آراء

هل سيعيد مؤتمر الأفلان FLN الـ: 11 السيناريوهات القديمة؟

علجية عيشإن النقد والتقييم وحده يرفع درجة الوعي والنضج السياسي فلا يربط بين الأشخاص والأفعال ولا يصدر عن حسابات وأهواء شخصية والمعالجة المؤقتة للقضايا لا تحل مشاكل المجتمع هذا ما على الأحزاب السياسية التي يجب أن تعيه وبالأخص حزب جبهة التحرير الوطني الذي هو على موعد لعقد مؤتمره الحادي عشر، فأمينه العام أبو الفضل بعجي مطالب باستعداء القيادات القديمة للمشاركة في المؤتمر من أجل الذهاب بالحزب إلى برّ الأمان وحتى لا تتكرر السيناريوهات السابقة التي أدخلته في متاهات مظلمة جعلت الحزب يسير بطريقة ارتجالية كما ظهرت مطالب بوضعه في المتحف على أساس أن الأفلان انتهى دوره في 1962، وكما قال ملاحظون إن بقاء الإطارات والقيادات القديمة خارج الحزب خطر عليه ولذا بات من الضروري تدارك هذا الخطر من أجل وحدة الصفوف

ماذا يحدث داخل حزب جبهة التحرير الوطني؟ سؤال يتجدد طرحه كلما اقترب موعد انعقاد مؤتمر الحزب الذي فيه تشكل التركيبة البشرية الجديدة للحزب بعد صراعات بين الموالاة والمعارضة حول من له الحق في البقاء وحق تسيير شؤون الحزب على المستويين الداخلي والخارجي، وقد تجدد الصراع بين الأمين العام للحزب الحالي أبو الفضل بعجي وأعضاء اللجنة المركزية بعد إحالة جل الأعضاء على لجنة التأديب لمجرد أنهم خالفوا قرارات الأمين العام للحزب أو رفضوها، وقد وصلت ألأمور إلى الانسداد بعدما بدأ الأعضاء المغضوب عليهم في التحرك لتسوية الوضع داخل الأفلان عن طريق العدالة ، هو ما حدث بالضبط في المؤتمرات السابقة آخرها المؤتم التاسع للحزب الذي انعقد في مارس 2010 وصلت الأمور إلى حد الاعتداءات الجسدية ونفخ العضلات كل طرف جند جيشه لمواجهة الطرف الآخر، وتكرر السيناريو في المؤتمر العاشر إلى حد إسالة الدماء ونقل الجرحى إلى المستشفى ، ولا شك أن السيناريو نفسه سيتكرر في المؤتمر الحادي عشر القادم .

المتتبعون لشؤون الحزب وحتى قياداته القديمة والحالية يدركون الظروف التي مرت بها جبهة التحرير الوطني منذ تحولها إلى حزب سياسي في 1964 وما عرفته من تطاحن واشتباكات بين الإخوة الأعداء وتأزم الأمور بسبب القرارات الارتجالية ، كان الحزب موجودا على الورق فقط وكانت القاعدة النضالية تتابع الأحداث من الصحف، وقد أكد هؤلاء أن الأمين العام الحالي أبو الفضل بعجي يسير على خطى من سبقوه الذين ضربوا بمبدأ المركزية الديمقراطيةـ ثم ما هي الأخطاء الذي ارتكبها أعضاء اللجنة المركزية حتى يحالون على لجنة الانضباط أو لجنة التأديب؟ أم أن الأمين العام للأفلان يخشى من أن تتقوى المعارضة داخل الحزب وأن يخسر الرهان في المؤتمر القادم، خاصة وأنه لم ينتخب من طرف الحزب بل تم تعيينه من فوق، مثلما جيئ بعمار سعداني، وهو ما جعل البعض يعلق بالقول أن القيادة الحالية لحزب جبهة التحرير الوطني غير شرعية، وكان الغاضبون ينتظرون موعد اقتراب المؤتمر لتصحيح الوضع وتطهير الحزب، ما جعل بعجي متخوفا من أن يسحب البساط منه ويخرج المؤتمر بقيادة جديدة، خاصة وأن القيادات القديمة كما تشير المصادر بدأت تتحرك من أجل إعادة ترتيب البيتو ترميم سقفه.

لا أحد يعلم إن كان المؤتمر القادم سيشكل حركة جديدة داخل حزب جبهة التحرير الوطني، أو يؤسس لمرحلة جديدة فما يدار هنا وهناك مجرد تكهنات، لأن كل طرف سيرسم خطة والخطة البديلة في حال فشل الخطة الأولى لإنجاح مشروعه، مشروع البقاء من عدمه، أراد بعجي ان يُدْخِلَ المغضوب عليهم بيت "الطاعة" العمياء وتنفيذ قرارات دون مناقشة، ما يحدث داخل الأفلان اليوم كمن يطلب السير بالحزب في متاهات مظلمة، وقد وضع ملاحظون نقطة استفهام عريضة وباللون الأحمر إن كان أعضاء اللجنة المركزية الذين أحيلوا على لجنة الانضباط أخطأوا فعلا، وإن ثبت خطأهم فهل هذه الأخطاء وليدة عدم الخبرة أو عدم الفهم، أم أنهم مأمورون من جهات خارجية لإفشال المؤتمر، والسؤال يطرح من زاوية أخرى: كيف يتم انتخاب أعضاء اللجنة المركزية؟ ، الإشكالية طبعا تطرح على مستوى القواعد النضالية التي يختار مناضلوهه والمسؤولون المحليون مندوبي المؤتمر، واللعبة يعرفها الجميع حول من يكون المرشح لعضوية اللجنة المركزية وهذا الأخير يختار المندوبين الذين سيصوتون عليه في انتخابات اللجنة المركزية بطريقة أو بأخرى ويكون الاتفاق مسبقا قبل الذهاب إلى المؤتمر، هي الأخطاء نفسها التي تتكرر في كل مؤتمر يتم فيه إبعاد المناضلين الحقيقيين، واختيار الدخلاء الذين جاءوا في ظروف استثنائية لاستهداف الحزب عن طريق زرع الفتن، نشير هنا إلى المقولة التي قالها الرئيس الراحل هواري بومدين: "هل المؤتمر القادم كفيل بأن يحول الكلام إلى حقيقة والورق إلى كيان حيّ والأشكال الفارغة المضمون إلى واقع متحرك ومسؤول؟.

 قد يتحقق هذا كله في حالة واحدة إذا استدعى المؤتمر الحادي عشر لحزب جبهة التحرير الوطني الإطارات المهمشة والقيادات القديمة التي كان لها دور كبير في تسيير الحزب ووقفت في وجه دعاة وضع الحزب في المتحف جرمهم الوحيد أنهم لم يكونوا سلبيين، على قادة الأفلان الحاليين إذن مراعاة الظروف التي تمر بها البلاد وما تشهده الساحة من تغيرات منذ بداية الحراك الشعبي، جعل الرئيس الحالي عبد المجيد تبون يعتمد على حركة المجتمع المدني وإعطائها الصبغة القانونية بدلا من الأحزاب السياسية في تهدئة الوضع وتكريس ثقافة الحوار مع الحراكيين لتجنب دخول حرب أهلية ثانية أو ثالثة إن صح القول، قبل أن يعيد علاقته مع الأحزاب السياسية من خلال تعيين بعض رؤساء الأحزاب كسفراء ومنهم رئيس حركة البناء ورؤساء أحزاب سابقون في الثلث الرئاسي لمجلس الأمة ومنهم الرئيس السابق لحركة الإخوان في الجزائر أبو جرة سلطاني، وأعاد الإعتبار لشخصيات وطنية منهم صالح قوجيل المحسوب على المعارضة داخل حزب جبهة التحرير الوطني، حيث وضعه على رأس مجلس الأمة، كما أصدر قرارات جديدة كإنشاء المرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس ألأعلى للشباب وهو هيئة استشارية فسماع صوت السباب وغشراكهم في صنع القرار، كانت هذه وقفة قصيرة لرؤية الرئيس الحالي عبد المجيد تبون لما يحدث في الساحة السياسية وتصوره الإستشرافي لمستقبل البلاد، مستقبل لا تكون فيه نزاعات ولا حراكات، لبناء الجزائر الجديدة وهي خطوة ثمنها الشعب الجزائري من أجل مكافحة الفساد والذهاب إلى إصلاحات جذرية في مختلف أجهزة الدولة.

***

علجية عيش

في المثقف اليوم