قضايا وآراء

ربيع العرب:ومشروع النهاية الممنهجة للعرب (2) / الطيب بيتي العلوي

"في الثورات لا بد من خضخضة الشعوب لتهييجها قبل إستخدامها ..، وإننا لانجد في أزمنة الثورات مزايا نبيلة (للثوار) سوى الجرأة والوقاحة، وطغيان التهويل والمناورات عند وصول الثورات الى نهايتاها، بدل الشموخ بالمبادئ المعلنة منذ البدايات": - ترجمة بتصرف - من Discours، اوالخطاب السياسي وفلسفة الثورة"لطاليران"

 

مقاربة (أنثروبو - جيوسياسية)

الأحكام في قضايا الأمم، يصدرها التاريخ وينفذها من خلال أجياله، فتعلوا أمم وتهبط بأخرى، وتنهار حضارات وتُحيا او تقوم أخرى، فيعلن قانونه بكل لغات لديانات والثقافات، بأن غايته هي العدالة والإستقامة وتقويم العوج، ليعيد موازين الإعتدال طبقا للقوانين الكونية، مهما تغيرت صفحاته وتناتجت أحداثه، ولكنها أمورمقضية مهما ثقلت خطواته

وإن طامة العرب الكبرى، أنهم–منذ أسطورة نهضتهم في بدايات العشرينات وضجيج ثوراتهم وإنقلاباتهم إلى نهاية الستينات، ما برحوا مثل الممسوسين صرعى الأوهام والخطابات العكاظية، وسادرين في الإغماء الوجودي، والغطيط في النوم الكهوفي، والتسيب الديماغوجي والإنتحارالحضاري، فظل العرب–ساسة ونخبا ومفكرين ومثقفين - يتعاملون مع أحداث جغرافيتهم العربية، بالذهنية المضبعة، ويُقيِمونها بمعاييرالعين الحولاءالتجزيئية المقلوبة، أوبالعين العوراء التي تفصل بلدانهم ومشاريعهم عن الأحداث الدولية المستجدة والمتسارعة، ويتفكرون في الحركات المحسوبة على رقعة الشطرنج الدولية بتفاكيرالأمخاخ المعوقة، ولم يعوا–بسبب إستحمارهم - بأنه جيء بربيعهم بهدف إستكمال تلك الحلقة المفقودة"الداوروينية"لدائرة مفهمة"السيادة"الغربية على العالم - بمعناها (اليهودي - الروماني) Imperium - التي تستهدف إستكمال الهيمنة والألوهية على الجغرافياالعربية التي تزايدت أهميتها أكثرمن أي وقت مضى، بعد نهاية الحرب الباردة لدى الكواسرالغربية من الصليبيين الجدد، –بغرض ما يلي:

اولا: صهينة الإسلام و"تلمدته"بالتدريج لما بعد الربيع العربي–على هدي وصايا عراب الثورا ت العربية بيرنارهنري ليفي، الذي صرح من مدينة مراكش بالمغرب على اليوتوب - حيث يحضى هناك بالأمان والترحيب حسب قوله) :"على المسلمين أن يجتهدوا لإستحداث تلمود إسلامي" –هكذا (وإضرب راسك مع الحيط كما يقول المثل الدرج المغربي) ! وهو ما يشتغل عليه القطريون بتأسيس المعهد الجديد للدراسات الإسلامية التي وُكل الى "الماسوني"طارق رمضان"–المستشارالخاص لطوني بلير - برءاسته فأنظر ! - بهدف تكوين نخب شابة مسلمة تلمودية جديدة، لخلق ما يسمى "بالفاتيكان الاسلامي" على هيئة الفاتيكان المسيحي وخلق "إكليرجات" متأسلمة و"رجال دين وكهان لتدريس "الكهنوتية - الاسلامية" الجديدة في عالم "إسلام السنة والجماعة"ووعلى هدي "السلفوية المقدسة" المبنية على صحاح الاحاديث التي "وثقها"علماء مصطلح الحديث خدم السلاطين ووعاظ القصور وتم ذلك بهجر النصوص القرآنية القطعية الدلالة (وهذا ما لم يتمكن شيخهم "عدنان العرعور" من مواجهتي بالرد على طرحي في حوار لي معه على قناة مشبوهة بلندن عام 2005) بحيث انه سيصبح كل من يخرج عن التعاليم الجديدة التي ستقرر تدريسها "مسيلمات كذابي الربيع العربي" الا هالك او كافرأو زائغ او مارق، فانظر ! – بغية دمج العرب والمسلمين في مشروع"الإمبراطورية اليهودية"الجديدة –التي ستكون عاصمتها الأبدية "أورشاليم " - أي القدس الشريف - بعد تفكيك اوصال كل الدول المجاورة للكيان العبري:سوريا، الأردن، مصر، لبنان، العراق ارض الحجاز، السودان !

ثانيا: إخراج أقوام الجغرافية العربية بالكامل من المعادلة الدولية،

ثالثا: محوُما تبقي للعرب من قيم روحية وأخلاقية بكل الأساليب الجديدة المتمثلة بمنهجيةالتلاعب بعقولهم عبر التنقل بالتوالي اوبالتعاقب ما بين:الأسلفات التيمية التكفيرية، والعلمانيات المزيفة واللبرلات القزحية البراقة، أوالتغريب الممسوخ، والتأمرك الدموي البشع، والأسرلة العفنة، والعولمات النثنة المدمرة - فكل الطرق تؤدي إلى مكة -، التي تصب كلها في مصب واحد ووحيد وهو:إنجاز"حكومة العالم الجديدة" (التلمودية - الماسونية) كأعلى المراحل الإنتقالية الغربية النهائية، وذلك بتفعيل مايلي:

اولا: مسخ كل اشكال المقاومة الفلسطينية الداخلية بالإستعانة بمستنضلين فلسطينيين مزيفين من الداخل من كل التوجهات سواء "المتأسرلة" منها او"المتخلجة" تخوفا من أنتفاضة حقيقية خارجة عن السرب المعهود، وهو ما يتخوف منه الغرب وإسرائيل

ثانيا: محو كل بؤر المقاومات العربية'الفكرية"المحتملة المناهضة للمشروع (الإمبراطوري –التلمودي) الجديد على الجغرافية العربية، مع التنقيب بإستمرار على دمى جاهزة بديلة و"موديلات" تستجيب لحاجبات السوق الغربية، وسنشهد تغيير الدمى على الجغرافية العربية على مدار الساعات بسرعة زمنية غيرمسبوقة لكون الغرب (التلمودي - الماسوني) المرتعب في مرحلته الإنتقالية الأخيرة، لا يثق حتى في ظله، وما الهجمة على غزة التي تمت خفية بمباركة اعراب المنطقة ومع اكبر حكومة"ربيعية" في المنطقة كما تسرب حتى من جر ائد فرنسية وامر يكية مشهورة، سوى مؤشرات تغييرات في الأجندة الغربية الحالية في شؤون هذه الدمى الجديدة اتي سيتم عصرها بسرعة–على هدي نظرية الليمونة"، لكي يتفكرواجيدا ويتعظوا وليدرس مستشاريهم ما حل بالذين سبقهم منذ "الشريف حسين وأبنائه الى الدمى اتي اطاح بها الربيع العربي –ولكل دمى ثوراتها وإنقلاباتها - /كما انه لكل زمان ومكان وأناس أقضيتها كما قال مالك

تطويق القوى الخارجة عن الهيمنة الغربية والغير القابلة للإستنعاج وهي:

 - القوة الإيرانية الصاعدة - بشيعيتها الحسينية، لابفارسيتها الشاهنشاهية - وهذا مجرد توصيف (أنثروبو - جيوسياسي) لا علاقة له بالتوصفيات"الأعرابية المستنعجة"أو بهذاءات السياسيوية "القرشية " المؤدلجة، أوبالقراءات (اليتيمية الوهابية) الرخيصة - حيث تسعى إيران إلى حماية جغرافيتها وتحصين سيادتها وتثبيت موقعها الطبيعي (التاريخي - الجغرافي) على رقعة الشرق الأوسط، التي يعتبرها الغرب العقبة الأساسية في وجه المشروع الإمبراطوري الجديد" التي تعيد للغرب ذاكرته التاريخية الحاضرة في كل تطبيقات مشاريعه - كالجزيرة الكبرى" (الأورو - أسوية) التي دحرت كلا من الأغارقة والرومان في عزهما الحضاري قبل المسيح - حسب تعبير"روجي غارودي" وتوصيف المؤرخ البريطاني "ارنولد طوينبي" – حيث تتحرك إيران على رقعة الشطرنج الإقليمية والدولية بخطوات محسوبة، وبالدهاء السياسي والحنكة المكتسبة تاريخيا وبضوح المشروع (الجيو - سياسي) الذي لا يمتلك الأعاريب منها سوى أهداف الإستعبادات السلطانية، ومخططات المبادئ ( الإقطاعيو - متحفية)

 - القوة القيصرية الجديدة العائدة إلى المعترك الدولي، لمواجهة هيمنة الأحادية القطبية للإمبراطورية، بإيديولوجية التراث الروسي القيصري القديم المطعمة بالدماء الحارة لأرثوذوكسيته التقليدية، لابشيوعية "السوفيات (اللينينية - الستالينية) البائدة - حيث تشكل روسيا الحالية في معترك رقعة الشطرنج الدولية ذلك التلاحم المصلحي، الذي يعني في المفهوم (العقدي - الإيديولوجي) الكوني الجديد:عودة وحدة"الروح"المتجانسة التي تشكلت في الماضي السحيق في باحة بلاد الشام وباحة آسيا الوسطى، وإنتشرت عبرالعالم (الروماني - الهيليني) كله - حسب تعبير"أرنولد طوينبي"و "يول ديورات ووليم بولك وغارودي، ذلك المشروع (الروحي –الشامي) لقديم الذي إنتقل من الشام الكبرى عبر السوريالية الى"أوربا السلافية في القديم، ليعودالروس اليوم في مجابهتم مع (الغرب:الروماني - اليهودي) ليشكلوا جيلا روسيا جديدا ترتبط جذوره بالتقاليد المسيحية الارثوذوكسية –العدو التاريخي للمسيحية الغربية البيزانطية وهرطقات باباوات الفاتيكان – حيث يقتحم الجيل الروسي بهذ الزخم الروحي الجديد معمعة زعزعة الغرب (ذي التقاليد الماسيحانية البيزانطية - اليهودية)، لتتسع بذلك ساحة محورالمركز (الروحي - إلإيديولوجي) الجديد: (الصين - روسيا - إيران - سوريا - جنوب لبنان - دول البرينكس المتزايدة) كمحور متنامي يقض مضاجع الأمبراطورية، ويقزم "الجاهلية الأعربية الجديدة" ويسفه أحلام مشروع"العولمة"المرعبة المتمثلة في تجمع السوق "الشيطاني": (الولايات المتحدة–أوروبا الغربية–إسرائيل)

 - قوة التنين الكونفوشيوسي الصيني الطموح إلى السيطرة الإقتصادية العالمية لما بعد الولايات المتحدة الأمريكيةالمنهارة لامحالة، حيث يبدولأول مرة في مجالات الصراعات الدولية (الجيو - سياسية) الجديدة، ظهور ذلك المؤشرالغيرالمسبوق: (الأنثروبو - ثقافي - سياسي) - الذي يرتعب الغرب من ظهوره - في علاقات وصراعات شرق/غرب أوعلاقات شمال / جنوب، عبر التلاحم المتكامل الروحي الشرقي - (إسلامي - مسيحي أرثوذوكسي - كونفوشيوسي) الذي أرعب"صمويل هينتيغتون"في أطروحته لصراع الحضارات، فسماه: (إسلام - أرثوذوكسية - كونفوشيوسية) المكونة للميراث الإنساني الأكثرقِدما وأصالة في حضارات العالم (العراق - بلاد الشام - جزيرةالعرب - الصين) في مواجهة حضارة غربية متهاوية متعفنة، وبدون روح، يتلاعب اليهود بمنظريها ومفكريها القدامى والجدد، ويحقرون شعوبها، ويعبثون بسياسييها ويتبولون على مثقفيها ونخبها، ويخططون لمشاريعها الثقافية والإيديولوجية منذ القرن الثامن عشر–عمليا -، حيث وجه الغرب بوصلات كل نخب الشعوب مع بداية القرن التاسع (قرن الفلسفة والإيديولوجيا والإستعمار) مع الترويج لأساطير الأنواروالتنويروالتثوير (ولا أحد يستطيع التأصيل المرجعي لتنظيرات هاته الطروحات قبل كانط - الذي سقطت أطروحات أنواره من زحل) التي كذبتها شواهد الحربيين العبثيتين الهمجيتين لأعنى الديموقراطيات في تاريخ البشرية (وكيف لا ! فكل شي ءيهون باسم ذلك المصطح العبثي الهلامي الذي إسمه الديموقراطية ولو ابيدت البشرية عن آخرها، التي لامناص لها من"الديموقراطية الغربية" لتطبق على الأموات والمقابروالأطلال، وعلى وركام الجماجم والجثث، وتشنيف الآذان بنحيب الثكالي وصراخ الأطفال ونحيب العجزة على غرار فيلم"مادماكس"، وهذا الكلام ليس من قبيل "قصص "الخيال العلمي" أو من باب سرد تهاويل خطابات النهايات البوكالبسية والغرف من ادبيات الارتعاب والإنهزامية والسوداية التي سادت كل ابداعات العشرينات بل هي حقيقة عملية عاشعا ارب صورها لنا كل من "اليكسيس كارلايل" و"إدغارآلان بو"، و"ت س إليوت" و"بيكاسو" و"شارلي شابلان"، و"إزرا باوند" و"أندري جيد" وفتزجيرلد" و"هيمنغواي" وغيرهم، حيث عمل الغرب منذ منقبات كولونياليته–باسم الأنواروالتنوير - على محوماضي الشعوب وثقافاتها وتراثها، والدفع بالنخب الثالثية الأجيرة الى الترويج بنبذ المقدس ومحوه باشاعة المدنس، لحشرالبشر في"الفراغ" المؤدي الى"اللامبدأ"واللاهدف"واللامعيار"لتدورالبشرية حول ذيلها مثل الكلب المسعور، في اللاقصديات واللاتجاهات واللامعنى - من أجل الوصول في نهاية المسارالتاريخي الغربي - الذي يعتبر الغرب الربيع العربي اهم محطاته - إلى إلإنجازالفعلي الأخيرلسجع كهان"مزعمة شعب الله المختار"...والباقي ليس الامجرد مطارحات سمرالحشاشين، وشطحات الشعاريرالثرثارين بجبلتهم.

فإختلطت المقاربات السياسية الدولية للجغرافيا العربية– (الجيو - سياسية) - في زمن الربيع العربي، بهذه العوامل:

الموقع ووطأة التاريخ الثقيل المتشابك للجغرافية العربية، دهائيات السياسة الغربية، تموضعات الستراتيجية، جشع الإقتصادولصوصية الشركات العابرة للقارات، صراع القيم الروحية الشرقية الأصيلة، مع المبادئ الغربية (اليهودية - الماسيحانية) المزيفة، والقيم الماديةالمهاجمة والدخيلة..، فتشابكت هذه العوامل المعقدة مع الخليط الهجين للهرطقات (التلمودية - الماسونية - الرومانية) الجديدة، تفسرها لنا تلك التجمعات الدولية للمحافل الماسونية التي خرجت فجأة من السرية الى العلنية، لتنظم تظاهراتها–للغرابة - في دول عربية في زمن الربيع العربي - وخاصة في إحدى دول المغرب العربي التي نجح فيها إسلاميو الر بيع العربي -، ويفسرها لنا ذلك التلاحم الغربي الجديدمع الأعراب الجدد والسلجوقيين القدامي والحكومات الإسلاموية الجديدةفالتي تبث عن الخليفة "المفقود" بدل من التامل والتفكير في أحابيل الدجال الاعورالغربي الذي هوموجد بين أظهرنا /حيث تصرح هذه الحكومات الربيعية بالمليان وعلى رؤوس الأشهاد، وعلى مرأى العيان بأنها لن تستطيع فك الإرتباط (السادو - مازوشي) بالإمبراطورية ولودكت البلاد وابيد العباد –كما جاء على السنة إسلامويي مصرالجدد –على سبيل المثال لا الحصر -

فجاء ربيع العرب، ليكون خاتمة ما تفتقت عنه تدليسات الذهنية الغربية في مجالات:فبركة الأحداث، وصناعة الثورات، وتوجيه الآراء وتلويث المعتقدات، وكان إستمرارا للثورات الملونة و"الفاكهانية"التي قلبت أنظمة الدول التي كانت تدورفي الفلك السوفياتي سابقا، تلك الثورات التي أسفرت عن إبليسية الحروب الناعمة المحققة للمآرب (الجيو - إستراتيجو - سياسية) الغربية، بطرق اكثرفعالية مما قد تحققه الحروب العنيفة المكلفة" - كقفزة نوعية لنظريات اليهوديان الأمريكيان: (كيسنغر/بريجنسكي) في العبث بجغرافيات الشعوب العالمية، التي خطط لها :"مهندس (الجيو - الستراتيجية) الكونية في ما بعد حرب أكتوبر /رمضان وبعيد أزمة الطاقة في أورائل السبعينات، التي رافقت تلك "الحرب الأخيرة" مع العدو الصهيوني –كما وصفها أنورالسادات ليتابع الغرب إتمام مشروعه "السيادي"على اليابسة عبر السيطرة الكلية على الجغر افية العربية التي هي مفصل الكرة الارضية كلها، ليصل الغرب اليوم –في الربيع العربي - الى الرغبة الأكيدة في انجازمشروعه (التلمودي الكون - على المدى المتوسط –لما بعدالربيع العربي - المسمى بحكومة العالم الجديدة"التي عاصمتها القدس الشريف، والباقي كله ثرثرات وترجيعات الببغاوات ! .... فأفهم يافاقد البصيرة ويا عديم الجدوى، حسب تعبير جلال الدين الرومي!

للبحث صلة

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2281 الاربعاء 21 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم