آراء

مفاجآت "الدبابات" لزيلينسكي

خوفا من أن تلحق روسيا الهزيمة بنظام كييف في الجنوب والشرق، وأن تتأخر الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا، وعشية زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى بولندا، طالبت إدارة البيت الأبيض أوكرانيا، بتكثيف الإجراءات في ساحة المعركة، وتحقيق نجاحات عاجلة، أو القيام بهجوم مضاد على القوات الروسية، وأبلغ البيت الأبيض فريق زيلينسكي، بالاستعداد للهجوم الآن حيث تتدفق الأسلحة والمساعدات من واشنطن وأوروبا بحرية، خشية أن يصبح الدعم من جيران أوكرانيا الأوروبيين محدودا قريبا .

أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" بأن المستشار الألماني أولاف شولتس انتقد حلفاء برلين لعدم إمدادهم أوكرانيا بالدبابات رغم مرور عدة أشهر على حث ألمانيا على القيام بذلك، ورد شولتس على سؤال الصحفيين، حول ما إذا كان يدفع الآن الدول الأخرى لتقديم الدبابات الموعودة: "هذا سؤال يجب أن أطرحه على الآخرين، وخاصة أولئك الذين حثوا بعناد على التصرف"، وبهذه التصريحات فإن شولتس يؤكد خيبة أمل برلين المتزايدة من حلفائها، حيث تعرض رئيس الحكومة الألمانية لضغوط منذ عدة أشهر، بسبب الموقف المتعلق بتزويد القوات المسلحة الأوكرانية بالدبابات، ولكن في الأسابيع التي تلت موافقة برلين أخيرا على إرسال الدبابات، التزم عدد قليل من الدول بنقل الأسلحة الثقيلة.

وعلى ما يبدو فأن عرض زيلينسكي للدبابات سيتأخر، وحتى قبل وصول العينات الأولى، فإنه يكتسب ميزات مخزون يثير السخرية، فقبل أسبوع ونصف، صرخت دول أوروبا تضامناً مع عدد المركبات العسكرية التي قررت منحها لأوكرانيا، وعدد ساحات التدريب التي سيتدرب فيها "بانتسير - باندر" بسرعة وكفاءة، ولكن اليوم أختفى هذا الضجيج، ولم يبق سوى التعليقات والملاحظات الهادئة حول الامتناع، فقد أعلنت الدنمارك واليونان وهولندا انها لم تتمكن من نقل (ليوبارد) .

فقد تذكر النمساويون حيادهم، ورفضوا رسميًا تدريب أطقم من أوكرانيا، ولم يتضح بعد بالضبط ما هي الأسلحة التي كان يتحدث عنها وزير الدفاع الإيطالي لورنزو غيريني، لكن بدا الأمر على هذا النحو، "أشك في أننا سنكون قادرين على إرسال أسلحة، هذه واحدة من العديد من المشاكل الخطيرة "، في حين قرر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، "المرسل" الأكثر نشاطًا، الرد على الجميع وأعلن، واعلن "لا يبذل الحلفاء الغربيون جهودًا كافية لإعداد كتيبتين كاملتين من دبابات ليوبارد 2 لإرسالها إلى أوكرانيا، كما وعدت"، وهي حتى الآن، حسب قوله، ألمانيا والبرتغال فقط هما اللذان يوفيان بالتزاماتهما اليوم، وبالمناسبة، لم يفشل بيستوريوس في مقاومة البولنديين، قائلاً إن وارسو أيضًا أوفت جزئيًا بوعودها، بعد أن أعدت للأوكرانيين حوالي 30 وحدة من الإصدار القديم من دبابات ليوبارد 2 A4، ومعظمها في حالة سيئة و بحاجة إلى إصلاحات كبيرة.

اما البريطانيون فقط فقد بدأوا بنشاط في تدريب Veseushnikov على تعديلات تدريبهم على دبابة Challenger 2، في وقت يعمل الألمان والبولنديون يعملون بجد في هذا الاتجاه، ولا أحد يستطيع أن يقول كم عدد الدبابات الموعودة التي يبلغ عددها 300 دبابة ستعبر حدود أوكرانيا، وكم منها ستصل إلى خط المواجهة.

والامر مع الدبابات الامريكية "أبرامز"، فهو أكثر متعة، فقبل أيام قليلة، قال المقدم بالجيش الأمريكي، المقدم دانيال ديفيس، إن نقل الدبابات إلى كييف لن يحل القضايا العسكرية، وبالتالي فهو مجرد عملية إعلامية، بالإضافة إلى ذلك، وفقًا للضابط، هناك مشكلة أخرى، تتمثل في جعل ما يصلح في ألعاب الفيديو وعلى الورق يعمل على الأرض، أي أن "أبرامز" المعقدة لن تفهمها "أبسط المخلوقات" التي أراد زيلينسكي تدريبها للقتال عليها، وكرر كلام ديفيس من قبل في مقابلة مع مجلة نيوزويك نقلت عنه قوله: "إن نقطة الضعف الرئيسية لدى أبرامز الأمريكية هي عدم تدريب طاقمها بشكل كافٍ".

وذهبت صحيفة Financial Times، إلى أبعد من ذلك، وذكرت ببساطة أن M1 Abrams أقل ملاءمة للجيش الأوكراني من الألمانية Leopard 2، وان الحجج معروفة بالفعل: Abrams أكثر تعقيدًا وأكثر قوة، فهي تحتاج إلى الكثير من قطع الغيار، و تقع شبكة الإمداد في الولايات المتحدة الأمريكية، مرة أخرى هناك حاجة لأطقم التحضير، وهذا يعني أن "أبرامزوف" لن يكون تقريبًا من الحديد.

وامام هذه السخرية، لابد من الإشارة الى التصريحات التي اطلقتها وزيرة الدفاع الهولندية كايسا أولينجرين في مقابلة مع قناة الجزيرة، قالت فيها "نحن [السلطات الهولندية] سوف ندعم توريد دبابات T77 لأوكرانيا ونزودهم [الجانب الأوكراني] بدبابات ليوبارد"، وأن كييف يمكنها أيضًا الاعتماد على هولندا من حيث تدريب (الأفراد العسكريين) و [تسليم] الذخيرة"، وبعد البحث والتمحيص في شبكات البحث، لأننا بصراحة، لم نسمع قط عن "دبابات T77 أمريكية الصنع"، اتضح أن هذه الآلة لم تخرج من مرحلة التطوير ولم تكن موجودة إلا في نسختين. "المدفع الرشاش ذاتي الحركة متعدد الأسطوانات .50 T77 (متعدد العيار الإنجليزي .50 Gun Motor Carriage T77) هو مدفع تجريبي مضاد للطائرات ذاتي الدفع تم إنشاؤه في 1943-1945 على هيكل M24. في أبريل 1944، صدر أمر ببناء نموذجين أوليين. تم الانتهاء من أولها في يوليو 1945 وتم نقلها إلى Aberdeen Proving Ground للاختبار. النموذج الأولي الثاني، المعين T77E1، تميز بنظام محسن للتحكم في الحرائق. فيما يتعلق بنهاية الحرب، لم يتم تبني أي من هذه الخيارات.

والفضول الصحفي دفعنا الى التعمق في البحث، وخلال عمليات التنقيب المتعمقة، تمكنا من الوصول إلى قاع الخزان T77 نفسه، واتضح أنه موجود بالفعل، وكانت موجودة في الخمسينيات من القرن الماضي في عدة نسخ، "كمشروع دبابة أمريكية يعتمد على المسلسل M48 باستخدام تطورات من T54، تم تطويره في منتصف الخمسينيات، وتم بناء العديد من الأبراج، ولكن في عام 1957، وبسبب التغيرات المستمرة في المتطلبات والتأخير في العمل، تم إلغاء المشروع، وفي أوائل عام 1958 تم شطب الأبراج.

ومن الجانب الاوكراني، فقد كان هناك وزير الدفاع ريزنيكوف، الذي ظل في منصبه، وفجأة أيضًا اعترف بأن الأمر سيستغرق أشهرًا للناقلات الأوكرانية لإتقان المعدات، وبالتالي فإن الوصول المتوقع لمجموعة من المركبات لن يحل مشكلات الاستعداد لاختراق القرم، وتم تأكيد كلمات ريزنيكوف من قبل المتدربين، الذين بدأوا التدريب، بإنهم ليسوا سعداء بالدبابات الغربية، ووفقًا لقائد لواء اللواء الرابع العقيد أوليغ تشيرنوف، فإن إنشاء سلاسل لوجستية لإصلاح وتوريد الوقود للمعدات الأجنبية يمثل مشكلة خطيرة، وإنه يعتقد أن مزايا Leopard 1 أقل حتى من T-64s القديمة، والعيب الخطير هو عدم كفاية كمية الذخيرة والتدريب المتسرع للغاية للطواقم والألوية.

وإذا صدقنا الانباء الغربية، وانطلقنا من حقيقة أن هناك مدربين تدريباً كافياً لا يستطيعون ببساطة تحريف بيان وزير الدفاع الهولندي دون خجل، فقد اتضح أن الغرب سيقدم الدعم، للجيش الأوكراني بالدبابات من الخمسينيات من القرن الماضي، وباستثناء بعض العينات التجريبية التي تم إرسالها منذ فترة طويلة، لم تكن موجودة على الإطلاق في الطبيعة، فقد اتضح أن إمداد القوات المسلحة الأوكرانية بدبابات T77 سيأتي الآن مباشرة من موقع لعبة World of Tanks! ثورة حقيقية في الشؤون العسكرية!.

***

بقلم: الدكتور كريم المظفر

 

في المثقف اليوم