قضايا

الإرهاب النسوي إلى أين؟!

بات الإرهاب النسوي اليوم موضوعاً عاديا، لا يثير استغراب الناس عند مشاهدته. وتدور حوله دراسات كثيرة. فجميعنا أصبحنا ندرك الواقع بشكل جيد، ولسنا مندهشين منه، لكن ما سبب عدم اندهاشنا؟ أليس النساء هن الجنس اللطيف فما علاقتهن بالإرهاب، وما سبب ميولهم نحو الدمار، والخراب، والقتل، وكل أنواع التعنيف؟ في هذا المقال البحثي، هنا ستقف عند دوافع هذا السلوك، وهي لا تكتفي بذكر الإرهاب المباشر الذي نعرفه أنما أيضاً تتناول الإرهاب غير المباشر والذي من الممكن أن يكون أخطر من النوع الأول.

دوافع هذا السلوك وان اختلفت ألا أنها شخصية، فتعرض المرأة للتنمر الاجتماعي، أو الاعتداء، أو عدم تقبلها في المجتمع، هو سبب في خلق فجوة في داخلها تدفعها للميول الى العنف؛ لتعويض النقص الحاصل لها، بسبب قيود محيطها لها، وتشبعت بقسوته بحقها، حتى أصبحت بالنسبة لها جزءاً لا يتجزأ  من شخصيتها هذا من جانب، ومن جانب أخر، فان الأجواء التربوية في العائلة، وخصوصاً التعنيف يغذي فيها هكذا سلوك ويوجدها به، ألا أنه من الممكن عده السبب الأول الذي يخلقه وينميه، حتى تصبح المرأة ذات شخصية قاسية ومتبلدة، لا تستطيع التعبير عن غضبها وما تعرضت له، سواء بهذا السلوك، أو بغيره، ولا تحمل أي من فطرتها من حنان، أو حب، أو حتى أمومة، فالنساء التي تتجه في طريق الإرهاب، قد تجردت من تلك الصفات .

والإرهاب النسوي لا يختصر فقط بالتنظيم، والمشاركة بالجرائم الارهابية، كتفجير، وقتل، وغيرها مما نراه اليوم في تنظيم داعش، الذي أصبح اليوم مثالاً لضم اكبر عدد من المجاهدات، كما يطلق عليهن من داخل التنظيم، والمعرفات بالإرهابيات بشكل عام، لما نجده فيهن من إرهاب غير مباشر أيضاً.

يمثل الإرهاب غير المباشر، بالنسبة للنساء التي تحاول تطبيق العنف، وتمارس التخويف، في أي شكل من أشكال الحياة – على أن الإرهاب هو بث واشاعة للخوف والرعب في داخل الآخر – وهذا النوع من النساء هو أخطر من سابقه ؛لأنه ليس في حاجة الى تنظيمات حتى يمارس هكذا سلوك، فمثلا هناك نساء تمارس هذا السلوك في مجال عملها، وهنا تحديداً نركز على المعلمة للأهمية التي تحملها في تربية وتعليم الأجيال، فنجد فئة من المعلمات اليوم بدل من أخذها دور الأم الناصح والمربية، والمعطاءة، قد أخذت بسلوك التعنيف وطبقته مع تلامذتها، والفاجعة الكبرى عندما يكون التلامذة هنا في سن التطبع، وتلقيهم السريع مما أمامهم، فهي تعكس تلك الروح الارهابية التي رأت ما رأت من العنف، والضرب على هؤلاء الأطفال، وبالتالي سيترك هذا أثرا في داخلهم مما قد يخلق منهم جيل لا يعلم عن المسامحة أو التعاطف بشيء ما، وباعتقادهم أن الأنسان بشخصيته لابد أن يكون قاسي محمل بالغضب، ويمارس الضرب، والأهانة، حتى مع أبناء جيله، وزملائه، وهذا يؤثر أيضا على علاقته بالمجتمع، وتكوين شخصية ضعيفة هشة على عكس ما يعتقده، وهذا موجود واقعياً خصوصاً في مجتمعاتناً، وفي الوقت الحالي لوجود مجموعة كبيرة من الأسباب تهيأ ظهور هذا السلوك، والمقصد هنا ليس توجيه الأهانة لدور المعلمة بوجه عام، أنما فئة وحالة متواجدة لابد من ذكرها، كما أن النساء التي واجهت العنف سابقاً، والتطرف ليس في مجال عملها فقط،أنما في دورها كربة منزل أيضاً، تقوم بهذا الفعل مع أطفالها، لذلك فقد قلنا أن هذا النوع اخطر من سابقه ؛لأن ارهابية النساء في التنظيمات تقتصر على ذاتها، أما ارهاب النساء عموماً، فأنه سلوك يبث الى الأطفال، والمحيطين ممن لهم علاقة بأحد تلك النساء.

وبالنتيجة وعلى وجه العموم، فأن المرأة لا تحتاج الى منظمة، أو جهة معينة حتى تتصف بالإرهاب وتأخذ بهذا الفعل أنما هي دوافع تستطيع توجيهها، في حياتها بعدة أشكال، وبطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، كما أن الارهاب النسوي يضم مجموعة قليلة من النساء التي تحمل في داخلها ميولآ حقيقية نحو جهة سياسية أو عقائدية معينة ؛ لأن المرأة لا تميل بطبيعتها الى هذه المسائل وبقوة ميول الرجال الواضحة،  فهذه فطرته ومجال اهتماماته على عكس النساء، فهي تشارك وتنضم الى هذه الامور لكنها، لا تعدها بالمقام الأول من أولوياتها، فالنسبة الأكبر للإرهاب النسوي ذات دافع شخصي ونستطيع أثبات هذا من خلال علم النفس حتماً.

وقد يرى البعض أن هناك تجارب ارهابية لم تشارك فيها النساء بكامل أرادتهن، نستطيع القول في هذا انه يحتاج الى حالة دراسية لأحد تلك النساء، حتى تكون الملاحظة، والمتابعة، خير دليل على رصد مثل هذه الحالات .

أما طرق معالجة هذا السلوك الارهابي، والتخلص منه، فانه يبدأ من المراقبة القانونية لأوضاع الأسرة، والتخلص من العنف، أو البيئة غير السليمة، في أخلاقيات الفرد عموماً والنساء خصوصا ً، ومحاولة استئصال، أو حتى التقليل أن كان الاستئصال يبدو مستحيل ! من التنمر الاجتماعي ومحاولات الاعتداء، وعدم أنصاف المرأة، والتغطية على قيمتها، ودورها في المجتمع، ففي حين نتعامل نحن بعدالة وبعطف مع النساء، فمن أين تأتي قدرتها على العنف والقتل بعد حين؟.

***

الباحثة حوراء ستار

 

في المثقف اليوم