آراء

السياسيون والحول العقلي والعراقيون وثقافة القطيع ودورهما في الأنسداد السياسي

كنا نشرنا مقالا عن (الحول العقلي) المصابة به قيادات سياسية، وآخر عن (ثقافة القطيع) المصابة به الجماهير العراقية المسيسة.

هذه المقالة تهدف الى تحليل ما فعله التفاعل بين (الحول العقلي) و(ثقافة القطيع) على ما اصطلح تسمتيه بـ(الأنسداد السياسي)، ودوركليهما في خلق الأزمات وتعطيل التفكير الباحث عن حلول عملية.. وتقترح حلّا عمليا يفك هذا الأنسداد الذي دخل شهره الحادي عشر.

نعيد التذكير بأن الحول العقلي مصطلح جديد نحتناه نحن ليدخل علم النفس العربي، ويعني تحديدا ان المصاب به يصنّف عالمه الاجتماعي الى مجموعتين: (نحن) و(هم).. يضفي على جماعته (طائفة، قومية...) الصفات الايجابية ويغض الطرف عما فيها من سلبيات، وينسب للجماعة الاخرى الصفات السلبية ويغمض عينه عما فيها من ايجابيات. والمؤذي فيه انه في حالة حصول خلاف أو نـزاع بين جماعته والجماعة الأخرى فإنه يحّمل الجماعة الأخرى مسؤولية ما حدث من أذى أو أضرار ويبرّئ جماعته منها حتى لو كانت شريكاً بنصيب اكبر في أسباب ما حدث.وهو تماما مثل المصاب باحولال العين الذي يرى الواحد اثنين ويصر ويعاند ان ما يراه حقيقة مطلقة، فان السياسي العراقي يرى انه على حق مطلق والآخر على باطل مطلق.

ويفيد التحليل السيكولوجي للفكر السياسي ان العقل السياسي العراقي مصاب بالدوغماتيةDogmatism التي تعني الجمود العقائدي او الانغلاق الفكري الذي يفضي الى التطرف الديني، المذهبي، القومي، او العشائري.ولأن علماء النفس والاجتماع وجدوا ان الدوغماتية هي احد اهم واخطر اسباب الأزمات السياسية والاجتماعية، وانها السبب الرئيس للخلافات السياسية التي غالبا ما تنتهي بحروب، وانها (مرض) خالقي الأزمات من القادة السياسيين، عليه فان قادة العملية السياسية العراقية لن يستطيعوا ان يتحرروا فكريا من معتقدات ثبت خطؤها، ولن يستطيعوا ان يقدموا تنازلات متبادلة توصلهم الى حل يفك (انسدادهم)، بل انهم سيعرضون ملايين الناس الى مزيد من الأذي، فضلا عن انهم اشاعوا التفكير الخرافي بين جماهيرهم واشغلوهم بخلافات الماضي التي اشاعت الكراهية والقتل بدوافع ناجمة عن معتقدات سخيفة، واوصلوا غالبية مؤثرة الى الشعور باليأس من اصلاح الحال.

وكنا اوضحنا ان العراقيين المسيسين مصابون بـ(ثقافة القطيع).. وهذه العقدة او الظاهرة الاجتماعية الخطيرة كان لها دور كبير في تعزيز الحول العقلي لدى السياسيّن و(انسدادهم)، لأن ما تفعله ثقافة القطيع انها تعطّل تفكير الفرد وتجعله يفعل ما يفعله الآخرون من حوله، وينفذ ما يقوله (السيد) او (رئيس الحزب) دون تفكير.. وهذا ما جسدته في (آب – تموز 2022) جماهير التيار الصدري وجماهير الأطار التنسقيي.

الحل

السبب الرئيس في الانسداد السياسي هو ان السيد مقتدى الصدر (قافل) بتعبير العراقيين ضد مرشح ألأطار التنسيقي لرئاسة الحكومة، وخصمه السيد (نوري المالكي) قافل ايضا على ترشيح مرشح الأطار. ولأن الخصمين لا يمكن ان يلتقيا، فان الحل يكون باختيار شخصية عراقية مستقلة ونزيهة وكفوءة تحظى بموافقة الطرفين يقوم بتشكيل حكومة من وزراء مستقلين يمثلون المكونات الاجتماعية تحدد مدتها بين سنة الى سنة ونصف تعمل على اجراء انتخابات نزيهة لأعضاء البرلمان العراقي باشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي لتشكيل حكومة عراقية جديدة تغادر سكة المحاصصة الى سكة بناء دولة مدنية حديثة.. وبدون هذا الحل فان العراق سيكون بين بديلين، اما ان تضطر الأمم المتحده الى وضعه تحت البند السابع، او مجهول يوصله الى خاتمة الكوارث.

***

أ.د.قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

في المثقف اليوم