آراء

ذوي القبعات الزرق هذه الفرضية البائسة.. هل تتحقق في ليبيا؟

ابوبكر خليفة ابوبكرقبل خمس سنوات بادرت بالسؤال دبلوماسي وسياسي ليبي بارز هو أيضاً كان ومازال منخرطا في المشهد السياسي الليبي، وأيضاً على خلفية منصبه المهم في إحدى هذه الحكومات السابقة، وكان سؤالي له : كيف يمكن أن تتصور الحل لهذه المعضلة الليبية المعقدة؟ فتنفس الصعداء ثم أطلق نظرة بعيدة وقال: (يبدو أن الأمر لن ينتهي إلا بوصول ذوي القبعات الزرق لفض الاشتباك، وفرض السلام). وتستدعى قوات حفظ السلام الدولية، التي يمكن التعرف على أفرادها من الخوذ والقبعات الزرقاء التي يعتمرونها، لا فقط لمنع الإقتتال وحماية المدنيين، بل لتكليفها بتنظيم انتخابات محلية، واستعادة سيادة القانون، والخدمة في الخطوط الأمامية في مواجهة المتطرفين العنفيين...

فهاهي طبول الحرب تدق حول العاصمة طرابلس، والكتائب المسلحة التي تتبع الطرفين المتنازعين يتم تحشيدها على قدم وساق، والعجز السياسي يتفاقم، والمجتمع الدولي والقوى الدولية المتورطة في الشأن الليبي تأخذ موقف المتفرج، ونشوة السلطة تعبث بالرؤوس والهوس بالغنائم والمكاسب يداعب الأطماع والنفوس، وإن تزينت نذر ودعوات هذه الحرب بالشعارات الجاذبة والمضللة، فهل نحن ننحدر رويداً رويداً نحو سيناريو فض النزاع بالقوة عن طريق قوات حفظ السلام الدولية (ذوي القبعات الزرق)؟. وكل الأسباب والدواعي لهذا الإجراء متوفرة في الحالة الليبية.

لقد مل الشعب من هذه الحكومات المتعاقبة التي لم تستطع أي منها أن تفرض سلطانها الحقيقي على كامل الأرض الليبية، فكل منها في الغالب كانت في قبضة القوى المتحكمة فعلياً ألا وهي المليشيات المسلحة، حتى أصبحت هذه الحكومات مجرد دمى في قبضة هذه الكيانات المدججة بالمال والسلاح، إلى أن صارت هذه الحروب وكأنها في واقع الأمر حرب بين هذه المليشيات على الغنائم والمقدرات الليبية .. فهل نحن أمام مخطط لجر ليبيا نحو فرضية إرسال قوات حفظ السلام الدولية(ذوي القبعات الزرق) ؟ ام أنها مؤامرة ساهمنا فيها بمافعلناه نحن بأنفسنا، عندما اوغلنا في صراعاتنا ونزاعاتنا ؟... ويمكن رصد المبررات التي قد تدفع لهذه الفرضية البائسة على النحو التالي:

1- إرتهان غالبية السياسيين الليبيين للقوى الدولية المتكالبة والمتورطة في الشأن الليبي، إلا قلة لا تكاد تذكر..

2- عجز النخب السياسية عن التوافق المطلوب لقيادة ليبيا نحو بناء دولة المؤسسات، وتحقيق التداول السلمي، والترتيبات الدستورية اللازمة، وإجراء انتخابات بضمان عدم الإنقلاب على نتائجها،وهاهم يجرون الليبيين معهم في صراعاتهم العبثية من أجل تعزيز مصالحهم الذاتية.

3- عدم نجاح الحكومات المتعاقبة في فرض السلطة على أغلب الأرض الليبية وفشلها في خلق الإجماع حولها، حتى أنها ظلت تختزل في شخوص رؤسائها حكومة فلان وحكومة علان، الأمر الذي يؤدي إلى هشاشة الأوضاع الأمنية، وتردي الخدمات، وإنتهاك السيادة، وتفشي الإرهاب، والجريمة المنظمة، ومخاطر التغيير الديموغرافي.

4- تغول المليشيات المسلحة وزيادة نفوذها المالي والعسكري، وتغلغلها في كافة مؤسسات الدولة، بل وتفشيها حتى في المؤسسات الرياضية والثقافية، الأمر الذي يعني ضياع هيبة الدولة، وسقوطها في بؤرة الفشل والإنهيار.

5- تمكن الفساد المالي والإداري، والذي هو آفة أطاحت بالمنظومة الاقتصادية،ويؤدي إلى العبث بالموارد المالية الاستراتيجية للدولة الليبية، والذي يطال حتى المؤسسات السيادية .

6- العجز عن تأسيس مؤسسة عسكرية وأمنية موحدة، وإن حسنت النوايا،في ظل فوضى السلاح، وتظل كل الإتفاقات بشأن مشاريع توحيد المؤسسة العسكرية مهددة بالفشل،مع تنامي قوة ونفوذ الكيانات المليشاوية المسلحة، التي لا تعترف بالجيش وتسعى جاهدة لوأد مشروع توحيده.

7- ضعف السلطة القضائية، فكم من مرة أصدرت هذه السلطة قرارات مسيسة تحت حراب وبنادق المليشيات، وكم من جرائم ارتكبت في حق الوطن لم يتم الإشارة إليها ولو همسا، وحتى وإن تم التصريح بإنتهاكات جسيمة، كالتي صرح بها النائب العام مؤخراً، يظل السؤال المطروح ؛ ماهي الاجراءات التي ستتبع لتتبع ومحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم؟

***

د. أبوبكر خليفة أبوبكر - كاتب وأكاديمي ليبي

.............................

قوات حفظ السلام: هي قوات يتكون أفرادها من مدنيين وغير مدنيين (جنود، شرطة وضباط عسكريين) يسعون للسلام ومساعدة البلدان الواقعة تحت نيران الصراعات والحروب، تميّزوا بقبعاتهم الزرقاء، هذه القوات عالمية لا بلد لها، ينتمي أفرادها لبلدان عديدة من العالم، قوات حفظ السلام هي واحدة من عمليات الأمم المتحدة، إلا أن مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة هو المسؤول عن إصدار القرار بنشرها من عدمه، من مهام قوات حفظ السلام العمل على تنفيذ اتفاقيات السلام، تعزيز الديموقراطية، نشر الأمن والاستقرار، تعزيز سيادة القانون، العمل على دفع عجلة التنمية والعمل على تحقيق حقوق الإنسان.ظهرت الحاجة وكانت البداية لقوات حفظ السلام في أيام عصر الحرب الباردة. (ويكيبيديا).

في المثقف اليوم