قضايا وآراء

المذاهب الفقهية الخمسة .. أين الخلاف؟ وأين الاختلاف؟

abduljabar alobaydiولد الاسلام حرا، منطلقاً من غار حراء للناس اجمعين، فلا مذهب ولا مذهبية، ولا احتكار ولا دكتاتورية، ولا سنية ولا شيعية، بل حركة فكرية دينية ألهية هدفها أحقاق الحق بين البشرية، فلا فرق بين ابيض واسود، ولا من آمن ومن لم يؤمن، الكهف (29)، مادام الكل من الملتزمين بمبدأ الحق والعدل والسلام بين الناس. (الحمدُلله رب العالمين .. ملك يوم الدين آياك نعبد  وآياك نستعين) بك نتمسك وبك نقوى ونستعين بالحق القوي على الظلم  والظالمين والعدوان.فكانت رسالة السماء بمعاييرها الثابتة لن تسمح بخرقها من كل الاخرين.ومن يعتدي عليها فجزاؤه القانون في الدنيا وجهنم في الاخرة وله عذاب الضمير .

مدرسة حرة ولدت بمنهج حر لا يقبل التأويل،  لكلمات ارساها فيه للاخرين: الحق والعدل والأستقامة واحترام حقوق كل المخلوقين، فالله واحد والرسول واحد والرسالة واحدة فمن أين جاء الخلاف والاختلاف في الدين؟قرآن صالح لكل زمان ومكان الى يوم الدين .لغته العربية سليمة لاتقبل الخلاف والاختلاف،  نصه ثابت ومحتواه متحرك،  طُبق المنهج التاريخي العلمي الصحيح عليها  محافظة على اتساق نظامها  من يقرأها ويتقنها يرى فيها موازنة واضحة بينها وبين اللغات الاخرى. فالتلازم بين النُطق والتفكير ووظيفة الابلاغ فيها مؤكدة، والترادف اللغوي فيها معدوم، وبها اصبح الانسان كائن ناطق مفكر اجتماعي معروف.

هذا القرآن بنظريته اللغوية الجزلة قاده العلماء والفقهاء ولكلٍ منهم دوره الخاص، فالتأويل للعلماء تجنباً للاختلاف في القصد، والتفسير للفقهاء تجنباً للاختلاف في اللغة. فألآية  (7) من سورة آل عمران أعطت للعلماء حق التأويل، والاية(122) من سورة التوبة اعطت للفقهاء حق التفسير، فلا احد له الحق بأحتكار حق الاخرين..واستمر الحال في حياة محمد وخوفا من الاختلاف والخلاف قال رسول الله(ص) قبل ان ينتقل الى جوار ربه  قال: (ايها الناس لا تنقلوا عني غير القرآن) . فقد كان يدرك ماسيحصل من خلاف واختلاف لذا اراد تحديد القصد والمقصد ليُشهد عليهم كل الحاضرين. لذا فلا مرجعيات ولا رجال دين، لان الانسان مخير لا مجبر في الدين.

ومات محمد (ص)، فأختلفت الاراء بمن سيخلفه بعد الرحيل.سيخلفه دستوره الذي كتب ووصاياه التي سمعت  والقرآن المجيد.  وحديث غدير خم ما هو الا توجه نبوي رصين لتنبيه الناس نحو الكفاءة والمقدرة حتى لا يعين المفضول على الافضل في مناصب الدولة العليا وكان يدرك ان الصحابة (رض) هم كلهم من الكفوئين. ألم يعاونوه ويساعدوه في دعوته حتى الرمق الاخير، فالخلافة المبتكرة ملك للمسلمين يودعونها لمن يريدون وينزعونها منه حين يرغبون بمعايير الحق والعدل والاستقامة  التي تركت لهم  بتقنين. فلا دكتاتورية ولا تفضيل.

 ومن يتابع ما بين علي وابي بكر الصديق وعمر والصحابة الاخرين  من علاقة وتوطين وقرابة ونسابة لايجد ما نحن فيه من حدس وتخمين،  نتقاتل اليوم من اجلهم اجمعين.وفي غزواته كلها كانوا جميعا له من المساندين.فأين الاختلاف والمختلفين؟

قد يصاب الانسان المسلم بالصدمة حين ادراكه عدم وجود الترادف في القرآن، بعد ان عوده عليه حتى أصبح مقررا في عقله وقلبه، لان ذلك يستدعي هدم التصور السائد في فهم الاسلام القائم على الترادف اللغوي الان، فهل من تصور جديد في فهم الاسلام لنتخلص من كل ادران الماضي البغيض؟ وما هذه الفرقة التي زرعها بيننا كل السياسيين، ليبقوا هم الاسياد والشعب عبيد مسخرين.

فيا عراقيون انتبهوا يريدونكم قتلى وارامل وايتام وهم السائدون ما دام اولادهم وعوائلهم عند الاسياد مؤمنين.

القران لم يكن كتابا علميا ولا كتابا فقهيا وانما هو التصور الجديد لمنهجية الكون والانسان وهذا مالم يدركه الفقهاء عند التفسير.فموضوعاته اشتملت على خلق الكون، وخلق الانسان ونشأة الالسن واستنطاقها(الحج 5)، وجعل المساواة اساسا في الحياة (المؤمنون 101)، وقانون الجدل العام والخاص (كل شيء هالك الا وجههُ).والقرآن قدم لنا رؤية جديدة للصراط المستقيم والمعروف والمنكر ومبدأ التلازم بين الحنيفية والاستقامة والمرأة والرجل في نظرية المعرفة الانسانية التي أغفلها كل المفسرين من وعاظ السلاطين رغبة لبقاء الحاكم متربعا على على المواطنين.

واذا تتبعنا ما كتبه الفقهاء من القرن الثالث الهجري والى الان لم نلمس منهم سوى تركيزهم على الفرق والمذاهب والحلال والحرام لاشغال الفكر العربي الاسلامي عن كل جديد في عالم المعرفة حتى اوصلوينا الى أمية التفكير.فهل باستطاعتنا اختراق الصعاب لنصل بالقرآن الى ما اراد وطلب؟ام سنبقى ندور في فلك المتفيهقون وكل يوم قتلى وجرحى كما يصفون.كل الديانات السماوية والارضية تحررت عقولها من الخلاف والاختلاف،  الا نحن المسلمين لازلنا نراوح فيما نحن فيه من خطأ مقصود جاء به الاقدمون.

امامي اليوم فقه الامام جعفر الصادق(ع) فكر جديد يتطور مع الزمن عقلا ومنهجاً بالمبادىء التي ارساها، فاين الخطأ في المنهج واين المذهب المتعارض مع الاخرين؟ يقول الامام الصادق في الشيخين ابي بكر وعمر(رض): (والله اني لأرجو الله ان ينفعني بقرابتي منهما)، فأين الخلاف وأين الاختلاف بينهم ونحن لا زلنا نتهم بعض فرق الشيعة بشتم الصحابة، هذه سُبه اخترعها معاوية الاول في علي بن أبي طالب وأماتها عمر بن عبد العزيز وأنتهى الامر.؟. فالامام استاذ لأبي حنيفة النعمان وأنس بن مالك، فكيف يختلف التلميذ مع الاستاذ الا ما جاء به الفكر من تطور .وسواءً اخذ الامام بالقياس ام لم يأخذ فهل هذا يعني الخلاف بينه وبين ابي حنيفة في الدين؟

من خلال قراءة النصوص الفقهية بين الشيعة وبين مذاهب اهل السنُة في الفقه أنها لاتمس أصل الدين، وكل ما ذكر من خلافات لازالت  تحتمل الاجتهاد والتغيير لصالح الجميع نالم يكن هناك الاختلاف بين الكاثوليك والبروتستانت فأين الخلاف بينهما وهل من قاتل وقتيل..فهناك أفتراء على الشيعة بوجود قرآن اخر لهم سموه قرآن فاطمة، وهذا ما نفاه فقهاء الشيعة قاطبة،  وانا الذي قضيت الايام الطويلة في النجف الاشرف اثناء بحثي لشهادة الدكتوراه  وتنقلت في مكتبات ومجالس المرجعيات الشيعية المكرمة ، فلم اسمع به من قريب او بعيد، فمن اين جاؤا بهذا الافتراء الكبير، هدا الأفتاء الدي سمعته بأدني من الشيخ القرضاوي، فكيف يفتي الرجل وهو رئيس مجمع فقهاء المسلمين بخطأ وهو من المعتمدين؟ .

وهناك أختلاف في المتعة التي اقاموا عليها الدنيا واقعدوها، واليوم الكل سنُة وشيعة في زواج المتعة والمسيار متفقون، والاية القرأنية 24 من سورة النساء جاءت حلا لها. وفي الطلاق الشيعة لا تأخذ بالطلقات الثلاث بل بالنص الديني(حكم من أهله وحكم من أهلها) والاية 19 من سورة النساء جاءت حلأ عادلا لها. وامور اخرى في الصلاة كالتكتيف والتسبيل كلها اجتهادات بلا نص قرآني مبين،  والرجم لم يأتِ في القرآن الا في ثلاثة  في سورة الشعراء (116)وهود (9) وياسين(18) في مواقع ليس لها علاقة في القصد. والاذان والمسح على الرجلين أما الردة فكل المذاهب متفقة  على ان المرتد لايقتل بل ينصح ولا يُقاتل الا اذا اشهر السيف بوجه الاسلام البقرة  (217و (وأنظر الملل والنحل للشهرستاني). والوصية مقدمة على الارث بموجب الاية (180) من سورة البقرة، وفي الحاكمية الدينية جاءت الاية( 258 ) حلا لها . فاين الخلاف والاختلاف؟ أذن لماذا هذا مسجد شيعي واخر سني وثالث لا ادري ما اسميه؟والاذان اليوم في العراق بآدانين مختلفين، الم يكن هدا مقصودا  في التفرقة بين المسلمين؟.

كلها امور لا تمس العقيدة  ولا دخل لها فيهاابدا، بل اجتهادات شخصية محضة،  عفى عليها الزمن،  ويمكن الاتفاق عليها بتقريب وجهات النظرفيها  فقهياً، فأين  الخلاف والاختلاف.؟، فهل من منقذين ليخلصونا والى الابد من محنة التفريق؟كم من أمرأة طلقت وشخص قتل وأولاد ضاعوا من خرافة الخلاف والاختلاف. أما كان حرام على الفقهاء والمفسرين ان يزرعوا فينا كل هذا الخطأ الكبير، من اجل سيادة الحاكم والمتنفذين، أكانت دولة آموية هذه أو عباسية مسلمة أم كانت دول المنافقين باعة الأوطان الحاليين؟ واين مؤتمرات التقارب الفقهي في الاسلام؟ فهل من جديد نراهُ منهم اين القرضاوي الذي ملأ الدنيا صراخا في  قرآن فاطمة وسب الصحابة من قبل الشيعة فرقة للمسلمين؟ هل من احد يزيل الغمة عنا ويعيد الصفاء بين المسلمين؟أفقهاء هؤلاء ام مخربين؟ يا عراقيون لا تتقاتلون هم يريدونها لكم ليبقوا منعمين، الا قاتلهم الله.

لم تسنح فرصة في التاريخ الحديث لاستغلالها مثلما سنحت اليوم للسيد نوري المالكي  رئيس وزراء العراق ان كان جاداً حقاً وحقيقة في محو آثار المتفيهقين، فهو الحاكم الوحيد اليوم في عراق العراقيين، وخليك من هلمة الرئاسة الميتة الغائبة،  ومجلس النواب المزيف الهارب من المحنة والأخرين،  فهل يغتنمها ليصبح  هو أول المصلحين؟ ليعلن رسميا  اسقاط الدستور وحل مجلس الخمة وان يعلن لا فرق بين المسلمين فيامر بتوحيد الجوامع والآذان وكل موجبات العبادة بين الجميع بقانون، نعم بقانون،  والا من الواجب الشرعي والاخلاقي ان يتنحى للاخرين ؟ فقد مللنا التهريج، في عراق المتحررين،  ويسجل سابقة تاريخية ما سبقه أحدُ قبله من الاولين؟. فهل كان التغيير من اجل بناء امبراطوريات المال  للحرامية المتسكعين ومشيخة السلطة ام من اجل الوطن والمواطنين؟.

لكن يبدو انه بعيد عن التحقيق؟ فقد مللنا بدعة الرسائل الاسبوعية الانشائية  يا مالكي التي لم تعد بكافية في العلاج والتطمين،

وليكن العراق هو أول المبادرين.كفى لقد ضحكت علينا شعوب الارض كلها ونحن اصبحنا اخر المدافعين، فلا اسلام فينا محترم،  ولا انسان عندنا محترم، ولا شعائر لنا مكرمة، فصلاتنا مختلفة، وزواجنا مختلف وطلاقنا مختلف، وارثنا مختلف ونحن ندعي بوحدة المسلمين،   ومؤسساتنا وسفاراتنا ومراكزنا الثقافية نهبا للقريب والبعيد يرتع باموالنا، والقتلة انت تطلق سراحهم بقانون؟  اذن انت راضٍ عن قتل المواطنين ؟كفى ضحكاً على الذقون يا حاكمون أمن اجل هذا جاء التغيير؟ كل يوم عشرات القتلى والجرحى زيادة في المرملات والايتام والمفقودين.لا حل امامنا ابداً الا بصرخة قانونية ملزمة بتوحيد المناهج الدراسية العلمية والادبية الدينية في كل مدارس المسلمين،  وتوحيد الصلاة، وفصل الدين عن الدولة،  واحلال القوانين المدنية  ورفع الازدواجية فيها والا سنبقى مهزلة لشعوب الارض الى ان يرث الله الارض ومن عليها، وسنموت ونفنى ونحن من المختلفين.

هنا من حق الشعب ان يثور على خونته وكل المجرمين،  وها هي شعوب الارض اليوم تقاضي المستغلين؟

 

في المثقف اليوم