آراء

ليبيا الدولة الفاشلة بلغة المؤشرات والوقائع

ابوبكر خليفة ابوبكرمن مفاهيم الدولة الفاشلة أنه يقصد بها؛ تلك الدولة التي تحكمها المليشيات، كما يعرفها بعض الباحثين بأنها ؛ تلك الدولة التي تفقد السيطرة على وسائل العنف الخارج عن الإطار القانوني.. ومن ثم تصبح عاجزة عن تحقيق السلام والإستقرار لمواطنيها، وعاجزة بالتالي عن فرض السيطرة على أراضيها أو جزء منها، ولقد وقعت ليبيا منذ عقد ونيف تحت طائلة تصنيف الدول الفاشلة، بل وفي مراتب متقدمة من الفشل وتفشي الفساد، حسب التقرير السنوي الصادر عن صندوق السلام ومجلة فورين بوليسي، وحسب تقارير منظمة الشفافية الدولية حول الدول الأكثر فساداً في العالم، ودائماً بناءاً على المؤشرات التالية:

أولاً: المؤشرات السياسية

ويبرز في هذا الشأن صراع الشرعية بين الحكومات المتنافسة بين شرق البلاد وغربها منذ انتهاء ولاية المؤتمر الوطني العام وانتخاب مجلس النواب تحديدا منذ عام 2014وحتى اليوم، حيث كل حكومة تدعي الشرعية وفقاً لمبررات تسوقها كل منها، كذلك ظلت ليبيا منذ ذلك الوقت تشهد صراعا بين أجسام تشريعية منتهية الشرعية هي ذاتها المنتجة للحكومات المتنافسة، وتظل تدعي كل منها الشرعية وتطعن في الأخرى.. والمحصلة سلسلة من الحروب العبثية التي ألقت بتبعاتها على كل الأصعدة، وفي ظل هذا التشظي والإنقسام السياسي والمجتمعي، تظهر سطوة المليشيات التي تتغذى على الفوضى، وتتزايد وتتفاقم حدة التدخل والاستقطاب الخارجي سواءا من الدول الإقليمية القريبة أو القوى الكبرى البعيدة أو حتى الفاعلين من غير الدول. نتيجة لكل ذلك يتعطل أو يعلق تطبيق القانون وتنتشر ممارسات إنتهاك حقوق الإنسان، وتبرز سلطات تضاهي سلطة الدولة، وتفقد الدولة القدرة على تقديم الخدمات العامة، وتضعف السلطات الرقابية على الصادرات والواردات، وينشط في ظل هذا الوضع المتاجرين والمهربين من الأفراد والعصابات بشتى صورها، وتتعدد الحوادث المؤسفة: كإنفجار صهريج الوقود في بنت بية وماأدى إليه من مواطنين ضحايا، وتسمم أطفال و موتهم عبر استنشاقهم لمبيد حشري، وبعض الذين قضوا نحبهم نتيجة التسمم في المطاعم، ومايتداول بشأن مادة برومات البوتاسيوم المهربة والمستخدمة في إعداد الخبز والمسببة للسرطان..هذا عدا حالات الخطف والقتل والابتزاز والحرابة والمتاجرة في الهجرة غير الشرعية التي لا تتوقف.

ثانياً: المؤشرات الاقتصادية

من أبرز هذه المؤشرات المتعلقة بالحالة الليبية؛ هو إستمرار تدهور الوضع الاقتصادي الليبي بدرجات تدريجية متفاوتة وحادة، بالإضافة إلى التزايد المطرد في معدلات الفساد وإهدار المال العام، وتزايد حالات محدثي الثراء الفاحش من عناصر الكيانات المدججة بالسلاح والمال، أو أعضاء بعض الأجسام السياسية، أو القياديين في المؤسسات المهمة، والذين هيأت لهم مناصبهم الإقتراب أكثر فأكثر من أجل محاولة النهب من مصادر ومقدرات ليبيا المالية خصوصا، المتمثلة في الأرصدة والاستثمارات وغيرها، والموثقة في عدة تقارير دولية.

ثالثاً: المؤشرات الإجتماعية

من دلائل هذه المؤشرات في ليبيا، هو تصاعد الضغوط الديموغرافية" السكانية"، ويعبر عنها بإرتفاع الكثافة السكانية في المدن الكبرى وخاصة في العاصمة طرابلس وتبعاته الاقتصادية والأمنية والإجتماعية، نتيجة حركة التهجير والنزوح إليها جراء الحرب الأهلية والنزاعات الإجتماعية والظروف الاقتصادية، وكذلك حالات محاولات التغيير الديموغرافي الممنهجة والمريبة،والمتمثلة في وفود أعداد كبيرة من الدول المجاورة وإستيطانهم في ليبيا ومحاولات التمكين لهم عبر أطراف دولية وبالتواطؤ مع عناصر محلية، مستغلين حالة الفوضى العارمة سياسياً وإقتصاديا وأمنيا وإجتماعيا والسيادة المنتهكة.

وبناءا على كل هذه المؤشرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية السالفة الذكر ؛لاغرابة في هذه النتيجة الحتمية والصادمة التي أتى به النائب العام "الصديق أحمد الصور "من إحصائيات مفجعة ؛ حول الألاف من الأرقام الوطنية غير الصحيحة (88الفاو819 ) الذين إستفادوا من نحو 209مليون دينار ليبي، وكذلك تزوير جوازات سفر بأرقام وطنية غير صحيحة بلغت 17472، وكذلك الآلاف الذين تحصلوا على منحة من منظومة الاغراض الشخصية بقيمة تجاوزت 98 مليون دينار وغير مقيدين بمنظومة الأحوال المدنية، وكذلك الآلاف الذين يتقاضون مرتبات بأرقام وطنية مزورة غير مقيدة بمنظومة الأحوال المدنية بلغ عددهم 8690 الخ...

***

د.أبوبكر خليفة أبوبكر

كتاب وأكاديمي ليبي

 

في المثقف اليوم