قضايا

الدكتاتورية والعدالة

لا يوجد دكتاتور عادل أو نظام دكتاتوري عادل على الاطلاق، فالدكتاتورية والعدالة لايلتقيان مطلقاً، بسبب الاختلاف الجذري في مقومات كل منهما،

بل حتى دكتاتورية الحزب الواحد في الانظمة الشيوعية * قد انحرفت كلياً عن مبادئها الاساسية، وعانى الناس من ظلم الرفاق والاجهزة الأمنية، والقتل الموقعي بمسمى قانوني هو الاعدام، وتم خنق المعارضين بكل قسوة وجاع الشعب واصبحت، العلكة العراقية شيء عجيب في الدول الاشتراكية ؟؟؟؟...

لايوجد مثال واحد عن دكتاتور عادل، ولكن النظام الرئاسي محدد المدة يقترب من ذلك لأجل محدود مسيطر  عليه.

انظر للقضاء فمحكمة الجنايات تتكون من ثلاث قضاة على الأقل، ويعمل الادعاء العام على مراقبة سير الاجراءات وله حق الاعتراض على الاجراءات والحكم فضلاً عن مرافعات المحامين وحق الاستئناف والتمييز وبعض القوانين تضيف هيئة  محلفين كضمانات متعددة متسلسلة حتى لاينفرد قاض واحد في اصدار الحكم.

كل هذا في قضية سرقة سوار سيدة مثلاً

فكيف تسلم شعب كامل بيد شخص واحد!!!!

بينما يرفض الدستور والقانون تسليم متهم بالسرقة بيد قاض واحد.

الدكتاتورية العادلة اغنية سخيفة تروج لها الانظمة الدكتاتورية يغنيها الآن بعض ازلام النظام السابق،

وخاصة عندما يرغب الدكتاتور في الجمهوريات بتوريث الحكم لاإبنه، (التوريث في الحكم الجمهوري أحد مهازل الحكام العرب).

ولايوجد ملحن قد لحنها او مطرب قام بإدائها على الوجه المطلوب،

واحد الاسباب التي تسقط مفهوم الدكتاتورية العادلة هو التملق والنفاق والنفخ في شخصية الدكتاتور حتى يتصور نفسه فوق مستوى البشر بما يسمى علمياً بجنون العظمة ووصل الامر بالحكام المنفوخين الى تصور انفسم الهة (فرعون) او من نسل الالهة (گلگامش) او ان العناية الإلهية هي من اتت بهم للحكم (هتلر).

ويلاحظ ان من الممكن للدكتاتورية ان تبني شواهد حضارية عظيمة، إلا بناء الإنسان فإنها تحطمه.

ومع ذلك ينبغي التمييز بين الدولة البوليسية والدولة الاستبدادية، حيث تقوم الدولة البوليسية على اساس ان الغاية تبرر الوسيلة، وتشرع فيها القوانين على اساس تلك الغاية وعلى هذا تتيح القوانين للإدارة سلطة تقديرية واسعة فيما تتخذه من اجراءات ووسائل في مواجهة المواطنين تحقيقا للمصلحة العامة، وتـتـركز جـهــودهـا فـى الـغـالـب حـول مـسـألـة حفـظ الامــن والنــظــام، في ظل هذا الدولة يمكن التمييز بين سلطات الدولة المختلفة الا انها من الباطن تخضع لتوجيهات مركزية خاصة في المسائل والشؤون الحيوية، ولاتوجد فيها رقابة فعالة او ان توجد فيها رقابة قاسية ولكن على مستوى معين من الدرجات الوظيفية لايتعدى صغار الموظفين أو ان تستخدم على مستوى اعلى كوسيلة لازاحة الخصوم السياسيين، وخير مثال على الدولة القانونية البوليسية هي دول المعسكر الاشتراكي سابقا والعديد من انظمة الحكم في الدول العربية . بينما لا يبغي الحاكم المستبد الا مصلحته الشخصية او مصلحة الفئة الضيقة الحاكمة ومن ثم يكون الحاكم في الدولة الاستبدادية مطلق التصرف وغير مقيد بأي قيد، لا من حيث الوسيلة ولا من حيث الغاية، أي انه يعمل وفقا لما تتفتق عنه قريحته او مزاجه اوجنونه احيانا ولو كان في ذلك إساءة الى الصالح العام، وتندمج عادة في ظل هذه الدولة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية لتكون كلها بيد الحاكم المستبد حيث يكون هو الحاكم والمشرع في ان واحد كما يتولى الحاكم المستبد تعيين اعضاء السلطة القضائية التي لاتتمتع بأية استقلالية، وتـكـون الـسلطـة الادارية مـطلقة الحرية فـى ان تتخذ قبـل الافـراد ماتراه من الاجراءات محققا للغاية التى تسعى اليها وفـقا للظروف والملابسات . اما في الدولة البوليسية فالحاكم وان كان غير مقيد من حيث الوسيلة، فهو مقيد من حيث الغاية، لان حريته في اتخاذ ما يراه من الإجراءات مشروطة بان تكون غايته في هذه الإجراءات مصلحة الجماعة وليس مصلحته الشخصية.

***

فارس حامد عبد الكريم

......................

* ذكرت الشيوعية كمثال لانها تقوم اصلاً على مبادئ راسخة ومع ذلك نأت النتائج العملية عن النظرية، فما بالك بانظمة دكتاتورية تقوم ثقافتها على كراريس هي عبارة عن انشاء وتزويق لفظي خالي من المضامين الفكرية. 

في المثقف اليوم