آراء

قمة طهران الثلاثية لا تناقش الملف السوري وحده

كريم المظفرفي رحلته الخارجية الثانية منذ بدء العمليات العسكرية الروسية الخاصة في أوكراني يقوم رئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين، بزيارة عمل إلى إيران بدعوة من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، للمشاركة في اجتماع رؤساء الدول الضامنة لعملية أستانا لتسهيل التسوية السورية، بمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وكما أعلن في الكريملين فإنه ومن المقرر خلال القمة الحالية تبادل وجهات النظر حول الجوانب الرئيسية للتفاعل بالشكل المحدد، لتحديد الخطوات المشتركة للمستقبل من أجل تحقيق تسوية نهائية طويلة الأمد في سوريا. بناءً على النتائج، من المفترض اعتماد بيان مشترك لرؤساء الدول الضامنة لعملية أستانا، ويرى الكريملين انه وإلى حد كبير، وبفضل العمل المنسق بين روسيا وإيران وتركيا، تم الحفاظ على وقف مستقر للأعمال العدائية في معظم الأراضي السورية، ولا يزال الوضع مستقرًا، وتراجع مستوى العنف، وهُزمت المراكز الرئيسية لداعش، وتم تقويض إمكانات الجماعات الإرهابية الأخرى بشكل كبير، وتمت استعادة سيطرة الحكومة على معظم أنحاء البلاد.

وعقد الحوار بصيغة "أستانا ترويكا" على مدى السنوات الخمس الماضية (عقدت القمة الأولى في 22 نوفمبر 2017 في سوتشي، والثانية - في أبريل 2018 في أنقرة، والثالثة - في سبتمبر 2018 في طهران، والرابع - في فبراير 2019 في سوتشي الروسية، الخامس - في سبتمبر 2019 في أنقرة، في يوليو 2020، بسبب تدهور الوضع الصحي والوبائي، عُقد الاجتماع الثلاثي عبر مؤتمرات الفيديو).

وكجزء من عملية أستانا، تُعقد المشاورات بانتظام على مستوى الخبراء، فقد عُقد الاجتماع الدولي الأول بشأن سوريا في العاصمة الكازاخستانية في كانون الثاني / يناير 2017، وعُقد ما مجموعه 18 اجتماعاً من هذا القبيل (آخرها يومي 15 و 16 حزيران / يونيو من هذا العام)، بالإضافة إلى وفود الدول الضامنة، يحضرها ممثلو الأطراف السورية - حكومة سوريا والمعارضة المسلحة والدول المراقبة (العراق والأردن ولبنان) والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة عام لسوريا، موظفو اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

بدوره قال وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان، إنه من المقرر عقد اجتماع القمة الثلاثية لضمان آلية أستانا بحضور رؤساء إيران وروسيا وتركيا، بهدف خفض التوتر في مناطق الصراع في سوريا، وأفاد بأن الاجتماع يأتي لتثبيت أهم أهداف آلية أستانا، مشددا على أنه يجب إدارة الأزمة الأمنية الجديدة بين سوريا وتركيا، وأشار إلى أنه خلال "زيارتي إلى أنقرة ودمشق حملت رسالة الرئيس الايراني بهذا الصدد"، موضحا أن "الجانب التركي يتحدث عن احتمال شن عمليات عسكرية داخل العمق السوري لمسافة 30 كيلومترا، ونحن نحاول حل هذه الأزمة بالطرق السياسية"، مضيفا في الوقت نفسه ان موضوع تخفيف حدة التوتر في مناطق الصراع وعودة اللاجئين السوريين والإسهام في السلم والاستقرار والأمن في سوريا مطروحة على جدول أعمال هذا الاجتماع الثلاثي.

و خلال زيارته لإيران، من المقرر عقد اجتماعات ثنائية منفصلة لفلاديمير بوتين مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، و من المتوقع أن تتضمن أجندة اجتماعات الرئيس مع القادة الإيرانيين تبادل وجهات النظر حول الجوانب الرئيسية للتعاون الثنائي، وكذلك حول الأمن الدولي والإقليمي، بما في ذلك الوضع الحالي حول خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن الملف النووي الإيراني. برنامج.

وتعتبر روسيا، إيران شريك مهم لها، ويجري تنسيق السياسة الخارجية بشأن القضايا الدولية الراهنة، العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية والإنسانية آخذة في التطور، وعلى الرغم من تداعيات الوباء والعقوبات الغربية غير القانونية، وزادت التجارة في عام 2021 بنسبة 81.4٪ (إلى 4.1 مليار دولار)، وفي الفترة من يناير إلى يونيو من هذا العام و 38٪ أخرى (2.3 مليار دولار)، ويجري تنفيذ مشاريع مشتركة كبرى - المرحلة الثانية من محطة بوشهر للطاقة النووية قيد الإنشاء، والعمل جارٍ لزيادة استخراج النفط في خمسة حقول نفطية في إيران، وعلى حساب قرض الدولة الروسية، يجري بناء Sirik TPP على ساحل الخليج (1400 ميغاوات، 1 مليار يورو)، ويجري تنفيذ برنامج لكهربة السكك الحديدية في شمال إيران في جارمسار إنشي - قسم بورون (قرض الدولة 1.2 مليار يورو).

وتصف موسكو إيران بالدولة الصديقة والشريكة لروسيا، وتعتز موسكو كثيرا بالعلاقات الثنائية مع طهران، وانه في الأشهر الأخيرة، وفي السنوات القليلة الماضية، تم إعطاء دوافع إضافية في جميع المجالات السياسية والدبلوماسية والتعاون الاقتصادي وتشدد، على وجود إمكانية لدى كل من روسيا وإيران لبناء التعاون من أجل تقليل عواقب العقوبات حيث تخضع إيران للعقوبات منذ عقود، وقد تكيفت بشكل جيد لتطوير وتحسين رفاهية شعبها، على الرغم من القيود. وأشار بيسكوف إلى أن روسيا معتادة أيضا على العقوبات، ونوه بأنه تم فرض قيود على البلاد منذ أيام الاتحاد السوفيتي وأن الدولتين، ستبتعدان بمرور الوقت عن ممارسة استخدام الدولار في التعاون الثنائي .

كما وأعلن الكريملين إنه قد يتم بعد فترة وجيزة، التوقيع على معاهدة تعاون شاملة بين روسيا وإيران، وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، في حديث لمحطة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية "نأمل في أن يتم ذلك قريبا " فقد تحدث وزير خارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران قبل شهر، مع نظيره الإيراني، وفي منتصف يونيو، تم سلمت روسيا نسختها من نص هذه المعاهدة الشاملة إلى الجانب الإيراني،وتأمل، انطلاقا من تقدير وزير الخارجية الإيراني عاليا نص هذه الاتفاقية، التي قامت موسكو بصياغتها اعتمادا على نتائج التنسيق بين المؤسسات المعنية، وبعد إجراء بعض التعديلات الإضافية، مع مراعاة رأي الجانب الإيراني، أن يتم الاتفاق عليها، وسيكون بحسب تعبير بيسكوف، من الممكن الوصول إلى عملية التوقيع بسرعة إلى حد ما وفي "المستقبل القريب".

وفي السياق ذاته أكدت روسيا تأييدها استعادة الاتفاق النووي مع إيران وفقا لما تم التوافق عليه في 2015 بقرار من مجلس الأمن الدولي، وقال يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي، أنه خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطهران، وخلال لقاءات مع المسؤولين الإيرانيين، ستتم مناقشة الوضع حول خطة عمل شاملة مشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وفي المباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ستجري مناقشة الجوانب الرئيسية للتعاون الروسي التركي، والتقدم المحرز في تنفيذ المشاريع الرائدة في المجال التجاري والاقتصادي، ويُظهر حجم التجارة اتجاهًا إيجابيًا ثابتًا - في عام 2021 نما بنسبة 57 ٪، ليصل إلى 33 مليار دولار، وفي الفترة من يناير إلى أبريل من هذا العام تضاعف، ومن المتوقع أن ينظر القادة بشكل جوهري في عدد من الموضوعات الدولية، بما في ذلك الوضع حول أوكرانيا، وفي إطار تسوية قضية تصدير الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود، عقدت في 13 تموز / يوليو مفاوضات في اسطنبول بين الوفود العسكرية لروسيا وتركيا وأوكرانيا وممثلي الأمم المتحدة حول سلامة الملاحة في البحر الأسود.

وأعلنت تركيا عشية انعقاد القمة الثلاثية في طهران، عن خطة لعقد اجتماع عسكري بين تركيا وروسيا وأوكرانيا يحضره وفد أممي، لبحث إجراءات شحن الحبوب من الموانئ الأوكرانية، وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في اجتماع عبر الاتصال المرئي ضم رئيس هيئة الأركان التركية يشار غولر وقادة الجيش ونائبه: "تم التوصل إلى اتفاق على المبادئ العامة حول خطة لنقل الحبوب والأغذية، و"نواصل جهودنا لتحويل الخطة إلى خطوات ملموسة، ومن المحتمل عقد اجتماع بهذا الصدد في الأسبوع المقبل".

وكالعادة يجري العمل في اطار المشاريع الاستراتيجية المشتركة، ومن خلال خطي أنابيب الغاز بلو ستريم وتركي ستريم، تم تسليم 12.8 مليار متر مكعب إلى تركيا هذا العام (7.1 و 5.7 مليار متر مكعب على التوالي)، يستمر بناء Akkuyu NPP (من المقرر أن تكتمل وحدة الطاقة الأولى بحلول الذكرى المئوية لتركيا في عام 2023، في 21 يوليو سيكون هناك حفل لصب "الخرسانة الأولى" في وحدة الطاقة الرابعة).

وفي موضوع خطط تركيا إجراء عملية جديدة في شمال سوريا، تعارض أي أعمال من شأنها أن تنتهك المبدأ الأساسي للتسوية السورية، يؤكد الكريملين انه من الطبيعي الطبيعي أن تتم مناقشة هذه المسألة، وشدد ان "موقف روسيا المبدئي، هو أننا نعارض أي أعمال تنتهك المبدأ الأساسي للتسوية السورية، المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن الدولي ذات العلاقة وفي قرارات صيغة أستانا. وهو ما يعني احترام سيادة ووحدة وسلامة أراضي سوريا".

وسيوقع الرؤساء الثلاثة في طهران، وكما أعلن يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي أن بوتين وأردوغان ورئيسي سيوقعون بيانا مشتركا عقب اجتماعهم في طهران، وقد تم بالفعل إعداد مسودته، وتم الاتفاق عليها بالفعل، وسيتم الإعلان عن اعتمادها فور اجتماع الرؤساء الثلاثة".

***

الدكتور كريم المظفر

 

 

في المثقف اليوم