قضايا

الجالية العراقية الاسلامية ومفردات البناء الفكري الانساني

salam alsamawiلعلنا لانجانب الحقيقة اذا ما قلنا بان المسار الفكري الذي يتخذه الانسان نهجا في حياته ومصدرا لصياغة رؤيته الكونية يتدخل بشكل مباشر في توليد منحى حياته ويساهم في بلورة سلوكه الاجتماعي، ولذا نرى ان من اهم مقومات الشخصية الاسلامية المتوازنة التي تظافرت كل القيم الاخلاقية لبنائها هو الفكر السليم والعقيدة المستقرة .

واذا ما وجدت محاولات تحاول ان تحرف البشرية عن مسارها الفطري المتطلع الى الخير والفضيلة والقيم الانسانية المثلى فان هذه المحاولات تركز في او ماتركز عليه، على زلزلة البناء الفكري للانسان وثنيه بعدم الشروع في صيانة كيانه العقائدي بشكل مستمر وبهذا يسهل النفوذ اليه وتشويه الصورة الحقيقية الفطرية المغروسة في نفسه وابعاده عن المثل الانسانية الرفيعة التي نادت بها ديانات السماء كافة

من هنا باتت تطلع على المسلمين بين الفينة والاخرى افكار مغرضة هدفها تمزيق وحدة المسلمين واضعاف كلمتهم

وقد تتذرع هذه الاصوات بذريعة المحافظة على التقاليد الاسلامية الموروثة وضرورة الابقاء على ماكان عليه السلف الصالح من موازين متسترة تحت العنوان، كما تتذرع اصوات اخرى بالحداثة وضرورة مواكبة الزمن وايجاد بدائل جديدة للافكار الدينية القائمة .

فالدعوات الاولى تحاول التاثير على بعض الجهلة والمتخلفين في المجتمع وتجعلهم في واجهة المواجهة .

والدعوات الاخرى تحاول التركيز على الطبقة التي تدعي الثقافة والتحصيل العلمي وتجعلهم وقود معركتها ضد الاسلام .

وبين هذا وذاك يحتاج الفرد المسلم الملتزم بمبادئه الحقة الى نوع من الثبات الفكري والاستقرار العقائدي الذي يجعله متمكنا من معرفة موضع قدميه في هذا الطريق الصعب .

هذا الامر اصبح لزاما على الجالية لان تمارس مسؤولياتها الفكرية على صعيد اغناء هذا الجانب الحيوي في حياة الجالية الاسلامية التي تعيش في صراعات حقيقية في المغتربات في قبالة افكار منحرفة متطرفة داعية الى انسلاخ الانسان من انسانيته .

فالدعوة لتاسيس ندوات فكرية عقائدية دورية مستمرة تبحث اهم الموضوعات التي تقع مثارا للجدل ومحلا للبحث والاختلاف من قبل مجموعة ممن يرى في نفسه قابلية التحقق العلمي في واحد من هذه الشؤون المتنوعة، ثم يقوم بعد عملية التحقيق بتدوين نقاط البحث وطرحها في جلسات الندوة على المشاركين لكي تتم بعد ذلك عملية تقويم للبحث ومناقشة جميع اطرافه وجزئياته في حالة وجود ضرورة الى مثل هذا النقاش .

ويمكن بيان اهم بعض الايجابيات التي تحصل من تشكيل هذه الندوات المفتوحة ضمن النقاط التالية :

1) ان كل واحد منا بحاجة ماسة الى بناء فكري وعقائدي مستقر وسليم وهذا يدعونا الى البحث والنظر والاستدلال على مختلف امور العقيدة الاسلامية وشتى جوانب الفكر الانساني . ولذلك ان مثل هذه الندوات وبما انها مفتوحة للجميع تسعى لان توفر المناخ الملائم لمثل هذه الرؤى والابحاث، الامر الذي يجعل الانسان يوسع من افاق معرفته ويوطد يقينه بالمعارف الالهية ويشيع كماله الذاتي في هذا الاتجاه .

2) ان البحث الذي يقدمه الشخص المحاضر في مثل تلك الندوات علاوة على كونه مفيدا لصاحب البحث بشكل مباشر باعتبار انه سوف يشبع بحثه دراسة وتحليلا ويطلع على جميع تفاصيله، فانه سوف يكون مفيدا لجميع المشاركين في الندوة اذ انهم سوف يقطفون ثمار هذا البحث ايضا ويكونوا فكرة عامة عنه ولو بصورة اجمالية .

3) ان هناك تكليفا على كل انسان في ان يدافع عن مبادئ دينه وعقيدته من خلال الحكمة والموعظة الحسنة والمنطق السليم والفكرة الصائبة التي تحافظ على كرامة وصيانة الانسان والمجادلة بالتي هي احسن، ولاشك في ان ذلك يحتاج من الانسان الى تهيؤ واستعداد ولايكون ذلك الا من خلال سلاح الفكر الذي هو امضى سلاح في هذه المنازلة وهو اجدر وسيلة يحملها الفرد المسلم في هذ الميدان، وتشخيص حاملي النظرة الواحدة والعزلة والفكر الضيق المبتعد عن الخلق الانساني، وتضييق الحصار عليهم، ولذا فان من المفروض ان يتحمل الجميع هذه المسؤولية بجدارة ويحاولوا التهيؤ لهذه المنازلة من خلال تحقيق النفس اولا والدفاع عن العقيدة ثانيا .

4) وبعد قطع شوط زمني مناسب في هذا المجال اي اقامة الندوات والحوارات الفكرية سوف يلاحظ وجود مجموعة كبيرة من الابحاث العلمية قد مثلت بين الايدي في مختلف جوانب الفكر الاسلامي ولاشك في المردود الايجابي الكبير لمثل هذه الثروة العلمية المهمة .

5) بناءا على ان جو الندوة والحوار يعطي المستمع دورا ايجابيا في الحوار والنقاش حول مختلف جوانب الموضوع والسؤال عن اي غموض او ابهام يكتنف البحث والمحاولة الحثيثة للاضافة والتكميل وايصال البحث الى مستوى النضج ... فان ذلك سوف يخلق بعدا اضافيا لاهداف هذه الندوة او تلك لتكون احدى مفردات البرنامج العملي الفكري المنشود لاجل بناء الانسان المثقف الواعي ليكون سدا منيعا ضد التيارات المنحرفة الخاوية من اية عقائد انسانية مضرة وساعية لهدم كل ما من شانه ان يضع الانسان في مكانه السامي الذي وجد لاجله ...

 

سلام البهية السماوي – ملبورن

 

 

في المثقف اليوم