آراء

الليبيون من الحلم بالربيع إلى كابوس الكهرباء

ابوبكر خليفة ابوبكربعد مرور حوالي إحدى عشرة سنة على مايسمى بالربيع العربي في حلته الليبية، ظل التحول الديمقراطى المنشود مستعصيا ومعقدا بل ممتنعا على كل الحلول الممكنة ..

هناك بعض المحللين والملاحظين المتفائلين يرون أنه كان من الممكن للتجربة الليبية أن تنجح وتعبر مبكراً نحو إنتقال ديمقراطي سلس يكون نموذجاً يحتذى أمام الشعوب والقوى الحية الحالمة بالتغيير إلى الأفضل، حيث جرت في عام 2012 انتخابات شعبية شفافة أنتجت أول برلمان ليبي منتخب (المؤتمر الوطني العام)، حيث أصيب ذات المحللين والملاحظين المتفائلين بخيبة أمل عميقة، حين إنقلب المشهد الوردي إلى هشيم من الدماء والخراب، وإنقسم الأخوة"الثوار" إلى أعداء متنازعين، ودارت رحى حرب ضروس بين قوات "فجر ليبيا" وقوات "الكرامة"، ووجد الإرهاب والتطرف الفراغ ليتغلغل بين الصفوف، ويبني دولة خرافاته في "سرت" الجريحة، لتتجه القضية الليبية إلى التدويل أكثر فأكثر، وينفلت الأمر كله من بين أيدي الليبيين، ويغدو مصيرهم رهن للقوى الدولية المتكالبة..

بينما يرى المحللين والملاحظين المتشائمين بأن المقدمات تشي وتخبر بالخواتيم، فالربيع الليبي أساساً كما يرى هؤلاء لم يكن لليبيين فيه سوى الدور الأصغر، حيث لم يكونوا سوى الواجهة مع بعض الزخم والتهويل الإعلامي، بينما في الحقيقة وجوهر الأمر أن من قاد هذا الربيع هم الغرب وأمريكا، بكل الدعم السياسي الممكن والدفع عبر البيئة الإقليمية العربية والدولية والأممية، وبالفعل العسكري المتمثل في حلف " الناتو"، وان أمر إسقاط النظام الليبي السابق قد تم البث فيه منذ زمن، مع إنتظار الفرصة المؤاتية وكان "الربيع العربي"، والهدف المعلن هو تحرير ليبيا من قبضة الإستبداد والديكتاتورية التي تغولت وعاثت، أما الهدف الضمني هو إطباق السيطرة التامة على الثروات والموارد الليبية الهائلة.

بعد كل ماحدث ومازال يحدث، هانحن نشهد اليوم غضبا عارما بين أطياف الشعب الليبي على الأجسام السياسية القائمة، والتي يرى الليبيون بأنها أصبحت عبئا جاثما، وأن هذه الطبقة السياسية شريك أساسي في تدمير ليبيا، وآن الآوان للإطاحة بها عبر إنتخابات شفافة رئاسية وبرلمانية، فالليبين قد ضاقوا ذرعاً بالأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية المتفاقمة والمتوالية، وفي ذروة هذه الأزمات يبرز الإنقطاع المتواصل للكهرباء، ولا يخفى ما لهذا المورد الحيوي من أدوار حياتية أساسية، وليبيا التي تنير بغازها دولة كإيطاليا، هاهي اليوم تغرق في الظلام.

***

د.أبوبكر خليفة أبوبكر

كاتب وأكاديمي ليبي

 

في المثقف اليوم