آراء

حكاية الحنطة الروسية والاوكرانية

صلاح حزامفي زمن الاتحاد السوفيتي، كانت المشكلة الاساسية التي يواجهها الاقتصاد السوفيتي هي مشكلة عدم كفاية انتاج الحبوب لسد حاجة السكان وتوفير علف المواشي وبالتالي انتاج اللحوم.

الاتحاد السوفيتي كان دولة عملاقة من حيث المساحة حيث تجاوزت مساحته ٢٢ مليون كيلومتر مربع ويتكون من ١٦ دولة (اصبحت مستقلة بعد تفككه).

كان من بين ذلك العدد من الدول كل من روسيا واوكرانيا، ولكن المساحات المزروعة في هذا البلد الهائل المساحة لم تكن تنتج مايكفي من حبوب.

اسباب ذلك عديدة  لامجال لاستعراضها هنا، لكن ابرزها هو هيمنة الدولة واجهزتها البيروقراطية.

كانت الولايات المتحدة تحاصر الاتحاد السوفيتي وتحاول منعه من الحصول على حاجته من الحبوب بهدف اثارة مشاعر السخط في الداخل لاثبات ان نظام التوجيه المركزي للاقتصاد هو نظام فاشل وغير قابل للحياة، كجزء من الحرب الايديولوجية بين البلدين.

عام ١٩٧٥ منعت الولايات المتحدة حلفاءها الكنديين والاستراليين وكذلك الارجنتين، من بيع الحبوب للاتحاد السوفيتي. تحت هذا الضغط اضطر الاتحاد السوفيتي لقبول مقررات مؤتمر هلسكني للسلم والأمن الاوربي والتي تقضي بالسماح لليهود السوفييت بالهجرة لاسرائيل وكذلك السماح بوصول بث اذاعة اوربا الحرة الى المواطنين السوفييت وايقاف التشويش عليها، والتي تديرها المخابرات الامريكية، والتي كانت تعتبر بداية تفكك الاتحاد السوفيتي (اضافة لعدد آخر من العوامل).

في السنوات التالية لسقوط الاتحاد السوفيتي ازداد انتاج الحبوب ولاسيما الحنطة، في كل من روسيا واوكرانيا حتى اصبحت روسيا ثالث اكبر منتج للحنطة في العالم (٨٥ مليون طن) بعد الصين (١٣٤ مليون طن) والهند (١٠٨ مليون طن) واكبر مصدر للحنطة في العالم تليها اوكرانيا. حيث تصدر روسيا مانسبته ١٨% من اجمالي الصادرات العالمية تليها اوكرانيا بنسبة ٧% من الصادرات العالمية.

ليست الحنطة فقط بل الذرة والبذور الزيتية.

الذي حصل هو تحسين ادارة الموارد والادارة التنافسية اضافة الى الهندسة الوراثية واستنباط سلالات من البذور تتلائم مع درجات الحرارة في كل اقليم من الاقاليم التي تتميز باختلاف درجات الحرارة. حيث ان من الشائع ان الحنطة لاتنتج في الاقاليم الباردة، ولكن المختبرات والابحاث وانشاء الشركات الزراعية الكبرى قادت الى هذا النمو الهائل في الانتاج.

تجربة روسيا واوكرانيا تستحق الدراسة خاصة بالنسبة للعراق الذي يمتلك الارض والمياه لكنه يفتقر الى الرغبة والارادة والسياسات المناسبة للنهوض بقطاع الزراعة لاسيما مفردات الأمن الغذائي مثل الحبوب المختلفة.

على مدى ذاكرة جيلنا الحالي، ما الذي تغير في سياستنا الزراعية وانماط الانتاج والملكية واساليب الري وتقنين المياه  وتحسين الانتفاع من المياه المتاحة وتحسين البذور وتثقيف المزارعين ؟؟

نحن نستمر بالقاء اللوم على دول الجوار التي لاتمنحنا مايكفي من المياه مع انها احياناً تعاني من الجفاف.

لاتوجد لدينا قنوات مبطنة ولا انظمة ري بالرش او التنقيط ولانستفيد من المياه الجوفية.

لقد تغدقت التربة وارتفع منسوب المياه الجوفية نتيجة الري بالسيح الذي سبب ذلك التغدّق نتيجة غمر الارض بالمياه وارتفاع الملوحة وتلف الاراضي الزراعية مع عدم وجود استصلاح للاراضي بشكل جاد.

***

صلاح حزام

 

في المثقف اليوم