آراء

الغابات لتحييد الكربون في السياحة

تغطي الغابات نحو (30 %) من مساحة اليابسة على سطح كرتنا الأرضية مقابل (60 %) قبل عدة الاف من السنوات، علما (10 – 15) في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم مرتبط بإزالة وتدهور الغابات وفقا للمصادر العلمية. وعلى المستوى الوطني تسببت إزالة وتدهور وتقليص مساحة الغابات في (لام دونغ) في فيتنام من (700،363) هكتار إلى (565،317) هكتار في انبعاث ما مجموعه (57) مليون طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون. ويعرف عن الغابات أيضا بأنها جزء حيوي ومهم من دورة الكربون في الطبيعة، وينظر إليها على أنها (مستودعان) أو (مغاسل) أو (معازل) أو (مصائد) للكربون إلى جانب المحيطات ونظم الأرض.، وذلك لدورها الكبير في امتصاص وخزن وتحييد وتوازن غاز ثاني أكسيد الكربون. وهو الأخطر بين أنواع غازات الاحتباس الحراري، وقد ازداد تركيزه في الغلاف الجوي من (280) جزء من المليون إلى (390) جزء. وتعتبر الغابات الاستوائية أكبر مستودع للكربون على وجه المعمورة، لامتصاصها وخزنها (15 %) من غاز ثاني أكسيد الكربون الناجم عن مختلف الأنشطة البشرية، وبما يعادل (1،3) مليار طن سنويا. ولو أخذنا الغابات في الولايات المتحدة الامريكية على سبيل المثال لوجدنا أنها تمتص وتخزن سنويا من (10) إلى (20) في المائة من الانبعاثات الكربونية الناجمة عن حرق الوقود الاحفوري في البلاد بأنواعه. وعليه يتم التعامل مع الغابات كأدوات مثالية لتحييد الكربون في السياحة والسفر. وذلك بالعمل على الاستخدام المستدام للموارد البيئية والثقافية التي تزخر بها، والتشجيع على نشوء وتطوير أنماط السياحة المستدامة فيها من جهة، مثل السياحة الايكولوجية والسياحة الايكوثقافية وسياحة تصوير الطيور والفراشات الملونة وسياحة مراقبة ومشاهدة الحيوانات البرية. وقيام أصحاب المشاريع السياحية والسياح بدعم وتعضيد مشاريع المحافظة على الغابات وتوسيعها، وترميم وإعادة تشجير المتضررة منها من جهة ثانية. ويتم ذلك بشراء أرصدة الكربون المتوفرة في السوق الطوعية للائتمان الكربوني من قبل أصحاب المشاريع، أو قيام السياح طوعا بدفع رسوم معينة، تستخدم في إنشاء وتطوير المشاريع المعنية بتوازن وتعويض ومعادلة الانبعاثات الكربونية في بعض الدول التي تفتقر إلى هكذا مشاريع. ومنها مشاريع توسيع الغابات وإعادة استزراع المتضررة منها لأسباب عديدة، وبطرق مختلفة، كالازالة والتجريف والحرائق الطبيعية. مثل مشروع محمية (تامبوباتا) الوطنية في حوض الامازون ومنتزه (باهواجا – سونين) الوطني في جنوب شرق بيرو بمساحة (573،299) هكتار من الغابات المطيرة الزاخرة بأنواع النباتات والطيور والثديات والزواحف والأسماك والفراشات والتنوع الحيوي والنظم الايكولوجية المتميزة. وذلك بهدف حماية ما تبقى من الموائل الطبيعية الحرجية، وتنشيط النظم البيئية، وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة المتأتية من الازالة العشوائية والمفرطة للغابات من خلال قطع الأشجار وحرقها، وبمقدار (454،827) طن متري تقريبا من مكافىء ثاني أكسيد الكربون سنويا، أي أكثر من (4،5) مليون طن من مكافىء ثاني أكسيد الكربون خلال عشر سنوات تنتهي في 2020. أما كوستاريكا فقد أعلنت حكومتها في عام 2007 عن خطتها لجعل البلاد محايدة الكربون بحلول عام 2021 من خلال العناية بالغابات التي تشغل مساحة (2،605،000) هكتار وبنسبة (51) من المساحة الكلية للبلاد بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، علما بلغت انبعاثات الغازات الدفيئة فيها عام 2002 نحو (5،8) مليون طن متري، وذلك باتباع جملة من الإجراءات. ومنها فرض ضريبة طوعية على الشركات السياحية والسياح أنفسهم لتعويض الكربون، وتستخدم إيراداتها لتنمية وتطوير الحدائق الوطنية والمحميات البيولوجية وموائل الحياة البرية لدورها الريادي البين في تحقيق هذا الحياد الذي بات مطلوبا وعلى نحو ملح. وأيضا مشروع حماية وتنمية الغابات في وادي (ييدا) على طول بحيرة (اياسي) في تنزانيا الذي أطلق في عام 2012 بهدف امتصاص وتخزين نحو (130000) طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا. ومشروع حماية الغابات في مقاطعة (اتشيه) في اندونيسيا الذي طورته شركة (كوبون كونسيرفاتيوم) الألمانية، ويهدف إلى حفظ وحماية مساحة (750000) هكتار من الغابات من انبعاثات الكربون وعلى مدى (30) سنة.                      

***

بنيامين يوخنا دانيال

......................                                                   

* للمزيد من الاطلاع ينظر (السياحة منخفضة الكربون: مقالات وبيبليوغرافيا) للباحث، مطبعة بيشوا، أربيل – العراق 2017.                                                  

 

في المثقف اليوم