قضايا

إقصاء العقل في إيديولوجيا الصورة

بات في حكم المؤكد وشبه الحتمي إن ثورة المعلومات العارمة وتكنولوجيا الاتصالات الجارفة، أو ما بات يعرف بظاهرة (الانفوميديا) ستلعب – إن لم تكن لعبت بالفعل – دورا"فائق التأثير وواسع الأبعاد، فيما يتعلق بتنميط حياة الناس ونمذجة أساليب تفكيرهم، طالما أنها تمكنت من اختراق نسيج علاقاتهم الاجتماعية، وتوصلت إلى طرق تكييف خياراتهم القيمية، وبلغت إمكانية تطويع اتجاهاتهم الوجدانية، فضلا"عن كونها مرشحة لاكتساح ركام هائل من آرائهم الراكدة وتصوراتهم المسبقة. ليس فقط بسبب غزارة منتجاتها الفنية المتنوعة (الترفيهية والدعائية) التي ما برحت حمى المنافسة التجارية على أسواقها تتصاعد بمتوالية هندسية يوما"بعد آخر، لا بل ساعة بعد أخرى فحسب، ولكن أيضا"لجهة خاصية الانطباعات النفسية والأخلاقية التي تبثها في منظومة السيكولوجيا الاجتماعية عموما"على نحو دائم ومتواصل. وهو الأمر الذي يستتبع تفكيك البنية الذهنية للإنسان المستهدف بالشكل الذي يجعله دريئة سهلة لطعون بنية معتقداته الروحية، والسعي لاستلاب هويته الثقافية، والعمل على تنميط وعيه الاجتماعي، لاسيما وان العالم أضحى الآن – كما يصفه مؤلف كتاب : أفول السيادة (والتر رستون) – (مربوط معا"بشبكة الكترونية تنقل الأخبار والبيانات، الجيدة منها والسيئة، الحقيقة منها والزائفة، بسرعة الضوء إلى أي مكان في هذا الكوكب).

وفي غمرة ما يشهده العالم اليوم من تطورات عاصفة على صعيد غزو القيم واجتياح المعتقدات، بعد أن حسمت نتائج المواجهة على جبهات السياسة والاقتصاد لصالح من يمتلك سلطان المال وسلطة المعلومة أساسا"، دون أن يضطر إلى استخدام لغة التهديد بالقوة واللجوء لحوار المدفع. هذا بالإضافة عما تمخض عن تلك الحالة / الظاهرة من اختلالات بنيوية هائلة النطاق وانزياحات رمزية عميقة المدى، شملت الميادين كافة للحد الذي دفع مفكرا"من طراز (جان بودريار) إلى القول (إن ثقافة الميديا هي الجريمة الكاملة التي تدفع جماهير مشاهديها إلى حجافل التبخيس والتهميش)، فان الضرورة الوطنية والحضارية تقتضي منا التخلي عن (حكمة) الاكتفاء بتأمل الأوضاع المفبركة سياسيا"والموجهة قصديا"والاستسلام من ثم للحتمية التكنولوجية التي يراد لها أن تحدد لنا كل شيء وتفرض علينا أي شيء، على اعتبار (إن تقدم البشرية اليوم – كما يوضح أستاذ إدارة التقنية في البحرين (إسامة الخولي) – مرتبطا "رباطا وثيقا" بالتقدم الالكتروني، وان هذا الرباط يقع خارج نطاق سيطرة البشر.

من ثم، فان علينا إن نتواءم مع هذا الذي لا نستطيع تغييره، إذ إن الإخفاق في تحقيق هذه المواءمة سيؤدي بنا إلى الانقراض، بمثل ما ستفشل محاولات التدخل في العمليات الطبيعية). هذا من جانب، أما من الجانب الآخر، فان ذات الضرورة تستلزم - بوازع المسؤولية الأخلاقية – الإقبال على دراسة تلك الأوضاع المضطربة والتداعيات الملتبسة، والتعمق في تحليل مكوناتها واستخلاص دلالة مضامينها، والكشف عن آليات اشتغالها على وفق هذا الإيقاع الفوضوي المتسارع، سيما وان شعوب المنطقة العربية خاصة وبلدان العالم الثالث عامة، مقبلة على مراحل قاسية من التغييرات الهيكلية والتبدلات المعيارية لم تشهد لها نظير من قبل، الأمر الذي ستترب عليها جملة من المعطيات، ليس أقلها تقويض قدراتها المادية واستنزاف طاقاتها المعنوية، ونسخ ذاكراتها التاريخية، باعتماد خطط مدروسة وأساليب مقننة، تتسم بالخبث والدهاء، ترمي النيل من رموزها الوطنية والحط من موروثها الحضاري، باستخدام تقنية (الإيحاء الصوري) الذي أتقن فنه وبرع في توظيفه غزاة العقول، عبر مؤثرات الأفلام السينمائية والتلفزيونية والبرامج المتنوعة الأخرى على نحو بالغ الدقة والكمال. ولهذا فقد وجد أستاذ التاريخ الحديث الدكتور (مسعود ضاهر) إن الدول الرأسمالية الكبرى، وتحديدا "الولايات المتحدة الأمريكية (شكلت في المرحلة الراهنة، القاعدة الأهم للمشروع الثقافي العالمي بوجهه الرأسمالي الاحتكاري أو الإمبريالية الثقافية. وكان من أهداف هذا المشروع أن تتم السيطرة، بمختلف الوسائل، على عقول الشعوب النامية والمتخلفة، وان يتم التحكم بقيمها التراثية، فتفرض عليها الثقافة الاستهلاكية، ويسطح وعيها، ويسود فيها التفسخ النفسي والخلقي، والاغتراب عن الواقع الاجتماعي المعاش، وتشيع روح الأنانية، والمبادرات الفردية القائمة على النهب واستغلال النفوذ والسلطة، وتنعدم الممارسات العقلانية والعمل التنظيمي الناجح وتدب الفوضى والبيروقراطية والرشوة والفساد). وليس من قبيل الصعوبة بمكان كشف العلاقة العضوية القائمة بين الوضع العقلي والنفسي للإنسان من جهة، وبين بيئته الاجتماعية المفعمة بكل أنواع المثيرات الحسية (الصورية والصوتية والحركية)، والتي تنعكس جدليا"على ملكاته المعرفية وتتفاعل معها وتؤثر فيها وتتأثر بها من جهة أخرى. إذ من خلال هذا الاحتكاك أو التلاقي يتم التفاعل ويحصل التبادل ويتبلور التشكل الإيديولوجي، أي تكون التصورات والاتجاهات والميول، التي تحدد أنواع السلوك التي يمارسها الفرد، وأشكال العلاقات التي يقيمها مع الناس والأفكار والأشياء، وموقفه إزاء كل منها، ومدى قبوله لها أو رفضه إياها. وفي هذا السياق فقد أعلن عالم النفس الأمريكي (ب. ف. سكينر) قائلا"(لا أحد يغير العقل مباشرة؛ لكن يستطيع المرء إحداث التغييرات في الظروف البيئية وبهذا يحدث تغييرات يقال أنها تدل على تغيير في العقل).

وفي ضوء هذا المنظور السلوكي فان أبرز تلك المؤثرات وأشدها فاعلية، تحتل الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، فضلا"عن بقية البرامج الترفيهية المتنوعة الأخرى، رأس القائمة في الأهمية من حيث قدرتها التأثيرية على اختراق شباك عقل الإنسان، واستمالة دوافعه النفسية واستقطاب اهتماماته الاجتماعية، كما تسهم بشكل طاغ في تكوين ثقافته وتشكيل وعيه، لاسيما وان (سلطان الصورة) يمثل السند الأساسي للرسالة المرئية، التي تخاطب مداركه وتستثير مخياله. ولشرح هذه الآلية التفكيكية، فقد أجاد مدير قسم البحوث الاجتماعية بشبكة كولومبيا للإذاعة والتلفاز (جوزيف كلايبر) بقوله (إن الفرد لا يمتلك ميلا"مسبقا"يدافع عنه، وبالتالي فان الاتصال يهاجم، لو جاز التعبير، تربة غير محصنة. وما أن يتم تخلق رأي ما، حتى يصبح بمثابة الرأي الجديد الذي يسهل بعد ذلك تعزيزه ومن ثم يصعب تغييره. وفضلا"عن ذلك فان عملية تخليق الرأي هذه تكون فعالة أكثر في حالة الشخص الذي لا يمتلك أي مصدر آخر للمعلومات حول الموضوع يمكنه استخدامه كمحك للاختبار، وبالتالي فانه يعتمد اعتمادا"كليا"، أكثر من غيره، على ما يقدم له حول الموضوع المثار). هذا وقد حاول (جان كازنوف) في كتابه الموسوم (سلطان الصورة) أن يقارن بين النص والصورة ليستنتج فكرة مركزية مؤداها انه (في النص تخضع الرسالة لواسطة، إما في الصور فلا وجود نسبيا"للواسطة)، مما يفضي إلى تكريس حالة من الترهل الذهني والاسترخاء العقلي والعطالة الفكرية، والعزوف من ثم عن أية صعوبات يتطلبها التحليل الموضوعي للعلاقات والفضاءات، والنأي عن أية جهود يستلزمها الاستنباط الذاتي للمعاني والدلالات، من منطلق انه – كما يرى الباحث الدكتور (عبد الإله بلقزيز) – (لا وقت للتفكير والتمحيص والتردد النقدي، وسائر ما يمكن أن يحمي الوعي من السقوط في إغراء الخداع، تنهار ملكة التحوط ويتحول الوعي إلى مجال مستباح لكل أنواع الاختراق، ثم تتكفل التقانة بهندسة ذلك الإغراء وصناعة أسباب الجاذبية له). ولغرض إماطة اللثام عن المغزى الإيديولوجي المضمر في مجمل (الإيحاءات الصورية)، التي تبثها أمام المشاهد أجهزة الإعلام المرئية (السينما والتلفزيون)، ناهيك عن الأجهزة الحديثة الأخرى، لاسيما على أعتاب تحول السلطة من الاعتماد على المقومات المادية المباشرة، إلى استغلال وتوظيف العوامل الرمزية الغير مباشرة، بغية قولبة سيكولوجية الإنسان؛ لتعليب وعيه، ومسخ شخصيته، وتحريف اهتماماته، وتشويه قناعاته، والحيلولة دون إدراكه مصالحه الفعلية وعدم تقدير علاقاته الواقعية، ليغدو بالتالي كائن (محدد خارجيا") بحسب صياغة عالم الاجتماع الأمريكي (دافيد رايسمان)، الذي أوجز خصال كونه (شديد التأثر بالرسائل التي تبثها وسائل الاتصال الجماهيري، ويخضع لها كليا". كما انه يشعر أيضا"بحاجة قوية إلى أن يقبله الآخر، فيتخلى عن فرديته ليذوب في الجموع، وهو يحاول أن يشبه الآخر على شتى الأصعدة، إن من حيث المظهر الخارجي أو على مستوى المواقف). وبالرغم من كونها تستهوي قطاعات واسعة من الشباب واليافعين، وتستحوذ على اهتماماتهم، فان تلك الأفلام والمسلسلات والبرامج المتنوعة تمارس، بصورة خفية ومموهة، دورا"تخريبيا"بالغ الضرر وعميق الأذى على مقومات نضوجهم الفكري واتزانهم النفسي وتوافقهم الاجتماعي وتنوعهم الثقافي، وذلك من خلال تقديم ما يستفز غرائزهم ويعبئ انفعالاتهم ويستنفر عدوانيتهم، عبر استعراضها لمعطيات الجنس والعنف والجريمة وغيرها، سيما وان حمى التنافس والتسابق في هذه المجالات قائمة على قدم وساق، بحيث يصعب على المرء / المشاهد مجاراة هذا السيل المتدفق من ألوان الإثارة العاطفية والتحفيز الجنسي، الممزوجة بأقصى ضروب المتعة والتشويق، التي وفرتها وساعدت على انتشارها التطورات العاصفة في حقول الإعلام المؤتمت وتكنولوجيا الاتصال الافتراضي (وكما يعمل جنس الانترنيت – وفقا"لتشخيص خبير المعلوماتية الدكتور (نبيل علي) – على تكبير الصغار، يعمل، كذلك، على تطفيل الكبار، يوحي لهم باجترار مراهقتهم، ويوقع بهم في فخ النزعات النفسية التعويضية).

وتحت وطأة هذه الدوامة المتعاظمة من الحركات التعبيرية المقننة، والمؤثرات الصوتية الموحية، واللقطات الاشهارية المفبركة، التي يراد لها دغدغة غرائز المشاهد البدائية، وإحياء مطمورات نوازعه العدوانية، وإفاقة مخلفات عاداته البربرية، وتهييج مكبوتات لا وعيه الطفولية، واستنهاض محرمات علاقاته الهيترية. وحمله، من ثم، على تفكيك مدماك أفكاره وتقزيم معمار تصوراته، بقصد تبخيس قيمة رموزه الثقافية والتخلي عن قناعاته الأخلاقية، وبالمحصلة النهائية تسويغ عمليات اجتياف قيم الآخر وتمثل معتقداته، بصرف النظر عن فداحة وطأته السياسية ومخاطر عبوديته الاقتصادية ومشاكل اختراقاته الإيديولوجية. بحيث لا يبدو عالم الرأسمالية المجنون جليا"أمام أنظارنا بصفته حلبة صراع لا رحمة فيه، بل تظهر بشاعته وعيوبه وكأنها الحالة الممكنة الوحيدة، بل والحالة الطبيعية المقبولة. لقد أدرك أحد علماء الاجتماع الأمريكان مستوى أهمية جهاز التلفزيون ومدى خطورته على المجتمع حينما قال (بعد القنبلة الهيدروجينية، يعتبر التلفزيون أخطر شيء في عالم اليوم)، باعتبار إن الآثار التخريبية للتلفزيون لا تأتي فقط من كونه أضحى وسيلة فعّالة للتوظيف الإيديولوجي وعمليات غسل الدماغ فحسب، وإنما، بالإضافة لذلك، لشيوع استخدامه من قبل الصغار والكبار ومن كلا الجنسين، فضلا"عن حالة الإدمان على مشاهدته والوقوع فريسة لإغوائه، وهو الأمر الذي يضاعف مردود مخاطره ويعمم افرازات مساوئه بين ثنايا المجتمع، ويجعل مسألة الضبط الاجتماعي أمرا"بالغ الصعوبة وعالي التكلفة، إن لم يكن متعذرا"، لاسيما بعد التطورات الكيفية الكبرى في مضمار تقنية إيصال الصورة ومضاعفة مدلولها الدعائي وشحن خطابها الإيديولوجي، بزعم أنها تستهدف شحذ ملكات الإنسان المعرفية وتطوير قدراته العقلية، واغناء وعيه بالمعلومات الجديدة والمفيدة. ولهذا نجد إن (سكينر) يوصي بأنه (يمكن لحكومة ما أن تحول دون لجوء المواطنين إلى الردّة والنفور، وذلك بجعل الحياة أكثر إمتاعا"، بتوفير الغذاء ووسائل الترويح، وتشجيع الألعاب والقمار، واستعمال المشروبات الكحولية والعقاقير المخدرة والمسكنة، ومختلف أنواع السلوك الجنسي، بحيث تكون آثار ذلك جعل الناس في متناول يد السلطة وغير بعيدين عن عقابها، وردعها لهم). وفي ذات المنحى فقد أشار الأخوة (غون كورت) إلى إن (الأدب الإباحي يخدم مصالح إمبراطورية سافلة، إذ يستطيع المرء إن يدجن شعبا"كما يدجن الأسود بالاستمناء). والواقع إن الرسالة التي تنقلها الصورة قادرة على إيصال دلالات لا يعبر عنها لفظيا"بسهولة. فالصورة تؤثر على الدوافع العميقة، وتكمن قدرتها في التأثير على اللاوعي. ومع إن البعض يعول كثيرا"على الدور الذي يمكن أن تؤديه الإيحاءات الصورية في إحداث تنمية ثقافية طال انتظارها، والاستعانة بقدرتها التحفيزية على تعميم المعارف ونشرها بين العامة والخاصة. إلاّ إن هناك من يعارض هذا الرأي – وهو محق – من منطلق إن (ترسيخ مقولة عصر الصورة – كما يؤكد (هنري مادلن) صاحب كتاب نظام التضليل الإعلامي – والزعم بأن سمة العصر اكتساب المعرفة من خلال مشاهدة الصورة، بالاعتماد على الوهم الامبريقي القائل ؛ إن الواقع مرئي، ولمعرفته يكفي أن تنظروا إليه، الأمر الذي مهد للاندفاع باتجاه التقديم الغزير للصورة، بحيث (إن ما شاهده الناس وما يقرأونه – حسبما يقرر مؤلف كتاب : المتلاعبون بالعقول (هربرت شيللر) – أو ما يستمعون إليه، وما يريدونه وما يأكلونه، والأماكن التي يذهبون إليها، وما يتصورون أنهم يفعلونه، كل ذلك أصبح وظائف يمارسها جهاز إعلامي يقرر الأذواق والقيم التي تتفق مع معاييره الخاصة التي تفرضها وتعززها مقتضيات السوق).

هذا في حين وجد الباحث الدكتور (عبد الإله بلقزيز) إن (صيرورة الصورة سلطة رمزية، على صعيد الإدراك الثقافي العام، لا يعني إلاّ إن النظام السمعي – البصري، نظام ثقافة العولمة، أصبح المصدر الجديد الأقوى لإنتاج القيم والرموز وصناعتها، وتشكيل الوعي والوجدان والذوق). والخلاصة انه إذا كان متعذرا"، بل قل مستحيلا"، غلق الأبواب والنوافذ بوجه المؤثرات الخارجية الوافدة، والاعتصام خلف جدران (الاكتفاء الذاتي) المتداعية، بحكم ترابط المصالح وتشابك العلاقات وتلاقح الثقافات، فضلا"عن اندغام المسافات واندراس الحدود بين الدول والحكومات، فان تحديات المرحلة التاريخية الراهنة التي تجتازها الشعوب، وجسامة المخاطر التي تواجه الأمم، حري بها أن تشحذ عناصر الوعي الوطني، وتستنفر مكونات الموروث الحضاري، وتفعّل طاقات المخزون الثقافي. لكي يصار إلى مواجهة تلك الحملات الإيديولوجية السافرة، المتمثلة بانثيال قيم العولمة وأخلاقيات السوق، عبر مشاهد تسليع المشاعر الإنسانية وتبضيع العواطف النبيلة، بعد أن أصبح التلفزيون والانترنيت وغيره من وسائل الإعلام (آلة حرب كاسحة لابد أن نتصدى لها بالدروع والمتاريس – كما عبر عن ذلك الدكتور نبيل علي). هذا بالإضافة إلى حض المعنيين من قادة الفكر وصنّاع الرأي، على عدم الإذعان لإغراءات الطابع الترفيهي لتلك الأفلام والمسلسلات، على خلفية إن مفهوم الترفيه – بحسب وصف مؤرخ التلفاز الأمريكي (أريك باوند) – هو (مفهوم شديد الخطورة، حيث تتمثل الفكرة الأساسية للترفيه في انه لا يتصل من بعيد أو قريب بالقضايا الجادة للعالم، وإنما هو مجرد شغل أو ملئ ساعة من الفراغ. والحقيقة إن هناك إيديولوجية مضمرة بالفعل في كل أنواع القصص الخيالية. فعنصر الخيال يفوق في الأهمية العنصر الواقعي في تشكيل آراء الناس).، مما يستتبع تعطيل ملكات الفهم والتحليل والاستيعاب لدى المشاهدين، وتاليا"احتواء قدرة المنطق في وعيهم وإقصاء وظيفة العقل لديهم. 

***

ثامر عباس  

في المثقف اليوم