قضايا

الانسان بين اسرار التقدم العلمي وتراجع التعايش السلمي

akeel alabodكنا نسمع في السابق انه في العام (2000)وما يليه، سيخترع الانسان جهازا يوفر له اي معلومة يريد، كما كنا نسمع ونشاهد صورا واختراعات تشير الى التقدم العلمي والتكنولوجي، وكذلك فيما يتعلق بموضوع اكتشاف العلاجات الخاصة بالأمراض الخطيرة كالسرطان مثلا، ما يجعلنا فرحين ومندهشين من القدرات العقلية للوجود البشري، وإمكانياتها القابلة للغور في أعماق هذا العالم والوقوف على أسراره العجيبة.

كذلك كنا نسمع عن الفضاء وأخبار الكواكب، يوم كان جهاز التلفاز يعرض ألوانه بالأسود والأبيض، ايام الاستاذ (كامل الدباغ) وبرنامجه العلم للجميع.

اخبار وموضوعات مهمة في ميدان العلم والتكنولوجيا، ما جعلها لان تكون حافزا لأصحاب المهارات والكفاءات العلمية من الطلبة والمتخصصين، لذلك بقيت إنجازاتهم شاخصة بآثارها ضمن مساحات المعارض العلمية التي كانت ترعاها وزارة التربية في باب البحث العلمي آنذاك.

هنا ونظرا لأهمية تلك الاختراعات والابتكارات ولعدم توزع أذهاننا في قضايا التاريخ والصراع العربي وموضوعات الحكومات وتغييرها، اوالأوطان وديموغرافياتها الجغرافية والعرقية، نسينا مسالة التعايش بين الامم ومستقبله، فلم نكن نعطي لذلك اهتماما بقدر اهتماماتنا بالعلم والعلماء؛ نسينا مصيرنا المجهول.

وبيت القصيد هنا هو كيف تم تحويل اهتمام الانسان وتطلعه من العلم، الى العنف والقتل؛ كيف تراجع هذا العقل الذي كان ديدنه اكتشاف اسرار الكون لغرض البناء والإعمار، الى عقل استهوته ألاعيب السياسة، ليكون هشا ضئيلا لا يعرف الا مساحة اسمها العدوان.

والمفارقة، لقد تحقق ما سمعناه وما كنا نصبو اليه ايام برنامج العلم للجميع، فالكل هذه الأيام يمتلك الحاسوب وجهاز الهاتف النقال، ناهيك عن تطور مجالات الطب والعلوم المتنوعة.

بيد انه وبقدر هذه المساحة الهائلة من التقدم العلمي، تراجع ما اسميه التقدم السلمي بين الدول وسياساتها، والشعوب ومكوناتها، ولم نسمع عن تقدم أساليب التعايش.

كنا فقط نسمع عن سياسة التعايش بين دول حلف وارشو والأطلسي.

اليوم بعد ان غزتنا لغة الحروب ودواماتها المخيفة، تم استبدال آلية ما كنا نصبو اليه، بمفخخات ما يسمى بجيش داعش وما هو على شاكلته، بحيث انتشرت ظاهرة السرايا المخيفة وما يسمى بالفضائل الاسلامية على قدم وساق، واتسعت آلة الموت.

في السابق كنا نسمع فقط عن طاغوت بينوشيت وهولاكو وهتلر وغيرهم، اما اليوم فقد امتدت واتسعت طاغوتية الحرب، ليتراجع اهتمام الانسان بالعلم، فالعالم مكبل بديناميت ما تصنعه تلك التي ولدت من رحم ذلك الطاغوت، لتنذر ان هنالك خطرا يكاد ان بكون اكبر مما يحيط بنا وباوطاننا، بل وبكل ما ننتمي اليه.

والمعنى انه تم استبدال مسارات البحث العلمي بنزاعات استنزاف العقل البشري واحتوائه، فبدلا من التفاخر بقيامنا للمعلم والعلم باعتبارهما المنارة التي بهما تبنى الحضارات ، انقلب التفاخر بفعل النكرات الى الامتثال لما يسمى (بأمير المجاهدين)، وهكذا اختلت معادلة الحياة.  

في المثقف اليوم