قضايا

التابوهات وقلم الأديب

لا تخرج رسالة الأديب عن كونها صورة مجتمعية يحاول الأديب فيها الإحاطة بجوانب عديدة قد تشمل النواحي السياسية والاجتماعية والأيديولوجية والعقائدية الدينية الموجودة ... بما يخدم قضية معينة هي المقصودة تحديدا ... أظن أن التابو الجنسي قد تم اختراقه منذ أزمان، وأعجب ممن يعاودون الغوص فيه، محاولين اعتباره القضية الرئيسية والشاغلة لكل المجتمع وما عداه من قضايا جسيمة هي نتاج له ..

أظن أن 1500 سنة حديث في الأدب عن الجنس كافية جدا لاستهلاك الموضوع وفهمه تمام الفهم ... لا أدعو لإغفاله تماما، لكن الإشارة تكفي.. المجلات المتخصصة بهذا الموضوع اظنها أكثر رواجا من نص أدبي يعرض لها، لمن ابتغاها .

بالنسبة لأي تأبو آخر، سياسي أو ديني، أرى أن الأديب ان أراد الكتابة بهما فعليه أن يكون عميق الفهم فيهما، لن أبالغ إن قلت: عليه أن يكون متخصصا !

كم من أديب يسيء للدين دون أن يدري ..يجهله اعمدته الأساسية وفهمه القاصر لها ...

مثلا الكاتب الذي يعتنق المسيحية أو اليهودية أو حتى الإلحاد، عندما يريد الخوض فيما يراه مظاهر سلبية في مجتمع إسلامي، هل حاول قبلها معرفة تعاليم الإسلام ؟ والأمر معكوس أيضا، إن تحدثنا عن كاتب يكتب عن مذاهب وطوائف في الدين الواحد هل حاول أن يتعرف على هذه المذاهب ؟

أظن لا ... لذلك أرى أن مهمة الكاتب الإشارة إلى ذلك تحت الإطار الإجتماعي، لا الإطار المعرفي الشخصي القطعي ...

التابو السياسي ... لا زال تابو .. لا يغفر لمن كتب به حتى تلميحا .. لكن في ضوء التغيرات المتسارعة ربما كثر التلميح ضمن إطار اجتماعي وإنساني ...

لا يكتب به جهارا إلا من أعطي أمانا أو طلب منه ذلك لاصطياد من يؤيده.. وإلا فهو يلقي بنفسه إلى التهلكة ..

لماذا لا يبحر الأديب في فضاءات أدبه متخذا قضية أساسية إجتماعية محورا أساسيا في بناء قصه الأدبي مستعينا بالجو العام أن كان سياسي أو عقائدي كأدوات مساعدة وبطريقة إيحائية وليست اختراقية، المتلقي لا يعدم الذكاء لفهمها ؟

أوافق الروائية سلوى بكر فيما ذهبت إليه من أن الاصطدام بالمحرمات غير ذي فائدة، وأزيد عليها بأننا غير مؤهلين لذلك لأننا غير مختصين، ولن نكون منصفين، والنص سيخرج عن كونه نصا أدبيا ..بل سيكون نصا صحفيا يبتغي فيه صاحبه (خبطة صحفية) تلفت النظر إليه تحديدا، من دون أن يقدم قضية ورؤية مفيدة للقارئ والمجتمع ما يخرجه عن رسالته الأصلية .

هي رؤية أحاول فيها رسم صورة الأديب دون إفراط أو تفريط، حتى لا يحمل نفسه فوق ما يستطيع معتبرا ذلك واجبا، فيشطط عن الصواب، ويسيء، وإساءة الكاتب خطيرة جدا.

تحياتي.

 

د. عبير خالد يحيي

 

في المثقف اليوم