قضايا

هاني جرجس عياد: التحول نحو العالم الرقمي في مصر

هاني جرجيس عيادأجمع خبراء قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على أن التحول الرقمي هو الأساس الذي تعتمد عليه الدولة في تطبيق فكر "الجمهورية الجديدة"، وهو ما تم رصده من خلال توجهات الحكومة خلال السنوات الأخيرة في تطبيق الحلول التكنولوجية في كافة قطاعات ومشروعات الدولة.

وأكد الخبراء، أن تطبيق هذا الفكر يرجع في المقام الأول إلى وعي القيادة السياسية، وقدرة الحكومة على تطبيق التحول الذكي في الخدمات الحكومية والتعاملات الخاصة بالمواطنين، فضلا عن وجود شركات مصرية واعدة قادرة على توفير أفضل الحلول والمنتجات التكنولوجية التي تخدم توجه الدولة في تطبيق مفهوم "الجمهورية الجديدة".

إن هذا الفكر يرتكز على نمط جديد تعتمد عليه الجهات الحكومية فيما يتم تقديمه من خدمات للمواطنين، على أن تكون أدوات ونظم تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصالات هي العامل المشترك في كل ما يتم إتاحته من خدمات حكومية سواء في خدمات النقل أو الطرق أو الإسكان أو الصناعة أو الزراعة وغيرها من قطاعات الدولة المختلفة، الأمر الذي يتطلب بنية تحتية قوية تتحمل أعباء هذا التغير نحو نهضة وتنمية المجتمع المصري.

تماشيا مع رؤية مصر 2030 واستراتيجية مصر لتحقيق التحول الرقمي، شرعت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في بناء مصر الرقمية. وتمثل مصر الرقمية رؤية وخطة شاملة وتعد بمثابة حجر الأساس لتحويل مصر إلى مجتمع رقمي. وللبدء في هذا التحول إلى مجتمع رقمي وبناء اقتصاد رقمي قوي، يرتكز بناء مصر الرقمية على ثلاثة محاور أساسية، وهي التحول الرقمي، والمهارات والوظائف الرقمية، والإبداع الرقمي وتعتمد هذه المحاور على أسس هامة، وهي تطوير البنية التحتية الرقمية وتوفير الإطار التشريعي التنظيمي.

إن الدعم المباشر الموجه من الرئيس عبدالفتاح السيسي، والخطة التي تقوم عليها الحكومة المصرية، يمثلان حافزا كبيرا لمزيد من التطور التكنولوجي وخدمات الاتصالات مع بداية الجمهورية الجديدة، كما تساعد تلك الجهود في تعزيز مكانة مصر على خريطة صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتمكين قطاعات الدولة من تحقيق التحول الرقمي، والمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى بناء قاعدة عريضة من الكوادر التقنية القادرة على تنفيذ المشروعات القومية الكبرى.

وكانت أزمة كورونا أكبر دليل على مدى التطور الذي شهدته خدمات الاتصالات في السنوات الأخيرة، حسب تصريح رئيس القطاع المؤسسي بشركة اتصالات مصر، حيث استطاعت شركات الاتصالات استيعاب حجم النمو الكبير في الاستهلاك والضغط على الشبكات خلال الجائحة والحجر المنزلي الذي تطلب وجود اتصالات وإنترنت بكفاءة عالية لإتمام الأعمال من المنزل، وكذلك الدراسة، بالإضافة للترفيه، ويرجع ذلك بسبب حجم الاستثمارات الكبيرة التي ضختها الشركات على مدار الفترة الماضية، وتحديدا شركة اتصالات مصر، والتي تضخ سنويا بين 4.5 مليار جنيه وحتى 5.5 مليار جنيه تم تخصيصها لعام 2021 لمزيد من التوسع في تطوير الشبكات بما يتناسب مع التوجه الجديد للدولة.

سيكون مدى ذكاء وتعاظم الدول في بناء وإدارة وتشغيل الحكومات والبنى التحتية والأعمال مبني على التحول الرقمي والذي يعتبر أحد أهم العوامل التي تحدد مستقبل شعوبها. فالقادة يتطلعون إلى تحسين الكفاءات وتقليل الإنفاق وتطبيق الخدمات الجديدة بسرعة ومرونة. هناك إمكانات ضخمة في الشرق الأوسط لبناء مجتمعات فعالة وتنافسية ومستدامة عبر التحول الرقمي، والذي سيعمل أيضا على تحقيق تغيير جذري في خدمات المواطنين وفي مجالات متعددة مثل الصحة والتعليم والسلامة والأمن والتي ستحقق بإذن الله رضا المواطنين وراحتهم.  كما يساهم التحول الرقمي في تحول أساليب العمل في العديد من القطاعات، كالنفط والغاز والخدمات المصرفية وتجارة التجزئة والسياحة والصناعات التحويلية إلى أساليب حديثة يمكن أن تخلق فرص عمل جديدة ومبتكرة لتكون مساهمة في النمو الاقتصادي الكبير.

 

أ. د. هاني جرجس عياد

عميد كلية العلوم السياسية جامعة سليمان الدولية

 

 

في المثقف اليوم