قضايا

دعوة لإخراج القرآن من خلف القضبان

akeel alabodعلى ضوء الإنجاز الكبير الذي سجله الاستاذ الباحث ماجد الغرباوي والأستاذة الأديبة ماجدة غضبان (المراة والقران)، هذه دعوة لدراسة وتعلم القران.

في السابق ابان مرحلة الدراسة الابتدائية نهاية الستينات، كنا ندرس العربية والدين معا على اعتبارهما مادة واحدة، نتعلم من خلالها قواعد النحو والإنشاء، اضافة الى تفسير معاني الكلمات غير المألوفة التداول حتى بالنسبة الى لغتنا الفصيحة.

أنداك وبالارتباط مع مادة الادب كانت تشدنا اليها لغة الشعر والنثر والمقامة، وبعض ما يرتبط بمعلقات العصر الجاهلي رغم صعوبة الإدراك.

ذلك يسهل علينا قراءة وحفظ قصائد اخرى على نمط شعر حافظ ابراهيم وايليا ابو ماضي وبدر شاكر السياب والمتنبي وهكذا. لذلك تعلمنا من المعلم اكثر مما تعلمناه من المدرس، باعتبار ان نطام التعليم في المدارس الابتدائية كما بدا، كان اكثر نضجا ورصانة وشمولا في المادة المذكورة عن المدارس الثانوية.

ورغم ذلك لم نكن نعرف عن مادة التربية الدينية شيئا يتعلق بعلم البلاغة والبديع وما تختص به ثقافة المادة المكتوبة بها لغة القران، كان من الصعب علينا ان ندرك حقيقة الصلة بين اللفظ والمعنى ومخارج الحروف وصفاتها وقواعد التجويد.

ما عرفناه من درس الدين هو قضيتي الجنة والنار والمؤمنين والكافربن، إضافة الى معرفتنا القاصرة باستخدام القران لأغراض الماتم، ولو ان الموتى أنداك كان عددهم محدودا ًوضئيلا، بحيث اننا كنا نخاف حتى من ذكر القبر والتابوت والحزن ودفن الأموات.

فلم نكن نسمع عن أموات على نمط مجزرة سبايكر مثلا او ضحايا مفخخات (خارطة الربيع العربي) التي جاءت إلينا بأثواب غانية استطاعت ان تملا الارض عهرا وفجورا.

لقد بقيت مادة التربية الدينية محدودة الاستيعاب في اغراصها وأدواتها الحسية والعقلية حتى بالنسبة لمدرس اللغة العربية أنداك، بحيث ان الغالبية كانوا يتصرفون مع القران اوالآيات القرانية على انها خاصة بصنف معين من الناس، وهذا بدوره خلف أجيالا كسيحة وقاصرة وجاهلة ليس في مجال فن الخطابة فحسب، بل حتى في باب القراءة والكتابة.

فالكثير لا يعرف عن قواعد القراءة الصحيحة الخاصة بالحرف القراني، ولا يعرف أيضاً هذا الذي يتعلق بدراسة حروف المعاني والمباني وقضايا الخبر والإنشاء.

ومن المثير للجدل ان القائمين على تدريس اللغة العربية آنذاك لم يتعلموا اوبتواصلوا مع لغة القران ولم يحفظوا منه الا ربما سورة الحمد وبعض قصار السور كسورة الكوثر والإخلاص، باعتبار وبحسب اعتقاد أكثرهم انه خارج عن دائرة أفكارهم.  

لذلك كنا وما زلنا ننظر الى النص القراني على انه لغة الفتوى وان المصحف له جمهور يجب ان ينأى بثقافته بعيدا عن الشارع، وانه لا يجوز مسك كتاب الله الا اثناء الصلاة وان ترتل السور والآيات فقط في المحافل والمناسبات كشهر رمضان مثلا.

وليس بالضرورة ايضا ان يكون مدرس الدين هو نفسه مدرس مادة اللغة العربية، وهذا هو الخطأ الذي لا زال شائعا في ثقافتنا الحالية، وهو ذات الخطأ الذي ال الى فصل المادتين، اقصد العربية والدين عن بعضهما؛

فاغتربت هويتنا العربية قبل ان تغترب ثقافتنا الدينية، حتى تناسينا اواغفلنا اوتجاهلنا اوجهلنا قوله تعالى (انا أنزلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون).

اليوم الكثير من المثقفين لم يستعملوا ايات القران الا لأغراض المحاججة والمناقشة بين الأديان، رغم ان ما ورد فيه يعالج مواضيعا تكاد ان تكون اكثر مساحة من غيرها من العلوم في العلم والأخلاق والبلاغة.

فالقران علم وتخصص دقيق يدرس في جامعات الغرب بدقة، لم نكن نحن العرب نفهم أهميتها. خاصة بعد ان تأكسدت الصورة العلمية والمعرفية الحقيقية لهذا العلم بفعل اكلة العصر المعفر بدماء الامم والشعوب.

ولو راجعنا الإرث الشامخ الذي خلفه العظماء والعلماء الأبرار في جميع أبواب الادب والمنطق والفلسفة والطب والتراث، لوجدنا ان هنالك صلة وثيقة بين نصوص القران ونصوص الادب العربي الفصيح، ولأدركنا ايضا كنه القران وأسراره التي لم يطلع عليها أويتعلم بعض كنوزها الا اصحاب حظ عظيم.

 

للاطلاع

المرأة والقرآن .. حوار في اشكاليات التشريع

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم