قضايا وآراء

السخرية السريالية ودلالة الايقون في أعمال الفنان مؤيد محسن / محسن الذهبي

تشتغل وتترابط فيما بينها بدلالات رابطه، لعل اهمها وابرزها هو التأثير الخطابي للفن في توجية الانتقاد للواقع من خلال المدلول الجمالي الذي يرتفع بالفن من سطوة السخرية الى معالي الابداع .فهي تغني التفكير حول مقاربة الدلالة في النسق الابداعي السريالي،بمعنى أخر انها تسهم في تجاوز اشكالات المنهجية التي تعتمد على الانساق المعقدة التي يختلف في تحليلها عبر تصورات نظرية لذى نراها تعتمد وصف الواقع بمجموعة من الدلالات الواضحة شكلا و المتعمقه مضمونا .

2224-muayadmohsin

نسوق هذا المقدمة ونحن نلج الى عوالم اعمال الفنان العراقي (مؤيد محسن) الذي أشتغل منذ البدء على اسلوبية متميزة في صياغة خطابه البصري والابداعي تعتمد على صيغة طرح مجموعة من العناصر الايقونية في فضاء اللوحة التشكيلية، اذ يعتمد على تصورات السيميولوجيا الحدث \ الواقع وسيمولوجيا تحليل الفضاء التشكيلي،أذ يحاول حصر خصائص اللوحة بثيم صورية بوصفها شكلا دالا يتالف من عدة عناصر ترتبط برابط ما ومجموعات علاقات جمالية تنفذ لروح الواقع لتخرج منه بخطاب أقرب مايكون للخطاب التغييري الانتقادي دون ضجيج السخرية المره .فالايقونية عنده عنصر اساسي على مستوى الخطاب من أجل توالد المقاربات الدلالية المتمثلة لروح الطرح الفني . ويتميز الايقون بفاعلية اجرائية تمكنه من الغور في تحليل الانساق الدالة البصرية ومن خصائصه هي ملاحظته المباشرة تكفي لكشف حقائق اخرى متعلقة بموضوعه أكثر من الحقائق التي تكفي لبنائه،من خلال مبدا التشابه مع الواقع ومستوى التأويل الصوري للدلالة فهي تكشف وتستبطن المعنى الذي يتجاوز تلك الثيم الصورية المكونه للتكوين الانشائي للوحة التشكيلية .ان أغلب الدراسات المهتمة بتركيب الصورة وبلاغتها وقيمتها الجمالية والبصرية أكدت على الدلالة بشكلها اللحظي والتأملي غير متجاوزة لوضيفة الفن في ايصال روح الفكرة ومن ثم تأثيرها على المتلقي لذلك الطرح من خلال ايجاد علاقة ادركية تطرحها تلك العلامات الايقونية الغير اعتباطيه المنتشرة بوضوح في كل اعماله التشكيلية فهي معلله بقصديه واضحه كي تاخذ معناها ليس من الاتفاق التماثلي بل باعادة انتاج المدرك من خلال مرجعية النسق السيميائي وصياغته بشكل مغاير لا يخرج عن الواقع البصري المتجذر في الذاكرة الجمعية فالايقون الموجود في أعماله مستوحى من رموز اما تاريخي او حياتي يومي ملتصق بالذاكرة كصورة ذهنية،

2224-muayadmohsin1

فهو اذن يحاول ان يجمع اشياء مدركة حسيا ولها معادل موضوعي متاثر ومؤثر مرتبط بالواقع، ليستدرج ذهنية المتلقي - وان اختلفت ثقافته –عبر تلك العلاقة الاستذكارية وبطريقة شبه تلقائية من خلال الربط الادراكية اللاارادي بغية استثارة المخزون الذهني للمتلقي . لذا نجد ان اعماله قريبه جدا من روح ووعي كل الفئات الاجتماعية لبساطة وعمق الايقون المستخدم وارتباطه بحياتهم .فالمدرك التخيلي للصوره لا ينطلق من مباشرتيها بل من ما تحمله من تصورات تثير الافق التاويلي وبالتالي الى تثوير العلاقة الجامدة للاشكال لتعطي ما مطلوب من أثر، عبر القياس البصري الذي يقول عنه ميتز:" يخضع لتغيرات كمية وكيفية، فالتشابه يختلف من ثقافة إلى ثقافة أخرى، كما يختلف من فرد إلى فرد آخر"، لذا نراه يركز بشكل لافت على اوضح الايقونات التاريخية المعروفة محليا وعالميا مثلما يستخدم ببراعه الحدث الانساني اليومي ويجسد المعاناة ويربط بينهما.

 

وهنا نؤشر على ميزة اساسية في ابداع الفنان (مؤيد محسن ) لكون اعماله تحمل روح خفية من السخرية القريبة من حياة الناس فهو غالبا ما يحمل منتجه الفني نسق بصري محكوم بقصدية الكشف عن علاقات كامنه وراء الحدث الذي يصوغه انتقاديا .

2224-muayadmohsin2

لذا نجد ان روح السخرية الايقونية عنده تعد سخرية مقامية تتطلب البحث في الوظيفة الابداعية وتحليل تلك العلاقة الكامنة بين الشكل والواقع المنشيء لهذا الشكل المطروح .ان المتأمل لا اعمال الفنان يدرك بوضوح وجود مجموعة مؤشرات داخلية ترتبط بمؤشرات خارجية موثره، مما يجعل مسار الرؤية لا ينصرف عن التعمق بقراءة المعنى اللحظي والاندهاش الاولي عن المعنى المرتبط بقصدية هذا المنتج الخطابي وقيمة الاثر الساخر، بمعنى ان القراءة لن تكتمل دون اعادة تركيب الشكل الدلالي وفهم العلائق بين العناصر المشكلة للفضاء التشكيلي عنده .

أن تجربة الفنان (مؤيد محسن) في اعادة فهم الواقع وتنبيه الناس لذلك بتقديم تلك الغرائبية هي تجسيد لوعية المتقدم في الكشف عن عوالم سوداء مخيفة في حياتنا ليقدمها بشكل ابداعي مبهر، كما ان لتفرده بين اقرانه من التشكيليين تشكل أعماله ماده دسمه لقراءات متعدده .

 

محسن الذهبي

ناقد تشكيلي

مانشستر - المملكة المتحدة

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2289 الخميس 29 / 11 / 2012)

 

في المثقف اليوم