آراء

أي دعامة لمسرح الشباب في مهرجانه؟

نجيب طلالمشهد عام:

[المهرجان الوطني الآول لمسرح الشباب] الذي نظم بالرباط: تحت شعار(الشباب دعامة للنموذج التنموي الجديد) من عجائب هاته التظاهرة أنها فريدة في المبنى والمعنى، وذلك من خلال الأطوار التي جرت فيها التظاهرة وما حملته الملصقات رغم قلتها؛ والكتيب الذي تم توزيعه إلا على المشاركين؛ في غياب كتابة للمهرجان وتنسيقية للإعلام، نقرأ (المهرجان الوطني لمسرح الشباب الأول؟ (الدورة العاشرة)؟ فقبل الانغماس في شغب تفكيك بعض الملابسات والاختلالات؛ التي فرضتها علينا حرقتنا الإبداعية؛ وهنا لا يهمني صمت الصامتين؛ ولا تصفيقات المداحين؛ ولا حماقة المهرولين، تلك الهرولة العمياء نحو الإشادة بالتظاهرة. لأن الإشادة والإطناب والنفخ في الحوارات فيما لم يروه؛ ولم يحضروه ..وراءها ما وراءها(؟) بحيث الأغلبية (الآن) انخرطت وانغمست في فتات الموائد . وهاته إشكالية (أخرى)؟؟

طبعا أية إشراقة مضافة في المشهد المسرحي هي قيمة إبداعية للمهووسين باللذة السيزيفية؛ فلامناص من مباركتها ومساندتها؛ ولكن على أسس تمظهر أو ملامسة الممارسة الصادقة والداعمة للعطاء المتدفق؛ إيمانا بالفعل الإنساني والإبداعي الذي هو الأول والأخير؛ لكن الملاحظ قبل التوقيف الإجباري الذي أنجزه الفيروس اللعين (كوفيد) على الأمة؛ وبعد إزالة الغمة تدريجيا.. لانقرأ عن تلك أوذانك التظاهرة إلا خبر انطلاقتها؛ وفي الناذر الإشادة بأطوارها؛ وبالتالي لم يعُد الفكر المسرحي الوقاد والقلم السيال يمارس حضوره وقوته، التحليلية / النقدية . ولو [وصفية أو انطباعية] لكشف الهنات والسلبيات؛ لتلافيها للبحث عن بدائل إيجابية وفعالة؛ تزيح الاختلالات التي أمست تتحرك في المشهد المسرحي؛ إبداعا وإنتاجا وتظاهرة  وعلائق؛ بحيث  لا يستقيم أي فعل فني/ إبداعي، نحو الأفضل في حَده الأدنى،  إلا بفعل مضاد منتج؛ وبعيد كل البعد عن الشوفينية أو الهدم أو السلبية؛ فعل ذو قيّم إنسانية؛ صادقة بمواقف عملية / حياتية تبرزفي واقعنا العملي وتُثبتها الأفعال التطبيقية؛ لا في اللغْو والأقوال التي تقال شفهيا وما أكثرها (الآن) في الكواليس !

الدورة:

فمن خلال هاته الدورة نكتشف عيانيا  بأننا أصبحنا نعيش ونمارس ونتقبل اللامنطق؛ وننخرط فيه إما غباء أو إكراها كيف ذلك؟ سؤال يفرض سؤالا مضاعفا؛ مفاده: كيف أصحاب هذا المهرجان وصلوا للدورة العاشرة؟ وبالعودة للملصقات؛التي تحمل مفارقات وتناقضات، لأن المقالات غيرموجودة؛ ربما (الفتات) ساهم في الاستكانة والصمت واللامبالاة، كأن الأقلام جفت وطويت الصحف. فمثلا في ملصق سنة/مارس/ 2017 نقرأ:[بشراكة مع الأكاديمية الجهوية لوزارة التربية الوطنية لجهة الرباط سلا القنيطرة وبتعاون مع جمعية أبي رقراق (جائزة محمد الجم للمسرح المدرسي الدورة السادسة / 2017] وفي سنة /مارس/2021نقرأ[المهرجان التاسع لجائزة محمد الجم الدورة الثالثة وطنيا بشراكة مع وزارة التربية الوطنية/ وزارة الثقافة والشباب/ أكاديمية الجهوية لجهة الرباط سلا القنيطرة تحت شعار من أجل مدرسة متجددة ومنصفة ومواطنة ودامجة ] فالملصقين مختلفين في التدرج ففي2017 نجد (الدورة 6)بدون تحديد رقم المهرجان؟ وفي 2021 نجد (الدورة 3)[ وطنيا] بدون تحديد رقم المهرجان(09)هنا لن نناقش هل تم تنظيم المهرجان أم لا: وحالة الطوارئ الصحية، لازالت سارية المفعول(؟) ولن نناقش الشعار الذي لم يتم التزام به فيما بعد، لأنه تحول بقدرة قادر (لمهرجان الشباب)؟  وهذا التحول أفرز لنا (المهرجان الأول = الدورة العاشرة) فكيف تم احتساب الدورات وتسلسلها؛ هل من (الدورة 6) أو(الدورة 3)؟ فمن باب المنطق؛ فإن (الدورة 6) هي جهوية صرفة؛ حسب زعمهم و(الدورة 3) وطنية حسب ما هو متبث في الملصق؛ وبالتالي فهاته التظاهرة التي نناقشها هي وطنية وليست جهوية؟ لنقبل اللامنطق والقفز على الدورات أو إدماجها بين الجهوي/ الوطني. فكيف ستستقيم هذه المعادلة [1=10] أو[1=10]أي عقل سيتقبلها؟ حتى على مستوى الرياضي سواء من منظور الدوال أو الجذور أو المتواليات فلا يمكن أن تستقيم؛ اللهم إن أقحمناها في الكسور(1/10) باعتبار أن الكسرفي المجال الرياضيات: هو مفهوم العلاقة النسبية بين جزء من الجسم إلى الجسم كاملاً. فهذا هو المدخل الوحيد الذي سيسهل لنا فهم اللامنطق المحمول في التظاهرة وليس مقارنة العلاقة بين كميات منفصلة. وبالتالي ف[الكسر] يتضمن (البسط/ المقام) إذن سنقوم بفرضية  التكافؤ (الكسر/ المسرح) سنجد (البسط = الضحك/ المقام= التظاهرة) وهنا (أعتذر لعلماء وأساتذة الرياضيات عن هذا التشبيه /الإقتباس؛ الذي فرضه سياق التحليل .

بحيث هل نحن أمام [الكسر العادي] الذي يُمثل الجزء من الكل؟ أم أمام [الكسر المركب]؟ وفي هَذا النطاق فالمشرف وصاحب التظاهرة؛ يفسر لنا المعادلة  بمنطوقه: إن "المهرجان الوطني الأول لمسرح الشباب هو امتداد لتجربة المسرح المدرسي"(1) والأغرب من ذلك أن هناك تأكيد من لدن أحد(الإهتباليين): "هذا المهرجان امتداد لتجربة المسرح المدرسي الذي أسسها الفنان محمد الجم" معبراً عن فخره لقيادة لجنة تحكيم مهرجان الشباب من أجل تقييم تجارب المشاركين (2)! طيب فهذا النوع من المسرح هل هو الجزء أم الكل من المقام لكي يستقيم (الكسر العادي أو البسيط)؟ الذي يفرض أن يكون (البسط = الضحك) أقل من (المقام= التظاهرة) بمعنى (1/10) فإذا قمنا بعملية القسمة سنكون أمام(0.1)  وهذا الناتج لا يستقيم من منظور التطور والامتداد بأن تلامذة الصف الابتدائي (المسرح المدرسي)اصبحوا شبابا ولابد من  تحقيق (المقام/ التظاهرة) لتبقى الاستمرارية؟ وهذا هو العبث (التخربيق) بالمنطق المغربي. وإذا عكسنا الطرح بصيغة جمع الكسر العادي بالمركب(1/10+10/1) مبدئيا لامناص من جمع البسط مع البسط عندما يكون المقام موحدًا؛ وهنا الأمر غير موحد؛ وبالتالي فبعدم توحيد المقامات؛ فلابد من إيجاد المضاعف المشترك الأصغر لتوحيدهما، ألا وهو الشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل؛ فرغم هاته الشراكة؛ ما المعيار الذي قبلته الوزارة في دعم التظاهرة؛ وفي جعبتها مهرجان الشباب؛ من جسد الضم الذي تم بين الوزارتين(الثقافة/ الشباب)؟ وهل تتوفر على مستند قانوني يسمح بانتقال التظاهرة من رفوف وزارة التربية الوطنية [تمويل] أكاديمية الرباط/ سلا إلى رفوف وزارة الشباب والثقافة والتواصل؟ وهل المسؤول عن التظاهرة قدم بيان توضيح عن دوافع واسباب تحويل المسرح المدرسي إلى شبابي؟ هنا العهدة على ماهو مسطر في الملصقات؛ وعلى تصريحات من يحوم في التظاهرة؛ وبالتالي فهل الشراكة استطاعت أن توحد المقامات لتستقيم التظاهرة من أجل خلق امتداد فرجوي وغرس قيم فنية وإبداعية في الشباب؟

بداهة لم ; ولن تستطع لأن الكسر المركب الذي يكون فيه (البسط /الضحك) أكبرمن (المقام/ التظاهرة)، فهو "كسر غير عادي" وهذا ما يجعله غير لائق من حيث المعنى الذي يقتضيه الكسر؛ هنا الإشكالية التي تكمن في تصريف اللامنطق/ العبث/ السوريالية في كل شيء؛ طبقا للمنظور "المغربي" وليس بالمنظور الفلسفي؛ وهنا أستحضر إحدى التدوينات تشير [المهرجان الوطني الاول لمسرح الشباب الدورة العاشرة؟؟؟فهم تسطا ] (3) بحيث التعليقات والردود كانت تهكمية وتتقاطع بأنه (العبت)؟ وبناء على ذلك هناك خلل واضح حتى في الرؤية والبعْد الاستراتيجي الذي يتمظهر في الشعار{ الشباب دعامة للنموذج التنموي الجديد}.

الدعامة:

أي دعامة تقصدها التظاهرة؟ سؤال يفرض علينا أن نضع  مفهوم الدعامة في سياقها؛فهي بكل بساطة

دعَم الشَّخصَ(أعانَه وقوَّاه وسانده) وفي – أنطولوجيا [ الدعامة الأساسية: مرحلة مدرسية يتعلم فيها الطالب المفاهيم والمبادئ الأساسية المعمول في تلك الدولة؛ وغالبا ما تكون ست سنوات أو تسع سنوات؛ تختلف تبعا لاختلاف الدولة (4) وبالتالي فالدعامات الأساسية لم تبرز إلا في الميثاق الوطني للتربية والتكوين .هنا فطرح (الدورة العاشرة) هي تأكيد لحنينة المسرح المدرسي؛ الذي ضاع  ولم يعرف أحد كيف؟ ولماذا؟ ربما لأسباب مالية أو إدارية؟ أما مسألة الشباب دعامة للنموذج التنموي الجديد؛ فهي تضليل؛ باعتبار أن المشروع التنموي الجديد يضم كل المغاربة رجالا ونساء ولا يفصل هذاعَن ذاك؛ بحيث الدعامة الوحيدة الواردة في المشرع هي كالتالي: إن المؤسسة الملكية، بكونها رمزا للاستمرارية التاريخية والاستقرار تشكل الدعامة الأساسية لهذا البناء وتعطي للأمة القدرة والجرأة الضروريين لتطورها وازدهارها (5)

إذن، فالشعار فيه مجازفة غيرمدروسة وضعف معْرفي؛مرتبط ربما لم يطلعوا على  ولاسيما أن الشعاريعتبرأرضية استراتيجية للاشتغال لتحقيق الأهْداف؛ والملاحظ وفي سياق المشروع التنموي الجديد؛ يعتبر الشباب فئة متضررة بقول اللجنة: وتعاني فئات واسعة من الساكنة، خاصة النساء  والشباب*، من ضعف المشاركة والتهميش لعَدم إمكانية الولوج إلى فرصٍ تمكنها من إثبات استقلاليتها ومن المواكبة الاجتماعية. وتظل الفوارق قائمة أيضا بحكم ضعف آليات الحماية الاجتماعية وعدم فعالية شبكات الأمان الاجتماعي (6) وحتى إن قبلنا الشعار كما هو؛ ولا علامة استفهام حوله؟ هل حاول المقام/ التظاهرة؛ أن يلامس حمولة ما في روح المشروع التنموي الجديد، لكي  يساهم الشباب في وضع اللبنة الأساسية لجيل جديد؛ فاعل؛  ومساهم؛  ومحب للمسرح. لتفعيل دينامية جديدة والإسهام في المشروع التنموي الجديد؛ باعتباره دعامة لمغرب الغد، وإن كان المشروع مرتكزا على الفاعل الاقتصادي ورقمنة الحياة العامة.

هنا فالملاحظ بأن التظاهرة؛ لازالت تحمل نمطا تقليديا لابدائل في نظامه وحركيته (عروض/ لجنة/ تكريم) إلا أن الجديد هو الضغط  والمارتونية في العروض المسرحية؛ التي فكيف يعقل؛ في ظرف يومين تم تصفية (12 عرضا)مسرحيا؟ هنا سيبدو للقارئ أو المشارك بأن هنالك الارتجال في التنظيم والبرمجة ومن زاوية معينة نسقط في (اللامنطق) وذلك من خلال تقديم (ست عروض) في اليوم. فالبعد الأساس من تكثيف العروض بهذا الشكل هو مخطط اقتصادي محض(؟) ولامجال لشرحه؛

إذن وفي ظل ما خفي في الكواليس، كيف نمنطق الشعار{ الشباب دعامة للنموذج التنموي الجديد} والتظاهرة تحمل أوهاما وخزعبلات القول، بأنها بداية لضخ دماء جديدة في مسرح الهواة وأساسا لم تدعم الشباب؛ ولهم صرخة من داخل تقرير اللجنة التي تشير: ينبغي أن يهتم نموذج التنمية بنا نحن الشباب كأفراد بالمعنى الكامل. يجب أن يسمح لنا النموذج باستعادة كرامتنا، ويجب أن يسمح لنا بتسليح أنفسنا، ويجب أن يمنحنا الأدوات وأن يساعدنا على بناء ذواتنا ومستقبلنا ومستقبل هذا البلد" (7) إذ سنعود للموضوع من باب مسرح الشباب/ مسرح الهواة؟

***

نجيب طلال

.....................

الإحالات:

1) منشورفي العديد من المواقع؛ ولكن انظر العمق المغربي تغطية  إكرام بختالي 11 بتاريخ 11/05/ 2022 –

2) نفسها

3) تدوينة -  العربي سلام (الفايس بوك) بتاريخ 17/05/2022

4) أنطولوجيا جامعة بيرزيت / 2015

5) تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي والمقدم لصاحب الجلالة - ص 10 - أبريل 2021

6) نفسها: ص25/26- أبريل 2021

7)  نفسه - الإطار رقم 5/36 من التقرير العام - أبريل 2021

 

في المثقف اليوم