قضايا

السيارات وحوادث الطرق

اصبحت السيارة لكثير من الناس ليست واسطة نقل فحسب ولكن شكل من اشكال الرفاهية والمظهرالاجتماعي وخصوصا اذا كانت حديثة ومن الانواع الغالية ومن سيارات الدفع الرباعي التي تستحوذ على عقول الناس في الوقت الحاضر . والسيارة تمثل حاليا عمود الاقتصاديات الحديثة للدول وواسطة النقل الرئيسية والكثير من العوائل تمتلك اكثر من سيارة خصوصا في الدول الغنية ولا يكاد يخلو بيت منها في العراق مهما كانت حالته الاقتصادية فكثير من الشباب في العراق يؤخر زواجه وجميع مشاريعه حتى يستطيع شراء السيارة التي يعتبرها الكثير منهم حلمه الاول .

مرت السيارة بمراحل من التطور منذ ظهورها ولحد الآن وحدث تطور كبير على محركها وشكلها وهيكلها ومختلف اجزائها والمواد المعدنية واللدائنية المستخدمة في صناعتها وانواع الوقود المستخدم في تشغيلها من زيت الغاز الى البنزين الى الغاز الى السيارات الكهربائية التي يتجه العالم المتقدم لتكون هي سيارة المستقبل لكونها صديقة للبيئة .

ومع ظهور السيارة في العالم المتقدم ظهرت معها مشاكل ناتجة عن استخدامها وهي حوادث السيارات والطرق ,فالسيارة كما هي واسطة نقل رائعة وجميلة هي واسطة قتل وأعاقة وضرر على الناس من سائقين الى مشاة.تحتاج السياقة الى مهارة وتدريب وتركيزوقدرات سمعية وبصرية وسرعة تحكم وحكمة واخلاق لا تتوفر جميعها عند كثير من السائقين .ويتجه العالم الى توفير سيارات ذاتية الحركة وتتبنى بعض الشركات هذه المشاريع وتدعي بأن ذلك كفيل للحد من الكثير من المشاكل الحالية وعلى رأسها حوادث السيارات.

تحدث حوادث الطرق لأسباب تتعلق بالطريق او السائق او السيارة او المشاة او الظروف الاخرى المؤثرة كالمناخ .فعلى الجانب الاول وهو الطريق تبدأ الاسباب من حسن تخطيط الطرق وتصميمها الى ادامتها والى مايسمى تأثيث الطريق من خلال وضع الخطوط وتلوين الارصفة ووضع الاشارات المرورية التي ترشد مستخدمي الطرق ,كما أن الاضاءة الجيدة على الطرق خلال الليل الى اساليب التعامل مع الظروف المناخية المختلفة على الطرق كمنع تجمع مياه الامطار ومنع الانزلاق ,كل ذلك في حالة عدم توفره قد يؤدي الى وقوع الحوادث.

اما السائق فهو كأنسان يحتاج الى تدريب على السياقة واستخدام الطريق واكتساب مهارات السياقة في مختلف الظروف والاجواء ومعرفة كيفية مواجهة الحالات الطارئة كانفجار الاطار او العطل المفاجيء او الظروف المناخية كالامطار وهذا يعتمد على عمره وحالته الصحية ولياقته البدنية وتدريبه وخبرته ويجب فحص السائقين صحيا واجراء اختبارات السياقة وعدم منحهم رخصة السياقة الا بعد التاكد من اكتسابهم المهارات اللازمة والتاكد من قدرتهم على السياقة الامينة لحمايتهم وحماية الاخرين من مخاطر السياقة المتهورة. وللاسف يصادفني حاليا الكثير من السائقين الذين لاتتوفر فيهم الشروط الصحية للسياقة كفقدان عين او عوق كبير يمنعهم من السياقة ولكنهم يسوقون سيارات عادية غير مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة ولا يوجد من يوقفهم او يمنعهم.كما يؤثر على السائق حالات التعب والسهر والمرض والغضب وتأثير الكحول مما يسهل وقوع الحوادث المرورية.

تتملك سائق السيارة عند جلوسه خلف المقود مشاعر من الاحساس بالقوة والسيطرة خصوصا في عمر الشباب وقد تتصاعد الى حالة من التهور وعدم القدرة على تقدير المواقف الخطرة.وقد تؤثر عليه تصرفات السائقين الاخرين كما في حالة التجاوز او الدخول في سباقات وتدخله في حالة من الزهو او الرغبة في الغلبة متجاوزا كل الضوابط ليحول السيارة الى آلة قاتلة وسلاح خطر في يد غير امينة وغير منضبطة ويتحول الشارع الى ميدان خطر على مرتاديه من سائقين وسابلة.

واما السيارات بمختلف انواعها وحجومها والدراجات البخارية فأن من اسباب الحوادث المتعلقة بها هوعدم وجود فحوص دورية دقيقة للسيارات لقياس شروط الامان والمتانة للسيارة او بسبب استيراد سيارات مستعملة ولا تتوفر فيها شروط السلامة والمتانة او استخدام سيارات غير متينة وغير كفوءة لرخص ثمنها ورغبة الشباب بالعمل لكسب العيش يضطرهم لاستخدامها. عدم ادامة السيارة وتوفير شروط الامانة والسلامة فيها يوفر الظروف لوقوع الحوادث.

يشكل بقية مستخدمي الطريق من مشاة الى دراجين عاملا مهما لوقوع الحوادث فالوعي باستخدام الطريق لا يحتاجه السائق فقط بل جميع مستخدمي الطريق حتى لو كانوا من المشاة او من مستخدمي الدراجات البخارية او الهوائية وتشكل قلة الوعي المروري او افتقاده عاملا هاما بل رئيسيا لفوضى وسوء استخدام الطريق الحالية في بلدنا فترى الناس يعبرون الشوارع من اي مكان يريدونه وبالطريقة التي يريدونها ولايقدرون المخاطر بشكل دقيق ، ان الوعي المروري هو جزء من وعي الناس لكثير من متطلبات الحياة ففي الدول المتقدمة ينصح الناس بعدم المشي ليلا في الطرق الا بعد ارتداء ملابس فاتحة اللون لسهولة تمييزهم من قبل السائقين وعدم تعرضهم للدهس. والمهم هنا أن الناس حتى لو كانوا من المشاة بحاجة الى توعية وتدريب على حسن استخدام الطريق ومن الافضل ان يتم ذلك في اعمار مبكرة في المدرسة الابتدائية .

الظروف الاخرى المؤثرة في وقوع الحوادث كالمناخ او الظروف الجوية,واهم هذه الظروف هي الامطار والغبار والضباب لكونها تمنع او تحد من الرؤية لمستخدمي الطريق او تسهل وقوع الحوادث بسبب الانزلاقات على الطرق او تؤدي الى فقدان الاشارات المرورية او تؤثر على السيارة كالاطارات في الشمس والحرارة ممايؤدي الى انفجارها على الطريق ووقوع الحوادث.ويبدو ذلك واضحا لدينا في الصيف على الطرق الخارجية حيث ترى الاطارات المهترئة مرمية على الطرق.

لرجال المرور دور هام في ضبط الشارع وسلامته للاستخدام ,وتدريب وكفاءة ومعرفة رجل المرور بالتعليمات المرورية وطبيعة استخدام الطريق لجميع مرتاديه هامة ,كما أن ضبطه والتزامه هام لتوفير السلامة للناس وقد اصبحنا نرى بعض رجال المرور لا يعرف اي شيء عن استخدام الطريق فتراه يعطي اشارة بفتح السير لبعض السيارات من الجانب المعاكس اي الرونك سايد وفي اعتقاده أنه يسرع المرور ولكنه يخاطر بامكانية وقوع حوادث وهو دليل على عدم تدريبه او عدم انضباطه.من المهم وجود رجل مرور مهني على الطريق تلقى التدريب الضروري واللازم لادارة الطريق والسائقين والمشاة.

استخدام الطريق يحتاج الى توعية دائمة يقوم بها جهاز متخصص يتبنى التوعية المرورية لجميع المواطنين فالكل يستخدم الطريق ويجب ان يساهم الجميع في التوعية ورفع الوعي المروري ومن المدارس الى الجامعات الى الدوائر الحكومية كما أن تفعيل الضبط المروري له الاهمية الكبرى في السيطرة على الطريق ومنع المخالفات وخصوصا الغرامات التي لها فعل قوي في منع المخالفات على أن يتبناها رجال مرور اكفاء ومدربين.كما اننا بحاجة الى اثارة وعي الناس بأن المرور مسؤولية الجميع وليس مسؤولية رجال المرور فقط او السائقين او الحكومة وأن سلامة الجميع هي مسؤولية الجميع.

كيف نحد من وقوع الحوادث؟

اهم سبب يواجه بلدنا للحد من وقوع حوادث الطرق هو كيفية السيطرة على الفساد الاداري والواسطة التي تؤدي الى منح سائقين رخصة قيادة خارج الضوابط اللازمة والتي هي من مسؤولية الجميع لأنها تشكل خطورة على الجميع فقيام سائق بالسياقة وهو غير مؤهل يشكل خطر على حياة الناس. كما أنه من الضرورة وضع برامج ملزمة للتدريب على السياقة في مختلف الظروف كالسياقة الليلية ومن خلال مدارس تدريب على السياقة رصينة ومرخصة لدى دوائر المرور ومسؤولة امامها عن مستوى تدريب السائق.

كما ان تدريب الطلاب على استخدام الطرق والتوعية المرورية المستمرة باستخدام جميع وسائل الاعلام لرفع الوعي المروري لدى جميع شرائح المجتمع مهم للحد من الحوادث .كما ان العودة لاستخدام الاضوية المرورية وضبط استخدامها ومراقبته له دور هام في تقليل الضغط على رجل المرور واقتصار دوره على مراقبة التزام السائقين وليس ادارة حركة السيارات كما يحدث حاليا في بغداد.

 

د. احمد مغير - طبيب اختصاص وباحث

 

 

في المثقف اليوم