آراء

دولة الاسلام.. وأزمة السلطة.. اين الحقيقة؟

ان أزمة المجتمع العربي الاسلامي بالامس واليوم هي: أزمة أخلاقية تاريخية اساسها التزوير والتناقض بين الايمان ونقيضه في التطبيق، الذي مارسته الأغلبية من نخب السلطة وامعاتها حين حسبناهم مقدسين، من مضللي التاريخ وسارقيه الذين لا يستطيعون الافصاح والأعتراف بأنهم ابتعدوا عن نظرية التأسيس القرآني لحكم المجتمع القائمة على المَثل الأعلى والنموذج والتطبيق خوفا من السيف المسلط على الرقاب وطمعا في السلطة والمال،حتى حسبوه ديناً للتقاليد، كما ينقله لنا التاريخ الوهمي لهم.. لكن الحقيقة تقول انه كان ديناً يملك مشروعا له منطلقات وتوجهات وقسمات يرفض التقليد والتزوير.. وهي بكل تأكيد لو طبقت حسب ما جاء في النص المقدس لاحدثت التغير الجذري في المجتمع العربي والعالمي على مستوى النظر والعمل معاً.. وعلى مستوى الرؤية التاريخية بما هم فيه يعتقدون.

وحين فشلت نظرية منا امير ومنكم امير- بعد وفاة صاحب الدعوة - على طريقة حكم العراقيين الفاشل اليوم.بالامس كانت التجربة المحمدية في قمتها الروحية فسرعان ما تم تطويق هذه الفرقة وعادوا للمؤاخاة.. فمن يعود بالتجربة اليوم والحاكم يمتثل للاعداء الاخرين، ولا يؤمن بدين التوحيد العظيم.

لذا منذ البداية لم يعترفوا بنظرية تكوين الدولة على اساس النص المقدس ووثيقة المدينة اساس الحقوق والقانون.. بل كان الأعتراف على اساس الدولة"أنا" فكانت أنتكاسة الدين والدولة معاً نحو الضعف والتشويه.. ولا زالت.. حتى اصبح الدين اليوم ليس الاسلام المحمدي بل دين الفقهاء.. دين المذاهب الباطلة المخترعة من زعماء البويهيين والسلجوقيين من اصحاب التقاليد.. نطالب وبقوة تغيير المناهج المدرسية من اجل الحقيقة لا التقليد.

من هنا ظهرت المعارضة العربية الواعية صاحبة قوانين مجلس الملأ الرصين منذ البداية تطالب بتطبيق نظرية الشورى التي من اجلها دخلوا الاسلام رغبة لا ترهيب، فالعرب لم يكونوا من الجاهليين كما قرأناهم في برامجنا التعليمية الباطلة، بدليل النص القرآني الذي يقول:"كنتم خير أمة اخرجت للناس" فالنص ما جاء من فراغ بل من صدقية حقيقة الواقع العربي الأصيل.. وها هي مناهجنا المدرسية التي حولت كل صحيح الى باطل مدروس من الفرس والاترك المعادين لأمة العرب.. لكن المتنفذين عَدوا المطالبين بالحقوق مرتدين على النظرية، وليسوا مطالبين بتطبيقها فكان السيف والعصبية القبلية هما البديل. ومنذ ذلك الزمن البعيد بدأت نظرية التصفية لمن يعترض ويخالف لقتل الحقوق والمطالبين والى اليوم.. بألأمس قتل المعارض مالك بن نويرة التميمي وهو مسلم وأستبيحت زوجته.. واليوم قتل العلامة المفكر هشام الهاشمي ولا تحقيق.

اما الرؤية التاريخية للمشروع الاسلامي المتمثل بالمعايير التي تحدد مسار تفاعلات العلاقات على المستوى الواقعي من جهة، والاطار المرجعي المتمثل بما شرع من الدين منذ البداية المنتهي باختتام النبوة وتحويل السلطة الى المسلمين جاءت ليحكموا بقوة العقل والقانون بعد ان صار الدين حرا مختارا لمن يعتقد ويريد وليس اجبارا للمعترضين (لكم دينكم ولي دين) وقوله تعالى: (اعدلوا ولو كان ذي قربى) قوانين لم نقرئها في كل حضارات السنين.. والعقل دوما يعرف بفعاله في التطبيق.. لذا طالبت العامة "لا سيف ولاعصبية قبلية" بل لحكم الشورى بين المسلمين.. هنا أصطدمت نظرية الدولة المزيفة مع نظرية الأمة المطلوبة "هذه أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فأعبدون".. من هنا بدأ ت السلطة الغاشمة بالتصفيات والانحراف الكبير.

 نعم.. لقد أشاعت السلطة البارحة واليوم عملية التحريف في كل ما هو جليل ودقيق دونما مسئولية من ضمير حين تم تحريف تفسير النص وأبتداع الحديث وحين تلقف المؤرخ والفقيه نظرية التزوير لخدمة الخليفة الاموي والعباسي حتى "اصبح كل الفاسدين امراء للمؤمنين. وما دروا ان الوعي الفكري والاجتماعي.. هو الذي يصنع الثورة التي تحقق اهداف التغيير وليس خليفة المواخير.. فمن أين نأتي بالاسلام الصحيح بعد.. من مجلس حكم الخائنين،ام من نظريات احزاب الفساد والطائفية والجنس، والكل من التابعين رافع سيفه يحارب المخلصين حتى تحول الدين والمجتمع الى ضنين لكل التابعين..

أفهم أخي المخلص أن الحكام الطغاة واعوانهم وغيرهم من الفاسدين في حكم الدولة مهمتهم ان يجعلوك فقيرا بلا وعي لتبقى تهرول من ورائهم من اجل المواعين.. وشيوخ الطاغية من فقهاء التخريف في الدولة (مرجعيات الدين) أن تقتصر مهمتهم ان يجعلوأ وعيك غائباً ملتصقا بالغيبيات والماورائيات والأدعية واستحداث المزارات الوهمية والزيارات.. وهم يعلمون ان الموتى لا رجاء منهم في التغيير، لتبقى انت خارج الفكر التنويري دون احساس بفكر المتنورين.والنهاية واحدة هي الجهل والموت البطيء.. كما هي مجتمعاتنا العربية والاسلامية وعراقنا المظلوم منهم اليوم.فلا حل الا بفصل الدين عن سياسة الطغاة الكاذبين.

اخي المواطن.. من هو الذي يرفع الغمة عن الحقيقة، غير انت الذي تحدد قيمة نفسك في مجتمع المتنورين، فلا تصغر من شأنها حين ترى فخامة وهيبة الاخرين.. فالطاغية الباطل بالون اجوف جاء بقوة السيف والخنوع للمغيرين،لا بقوة الوعي الانساني الكبير، ورجل الدين الفاشل عمامة فارغة أحبكت بدبوس جاءت من الوهم اللامعقول تساندهم بعض اقلام المنافقين الذين هم اقدر على التبرير. فلا تقف مكتوف الايدي والفكر تجاه عدوك الطاغية.. هؤلاء هم رجال بلا أوزان.. وسيبقون كذلك لانهم لايؤمنون بعدل ولا وطن ولادين فلا تحترمهم او تسمعهم انهم اعداء حرية الانسان والدين،وبدون الحرية فلا حضارة ولا تقدم ولانهوض.اعلم اخي القارىء لو كانت القيمة المادية تقاس بالاوزان لكانت الصخور اغلى من الماس في التثمين.

ان غباء الساسة السابقين والحاليين وطمعهم في السلطة والمال والجنس جعلهم لايدركون حقوق الشعوب وبَلاء الاستبداد في الوجود.. لكن الحقيقة تقول ان لا وجود ولا سلطة مالم تكن هناك سلطة مدركة لزارع يزرع وصانع يصنع وتاجر يشتري ويبيع وطبيب يداوي ومهندس يُعمر ومعلم يُعلم وقاضٍ يَحكم بين الناس بالعدل وسلطة تراقب وتنفذ القانون.. "فأين لنا منها اليوم"بعد ان اصبح الوطن مشاعا للقاتلين. كل هذا كان وما زال مفقودا في دولة الاسلام ودولتنا اليوم بالذات.ان اصرار الشعوب على الحقوق دون وجل هي التي تعلم الحاكم تجارب التاريخ، لذا فان ثورة تشرين العراقية العظيمة مثلاً هي التي جعلتهم يفكرون الف مرة قبل ان يستمروا بظلم الاخرين، ولازالوا رغم السيف وتبريرات رجال الدين مبهورين خائفين.. لذا سيبقى المواطن هو الذي يصنع التاريخ لا الطاغية الكريه القبيح الذي يعتقد انه هو سيد المجتمع والتاريخ.. لذا على المؤرخ ان يكون ضمير الامة وعقلها الباطن وهو بقلمه يُوجه ويُعلم المخلصين.

على المجتمع حفاظا على الحقوق ان لا يسمح لطبقة الساسة التي تعودت على حكم الناس بالباطل ان تتوارث الحكم عن طريق الاحزاب الباطلة والكتل الطامعة بكل جدبد،فلا توارث ولا كتل تحكم بالدين بل بالعدل والقانون.. وهي بلا ذمة ولا ضمير تستمد القوة من الاجنبي المساند لها والكاره للوطن كل تقدم وتجديد.من هنا سيصل الشعب الى طريق التجربة والعمل لمعاني الديمقراطية والحرية والتعاون والمساواة والعدالة.. وهذه القيم تأتي عن طريق المعاناة والاصرار على الحقوق لا عن سبيل المواعظ والعبر وراي مرجعيات الدين البائسة الجالسة على الحصير والأبناء في لندن وباريس يمتلكون الثروة والقصور وهم بالدين والمذهب يتحججون بها وهي ليس لها من حق في التعيين.. وتلك هي معاناة مجتمع الحقوق من وجهة نظر التاريخ.

الشيوعية مثلاً ترى يجب وفرة الاحتياج لكل شخص دون ان يتكل على احد هي بهذا تهدف الى تحقيق مجتمع سلام بلا طبقات، وهذا ما هدف اليه دستور المسلمين (وثيقة المدينة) المغيب عندهم منذ التأسيس

لكن الفرق ان الشيوعية كذبت فالواقع اثبت انها عكس العقيدة والتجريد وان بعض قادة الشيوعية كانت تدعوا للتخريب والتدمير وعدم الابقاء على شيء قائم وهو ما يعرف بنظرية العدمية واصحابها الذين يرون في تطبيقها ضرورة لبناء عالم أفضل.. وقد مات صاحب النظرية (نيتشسايف) في السجن من قبل اعدائه مخلفا ثمرة تجربته الى لينين وتروتسكي وغيرهما من قادة الثورة الروسية عام 1917 بعد ذلك.. لكنهم خابوا وفشلوا في التحقيق.. بعد ان كانوا يجهلون سنن الحياة التي تقول:ان الذي لا يتقدم يتأخر من تلقاء نفسه ويغرق ويموت.. والتقدم لا يعني صناعة البندقية والتدمير.. بل يعني الحقوق والقانون وهم فاقديها.. والا لماذا الاعتداء على الاخرين كما في أوكرانيا اليوم وفلسطين.. وهذاما حل بدولة الاسلام بعد ان حكمها المجرمون من زنادقة التاريخ.. واعتدوا على حضارات الاخرين بأسم الفتوح الكاذبة والفتح لا يبرر التدمير.

ومع تصور هذه الظاهرة بالضارة والعدمية.. لكن الانسان دوما له عقل يتصرف به،وبهذا العقل يستطيع التغلب على الظروف غير المواتية بدلا من الرضوخ لها وتركها تشكله كيف شاءت.. ولهذا بقي الانسان على هيئته وخصائصه رغم وعيه الكبير فترة طويلة دون ان يمس التغيير جوهره الحقيقي في التطبيق.. ولكن.. كان تقصيره في اتباع المنهجية العلمية في التطبيق وهذا ما افتقدناه عند المسلمين؟

حكامنا من العراقيين الحاليين الذين باعوا الوطن مقابل المال والسلطة والجنس خيانة للاخرين دون تفكير.لكن اذا نودي للصلاة تجد الف خنزير منهم يهرول خلف المؤذن ضحكا على الذقون، وكلها لا طعم ولا رائحة عندهم في التطبيق.. المهم المال والسطة والجنس بما ملكت ايمانهم صاغرين.. فهل معقولة ان الله اباح الاعتداء على النفس والمرأة وهو الذي امر بمحاربة الزنى ان يجعل.. ما ملكت ايمانهم دون حسيب ورقيب.. لا اعتقد فان الله منزه عن الكبائر ولا يحب المعتدين.. لكن التفاسير القرآنية في غالبيتها جاءت تحابي السلطة لا الدين.

.. على المسلمين ان يفهموا ان الايمان بانسانية الانسان يتضارب مع السيف والفساد والاحتكار وقتل المطالبين بالحقوق.لذا عليهم ان يعترفوا ان احتكارهم للسلطة اليوم وفتوحاتهم للبلدان الاخرى بالأمس كانت غزوات معتدية وليست أوامردين.. ولازال الحاكم المسلم هو هو دون تغيير.. فهل من العدم يحصل في المجتمع التغيير.. ؟

ولا زال اصحاب الفكر الديني.. يرون ان الحياة الكريمة تتمثل في يوم القيامة لتحقيق العدالة الاجتماعية.. تصور وهمي باهت فيوم القيامة يمثل عدالة التطبيق، ولم يكن مبني على اللاحقيقة التي يطرحها الفقيه.. مجرد تصور لاهوتي قديم.لذا فهم يلجئون للقوة لتحقيقه مدعين ان الله اوحى لهم التحقيق.. كما في غزوات المسلمين للاقطار الاخرى في التاريخ وكل الحروب العبثية التي اشعلوها نتيجة انعدام الوعي والتفكير.. كما من يعتقد بظهور السيد المسيح والامام المهدي المنتظراللذان سوف ينتجان الجنس البشري الخالي من العيوب.. ويقولون بعد ظهورهما لن يكون في الحياة الدنيا خير وشر ولا مشكلات ولا حاجة لابتكارات جديدة في المجتمعات في المسيحية هو المتكفل في رد الخطيئة، وعند المسلمين المهدي الذي سيحقق عدالة القانون.. ولا ندري وهم في السلطة لا يحققون.. هنا كمايعتقد بعض المؤرخين تظهرالمدينة الفاضلة التي تتمثل فيها العدالة المطلقة وانتهاء الاستهتار الانساني.. الكبير لكنهم واهمين.. فالوهم والخيال لاينتج حقيقة.. فالحقيقة لا ينتجها الا القانون كما في المجتمعات الانسانية اليوم التي حققت عدالة القانون.. وهاهم الهاربون من الجحيم يستظلون بظلها اليوم شهداء للتاريخ.

انا شخصيا لست كارها للدين أو رافضاً له، لكنني أرى انه السمو الاخلاقي والفكري لا حاجة له لرجال أوصياء عليه وبفلسفتهم الطوبائية المبنية على النفعية لهم والتمييز بينهم وبين الاخرين يطبقون أخلاقية الدين، ولا ادري من خولهم بهذا الامتياز الذي يتمثل فيه التفريق.. والله خلق الانسان من نفس واحدة دون تفريق.هؤلاء الذين حولوه الى نظرية عدمية ليس لها في الحقيقة من اصل.. وبقدر ما ارى ان وجود دولة دينية عقبة كآداء في سبيل تحقيق الوحدة الوطنية وتقدم وتطور القانون.. "كون ان النص الديني ثابت والقانون متطور".هنا تلغى التطورية التاريخية.هؤلاء مثلهم كمثل من يعتقد ان وجود مرتزقة في الجيش لكي لا يمكن السلطة السياسية من بناء جيش وطن مخلص قوي يدافع عن الوطن في الشدة كما نحن اليوم في التطبيق.. من اجل استمر السلطة والمال بايديهم كما هم حكام العراق اليوم. لذا هم يعيشون في مأزق الخطأ المستمر..

ونحن نقول لهم:كونوا فكرا دءوبا صادقاً ستفتحون به عصرا جديدا.. ان الذي يرضي الحياة ويطورها لصاح مجتمع التاريخ.. ليست الفلسفة التأملية التي يطرحها أصحابها وهماً.. بل الفلسفة الواقعية.. التي تمنح الانسان القوة بحيث يستطيع ان يوقف الظلم ويرد السلطة عن هواها اذا ارادته،ولكن اين نحن اليوم من اعداء علم الفلسفة الذي حولوه الى عقيدة التفريق.، وهنا تكسب السلطة في الاولى عدمية خبرة التحقيق.. وفي الثانية احترام النفس والوطن اجمعين.

وعلى هذا الاساس ينشأ الوعي الخلقي الذي يبتعد عن التفريق كما هم اليوم يفرقون كما في مسلسلي معاوية وابو لؤلؤءة المجوسي الكريهين الذي بهما يريدون الموت للشعوب بالتفرقة الدينية والطائفية المقيتة المخترعة منهم ليبقوا يحكمون.. قاتلهم الله انا يؤفكون.. لا..  بالوعي الفكري والخلقي نتقدم ونقهر المستحيل.. وهذا ما حدث عند الحكومات التي يسمونها (بالكافرة اليوم) التي تحترم شعوبها ونفسها دون تفريق.. فمتى نصل لهذا الادراك الكبير.. 

ليست الحقيقة امام عيني لأراها.. لكني ارى فيها كل ما ارى.. نعم كل ما ارى.

***

د.عبد الجبار العبيدي

في المثقف اليوم