قضايا

الانتحار.. الأسباب والمعالجات!!

صادق السامرائيهناك أسباب عديدة للانتحار تتكرر في الكتابات ومنتشرة على مواقع الإنترنيت، ولست معنيا بها لأنها خالية من التفاعلات الإيجابية الصالحة للوقاية من الانتحار، وسأتناول بعض الأسباب المغفولة في مجتمعاتنا، التي لها دورها المؤثر في تأهيل البشر للوقوع في دوامة الإنقضاض على النفس وإطعامها للتراب، وبعض الإقترابات التداخلية اللازمة لها.

 الأسباب:

- إنعدام المساواة الخدمية

تقديم الخدمات لأبناء المجتمع بالتساوي يساهم في تأكيد قيمة المواطن ويشعره بأهميته، وبضرورة تواجده وتفاعله مع الأيام بإيجابية وإبداعية لتقوية المجتمع الذي ينتمي إليه، وبعكسه تتحقق أضرار نفسية شديدة تدفع بالمواطن إلى الجزع، وإتخاذ المواقف السلبية من الحياة بكينونتها الذاتية والموضوعية، مما يساهم في تأهيله لتفريغ كل شيئ من معناه ومحتواه.

- الطائفية والمذهبية

للطائفية والمذهبية دورهما الفتاك في تأجيج مشاعر الغضب والبغضاء في النفوس البشرية، مما يدفع إلى تفاعلات إنتقامية ومضايقات عنيفة توقد المشاعر السلبية، وتحيل المجتمع إلى تنور ملتهب تنسجر فيه الموجودات، وتنطلق السلوكيات المضرة بالفرد وما حوله، ومنها أن يقدم المواطن على الانتحار وقد يقتل العديد معه إنتقاما من مجتمعه الذي ظلمه وأعدمه.

- الإقصائية

من أخطر السلوكيات عندما تتخذها الحكومات وسيلة للحكم والهيمنة على مقدرات الآخرين، وإتهامهم بما ليس فيهم، وإشاعة الكذب المعبأ بالإزراء المتكرر، والذي سيتحول إلى وصمة كبيرة يصعب إزالتها، أو إثبات عدم صدقها، لأن الذي يقصي يمتلك الأدوات الإعلامية المادية والعسكرية الكفيلة بإرغام المُقصى القبول بما يوصف به ويتصرف بموجبه.

- النتائج السلبية المتراكمة

عندما تتراكم السلبيات في المجتمع فأنها تحقن المواطنين بسموم اليأس والقنوط والإستسلام لما لا يريدون ولا يرغبون، وتدفع بهم إلى سلوكيات معبرة عمّا يعتريهم من المشاعرة المناهضة للحياة، والمحببة للموت والإنقضاض على معالم الدنيا ونكرانها والهجوم عليها بشتى الوسائل المتاحة، وذروتها تتلخص بالإجهاز على النفس والتخلص منها.

- الإجحاف في تقديم الخدمات الأساسية

تقديم الخدمات الأساسية التي تقرها حقوق الإنسان، تعني العمل على إسعاد المواطنين في أي مجتمع، وعندما تعمل الحكومات بغير ذلك وتتخذها وسائل للحكم والقبض على مصيرهم، فأنها تدفع بهم نحو منحدرات التداعيات المريرة، وما يتأتى من تفاعلاتها وتواصلاتها مع ما يساهم في تعزيزها وتنمية معطياتها الفتاكة.

- قلة البحوث والدراسات

أية حالة تندر فيها البحوث والدراسات تتحول إلى معضلة مزمنة ومصدر للوجيع المروع، وبما أن موضوع الانتحار في مجتمعاتنا لا ينال ما يستحقه من الدراسات والبحوث الرصينة العلمية المناهج والمواصفات، فأن الإقتراب منها يكون ضعيفا وخاليا من المعلومة الصحيحة اللازمة لإتخاذ القرار الصائب القويم.

- العوامل المؤدية للكآبة

من المعروف والشائع أن نسبة مهمة من المصابين بالكآبة يقدمون على الانتحار، وعندما نتصدى لأسباب الكآبة ونحرر الأيام من عناصرها ومفرداتها، فأننا نعمل على تقليل الانتحار، أما عندما نجتهد في توفير ما يؤدي للكآبة فأن نسبة الانتحار ستزداد وتتطور، وما يجري في واقع مجتمعاتنا أن الكآبة صارت مشاريع للنيل من الآخرين.

- الإبلاس والقنوط

إنعدام الأمل وغياب القدرة على الإتيان بجديد واعد، والقول بأن ليس في الإمكان خير مما كان، من الاسباب المهمة المؤثرة في السلوك الانتحاري، لأن البشر يتملكه شعور بالإستنقاع والتأسن والتمحن في دنياه، فيعمل على التخلص من أصفاد همومه وأوجاع ما فيه من الطاقات والتطلعات، وعندما تغلق أمامه المنافذ وتنعدم المخارج يكون خيار الانتحار من الأولويات التي سينجذب إليها.

- نشر الإحساس بعدم الجدوى

نشر ثقافة اللاجدوى وما يرافقها من أفكار ومشاعر ضارة بالفرد والمجتمع، يدفع بإستنهاض ما يتوافق معها من التفاعلات والسلوكيات اللازمة لتعزيزها، وتأهيلها للإنطلاق نحو مشاريع تدميرية جذابة لمزيد من الإندحارات التدميرية الضرورية لدفع البشر إلى ما لا تحمد عقباه، فتراه يتقافز إلى ميادين الهلاك والإهلاك الفردي والجماعي.

الخراب السائد والعمران الغائب

الخراب يبعث اليأس في النفوس، والعمران يشحنها بطاقات التفاؤل والأمل، وكلما تزايد الخراب ألمَّ بالمجتمع الحزن والإحباط، وعندما يتنامى العمران وينتشر تنتعش الإرادة المجتمعية، ويتطلع الناس نحو المستقبل الأفضل والحاضر الأجمل، وهذه المشاعر والتفاعلات تؤدي للعدوان على النفس كما أنها تساهم في عزتها وعلاء قيمتها ودورها.

- الفساد

من العوامل الخطيرة المغفولة في حياة المجتمعات والشعوب، أن الفساد له دور مهم في التنكيل بالبشر والتأثير على وجودهم وتفاعلاتهم مع الآخرين، وكلما زاد الفساد زاد الظلم والقهر والإمتهان والجور والتقليل من قيمة الإنسان، مما يدفع لمزيد من التفاعلات السلبية المؤدية إلى النيل من الحياة وما يمثلها ويأتي في مقدمتها البشر.

- أوبئة الكراسي

التسابق نحو الكراسي وفقا لمعطيات مجحفة وإستحواذية يساهم في إنتشار المحسوبية، وترسيخ المظالم ومصادرة حقوق الناس وتعويق تطلعاتهم وإنطلاقاتهم، وهذه المصدات المتسببة بمعوقات شديدة تدفع إلى تأجيج المشاعر السلبية وتنميتها لتكون مؤهلة للتعبير عن طاقاتها التدميرية بأنواعها.

- نعرف ولا نعمل فلا قيمة للمعرفة بلا عمل 

تفريغ البشر من قيمة المعرفة ودورها في صناعة الحياة الأقدر والأكثر معاصرة وإنطلاقا نحو الأفضل، يؤسس لبناء الحالة النفسية المناوئة للحياة، ويدفع بأصحابها إلى إرتكاب تصرفات ذات نتائج مروعة، ويكون في مقدمتها العدوان على النفس، وقد يتوسع بالإقران ليشمل ما حوله.

- الواقع الهرموني والبيئي

للتغيرات البيئية دورها في دفع الموجودين فيها إلى القيام بعمل ما، ولإرتفاع درجات الحرارة والجفاف، تأثيرات على المكونات الكيمياوية في الدم، مما يتسبب بسلوكيات ناجمة عن نقصانها، بل حتى قلة الماء في الجسم قد تشيع القابلية على سرعة الغضب والإستجابات الفورية القاسية.

عدم القدرة على تحويل المعلومات إلى أجندات ذات قيمة عملية إيجابية

هذا السلوك يمثل العجز الحضاري القاضي بالقنوط والإبلاس وفقدان قدرات التواصل مع نبضات الحياة، والإمعان في الإنتكاس والإنكسار وتراكم الإحباطات، ويدفع إلى الإستسلام والخضوع والإرتهان بالآخرين، وتنامي مشاعر الإنتقاصية وفقا لأوهام تفوقهم الإقتداري وعجزنا التفاعلي المعطاء.

المعالجات:

- النشطاء الإجتماعيون والإعلاميون

دورهم توعوي ويقظوي لإخراج الناس من ظلمات الجهل النفسي، ولإيقاد أنوار المعرفة التي تؤهلهم للتفاعل مع الحياة، بإرادة مقتدرة على البناء والعطاء الأجزل. وإذا تغافلوا عن دورهم وأصبحوا أدوات لتمرير ما يساهم في التفريغ الجماعي من إرادة حب الحياة، لما يواجهونه من إحباطات منظمة، وإنتكاسات مبرمجة للتعجيز والتقعيد والتخميد، فأن مسيرة مجتمعاتهم ستكون تدحرجية ومأساوية.

- التداخلات الوقائية والعلاجية

"الوقاية خير من العلاج " قول ضارب في أعماق الأجيال وعلى مدى قرون وقرون، وتحول إلى لفظ بلا قيمة عملية أو إنجازية يعيها الناس في المجتمع، فالتوقي من الأخطار حالة مبهمة في واقعنا المعاش، ورغم تعلم هذه العبارة في السنوات الأولى من الدراسة الإبتدائية، غير أن التطبيق العملي لآلياتها مجهول، والأمية الوقائية سائدة على مر العصور.

- الأفكار والستراتيجيات

مجتمعاتنا يعز فيها المفكرون الستراتيجيون القادرون على اِلإتيان بما ينفع الناس ويزيدهم قوة وعزما على مواجهة التحديات، فأكثرهم يحلقون في مدارات بعيدة عن الواقع اليومي، وفشلوا في تقديم الحلول اللازمة لصناعة ما هو أفضل، وبسبب ذلك تراكمت المشكلات وتعضلت، وأصابت الناس بالمشاعر السلبية والأحاسيس الدونية، مما أهلهم للإنقضاض على حياتهم لفقدانها لجدواها.

- تغيير على مستوى الأفراد والمجتمعات

التغيير أن نأتي بحالة سلوكية صالحة تشافينا من تداعيات الحالة القائمة، ولا بد لها أن تنطلق من الأفراد أولا، وبشيوعها بينهم تصبح تيارا مجتمعيا قادرا على ترسيخ سلوك جديد صالح لبناء الحياة الحرة الكريمة للمواطنين، وبغياب هذه الهمة، يخيّم العجز والقنوط على النفوس ويدفع بها إلى إنهيارات تفاعلية قاسية وذات خسرانية عالية، فيأكلون ذاتهم وموضوعهم.

- إعادة ترسيم الأولويات

يقترن المفهوم بالدولة إن كانت ناجحة أم فاشلة، فالدول الفاشلة تعيش مآزق تدميرية متواصلة، لأن شرائع الغاب فاعلة فيها، فالدول الفاشلة بلا دستور مؤثر ولا قوانين منصفة، وإنما السلطة الحقيقية بيد المجاميع المسلحة والفئات المتأسدة التي ترى الأمور وفقا لأهوائها، وتطلعاتها المنحرفة المجردة من الإعتبار لحقوق الآخرين، مما يجعل المواطن في محنة الضياع والإنهيار النفسي والفكري والروحي، فيتحول إلى قشة في مهب الإنقضاضات الجائرة عليه.

- برامج متنوعة الجوانب والتوجهات والتخصصات

البرامج العلمية التعليمية المعاصرة تكاد تندر في وسائل الإعلام عندنا، ويتحقق التركيز على البرامج القابضة للنفوس والمؤججة للمشكلات، والخاوية الحلول والإجراءات، فما يذاع ويقدم وينشر، يعتبر محض هراء، ما دامت قوة القرار في مأمن ومحمية من القوى ذات المصالح الكبرى فيما يكون عليه الحال، ولهذا يذهب المواطن إلى إبتكار وسائل لزعزعة كراسي القوة والتسلط على مصير الناس، وإيقاظ ضمائرهم، ويتناسون أن لا حياة لمن تنادي.

- زيادة الوعي النفسي

ويبدو وكأن الوعي النفسي من المحرمات، مع أن القرآن فيه العديد من الآيات التي تحض على وعي النفس وتهذيبها وإرشادها، ومعظم التوجهات الأخلاقية تستهدف النفس الأمارة بالسوء والبغضاء، بينما تجد الذين يدّعون الدين يحالون تجهيل الناس بأنفسهم، وتخنيعهم ووصفهم بما ليس فيهم للحفاظ على مكانتهم ودورهم في إمتهانهم وإمتلاكهم.

وهذا النهج يؤدي إلى تداعيات خطيرة يكون في مقدمتها الانتحار الفردي أو الجماعي.

- تخصيص ميزانيات للرعاية النفسية

الرعاية النفسية في مجتمعاتنا لا تحضى بما تستحقه من الإهتمام والإلتزام، بالمقارنة بما تتلقاه في المجتمعات المتقدمة، فأنظمة حكم دولنا تعادي الثقافة النفسية، ولا تريد تسليط الأضواء عليها، لأن العديد من أصحاب الكراسي مصابون بإضطرابات وعلل نفسية تتسبب بتدمير بلدانهم، فعللهم النفسية مقدسة، وعلل المواطنين لعنة وسبة، وعليهم تجاهلها، ولتأكل النار حطبها.

- ثقافة الأمل والتفاؤل

الواقع العربي تزدحم فيه الكتابات الإحباطية المترعة باليأس والقنوط، والمشحونة بالتيئيس والإبلاس والإنتكاس، والدفع بإتجاه الإنكسارات والنكبات، وعدم الدعم المتواصل لتعزيز الإرادة ووضع الحجر الأساس لمشاريع تفاؤلية ذات قيمة تحفيزية وتوثبية، ولا بد لمنطلقات التفاؤل والأمل من السيادة على الوعي الجمعي لكي يتحقق بناء الحياة الحرة الكريمة.

- الشعور بالإقدام

الإقدام: الإسراع في إنجاز العمل دون توقف، وفيه بعض المخاطرة والمغامرة.

والإقدام في جوهره توثب نحو المستقبل، ولكي يكون الحاضر أجمل لابد من التفاعل الجاد مع المستقبل، فالعمل برؤى المستقبل تبث الحماس وروح التفاني والإبداع في النفوس، وتدفعها نحو النشاطات الحضارية الراسخة في وجدان الأجيال المتوافدة.

- المشاركة في صناعة الحياة

يجب أن يشعر المواطن بدوره في صناعة الحياة الوطنية، وعليه أن ينجز مهمته بإخلاص وإرادة صادقة تملي عليه إطلاق ما فيه من طاقة الخير والفضيلة.

وذلك يتأتي من تعميق الشعور بالمسؤولية تجاه النفس والمجتمع والوطن، وإدراك أن قيمة الوطن تكونها قيمة مواطنيه.

- حل مشكلة السكن

مشكلة السكن من المعاضل المزمنة المدمرة لنفوس المواطنين والمتسببة في همهم ويأسهم، وجزعهم المروع الذي يدفعهم إلى ما لا تحمد عقباه، فالحكومات عجزت منذ تأسيس دولنا على أخذ موضوع السكن على محمل الجد، ولم تتعلم بناء المجمعات السكنية كما فعلت الدول الإشتراكية في القرن العشرين، وكذلك الصين، وقهر السكن يؤدي إلى تراكمات نفسية سلبية قد تتفاقم وتنتهي بمأساة انتحارية.

- القضاء على البطالة

من أخطر أسباب فقدان الشخص لقيمته ومعنى حياته أن يكون عاطلا عن العمل، وبلا قدرة على التفاعل مع مجتمعه، وتأمين راحته النفسية وإرضاء حاجاته الأساسية، مما يتسبب بإنكسارات خطيرة وتداعيات نفسية أليمة، تفرغ الحياة من قيمتها وأهميتها، ويكون الموت المهرب الأقرب منها.

- زيادة الدخل

المواطن يجب أن يحصل على دخل يكفي لتأمين حياة حرة كريمة له ولعائلته، وعندما تغيب قدرات الدولة على توفير ذلك خصوصا في الدول النفطية الثرية، ويتسيد الجور والفساد والإستحواذ على ثروات الشعب وإيداعها في البنوك الأجنبية، وحرمان المواطنين من أبسط الحاجات، فأن في ذلك حث لهم على اليأس من الحياة والإستسلام لإرادة الموت.

- الإسناد النفسي والتداخل الوقائي الطوارئي

لا بد من تواجد الفرق الطبية المؤهلة للتداخلات السريعة اللازمة لمنع المنتحرين من إنجاز مهمتهم، وذلك بوعي العلامات الدالة على سلوك الانتحار، وفي العديد من دول العالم هناك خطوط ساخنة تساعد الذين لديهم أفكار انتحارية على تغيير وجهات نظرهم ورؤية الحياة بمنظار آخر.

- حملات التوعية النفسية

التوعية النفسية من ضرورات الحماية من المخاطر الجسيمة للتداعيات النفسية ومنها الرغبة في الانتحار، فعندما تكون العائلة يقظة وكذلك المجتمع، فأن الوقاية من الانتحار ستكون أكثر تحفزا، ومبررات الحيطة والحذر قائمة ومؤثرة في تأمين السلامة، وتوفير الرعاية الكفيلة بمنع إنجاز مشروع الانتحار والتاسيس للمآسي والويلات.

- زيادة المساحات الخضراء

العديد من مدننا تكاد تخلو من اللون الأخضر، وتتميز بأنها جرداء، وكأن الناس فيها تعادي الشجر، فلا توجد ثقافة زراعية وتوعية كافية بأهمية الأشجار والحدائق والمتنزهات للسلامة النفسية، والصحة السلوكية، مما يستوجب الإهتمام بزيادة المساحات الخضراء في ربوع مدننا.

- الإنتصار على الأمراض المزمنة

توفير الرعاية الصحية المتوافقة مع معطيات العصر، لمعالجة الأمراض المزمنة والحفاظ على حياة أصحابها، وتأهيلهم لممارسة نشاطاتهم اليومية بما يمدهم بمشاعر إيجابية، له دوره في حمايتهم من الإنزلاق في متاهات الإنقضاض على وجودهم، وهذا يستدعي بناء المستشفيات والمراكز الصحية ذات القدرة المعاصرة على إستيعاب حاجات المواطنين.

- الإهتمام بالمدارس الإبتدائية ومواقع التعليم

المدارس الإبتدائية هي الحاضنة الأساسية التي تؤهل المواطن للتواصل في مسيرته في البلاد، وعندما تكون بائسة وخالية من أبسط الشروط الكفيلة بالتربية والتعليم، فأنها ستزرع في نفوس التلاميذ بذور الإنكسارات والإحباطات، وترسم على وجوههم قسمات اليأس والحزن والإكتئاب المهين، ومن أخطر ما يساهم بالسلوك الانتحاري أن يُبذر في نفوس التلاميذ في الصغر ما يدفعهم لمعاداة الحياة ورفضها.

- نشاطات تحسين اللياقة النفسية والبدنية

للتفاعلات الحركية دورها في بناء النفس القويمة، فالنفس السليمة في الجسم السليم، لأنه يمدها بمؤهلات التواصل المطمئن مع محيطها، ولهذا يكون للنوادي الرياضية والنشاطات البدنية أهميتها في بناء القدرة النفسية المتماسكة المتمكنة من صناعة إرادة الحياة الأبية، التي تنفر مما هو سلبي وتتمسك بالإيجابي الآخذ بها إلى آفاق أرحب وأفضل.

- برامج منع التعويق النفسي

التفاعلات التربوية في بعض مجتمعاتنا ذات طابع تعويقي نفسي، فمنذ الصغر تضخ في وعي الأطفال ما يشجعهم على اليأس والعدوان، ويعلمهم السلوكيات الغابية القاسية، وهذا يمهد لبناء القاعدة الصالحة لنماء الأفكار المناهضة للحياة الطيبة، فيندفعون بإتجاهات ذات تداعيات انتحارية أو إجرامية، وعليه فالمطلوب إعداد البرامج القادرة على صناعة الأجيال المتفائلة الواعدة بالخير والفضيلة.

ما تقدم إقتراب عام فلكل مجتمع عناصره المتفاعلة والمؤدية إلى سلوك الانتحار، ولا بد من أخذ خصوصيات المجتمع بنظر الإعتبار عند تناول موضوع الانتحار فيه، فالسلوك البشري يتأسس في أوعيته الإجتماعية، وينطلق منها إلى غاياته الكامنة في أصحابه.

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم