آراء

هل ان السوق العراقية مكتملة الشروط.. كسوق حرة؟

بمناسبة النقاش الدائر حول سعر الصرف

منذ بداية عملية التدهور المتسلسل في سعر صرف الدينار العراقي، ونحن نلاحظ ظهور العديد من المقالات والتحليلات من قبل عدد من المختصين المحترمين وهم يحاولون تفسير اسباب الظاهرة وتقديم اقتراحات ومعالجات.

الذي لفت نظري ان هذه الكتابات تتحدث عن مفهوم السوق الحرة في العراق وضرورة اتباع السياسات التي تتلائم مع طبيعة تلك السوق المفترضة.

البعض دعى الى احترام قانون العرض والطلب فيما يتعلق بالعملات الاجنبية، والبعض دعى الى اتباع سياسات نقدية اكثر ملائمة، وآخرين قالوا ان السوق يمكن ان يعدّل اوضاعه ذاتياً الخ....

آخرين قاربوا الموضوع بشكل اكثر واقعية عندما قالوا ان السماح بتدفق الاستيرادات من دولة مجاورة وهي ايران وبشكل شرعي وقانوني ولكن مع عدم السماح بتدفق قيمة تلك الاستيرادات بالعملة الصعبة الى ايران، هو سبب المشكلة.

وضع الاقتصاد العراقي خاص واستثنائي، وهو حالة غير محسومة بين رأسمالية الدولة وهيمنة الحكومة وبين سوق ناشئة غير مكتملة الاركان ولاتستطيع قوانين السوق الحرة النظرية ان تعمل فيها ...

 القوانين الاقتصادية لاتستطيع ان تعمل بحرية لانها يجب ان " تُرضي" اكثر من جهة واكثر من فكر واكثر من اجندة واكثر من ضغط واكثر من توجه، الخ ....

النتيجة، انه يتعذر الحديث عن سوق حرة وقوانينها..

والدليل على صحة ماتقدم، ان الحكومة عندما رفعت سعر صرف الدينار مقابل الدولار بقرار حكومي، اضطرت أيضاً الى استخدام الاجهزة الامنية للحد من التلاعب والمضاربات بالدولار .

يعني ان الادوات الاقتصادية الصرفة لاتكفي ويجب استخدام ادوات أخرى!! وهذا غير موجود في اقتصادات الاسواق الحرة مما ينفي صفة الاقتصاد الحر عن الاقتصاد العراقي..

لا اتوقع ان يساعد ذلك الاجراء الحكومي على تخفيض سعر الصرف بشكل دائمي او ان يساعد على سيادة سعر صرف واحد واختفاء السعر الموازي.

السبب هو ان الطلب على الدولار نقداً لايمكن التكهن به او تقدير حجمه لان وراءه قوى شبحية (كما اسماها الدكتور مهدي البناي في مقالته حول الموضوع قبل ايام).

من الذي يطلب الدولار؟ وكم يطلب؟ ومن هي الجهات المستفيدة؟ وكم تبلغ كمية الدنانير العراقية الجاهزة للاستبدال؟؟

انها ليست قوى اقتصادية بالضرورة، بل هنالك حكايات عن مؤامرات دولية واقليمية وغيرها، ولانعرف مدى صحتها او حجمها..

الحل المرحلي هو تجميد عمل مكاتب الصرافة وحصر تمويل الاستيرادات بالمصارف الحكومية او الاهلية المعتمدة، بدلاً عن مطاردتهم وملاحقتهم امنياً.

والاعتماد على قوائم الاستيرادات الاصولية المدققة لغرض تحويل مبالغ الاستيرادات. وبالتالي لاداعي لشكوى التجار من ارتفاع سعر الصرف لانهم يستطيعون الحصول على مايحتاجونه بالسعر الرسمي.

بعض التجار يفضلون التعامل مع مكاتب الصيرفة لتمويل استيراداتهم لكي لايضطروا للتعامل مع الجهاز الضريبي لتسوية ذممهم المالية كشرط للحصول على حق التحويل لغرض الاستيراد، والذي يقولون انه يعرضهم للابتزاز وتأخير المعاملات.

وهذا يعتبر سبباً وجيهاً لتركيز الحكومة على تطهير وتنظيم الجهاز الضريبي (إن استطاعت)..

الطلب الشخصي على الدولار لاغراض السفر او العلاج يمكن ان يتم تلبيته من خلال البنوك بعد ابراز مايثبت ذلك.

مايتسرب من مبالغ بسيطة متبقية لدى العائدين من السفر لن تشكل مبالغ اجمالية ذات اهمية ويمكن اهمالها.

(ولكن ذلك الحل المرحلي يستحيل تطبيقه من قبل الحكومة لاسباب عديدة).

لايمكن للحكومة الاستمرار في طرح الدولارات نقداً لاشباع الطلب النقدي على الدولار لانها لاتعرف كم هو حجم ذلك الطلب !!

كذلك فأن الولايات المتحدة تراقب الوضع وسوف توقف او تحد من المبالغ المسموح بارسالها الى العراق بالدولار..

المسألة ليست عراقية صرفة والحكومة والبنك المركزي ليست لها السيطرة الكاملة على المتغيرات.

***

د. صلاح حزام

في المثقف اليوم