قضايا

نهاد أبو القمصان وجدل فلسفي حول "واجبات الزوجة"

شهد الشارع المصري في الأسبوع الماضي جدلا محتدما على خلفية "موضوع واجبات الزوجة" والذي طُرح للنقاش بعد تصريحات تحدثت عن دور المرأة تجاه أسرتها، لينقسم المجتمع المصري إلى فريقين بين مؤيد ومعارض، الأمر الذي دفع الأزهر الشريف الدحول على خط الجدل الساخن ويصدر بيانا.

وقد بدأ الجدل بعد أن تحدثت الدكتورة هبة قطب خلال حلولها ضيفة علي برنامج تلفزيوني "حكاية"، قالت أنه " لا يوجد سند شرعي أو قانوني يجبر المرأة على الالتزام بالطهي لزوجها دون مشاركة أو تبادل للأدوار" .

واحتدم الجدل بعد تصريحات لعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، حيث رأينا المحامية " نهاد أبو القمصان " خلال جلسة نقاشية نظمها صالون تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بعنوان «سيكولوجية العنف.. العنف ضد المرأة"، والتي تتناول مصطلح العنف وأنواعه، ومخاطر العنف ضد المرأة، وتأثيره على نفسية الفتيات والمرأة بشكل عام، كما تتطرق لمناقشة أسباب العنف ضد المرأة، وكيفية إعادة تأهيل ضحايا العنف، ودور الدولة ومنظمات المجتمع المدني في مجابهة العنف ضد المرأة.

وأضافت نهاد أبو القمصان: "لم أقل إن الست غير ملزمة بالرضاعة، الست ملزمة بأنها تتعلم وتشتغل حتى تأخذ قراراتها بنفسها، أما أمر الرضاعة فهو في النهاية قرارها".

واستطردت قائلة: «الحياة مبنية على التوافق بين الزوجين، وإن لم يحدث هذا التوافق يكون في النهاية الطلاق، لأن المرأة يجب أن تكون مستقلة بذاتها، وقادرة على اتخاذ القرارات، فهي قوية ولها مكانتها في المجتمع».

واختتمت كلامها فقالت :" إن الشارع لم يلزم الأم بإرضاع طفلها وإن فعلت فمن حقها تقاضي الأجر علي ذلك " .

الجدل لم يقتصر علي إبداء الآراء، بل تطرق للجانب الديني، حيث عززت" نهاد أبو القمصان " رأيها ندما ظهرت علي عبر حسابها علي فيسبوك مقطع فيديو نشرته، وقالت فيه: "في شاب سألني: إنتى يا أستاذة قلتى الأم مش ملزمة ترضع أولادها ولو رضعت تاخد أجر؟، قلت يا ابنى دا مش كلامى، دا كلام ربنا عز وجل في القرآن في سورة البقرة وفي سورة الطلاق»، واختتمت نهاد أبو القمصان كلامها قائلة: "محدش قال الأم ما ترضعش ولادها، وأنا شخصيا رضعت ولادى الثلاثة الحمد لله".. بينما اعترض البعض قائلاً: "والله أنتم بتحاربوا الفطرة السليمة.. فطرة الله التي فطر الناس عليها"، وتابع البعض كلامة قائلا" محاولة جديدة ضد الطبيعة".

وتابعت: "لم أقل إنها غير ملزمة بالرضاعة أو تحصل على أجر رضاعة، هذا ليس رأيي وإنما اقتطع من سياق أقول فيه إن حقوق المرأة مبنية على المساواة في الأسرة والتوازن والعلاقات المتبادلة، الحديث الأساسي كان حول اقتطاع النصوص، والرد عليهم في مسألة الزواج بلا قيد وشرط".

وأكدت أنها تكن كل التقدير والاحترام، للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والذي وصفته بأنه "رجل عظيم"، متابعة: «لديه آراء يختلف عليها شيوخ الأزهر السابقين، وعندما قال إن ضرب الزوجات ممنوع، اختلفوا معه وقالوا إنه مخالف".

وأردفت: "لعبة الاقتطاع والاجتزاء من الدين لإرهاب النساء كانت القضية، لو عاوز المنهج خذه على بعضه، لم أطالب بأجر رضاعة أصلًا ولا أقبل، وأطالب أن المرأة تكون مستقلة مالية ومتتحوجش أصلًا لأي حد.. لما تقول لي لازم عليها، هات باقي الأحكام التي نختلف معها".

وشددت على أهمية وجود فقه جديد للعصر الجديد، ومراعاة العرف السائد عند المصريين الذي يمنع التعدد، ويحترم النساء ولا يقبل يضربهن، وينادي بأن يكون الطلاق بإذن من القاضي، منوهة إلى طرد مليون سيدة بأطفالها من منازلهم، وفقًا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وحتي كتابة هذه السطور أو بالأحرى، فهذه عينة من الردود، حيث قال البعض: "هي نصحت حتى يكون هناك جبل محترم وتقليل نسبة الطلاق والترابط الأسري، انظروا للفيديو بالكامل"، وعلقت إحدى السيدات قائلة "هجوم غير مبرر"، بينما أشاد شخص ما قائلًا «لا يصح إلا الصحيح، الجميع يتحدث في إلا شئ وعندما يأتي شخص ليتحدث في الصح على حد قولة دقيقتين يهاجمونها".

وهذا الجدل الذي ساد مواقع التواصل والإعلام دفع الأزهر إلى إصدار بيانا على صفحته يقول فيه:" إن العلاقة الزوجية علاقة سكن تكاملية تقوم على المودة والمسامحة، وليست علاقة ندية أو استثمارية نفعية، وتغذية روح المادية والعدائية جريمة أخلاقية .

وأضاف أن الأمومة ورعايتها لبيتها وتخريجها أجيالا تصلح حال المجتمع رسالة عظيمة، وإدعاء دونية هذه الأدوار طرح كريه يٌقصد به تخلي المرأة عن أهم أدوارها وتفكك أسرتها "، ورأي الأزهر أيضا أنه لا يليق بقدسية الزواج ومكانة الزوجة فيه ان تُعامل معاملة الأجير في أسرتها، وإنما على الزوج واجب النفقة بالمعروف لها ولأولادهما ".. وأيضا أوضح البيان أن واجب الزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على أدوار ومهمات حياتهما وفق ما اتفقا عليه ..

***

أ.د محمود محمد علي

أستاذ الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

في المثقف اليوم