قضايا

أخطر مشروع إعلامي إسرائيلي باللغة العربية!!

بكر السباتينتجهيزات إسرائيلية لإطلاق باقة من 24 قناة باللغة العربية تتبع القناة الإسرائيلية mx1

وأكثر من سؤال

"إسرائيل" ستطلق باقة من 24 قناة باللغة العربية تتبع القناة الإسرائيلية mx1، هذه القناة التي يوجد مقرها الرئيس في تل أبيب بينما ستنتشر مكاتبها في عواصم عالمية عبر قارات العالم سوف تعنى بشؤون: السياسة والأدب والفن بأنواعه والطفل العربي والمرأة وبعض هذه القنوات الفرعية سوف تتخصص بالدراما العربية والأفلام القديم منها والحديث ناهيك عن الأفلام الثقافية التسجيلية والبرامج الغنائية الاستعراضية الحديثة بالإضافة إلى الطرب الأصيل.

ففي سياق ذلك غرد المهندس أسامه الشيخ الرئيس السابق لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري على حسابه في تويتر (روسيا اليوم) في 21 سبتمبر 2018، قائلاً بأن الكيان الإسرائيلي يحاول شراء أرشيف التلفزيون المصري من خلال وكلاء عرب وأجانب مقابل مبالغ طائلة، مؤكداً على أن ذلك لا يمكن له أن يتم بدون موافقة رسمية من الدولة المصرية. وكشف معتز مطر في برنامجه (مع معتز مطر) الذي يبثه تلفزيون الشرق بأن الشركة المقصودة هي القناة الإسرائيلية mx1 والتي سبق وأن أعلنت في وقت سابق عن استعدادها لعرض مباريات كأس العالم 2018 مجاناً لكن موانع قانونية حالت دون ذلك.

وفي ذات السياق (كما جاء في تغريدة أسامه فوزي) اعترف المنتج المصري محمد فوزي بأن وكلاء تلك الشركة طلبوا منه "نسب وأرقام وإحصائيات" حول الأرشيف المصري وساوموه على شراء بعض الأعمال الدرامية والبرامج من أرشيفه لكنه أبدى رفضه الشديد؛ ويعتقد بأن البعض قد تجاوب مع عروض تلك الجهات المشبوهة.

ويكشف معتز مطر في برنامجه على قناة الشرق بأن القناة الإسرائيلية mx1 قامت بتقديم عرض سخي للشركة البريطانية المعنية ببيع ترددات البث التلفزيوني الرقمي لتشتري نفس تردد قناة الشرق الحالي: ((تردد: H 12604 الاستقطاب: أفقي- الترميز 27500- FEC: 5/) دون أن تفصح عن الجهة التي تقدمت بالعرض بعد أن دفعت الشركة قيمة الشرط الجزائي لقناة الشرق، منوهة في سياق تبريراتها إلى أن ثمة "ضغوطات عربية تمارس عليها" وأن القناة التي اشترت التردد معنية ببث الأفلام العربية فقط.. الأمر الذي أجبر إدارة قناة الشرق (التي كانت كما يبدو تمر بضائقة مالية) على تغيير هذا التردد بعد استلامها البدل المادي الجزائي. إلى أن اكتشفت قناة الشرق الخدعة بعد أن تمت صفقة البيع.. فقامت من خلال برنامج معتز مطر بكشف المستور.. إذْ أن مندوب الشركة البريطانية الذي حوصر بالأسئلة قد أسر لإدارة الشرق بهذه المعلومات لدى اجتماعه مع إدارتها. بقي أن نعلم بأن قناة الشرق المستهدفة (الموسوعة الحرة) يمتلكها منذ عام 2015 أيمن نور، زعيم حزب الغد، والمرشح الرئاسي في مصر عام 2005م، حيث ساهمت بنشر التسريبات الخاصة بقيادة انقلاب 2013 في مصر. وضد حكم عبد الفتاح السيسي لمصر لذلك فهي تبث من خارج مصر ومحسوبة على المعارضة وتتبنى موقفاً رافضاً للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

وانطلاقاً مما قاله معتز مطر بأن جهات عربية هي التي تمول المشروع الإعلامي الإسرائيلي الضخم وتحديداً الإمارات العربية خدمة للتطبيع العربي الإسرائيلي المجاني. فهل ينجح الكيان الإسرائيلي في تحقيق مآربه في ظل دعم عربي رسمي ومشجع لهذا الكيان المحتل!

 الشواهد تؤكد على أن المشروع سوف يؤتي أكله ما لم نتدارك وجوده بيننا ولو بشكل فردي وذلك بمسح تردد قنوات mx1 التي سيعلن عنها أثناء البث التجريب.. إذْ تكمن خطورة تلك الباقة من القنوات في قدرتها على تمرير روايات الكيان المحتل الكاذبة (الجاني) إلى العقل العربي المسلوب الإرادة (الضحية المغرر بها)، وبرمجته حتى يتقبل الدعاية الصهيونية القائلة بأن "الحق الفلسطيني باطل" من خلال مخاطبة كل الفئات العمرية في المجتمعات العربية وفق نصائح خبراء البرمجة العصبية اللغوية ومؤسسات إعلامية عربية مطبعة قد تبادر إلى رفد هذا المشروع الإسرائيلي بالكفاءات المغرر بها بعد أن يكون قد تم احتكارها بعقود ملزمة وطويلة الأجل وبشروط جزائية باهظة التكاليف.. ولتحقيق أهداف المشروع لا استبعد بأن تستضيف مجموعة mx1 الإسرائيلية (لوضع السم في الدسم) شخصيات عربية ممن يجاهرون بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي المحتل، تدجيناً للعقل العربي كي يتقبل ذلك الكيان الصهيوني بهويته اليهودية الصرفة على حساب عروبة فلسطين والحق الفلسطيني المنتهك والتعود على قبول قرار تهويد فلسطين وخاصة القدس، كذلك التشكيك بحقيقة المسجد الأقصى التاريخية (كما يزعم الروائي المصري يوسف زيدان المرشح المحتمل لتلك الاستضافة) حتى لا تحدث لتلك القرارات المخالفة للقوانين الدولية ارتدادات عربية.. هذا بالإضافة إلى استضافات محتملة لأهم كتاب الخليج العربي ممن يصرحون دائماً في كل المناسبات بمناصرتهم ل"إسرائيل" من أمثال: محمد بن موسى الطاير، وأحمد بن سعيد القرني، سعاد الشمري، محمد آل الشيخ، عبد الرحمن الراشد، تركي الحمد، أحمد الفراج، أحمد العرفج، ضاحي خلفان، سعود الفوزان.. ناهيك عن شخصيات قيادية عربية مثل محمد دحلان ومن هم على شاكلته.

وقد تجد في سياق بث هذه الباقة من القنوات برامج تلفزيونية يتجول مقدموها بيننا ويقتحمون علينا البيوت عبر الفضاء العربي المخترق؛ لتسويق أكذوبة الوفاق العربي الإسرائيلي داخل فلسطين المحتلة عام ثمانية وأربعين (داخل الخط الأخضر) تحت شعار (السلم الاجتماعي في ظل يهودية الدولة).. وتأليب العالم وخاصة العرب على الأونروا لإلغاء حق العودة على اعتبار أن هذا الحق يشكل عقبة كأداء في طريق تحقيق صفقة القرن التي يتم تنفيذها خلسة بدعم سعودي وإماراتي وبحريني ومصري.

ولعل الأخطر في كل ذلك هو احتمال قيام تلك القنوات بعرض برامج من شأنها أن تسخن الأجواء العربية من خلال إيقاد نار الفتن الطائفية والجهوية والعرقية على صعيد الوطن العربي المتشرذم؛ كي ترسخ هذه القنوات فكرة أن الكيان الإسرائيلي هو الضامن الوحيد للأمن العربي الخليجي ضد "العدو الأول للعرب" المتمثل بإيران وما يتفرخ عنها، ومن ثم قلب الحقائق على اعتبار أن المقاومةَ في غزة وجنوب لبنان المدعومتين إيرانياً هي جوهر الإرهاب في المنطقة وإن الكيان الإسرائيلي هو الضحية، وسيخرج علينا أفيخاي أذرعي ليقول لنا بأن نتنياهو يناصر أهل السنة ويدافع عنهم باقتدار وبالطبع لن يبخل علينا "سماحته" بإطلالاته المستفزة وهو يقدم الفتاوي التي تبيح للجيش الإسرائيلي قتل ما يسميهم بالإرهابيين في غزة مغيباً صوت الضحية المرتجف.

في المحصلة فإن مشروع باقة القنوات التابعة لقناة mx1 التلفزيونية الإسرائيلية التي ستبث برامجها باللغة العربية، موجهة للجمهور العربي؛ من أجل التمهيد لقبول الكيان الإسرائيلي الذي يفتك بجسد الأمة كالسرطان! دعونا نقطع عليه الطريق ولو بشكل فردي؛ لنأخذ مبادرة استباقية بشطب تردد قناة الشرق الحالي: (تردد: H 12604 الاستقطاب: أفقي- الترميز 27500- FEC: 5/)

بعد انتقالها إلى التردد الرقمي الجديد: (11012-h-أفقي- معامل تصحيح 5/6- معدل الترميز 27500) بعد أن تشغل قناة mx1 الإسرائيلية التردد القديم. هذا ما نصح به معتز مطر في برنامجه. وبدوري أثني على هذا الطرح وأشجع عليه.. إذْ لا بد من فعل شيء بمبادرات شخصية ما دامت بعض الأنظمة العربية تتواطأ مع الكيان الإسرائيلي؛ لتلويث الوعي العربي المنتهك في وضح النهار.

 

بقلم بكر السباتين

27 سبتمبر 2018

 

 

في المثقف اليوم