آراء

السياسة والثقوب السوداء

السياسة لا يمكن تصورها بسهولة، كما هناك إجرام لا يمكن تصورها بسهولة، هل "المعنى واحد"؟ قضية تحتاج إلى نظر بعيد المدى ولاسيما في النظرية النسبية والمقولات عن "الاجرام المرشحة "،بطبيعة الحال ان السياسة تحتاج منا إلى ان لانقيس المسافات على ما نرى لان خلف الاكمة ما يجب قوله، الإضاءة تختلف والأصوات كذلك .

كل صوت يحدد لنا الفترة الزمنية لظهوره من الاختفاء، ولكن، الصوت ذاته في كل موسم، قلت أو كثرت الأمطار، هذا بسبب التكرار في زراعة المحصول، علينا أن نقف ! إلا ان الحوار الداخلي يقول لي: " اذا اوقفناه هذا الموسم، ستقف الموازنة ولا حصاد " .....

عندما نصل في موقفنا الآني إلى تصور المرحلة الماضية وماانتجته من طفرة في بعض المفاصل وانسداد في أخرى، هي محاولة لفهم الانسداد الحالي من أكثر من اتجاه .

الواقع يظهر لنا صراعات طويلة وعريضة، والإعلام يظهر لنا تقاربات قريبة وعاجلة، والقوى السياسية ما بين انفراج وتأزم، والشعب جالس في حر الصيف ناظرا إلى السماء، باحثا عن ثقب اسود ! العجب كل العجب، هل ابحث عن ثقب اسود في سماء سوداء ؟ هوضرب من الجنون، لابد من البحث هنا عن ثقب ابيض حتى احقق المنطق بعينه، ولكن بعد التأمل المشوب بالغبار، يجد أن الثقوب السوداء بعيدة لايمكن ايجادها في ظل الغبار، حيرة من نوع آخر.....

قطعا، السياسي مرتاح، لأن الثقوب السوداء لم تعد سوداء، بل تغيرت ألوانها بحسب الحاجة الملحة، والكادر المتغير بالوجوه لا بالإدارة، حيث أصبح الأبيض والأسود سواسية في زمن السياسة المعاصرة، لا بمقولة التقوى، بل بمقولة الادرى، بمصالحه ومايفهمه من انسداد، أو فتح الانسداد وقت ما يريد، لأن أفق الأحداث يترجم لنا التزاحم السياسي وتوهجاته في لحظة الانطلاق والانعتاق.

وهكذا هي رؤية التفويض لحل الإشكالية طوليا بالاتفاق، أو عرضيا بالانفاق، الكل يحتاج إلى الكل، لا للتجزئة حتى لا يعود الانسداد مرة أخرى ويصيبهم مع الشعب بعد ما كانوا في استثناء وكما يقول "ديفيد اندلمان": "رفض الدفع لايجعل الاتفاق لاغٍ أو باطل، لأن السندات والاتفاق لايزال موجودًا" .....

أكثر من ١٩ عاماً والوضع على ماهو عليه، لاتغيير وإن نطقنا، لاتمرير وإن شاركنا، لأن الثقوب السوداء ظهرت على وجه كل شخص منا دون استثناء، لا ينفع عندها العلاج إلا بالابر الأمريكية أو الوغز الصيني، أو طب العرب وجيرانهم شرقا وغربا و بحسب الاتجاه .

***

د. حسنين جابر الحلو

 

في المثقف اليوم