يبطله شيء.وأبدأ بنفسك ايها الحاكم فلا تترف على حسابهم، ولا تتميز عنهم، ولا تولي عليهم الا ثقة فقد كثرَ المزيفون،  وأمن على حياتهم مثلما تؤمن على نفسك واهلك، فأنت لست بخيرهم، وقولوا لهم : ان ثوابتكم الوطنية مصانة وارضكم ومياهكم ونفوطكم محفوظة وهي امانة في رقابنا، وقولوا لهم ان ابنائكم أبناؤنا فلا نفرط فيهم، قولوا لهم بالحجة والدليل وليس بالكلام الدعائي دون تنفيذ، وان مؤسساتنا مؤسساتكم وللكل حق المساهمة فيها دون تمييز الا على الكفاءة والمقدرة .وارفضوا من يتعدى على العراق ويشتمه ويستولي على ارضه وامواله ويقبض تعويضاته باطلا، واطردوا من مؤسساتكم من ثبتت عليه خيانة الامانة ونكث العهد وحنث اليمين حتى لو كان الرئيس، فقد قال الرسول(ص) والله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .فأين انت من قول الرسول؟

 وقولوا لهم :والله لن ننفق من اموالكم الا بما يستحق في خدمتكم وسعادتكم، ويضمن ظهوركم من اعدائكم فقد سُلبت ارضهم، وطُعن شرفهم، وسُرقت وبعثرت اموالهم، وكثر الموت بين أبنائهم، وازادات ايتامهم، وتضخمت اعداد مرملاتهم، وتأكدوا من مرتبات تقاعدكم فهناك المئات ممن يتقاضونها وهم لم يروا العراق في حياتهم يوما واحد.وبدلوا قوانين المستشارين فهي سرقات تجرى تحت سمعكم وبصركم، وكأننا ما اصبحنا الا عبيدا لكم، واصبح الشعب يعيش في وطنه غريبا بين خائف ومهجر ومنعزل كئيب . وهذه ملياراتهم يتمتع بها غيرهم، امن اجل السلطة والمال جئتم؟ أم من اجل المواطنين؟، فهل هذا عدل ترضون به يا حكام العراق . أقرأوا رسالة الامام علي(ع) لمالك الاشتر ورسالة عمر (رض) للمصريين فسترون فيهم سندكم وعضدكم وابتعدوا عما يكتبون لكم اصحاب المواقع الألكترونية من وعاظ السلاطين الذين اسبغتم عليهم النعمة دون حسيب او رقيب، فهم لا يبغون الا انفسهم وأموالكم ولا غير . أنهم أعداء الوطن أكيد.

يا مجلس النواب ويانواب الأمة اين وعودكم في سن القوانين؟ نحن نعرف ان غاليبتكم غير منتخبين جاؤا بالتعويض والتدليس لاصوات المواطنين،  وهذا هو قدرنا، ولكن اين قانون النفط والغاز؟، واين قانون التقاعد الموحد؟ والا هل يجوز ان تكون الشريحة الواحدة تعامل بقوانين مختلفة لا بقانون واحد كما في خدمة الجامعيين والعسكريين .واين قانون مجلس النواب في الأنتخاب؟، واين قانون العفو العام؟ واين قانون الخدمة المدنية؟ واين قانون المناقصات المركزية؟ والف قانون وقانون نمتم عليه دون جواب؟وحين السؤال عنكم نجدكم في أربيل وعمان وباريس ودبي ولندن تسكنون، فأين الحلف باليمين؟هل حلفتم برؤوس الشلغم أم بالقرآن الكريم؟ .

 ياوزراء ووكلاء المناصب الوهمية والايفادات الباهضة التكاليف وصفقات التجارة الحرام، ويا مستشاري الدولة الذين عشعشتم بلا حق دون تغيير، ويا سفراء الوطن الذين أكثركم لا يستحقون السفارات هل حاسبتم ضمائركم وأنتم تثرون على حساب الوطن و تقيمون الولائم بلا حساب وشعبكم ثلثه جائع وعريان ومهجر عند الاخرين، واذا انتهت مدة خدمتكم تركتم الوطن وعدتم من حيث جئتم في وطن جنسية الأخرين بعد ان شبعتم مالا وجاها فارغا لتأسسوا شركات لكم على حساب المسروقين من المواطنين؟ أنتبه يا مالكي يا سيادة الرئيس فغدا ستسئل امام القانون ورب العالمين..

وانت يا فخامة رئيس الجمهورية التي قضيت نصف عمرك الوظيفي في المصحات والمستشفيات والمنتجعات وصرفت من اموال الدولة ما يفوق حد التصور انت وحاشيتك، بعد ان اتخذت من المانيا وامريكا والسيلمانية منتجعا لك دون مسئولية من حساب هل هذا صحيح؟ .كلكم غدا امام الله والقانون ستقفون ترتعشون دون جواب من صحيح . كما وقفت وذهبت اصنام الدكتاتوريات أذلاء امام الحق والقانون .

 

ولا نطيل فحافظوا على : علاقات الأنسان بالأنسان ..... مجتمعه وتاريخه،  علاقات الانسان بالمكان .... أرضه وعالمة،   علاقات الانسان بالزمان ..... فاعليته وعصره . ستتفتح لكم الأفاق . والا ستندمون، والندم على فراش الموت لا ينفع النادمين.


د.عبد الجبار العبيدي

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2209 الجمعة 24/ 08 / 2012)

 

في المثقف اليوم