قضايا

سيناريو النصِّ الغائب

بليغ حمدي اسماعيلليست مداعبة فيسبوكية ما قمت بنشره على صفحتي الشخصية بشأن واقعة اغتصاب أو تعدي الصبي توماس على طفلة بأحد المراكز الترفيهية غير المرخصة بمدينة أسيوط بصعيد مصر بقدر ما كان قياسا للرأي الآخر الذي كنت أراهن عليه قبيل نشر تعليقي على الواقعة والذي كان مفاده ولا يزال لا مراهنة على التنوير في ظل ثقافة راديكالية ضاربة في الجذور بعمق الوجود الإنساني.

بمجرد ما تم نشر المنشور القصدي والعمدي والذي تناول ضرورة تجديد الخطاب الديني المسيحي ومراجعة الكنيسة المصرية لأدوارها في التنشئة والإعداد والتأهيل وجدت التعليقات التي كنت على موعد معها وهي أن المدرسة والجامعة هي السبب في الجرائم الأخلاقية، وأن الكنيسة المصرية تقوم بأدوارها على أكمل وجه ممكن بل هي في أفضل مشاهدها الراهنة في التأهيل والتربية، وبات معظم التعليقات تدور في فلك كيف يمكنني أنا المسلم في المساهمة مع الكنيسة المصرية في تجديد الخطاب الديني، ناهيك عن التعليقات الساخرة والأخرى شديدة الاقتضاب وأحيانا الهجوم على تناول مثل هذه الموضوعات.

وحينما نستقرئ يوميات تجديد الخطاب الديني مثل إعلان وثيقة الأزهر الشريف ومن بعدها وثيقة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية المصرية ومن قبلها دعوة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية في مطلع 2015 بضرورة تجديد الخطاب الديني وتطويره بما يتزامن مع إحداثيات العصر، نجد أن طوائف شتى شاركت في فعل التنوير والتجديد برؤى مختلفة متشابهة حينا ومتمايزة حينا آخر، بل رأينا ورصدنا أن ممن شارك في نقد الخطاب الديني القائم ينتمي لديانات أخرى غير الإسلام، وعلى سبيل المثال وجدنا مسيحيين مستنيرين بفعل المنتج المعرفي التنظيري من يندد بالمناهج والعلوم الدراسية القائمة بالأزهر الشريف وأن بها سطورا قد تحض على الكراهية والبغض للآخر، واقتفينا أثر البعض الآخر ممن دعا طوعا بضرورة إلغاء مادة التربية الدينية ولحكمة بالغة منهم أنهم لم يحددوا كنه المادة (إسلامية أم مسيحية) المهم هو فعل الإلغاء.

وعلى شواطئ آخرى ضاربة في الاتساع بالغ المغردون على تويتر حينما صبُّوا مُجمل اهتمامهم بديانة الصبي المعتدي على الطفلة ذات السنوات الخمس، وكيف يمكن لهذا الصبي أن يقبل على جريمته متناسيا التعاليم الدينية والفطرة السوية السليمة، بينما ما أرهق إعمال عقلي الذي يبدو مضطربا بصدد الحوادث والجرائم المجتمعية أن بعضا ممن ينتسب للفكر والثقافة والترويج لفعل التنوير أخذنا بعيدا عن الحدث والحديث والحادثة برمتها متناولين البعد النفسي والتركيب الجنسي وفكرة بزوغ الشهوة الحسية واللذة الجسدية وما شابه ذلك من ترهات تجعلنا بعيدين كرها وليس طوعا عن مناقشة تجديد الخطاب الديني المسيحي تماما كما طالب بذلك عشرات الأقلام ومئات الأصوات وآلاف الوجوه على الصحف والمواقع الإلكترونية ذات الصبغة المسيحية سواء داخل الوطن العربي أو خارجه بضرورة وحتمية بل وقطعية ووجوب تجديد وتطوير وتحديث وتنوير الخطاب الديني الإسلامي الراهن الذي اتسم بالكراهية والحض على العنف وأبرز ظواهر سلبية مثل وجود فرق وتيارات وتنظيمات متطرفة وإرهابية وراديكالية عنيفة مثل تنظيم الدولة (داعش).

ولا تزال ذاكرتي البسيطة في الحفظ والتنبيه تحفزني على تذكر ما حدث سالفا من ثورة (بمعناها الطبيعي الفطري الجميل) بعض رجال التعليم والثقافة والفكر ضد تدريس التربية الدينية الإسلامية بصفة خاصة، ومطالبة البعض منهم بإلغاء تدريسها، وهو المحو و ربما لم يروا بنظرة ثاقبة أن المناهج ـ نفسها ـ غير مؤهلة لتكوين متعلم ذي وعي ونضج كاف وتام بالآخر، بل سأذهب بعيداً، إلى أنها لا تعطي صورة شافية عن التعاليم الإسلامية العميقة، ولا يطمح المنهج المكتوب من الأساس إلى تكوين عقلية متطرفة، وربما (أقول ربما من باب الظنية) أن هذا قد ينطبق على بعض مناهج التربية الدينية المسيحية التي أجبرت الصبي الحدث توماس على ارتكاب فعلته الشنيعة المخالفة لكل الديانات والتعاليم السماوية الإلهية بل والوضعية البشرية أيضا تلك التي سطرتها بعض العقول المريضة على هيئة ديانات جديدة.

والذين طافوا بنا عبر شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك وتغريدات تويتر العصفورية حول إن السبب في ارتكاب مثل هذه الجرائم المدرسة وليست الكنيسة لأنه لا يجوز الاقتراب أو التصوير من أبوابها بل وأسوارها أيضا، فأقول لهؤلاء ولغيرهم ممن تناولوا قضية تجديد الخطاب الديني الإسلامي منذ عقود أن قضية معلم التربية الدينية قضية شائكة ونوعية، ولا بد من إعادة النظر في إعداده وتكوينه، بل مراقبة أدائه الصفي مراقبة شديدة، لأنه المعول الرئيسي في تحريك دفة نظرية " إما.. أو ". ومما لاشك فيه أن هؤلاء المعلمين لا تقوم وزارة التربية والتعليم بإعادة تأهيلهم أثناء الخدمة، وإعطائهم دورات توعية مكثفة، بل ربما تتركهم عرضة لمحترفي الإثارة والتطرف، ومن العجب أن ترى معلماً للتربية الدينية ليس في الأصل معلماً متخصصا، في ظل نظام العقود المميزة والمطورة والركاب والصحافة..

وهذا يدفع بنا إلى تنوير رؤى وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع الأزهر الشريف والكنيسة المصرية من خلال الشراكة المثمرة والتعاون القصدي الإيجابي لتأهيل وإعداد وتدريب معلم التربية الدينية، وربما هذا رد أول شافٍ لمن علَّق على منشوري من الإخوة المسيحيين شركاء الوطن عن كيفية مساهمتي في تجديد الخطاب الديني المسيحي، وأرى ويرى غيري من الوطنيين المخلصين لهذا الوطن الكبير أن الكنيسة المصرية بما بها من قساوسة أماجد كرام على مستوى عالٍ ومتميز من الثقافة والدراية الدينية الرصينة مؤهلة للقيام بهذا الدور التنويري بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم لا في مصر وحدها بل في شتى الدول العربية بالمنطقة.

أما البعد الآخر لنظرية "إما.. أو " هو بدلاً من إلغاء مادة التربية الدينية (إسلامية أو مسيحية) بمدارسنا أمامنا أكثر من خيار، وليس فقط ما أشار إليه مؤتمر " التعليم والمواطنة". فهناك مثلاً قصص خالدة يحفظها التاريخ لأقباط ساهموا في نهضة الحضارة الإسلامية جنباً بجنب مع إخوانهم المسلمين على السواء، نحفظ أسماءهم، ونجتر ذكرياتهم وأعمالهم الإنسانية والعلمية فقط في الندوات الرسمية والأمسيات التي تجمعنا والأقباط بصورة غير رسمية، نفس الأمر يمكننا فعله داخل صفحات كتب التربية الدينية الإسلامية عن طريق توضيح وإبراز كيف كان الإسلام متسامحاً مع المسيحيين.

لا بد وأن يعي المنهج الدراسي هذا، وأن يتضمنه، ويحث عليه، وإلا فكل شعارات المواطنة والمطالبة الدائمة والمزمنة والعاجلة بقبول الآخر ستذهب جفاء، ولن يمكث في أذهان التلاميذ سوى أن هؤلاء لا وطن لهم معنا، وعليهم أن يذهبوا بعيداً باتجاه البحر في أقرب قارب.

وليس من باب الدهشة والغرابة أن نشارك في تجديد الخطاب الديني المسيحي من زاوية العموميات لا الخصوصيات والطبيعة التي ينفرد بها الخطاب من تعاليم تتصل بالعبادات لا المعاملات، فمن الأمور المثيرة لأي كاتب أو قارئ الآونة الحالية موضوع الحوار بين الأديان، وكيفية إيجاد سبل للتعايش بين أبناء الوطن الواحد. والأغرب والأدهش والأكثر عجباً أننا لا نزهق من الحديث عن سماحة الأديان في الدعوة إلى التعايش بين معتنقيها، وهذه حقيقة لا أستطيع إنكارها، والقرآن الكريم أسهب في عرض ذلك وأكد عليه في أكثر من موضع، مثل قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).

وعندنا في الإسلام الحنيف شرط أساسي لدخول الفرد الإسلام، وهو الإيمان بسائر الرسل والكتب والأديان السماوية، وهو ما لاتجده في أديان أخرى، كبعض الفرق المسيحية التي لا تعترف بمحمد (صلى الله عليه وسلم)، أما نحن فشريطة دخولنا الإسلام تمام وكمال الإيمان بالرسل جميعاً دون تمييز أو عصبية، وبكافة الكتب السماوية التي أرسلها الله تعالى لأهل الأرض، يقول الله تعالى في ذلك: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير). وهذا يجعل من علق على المنشور يراجع سطوره ألف مرة لأن من أساسيات الإسلام التنوير والتجديد والمشاركة في بناء الوطن لا هدمه.

فالإسلام دين يقبل الآخر ويتسع للتعايش مع المعتقدات والأديان الأخرى، وربما لن يجد الإنسان بصفته الإنسانية العامة ديناً رحباً مثل الإسلام، وتتمثل رحابة الإسلام في قبول الأديان غير السماوية، بالإضافة إلى قبوله وتسليمه للتعددية والاختلاف، يقول الله تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شئ شهيد).

ورغم ذلك لا يزال الغرب يتساءل ـ لوحده منفرداً بالعزف ـ لماذا يكرهنا العرب؟. والعرب تاريخياً لا يفطنون الكراهية، والدليل على ذلك سماحة أبنائه وقبولهم التعايش مع كل مستعمر ومحتل، ودعك من قضية فلسطين التي يصر البعض على تأكيد وحشية العرب والمسلمين هناك، لأن موضوع فلسطين شائك جداً، ولك أن تتخيل رجلاً يصوب فوهة بندقيته نحو رأسك ورأس زوجك وأولادك، هل ستتركه يقتلكم جميعاً وتسرح أنت بنظرك في ألوان قوس قزح؟.

ومن المضحك جداً أن يختزل الغرب مليار مسلم في مجموعة من الإرهابيين تقتل هنا، وتدمر وتفجر هناك، ومن المنطق نفسه لنا أن نتهم الغرب كله في قتل آلاف الأبرياء من المسلمين في البوسنة. الأغرب أن كثيراً من المحللين والمفسرين ـ وآسفاً ـ وبعض الشيوخ الأفاضل انبروا في عرض وثيقة أوباما في تغيير الصورة النمطية للإسلام، والأولى أن تسعى المؤسسة الدينية في هذا، وأن ترسخ المراكز الإسلامية المنتشرة في أوروبا لسماحة ورحابة الإسلام في قبول الآخر والتعايش معه في أمن وسلام.

لماذا لا يستثمر رجال المؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر الشريف والكنيسة المصرية) ميراث الخير في قلوب الناس، والغرب بصفة رئيسية، فيوضحون أن الإسلام منهج حياة كامل.

وهل من المعقول أن ننتظر من الآخر أن يدعونا للحوار وإلى تعرف الآخر وثقافته ولغته وحضارته، ونحن دون تعصب أو تحزب أول من دعا إلى ذلك، ومن العجب أن يعلن الغرب ضرورة حوار الحضارات والأديان، وأن الإسلام دعا ولا يزال يدعو إلى حوار يستمد الاعتدال من روح الإسلام وتعاليمه التي تدعو إلى الوسطية مثل قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)، والذي يفطن معنى الوسط يفطن أنه يعني الاعتدال والمثالية وعدم التعصب، بحيث يكون حواراً بالكلمة الراقية والمنهج السوي.

وعودة إلى الدعوة بضرورة تجديد الخطاب الديني المسيحي كرد فعل لما ارتكبه الصبي الصغير توماس فإن ثمة قنوات إلكترونية لا أدعي بعدم متابعتها بل أتابعها جيدا تقوم بنفس الدور الذي تلعبه بعض الطوائف والتيارات الراديكالية المتطرفة عقائديا والتي تبث خطاب الكراهية للآخر ليس هذا فحسب بل أحيانا كثيرة التطاول على الإسلام والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وأعتقد (وهذا ظني) أن الكنيسة المصرية الرسمية لا تراقب أو تحاسب مثل هذه القنوات ودورها هو التصدي لمثل هذه الأفعال تحقيقا للسلام المجتمعي والعيش المشترك الآمن والسليم من أجل مسايرة القيادة السياسية في عمليات بناء الإنسان المصري وتمكينه وريادته وهذا ما يتوافق مع رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي وما جاء برؤية مصر 2030 وكذلك تقرير التنمية البشرية مصر المسيرة والمسار 2021.

ولاشك أن جملة من الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الإلكتروني والتي رصدتها تنشر أقصى درجات الكراهية تجاه الآخر، وهي مجرد مساجلات ومجادلات ومناقشات تسير في اتجاه واحد بغير رجعة تماما تشبه من هاجم مناهج الأزهر الشريف بالتخلف والرجعية والتطرف والإرهاب ولكن بعدسة محدبة، نحن بحاجة ضرورية إلى تطوير الخطاب الديني، ليس هذا فحسب، بل وتطوير الإعلام الديني وتشديد المراقبة عليه، ومناسبته للتحديات التي تواجه الوطن نفسه، وربما أن معظم هذه التحديات والصعوبات كنا قد أوجدناها بأيدينا نحن، ومع كل هذا نتهم الغرب بالمؤامرة، ونقيم نظريات تفسرها وتؤولها رغم أن كافة السلفيين يرفضون التأويل والتحليل، ومع هذا فيلجأون إليه عندما يخاطبون مريديهم أمام الشاشات، وإن كان قولهم ومظانهم حقاً.

وعجيب ما رصدته بحضور كثيف وطاغٍ في الخطاب الديني المعاصر، فهناك نبرة استعلائية غريبة، رغم أن الخطاب الديني هو رسالة وقيمة في الأساس، ولكن ما سمعته وقرأته من كتابات أكد لدى حقيقة هي أن الخطاب الديني الذي بات تائهاً بين التجديد والتطوير والتعديل يسعى إلى تأسيس درجات متعددة من القمعية والسلطوية، فصاحب الخطاب والنص لايزال يضفي على نفسه صفة القاضي والمشرع والمفتي وصاحب الأمر والنهي والقمع على المتلقي البسيط حتى يحول خطابه الديني إلى سلطة قمعية.

ووسط عشرات القنوات الفضائية الفراغية وعشرات الكتب التي من المفترض أنها دينية تحفز العقل على التنوير تجد معظمها تحمل عقاباً أكثر مما تحمل حلولاً وعلاجات لمشكلات عصرنا المضطرب، ومن المدهش أن سمة العقاب هذه لها كيمياء وحالة من الرضا بنفس وقلب وعقل المستمع والقارئ، فهو لا يريد أن يرهق نفسه بالتفكير والتأويل والتحليل لما يطالعه أو يسمعه من معلومات دينية، لذا فالمستمع ذو الآذان الكبيرة (مثل أذنيَّ) ليس بحاجة ماسة إلى بدائل يختار من بينها أكثر مما هو بحاجة إلى وجود قوة بشرية رادعة له.

ولم أجد شيئا طيبا أختم به هذه السطور سوى ما كتبه الأستاذ الدكتور المستنير محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري السابق في كتابه الأكثر إمتاعا وعبقرية وسحرا في السرد والتناول " الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري" والذي نُشرَ تقريبا بكل لغات الكرة الأرضية حينما قال: هذه حقيقة لا يجوز لنا أن نتجاهلها عندما نتحاور، فلابد من المصارحة أولا حتى يمكن أن نزيل سوء الفهم على كلا الجانبين، ونفتح صفحة جديدة على أساس من الاحترام المتبادل، وتفهُّم كل طرف وجهة نظر الطرف الآخر، وعندما يتحقق ذلك سيحل الحوار المثمر محل الصراع المخرِّب للعلاقات بين الجانبين".

إن الخطاب الديني بحاجة إلى عملية تثوير جذرية، وكلما قرأت الآية القرآنية التي تقول (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) أدركت على الفور أننا أمامنا طريق طويل جداً لتغيير النبرة الاستعلائية للخطاب الديني على المستويين الإسلامي والمسيحي، وأن قبول المناقشة وتقدير التنوع الثقافي دون استعلاء أو استكبار لهو أمر جلل بلا ريب.

وأن خطاباً مثل هذا لا يحمل سمة التسامح وتقدير التنوع الثقافي والفكري دون قمع أو قهر لا يؤدي يوماً ما إلى بناء أو نهضة، بل سيسفر عن أجساد تمشي على الأرض لا هدف لها في الحياة أو منها. فكيف تنهض هذه الأمة ولا يزال بعض الأصوات والأقلام والوجوه بقصص تاريخية عن الصراع الإسلامي المسيحي والعداء التاريخي المزمن، وأنه لا فائدة ترتجى من الحوار مع الآخر الوطني بصفة خاصة، أو مع الآخر الغربي بصفة عامة.

***

الدكتور بليغ حمدي إسماعيل

ـ أستاذ المناهج وطرائق تدريس اللغة العربية (م).

ـ كلية التربية ـ جامعة المنيا.

في المثقف اليوم