آراء

كي لا يتحول الحشد الشعبي إلى مليشيا حزبية للإطار التنسيقي

إن مقاومة الاحتلال حق مشروع لجميع الشعوب، فبموجب القانون الوضعي وغير الوضعي، وبموجب القانون الدولي، وتحديدا بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تعترف للشعوب كافة بحقها في المقاومة من أجل الدفاع عن نفسها إذا داهمها العدو بقصد احتلالها...إلخ"، وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3214 حول "تعريف العدوان وحق الشعوب في النضال بجميع الأشكال بما فيها الكفاح المسلح من أجل نيل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير"؛ وطالما وجِدَ جندي أجنبي واحد على أرض العراق، وبالضد من قرار مجلس النواب العراقي -على علاته - والذي طالب بخروج هذه القوات، فليس من حق أحد تجريد العراقيين أفرادا وجماعات من سلاح مقاومتهم لهذا الوجود والهيمنة الأميركية السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاحتلال التركي لبعض المناطق شمالا. أما إذا ارتكب مسلح عراقي يرفع شعار مقاومة الاحتلال، فردا كان أو جماعة، جريمة فساد أو اعتداء مسلح على الشعب فيجب أن يفضح هذا المعتدي ويُقاطَع ويُقدَم للقضاء الوطني المستقل إنْ وجد. هذا أولا.

* ثانيا، إن محاولة زج قوة عسكرية دستورية هي "الحشد الشعبي" الرسمي، والمقصود هنا ما تبقى من الحشد الأصلي، وليس "حشد العتبات/ حشد المرجعية" الذي انبثق منه وانفصل عنه، ولا الفصائل المسلحة التي تتحرك في ظله ودمجت أجزاء منها في كيانه؛ أقول أما زج الحشد في الصراعات المليشياوية والحزبية بين أحزاب النظام وخصومها وفي سجالاتها ومسرحياتها الإعلامية، وهي المحاولة التي يقودها فالح الفياض صاحب شعار "هدف الحشد الشعبي حماية العملية السياسية في العراق"، حيث زجوا مؤخرا بالحشد في حملة اعتقالات زعموا أنها ضد منظمات حزب البعث المحظور، فهي محاولة مثيرة للقلق لأنها ستتكرر كما يبدو وستحول الحشد إلى إحدى المليشيات الحزبية الخاضعة للإطار التنسيقي وسيختلف دوره وتكوينه، ولن يعود كما كان موضع احترام وتقدير الوطنيين والاستقلاليين الذي مجدوا بطولاته في حرب القضاء على عصابات داعش. أما المسؤولون عن تشويه وتخريب صورة ومضمون الحشد هم قيادته المفروضة فرضا عليه وفي مقدمتهم فالح الفياض وهو قيادي حزبي وسياسي لا تنطبق عليه شروط الاستقلال والحياد الحزبي لقيادة جزء من المنظومة العسكرية العراقية الرسمية.

*وبخصوص البعث المحظور فقد حوَّلت أحزاب ومليشيات نظام المحاصصة الطائفية والعرقية هذا الحزب وحتى عصابات داعش المهزومة إلى بعبع أو جني يُطْلَق من القمقم عند الحاجة وخصوصا في مناسبات معينية كالانتخابات أو خلال أزمات الحكم المتوالية لاستثارة وتجييش قاعدتها وحاضنتها المجتمعية. ومن المثير للسخرية أن الحملة الأخيرة التي زجوا بها بالحشد الشعبي انتهت باعتقال مجموعة من الناس، بينهم الشيخ الطاعن في السن والمريض والكفيف والمحامي المستقل والمؤيد لانتفاضة تشرين. لنقرأ هذه الفقرة من تقرير صحافي ذكر من المعتقلين هذه الشخصيات: "المحامي منعم مليوخ العابدي، وهو رجل كبير عمره 85 سنة، ولا يقدر أن يكون جزءاً من نشاطات مشبوهة. أما الشيخ عادل وحيد البديري، فهو وجه اجتماعي واحد شيوخ عشائر آل بدير ورئيس عشيرة آل بو سعد، وهي عشيرة عريقة وهو وجه اجتماعي معروف، والمعتقل الرابع هو زعيم عشيرة مرمض، ويسمى "الشيخ الدكتور إقبال دوحان وهو رجل مريض ولم يمض وقت طويل على إجرائه عمليتين جراحيتين والرجل أعمى لا يمكنه الإبصار"/ صفحة ألترا عراق".

*لقد حاول فالح الفياض ومجموعته في قيادة الحشد الشعبي الزج بالحشد في اشتباكات ليلة الاثنين الدامي ضد أنصار التيار الصدري، ويبدو أنهم فشلوا بسبب رفض مقاتلي قواعد الحشد المشاركة في الاقتتال كما قال الصدر نفسه لاحقا، وهاهم اليوم يستعملون الحشد في حملة اعتقالات عشوائية هي من اختصاص الشرطة وجهاز المخابرات، يبدو أن منظمات البعث الحقيقية ستكون مأمن منها بسبب ما تمخضت عنه هذه الحملة من نتائج بائسة، وبهذا فإنهم يسيرون على طريق عسكرة المجتمع العراقي وتحويل الحشد إلى مليشيا للإطار التنسيقي ويخرجونه عن المهمة التي قام ووجد من أجلها وهي الدفاع عن الشعب والوطن وخصوصا ضد الاحتلالين الأميركي والتركي وليس عن عميلة سياسية طائفية جاء بها الاحتلال الأميركي! إن القيادات التي تقيد أيادي الحشد الشعبي وتمنعه من مواجهة المحتلين الأجانب وتحاول الزج به في المشاكل والصراعات السياسية والأمنية بين أحزاب النظام أو ضد بعبع البعث المحظور المبالَغ بحجمه وقوته بل والذي يستمد قوته من فضائح الفساد واخطاء الأحزاب الحاكمة، إنما يتلاعبون بتضحيات الحشد الشعبي ويتاجرون باسمه ودماء مقاتليه ويشوهون سمعته بقصد أو بدونه!

***

علاء اللامي

.....................

* رابط يحيل إلى التقرير الإخباري الكامل:

https://ultrairaq.ultrasawt.com/%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84-%D9%83%D9%81%D9%8A%D9%81-%D9%88%D9%85%D8%B3%D9%86-%D9%88%D8%A3%D9%83%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%8A-%D9%85%D8%A7-%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B4%D8%AF-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B9%D8%AB%D9%8A%D8%A9%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9

في المثقف اليوم