آراء

بين قادتهم وقادتنا.. جدلية التاريخ

عبد الجبار العبيديقامت الثورة الامريكية عام 1774، وبعدها الثورة الفرنسية عام 1789.ثورتان متقاربتان عمرا، ومتشابهتا ن في الظرف والواقع؟ قادة الاولى هم من الامريكيين، وقادة الثانية هم من الفرنسيين الخلص، نجحت الاولى وأنشأت دولة الولايات المتحدة الامريكية العظيمة، ونجحت الثانية وشكلت دولة فرنسا الحالية المتقدمة، ولا نريد ان ندخل في التفاصيل حتى لا نغرق في المتاهات، لكن الواجب الاخلاقي يحتم علينا ان نذكر قادة الدولتين العظيمتين وفاءً بالقيم في تقييم القادة المخلصين.

قامت الثورة الفرنسية بعد ان توفرت له القيادة الرائدة في تحريك المشاعر نحو اعادة الحقوق المغتصبة منه من قبل عائلة آل بوربون، قكان المواطن الفرنسي الثري برناردي لاوني الذي حكم سجن الباستيل، وجون هوميرد صانع المجوهرات ولا ندري كيف التقوا وصنعوا افكار الثورة الفرنسية العملاقة التي جاءت بالمبادىء الانسانية العليا بشعارها المعروف (الحرية والاخاء والمساواة)، بعد ان خططوا للثورة ووضعوا منهجا محكماً لها بعد النصر، تمثل بالغاء الملكية والامتيازات الاقطاعية وخلق تغيرات جذرية لصالح التنوير عبر ارساء الديمقراطية وحقوق الشعب والمواطنة الحرة , والعقد الاجتماعي، واصلاح الدستوروالغاء القوانين الجائرة على الشعب، وضرب الكنيسة ورجال الدين الذين اذاقوا الشعب مر العذاب ووضع لائحة الحقوق لعامة الناس موضع التنفيذ بلا تردد.وهذه هي حركة الزمان عبر التاريخ.

لقد اطلقت الثورة الفرنسية حركة التاريخ من جديد واخرجتها من الحركة التريخية الدائرية العقيمة التي طرحها المؤرخ توكيديد الروماني والقاضية بانغلاقية حركة التاريخ المتغيرة والمتجددة ابدا ابدا، والقائلة بان التاريخ كله دائرة شريرة لاجديد فيها ولاتغيير.. والتي أيدها أردشير الفارسي بان الزمان لاجديد فيه ليهبط عزيمة انصار التغيير.. التغيير الذي ينقلهم الى الحركة الدائمة.. متناسيا او قل جاهلاً الخط الانفتاحي الواسع المستقيم حتى غدا الفرد الفرنسي المضطهد سيد نفسه في وطن كان فيه عبدا للاسياد المجرمين.

لقد قامت الثورة الفرنسية على اساس من التفكيرالواعي لاولئك المثاليين الذي ارادوا استيفاء الجانب الشرعي من التغييرللفرنسيين ليزيحوا من انفسهم كل عذابات السنين التي اذاقتهم الملكية فيها الأمرين.لكن مع الحرص عليها لكن الثورة اصيبت بنكسة قاتلة على يد المتطرفين امثال روبسبير ودانتون ومارا والتي قضت على الامال العريضة التي علقها الناس على ثورة الجماهير بعد تدمير سجن الباستيل رمز العبودية للفرنسيين.. وهكذا تدور الحركة الزمانية لتقضي على حركة العراقيين بعد 2003 ليتربع على عرشها شذاذ الأفاق من خونة التاريخ.. متناسين دورة الزمان في التغيير.. لذأ تراهم اليوم اذلة يرمون بأنفسهم على من كانوا يقولون عنهم محتلين.

لكن الحقيقة هي ان الثورة الفرنسية زعزعت اركان البيت القديم وان لم تهدمه كما عندنا االيوم في ثورة تشرين الخالدة، لكنه بقي بيتا لا يصلح للسكن بساكنيه القدامى فعاد مرة اخرى للشعب وعادت الثورة لهم بعد ان نقلتهم الى اذلاء مجرمين .فأنشأت المؤسسات العلمية التي اصبحت اداة عظيمة القدرة على تجديد الحضارة فتحركت عجلت العهد الجديد نحو التقدم وهاهي فرنسا الثورة اليوم كما نراها.. تطبق الشعار "الحرية والاخاء والمساواة " لكل الفرنسيين.وستعود ثورة تشرين للعراقيين لينتزعوا الحقوق من الخائنين.

وحدثت الثورة الامريكية عام 1974 وكان قادتها جورج واشنطن وتوماس جفرسن مؤلف وثيقة الاستقلال من الثوار الذين امنوا بالله والوطن والشعب وقادوا ثورة المبادىء الدستورية قبل ان تكون ثورة سياسية فلم يفكروا بقصرٍ او مزرعة او رصيد او منصب، اوعزل انفسهم عن الشعب كما عزلوا اصحاب المنطقة الخضراء التي تحولت الى وكرٍ للساقطين.بل فكروا بمجد امريكا التصاعد والخلاص من التمييز العنصري الذي انهى الاحتلال البريطاني القديم، فحققوا لامريكا دستورا مكتوبا قل نظيره في العالمين.

.. ومات جورج واشنطن ولم يملك الا بيتا في واشنطن تركه لمؤسسة الاثار الامريكية رمزا "رايته بعيني" لا يعادل بيت فقير، وعندما عرضت عليه الملكية رفض وقال :" الدولة ملك الشعب لا ملك الافراد الثائرين ".ومات جفرسن وهو لايملك الا التمثال على نهر البوتمك الكبير، لكنهما ملكا القيم والشرف والكرامة ومحبة قلوب الشعب الامريكي الى ابد الابدين.نعم هؤلاء هم قادة التاريخ المخلصين..كمحمد وعمر وعلي واصحابه الغر الميامين في نفوس المسلمين، ياله من تاريخ مشرف يعادل الدنيا كلها واحسن من كل ما يملك الطامعين الفاسدين اليوم وهم يعيشون.. بحقارة ومذلة الزمن والمواطنين..

فهل نحن أفضل منهم بالدين أو بتطبيقات مبادىء الدين.. ؟

والذي اريد ان أقوله:

كل الثورات والتغيرات تمر بانتكاسات، لكن قادة الشعوب اذا صمموا على حماية الاوطان، لن يخيبوا في النهاية اذا وضعوا نصب اعينهم المبادىء التي اجتمعوا من اجلها ودعوا اليها وطبقوها واقسموا على تنفيذها، والشعب اليوم اوغدا سيعرف من منهم كان مخلصاً، وكان مؤمناً بالوطن ويعمل على السعادة للوطن والاخرين، ومن منهم كان لصا وعميلا للأخرين..اكتب يا تاريخ؟، فكل شيء نسبي، لكن النسبية هي جزء من الكلية، فهل سيعي قادة العراق الجدد ما فاتهم من تقصير، ليعوضوا الناس على ما فاتهم من كذب قادتهم خونة التاريخ وكيف كانوايصرحون بالوطنية وحقوق المواطنين.. واليوم يرتعون باموال الفقراء والمساكين هم واولادهم في ديار المحتلين.يؤسسون في بروكسل وستكهولم ولندن ودبي ليبقون ومادروا انها سُم زعاف في بطونهم يأكلون.. لا أنا اقولها لكم بصدق منطق القسم " أنهم والمحتل اتفقوا على نظريات التدمير علنا في مؤتمر لندن عام 2002 وكلهم وقعوا عليه دون رفض من اخرين.. الا ما ندر,..  ولو كانواشجعانا لاعترفوا.. لكن الخائن لايمكن الا ان يكون جبانا كرأس المال الذي به يعتقدون..

تصريحاتهم وقسمهم كانت توحي بالاخلاص والقيم ويشم منها رائحة الهيل المعطرمن قبل نحن المغفلين، حين كنا نامل ان يخرج واحدا منهم من بين الصخور ويجلس تحت شجرة الزيزفون وارف الظل ليحمي بظلالة نفسة والوطن وكل الاخرين، لكن امل العراقيين خاب بالناكثين العهد والقسم واليمين حين انقلبوا على اعقابهم فقتلوا الانسان واغتصبوا المال والارض والنفط والمياه.. بينما نحن كنا نعرف لذا حرمونا من كل الحقوق.. ؟نعم ياشعب العراق نرى في الافق بوادر سيوف تلمع وأصرار المخلصين تظهر، فهل سيضربون؟.. أكيد كما علمنا التاريخ.. لذا هم اليوم حائرون كالذي قربت منيته ويطلب كل ما يريد دون أمل من عمر جديد.؟

نعم سيضربون باذن الله ثوار تشرين لتفجر ارض العراق حمما تحرق المنحرفين الذين سرقوا الوطن وفي منتجعات العالم يترعون ولكن غدا امام الله والشعب اليوم اذلة منكسي الرؤوس وهم الاحقرون.واليوم نحو العلم والحضارة نتقدم؟ ونحو البربرية هم مرتمون وعلى الاكتاف راكعون؟ انظر كيف على اكتاف الاخرين يركعون من اجل اعادة الحياة في الاطارالمجرم اللعين.

قولوا لنا حقيقة ما تضمرون ايها الفاسدون، لقد ملت عيوننا من مقالاتكم التي تقولون فيها ما لاتفعلون، الف مجلة وصحيفة اليوم تكتبون، والف مستشار يصرح ما تقولون، لكننا لم نلمس شيئا مما يقولون، الطائفية والعنصرية هي هي، والعشائرية البغيضة وشيوخها من اصحاب النساوين في دكاتهم العشائرين الفاسدة يقتلون وهم.. هم لا يتراجعون لضعف قوة القانون ، ونحن نقول لهم انتم ليسوا أصلح هذه الامة لكي تقودون.. لا بل انتم اخون هذه الامة الذي يجب ان تزاحون..

توحد ايها الشعب العراقي ولاتدعهم يضحكون عليكم بالطائفية البغيضة والمذهبية الباطلة.. فالدين واحد وهم المُفرقون.. دافع عن المصير، وعن دستورية الحكم وسيادة القانون.. فالنظام السياسي السليم هو ضمان كل تقدم وبدونه لا وطن ولا حقوق.

ثقوا ان بينكم وبينهم فروق.. هم يعتقدون ان التغييرجاء مجرد انتقال من حكم مستبدٍ الى فوضى زعماء وقواد وظلم للناس دون اهتمام.. وانتم تعتقدون ان التغيير هو الاعداد الفكري والسياسي السليم لرسم معالم حضارة العراقيين.. أنهم يكيدون.. وفي نظريات الشر يعيشون.. فهم لا يرجون حسابا ولا يريدون.. نعم ان أكثرهم للحق كارهون

الفرق بيننا.. وبينهم كبير..لكنهم هم الخاسرون.

***

د.عبد الجبار العبيدي

في المثقف اليوم