آراء

إرفعوا عقوبات عن سوريا لتخففوا معاناة الناس

بقلم: شاندرا مظفر

ترجمة: نجوى فوزي السودة

 ***

شددت حركة العدل الدولية على حكومات أمريكا، وبريطانيا، وأستراليا، وكندا، وسويسرا، وبعض دول الإتحاد الأوروبي، وبعض الدول العربية الموالية أن العقوبات اللاأخلاقية وغير العادلة على سوريا لكي تقلل من المعاناة الشديدة التي يكابدها السوريون من جراء زلزال ال6 من فبراير 2023.

ناشدتها كذلك عدد من الجمعيات من بينها جمعية الصليب الاحمر السورية. شارك في ذلك على المستوى الدولي أيضا أفراد وجماعات ومعهد هيلجا زيب لاروش، مطالبين أن ترفع العقوبات عن سوريا. وفي تقرير نقلا عن الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي أنهم قد أوقفوا عقوباتهم مؤقتا. إلا أن هؤلاء المناشدين يرون أن هذا ليس كافيا لأن هذا يعني أنهم في مقدورهم أن يعيدوا فرض العقوبات في أي وقت.

إذا ما ألغوا العقوبة فعليه أن تكون فورية وإلغائها على كل شئ لأنه ليس هناك مبررات لهم في المقام الأول.

إن الولايات المتحدة بدأت في إستهداف سوريا عام 1979 بوضعها في قائمة الدول التي تمول الإرهاب. كان السبب الرئيسي وراء ذلك أن الرئيس السوري حينئذ حافظ الأسد منح المجاهدين حرية السعي إلى تحرير فلسطين، ومرتفعات الجولان والمناطق العربية الأخري التي تحتلها إسرائيل. إن هذا دليل دامغ على مدى النفوذ الذي تمارسه إسرائيل والصهيونية على السياسة الخارجية للولايات المتحدة في غرب آسيا وشمال أفريقيا.

زادت حدة العقوبات في الفترة ما بين مارس إلى أغسطس2004 وأرجعوا ذلك إلى إدعاءات جديدة كاذبة تزعم تدخل سوريا في العراق ولبنان اللتين تتصادمان مع إسرائيل. ومن ذلك الحين، وعلاقة الحكومة السورية مع حماس بفلسطين وحزب الله بلبنان وعلاقتها الأخوية مع إيران هو لب السبب في الكراهية التي تكنها الولايات المتحدة الأمريكية لدولة تأخذ قرارها بعقل حازم.

ليس هناك ما يدعو إلى أن نُذكر، أن مصالح إسرائيل كانت جلية في كل المواقف التي إتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية.

أيا كان، وفقط وبعد ما أُطلق عليه تمويها الربيع العربي2011 قامت الولايات المتحدة العدوانية بالتخطيط للإطاحة بالحكومة السورية برئاسة بشار الأسد، وساندها في مخططها بعض الدول الأوربية الحليفة لهاوبعض أصدقائها في دول غرب آسيا وشمال أفريقيا، ولَدَ سلسلة متكاملة من العقوبات الجديدة من موانع السفر وتجميد الأصول وموانع التصدير وفرض القيود على قطاع البترول. إنضم الإتحاد الأوروبي للولايات المتحدةفي مقاطعة قطاع البترول. يدر قطاع البترول 20% من دخلها القومي. وطبقا للإحصائيات فإن سوريا ومن عام 2011 قد خسرت 107 بليون دولار من عائداتها من البترول والغاز.

كما أن بعض الدول العربية جمدت أصولها كما فعلت تركيا في عام 2011. بيد أن ما من قرار من هذه القرارات كان له تأثيره القاسي على الإقتصاد السوري أو الدولة لأن إعتقال الجماعات الإرهابية الموالية لحكومات، وجماعات عرقية أو إرهابيين يمدونهم بالعتاد في المنطقة، يتضمن ذلك منتجات البترول والقمح والقطن. تُعرَف كل هذه الجماعات باسم بالجبهة السورية الديمقراطية التي يتزعمها الأكراد الذين يعيشون في حالة نزاع طويل المدى مع الحكومة السورية والتركية بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية. كان للزلزال وقعا بالغ الأثر على الأكراد الذين يحتلون أجزاءا من شمال غرب سوريا. يترأس الرئيس بشار الأسد هذه الدولة المنشقة والمُفتتة. إنها دولة يصل تعدادها 3مليون و15 نسمة من بين تعداد سكان يصل إلى 21مليون و3 نسمة هم في أمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية. لقد سعت الولايات المتحدة وحليفاتها إلى إضعاف قوة وسلطة بشار كما قد رأينا عن طريق عدم قدرته على السيطرة على الموارد الحيوية لسوريا وإعجاز سوريا بفرض العقوبات عليها.

يتضح لنا الآن أن حكومته صارت غير قادرة على أن تستجيب سريعا وبصورة فعالة لكارثة الزلزال التي وقعت في 11 من فبراير قُتِل فيها على الأقل 3 مليونا و500 من السوريين. هذا العدد أقل بكثير جدا من وفيات الأطفال والنساء والرجال الذين هلكوا وتجاوزا عددهم 22مليونا و300ألفا، في دولة تركيا جارة سوريا. إن المأساة السورية تتطلب إستجابة سريعة تتعدى عمليات الإنقاذ أو العمليات الجراحية وإلا كان كل هذا عبثا. إن حجم المأساة جسيم وصار أكثر تعقيدا بعد فروض العقوبة عليها والذي لا يعرقل فقط إجراء عمليات جراحية في مثل هذه العمليات لعدم وجود الأساسيات الضرورية مع وصول عدد لاحد له ممن في أمس الحاجة لكنه كذلك يحول إعادة التأهيل للعمل لا على المدى القريب ولا البعيد. لهذه الأسباب فإن فرض العقوبة ينبغي على الفور أن يُرفع عن سوريا. ولهذا السبب فإن على الشعوب والحكومات أن يناشدوا ذلك.

إن الصراع الدائر بين الجماعات المتناحرة التي تتمتع بالأغلبية المُسلحة ينبغي أن يوضع لها حدا على وجه السرعة إن كان ذلك ممكنا. إن الأمر ليس جدا يسيرا. نأمل ُ أن يدفع هذا الوبال العظيم البعض من الممثلين الرئيسيين في هذه الصراعات أن يكون لها رد فعل يعكس مدى شدة البلاء الذي قد أحل بسوريا –وألم لُجي لملايين من البشر على كلا الجانبين من الحدود السورية التركية. عليهم أن يبادروا بإنهاء الصراعات والقتل الدائر على طول الحدود وفي الأجزاء الأخرى من سوريا إذا كان هناك أي معنى للمعاناة التي يكابدونها. وفي هذا الصدد، نحث الأمم المتحدة أن تناشد وأن يكون لها تأثير فعليا على كل الأطراف المتحاربة أن تلتزم بوقف إطلاق النار حتى تصل المساعدات الإنسانية ويتلقاها ضحايا الزلزال.

لدينا بريق من الأمل. لقد صرح الرئيس التركي، أردوغان، أنه على إستعداد أن يلتقي مع الرئيس السوري، بشار الأسد، ليناقشا أوجه الخلاف في وجهات النظر وأن يضعا حلولا لها. دعونا نتحلى بالأمل وأن نبتهل إلى الله أن يسعى كلا منهما للقاء –لقاء ينجم عنه حلولا تتقبلها الأطراف وتحل النزاعات. لو أن الزعيمين اللذين كانا بينهما صداقة حميمة في وقت من الأوقات، قام بينهما سلام، فإن فرصة الوصول إلى خطى ثابتة ممكنة.

***

14/2/2023

 

في المثقف اليوم