قضايا

بين المسلمين والمسلمين.. جدلية

مالم يعترف المؤرخون والباحثون والفقهاء بحقيقة تكوين أمة العرب التي دخلت الاسلام بعد ان كانت قبائل متفرقة، املاً في تكوين الأمة الواحدة كما قال لها القرآن "هذه أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فأعبدون، الأنبياء93" فخاب ظنهم بلعبه الخلفاء الأوائل، حتى بدخولهم خسروا كل القيم بعد وفاة راعي القيم، حين جاء المفسرون ليفسروا النص المقدس تفسيرا سردياً مستبعدا منه المنطق التحليلي، فولدوا لنا دينا جديداً يختلف تماما عن دين محمد (ص) هو دين السلطة لا دين الأمة ، الذي لازال قائما منذ سبعة قرون والى اليوم، بعد ان ساعد المنهج الدراسي السلطوي على تركيزه في فكر الشعوب لينقلوه الى وهم ديني يتناقض، وحقيقة الدين الأساس في التنزيل، هنا خسرَ العرب تاريخهم والدين معاً،

هذا الاسلام الذي ولد سرأً على يد محمد بن عبدالله (ص) في مجتمع تنتشر فيه الديانات الوضعية والآلهية، مكة التي تحكمها قريش كانت صنمية، وأصحاب الديانتين اليهودية والمسيحية في مكة والمدينية الذين رحبوا بالدعوة الجديدة، املا في التوحيد بقيادة المسيحي ورقة بن نوفل خال خديجة بنت خويلد زوجة محمد بن عبدالله، والذي كان متوافقا لدعوة محمد في تحقيق النص المنزل عليه في تثبيت دعوة المسلمين.

لاقت الدعوة الجديدة الأمرين حتى تم لصاحبها فرصة الهجرة القهرية من مكة الى المدينة "قال الرسول (ص): " لولا أني أخرجت منها، ما خرجت الأزرقي، أخبار مكة ".ونَمت وتقدمت العقيدة بعد الهجرة في المدينة حتى أكتملت ديناً للمسلمين بعد فتح مكة "عام 9 للهجرة، "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً ".لكن أسلامهم توقف وأنتهى بعد وفاة نبيهِ محمد (ص) في المدينة سنة 11 للهجرة مباشرة، بمجيء الخلافة المتفق عليها دون شورى المسلمين،. ولا زال الاسلام متوقفاُ بشيوع فكرة المذاهب المتعددة والفكر الدكتاتوري السلطوي، ومالم يعود اسلام محمد الشورى لن يكون هناك لا أسلام، ولا دين.

ظل الاسلام نتيجة ظهور الفقهاء والمفسرين الذين فسروا أياته تفسيرا ترادفياً على الحدس والتخمين فكانت لغتهم قائمة على التفكير القائم على ادراك المشخص ولم تكنفها التسميات الحسية قد استكملت بعد ن تركيزها في تجريدات، وزاد الطين بله بظهور فقهاء البويهية الطوسي والكليني والشيخ المفيد، ، والسلجوقية الماوردي والجويني والغزالي وكلهم من غير العرب فادخلوا عليها ما لم يكن منها، وجاء من بعدهم الحلي وابن تيمية، اللذين ساهما بتفسيراتهم المتزمتة والمغالية، في التشظي والتفريق، حتى اصبح الاسلام يعادي الحق والعقيدة والأخرين، من اجل السلطة لا المسلمين، هكذا أصبح اسلام محمد الأمين، خرافة في مؤسسات الدين؟

ولا زالت التفاسير يطبع منها في كل عام الف تفسير وتفسيرلتوضع كتبا منضدة في مكتباتهم تباهيا لا قراءة ولا تدقيق ، وحتى لا تنهض الامة ابدا ولاتبقى على اسلامهم القديم كما يقول :(الفقيه كمال الحيدري)، لابد من تغيير جذري لتجديد القيم وقراءة النص بصحيح وعلى مستوى الرؤية التاريخية بعد ان توقفت حركة التاريخ وصيرورة الزمن في التغيير.ولا زالوا الى اليوم اصحاب فِرق التمزق والتفريق حراساً أمناء لها كما في داعش والقاعدة والمتزمتين من اصحاب مذاهب التخريف، ينادون ان الاسلام هو الحل، ولا ندري اي اسلام يقصدون، اسلام الزرادشتيين الذي يحارب كل من له رأي سديد، ام اسلام الداعشيين، أم عقيدة خونة الاوطان اصحاب السلطة الراكعين تحت ارجل المغييرين، الحاقدين؟

ولا ندري كذلك اين نجد اسلامهم المحمدي المنادى به اليوم؟ عند شيعة سلطة العراق حكام التزييف، أوالمالكية اوالشافعية اوالحنبلية ابطال اجتهادات التفريق والذي انبثقت منهم القاعدة وداعش وطالبان، وكلهم بالسيف ينادون،؟ وكأن اسلام محمد ما جاء الا للقتل والسلطة والغزوات وما ملكت ايمانهم من نساء الجنس ، لدرجة ان أعلام دول الاسلام الى اليوم ترفع السيف شعارا لها، تباهيا بعنف اسلام المسلمين، لا برحمته على العالمين.

ولا ندري كذلك هل ثمة برنامج واضح للحل لدى اية فرقة او مذهب من الذين ينادون بالاسلام حلاً، اين هم في داعش ام في القاعدة ام في المذهبيين؟ وما دامت الفرضية عندم هو الكمال مقدما دون نقص فمن اين نأتي بالجديد المقبول عندهم والنص الديني غير قابل للتغيير، بعد ان استبعدوا القراءة المعاصرة للنص من نظرية التطور، اذن لا حل عندهم ابداً، فهم لا زالوا يريدون خلافة او نظاما دينيا ثبت فشله منذ أكثر من 1400 سنة ولازال فاشلاً الى اليوم، ومن يخالفهم عدوه من الكافرين، فكيف يكتب له النجاح في عصر التكنولوجيا والتنوير. اذن هم لا يملكون الا الوهم الباطل ولا غير.

، هذه هي الكارثة التي ألمت بنا حتى اوصلتنا الى الحضيض بلا حقوق ولا عدل الآدميين حين فرقوا في الحقوق بين هذا وذاك من المواطنين بحجة مذاهب الدين، وخاصة اليوم في عصر الولائيين الذين لا يؤمنون الابمذهبهم المزور وخُرافاتهم المتجددة في البكاء واللطم والزنجيل يقودهم مهوس واحد يبغي التجهيل، والمخلصين من العرب براء منهم آمين، ولا غير ابدا،

ونحن نقول لا أمل في التغيير ابدا الا بتغيير جذري على ما جاء بنص الاسلام العظيم (لكم دينكم ولي دين)، ووثيقة المدينة المغيبة ، لتُتجدد القيم كي تستمر المجتمعات مثل غيرها في التقدم حتى ولو كنا ناكرين، فليس من حق احد ان يجبرني على الدين، لان حرية التعبير عن الرأي وحرية الاختيار، هما اساس الحياة الانسانية في اسلام محمد لا اسلام المتفيهقين.

لعل اخطر ما يعانيه اليوم تراثنا الاساس هو التزويرالذي مارسه الحكام والسلاطين انفسهم من اجل رغباتهم ونزواتهم ونزعاتهم الملتوية، حين اشاعوا نظريات التحريف في كل ما هو جليل ودقيق من النصوص القرآنية الأساس، كما في آية التطهير وما ملكت ايمانهم وغيرها كثير، غير متورعين ولا وجلين من احكامهم هذه وضلالاتهم تلك.

وما لم يكن لدينا مشروع ترتبط فيه التوجهات بالمنطلقات لتحديد المسار الجديد، وبالتعقل والتفكر بين التوجهات المختلفة لتفسير النص يتكون التغيير الجديد، لن نصل الى ما نريد، وبالتعقل والتفكر في علاقات الجميع مع بعضها البعض تتكون "الاخلاق " التي فقدتها الفِرق الأسلامية اليوم جميعا ليعود التقدم والتحضر بعلاقات الاخلاق وانسانية الانسان كما ارادها محمد (ص) الأمين التي فقدناها بعد وفاته مباشرة، بعد ان قتل حتى المسلم وسموه مرتداً واستبيحت أمرأته رغبة في الجنس، ولا زلنا فاقديها من جديد (كما فعلت داعش والقاعدة بالآيزيديين وغيرهم يطبقون) ولا اعتقد ستعود، والا سنموت جميعا كما ماتت امبراطوريات الرومان واليونان والسومريين والفراعنة رغم فكرها الفلسفي العظيم حين خرجت عن المآلوف الصحيح اي عن "العدالة" الى الظلم وعن الوحدة والحقوق الى الفرقة والقبلية والمحاصصية وفقدان العدل والحقوق دون تحقيق.

من اين يتكون الوعي التاريخي المتجاوز لافكار المشتتين الذين يدافعون عنه بلا دليل، فالوعي هو العقل المدبر المستوعب لكل جديد، والعقل مضطر لقبول الحق، حقا وصدقا وان أختلفتم ايها المغفلون.

وحتى يبقى النص ملكا لفقهاء الدين دون العقل في التطبيق ، اسلام استغلال لا اسلام عدل وحقوق، اسلام سلطة وجنس، لا اسلام حقوق انسان دين صحيح، يبقى النص الفقهي السائد اليوم هو الأصيل، لنبقى خاضعين لأسلام الدهاليز والصنم الأصم الجالس على الحصير الذي لاينطق"قدس سره"، واذا نطق فقد نطق كفرا وظلما على الاخرين حين قسم الجهاد الى جهادين (فرض عين وكفائي) ليخلق جيشا مناوئاً لجيش الوطنيين، :، هذا هو اسلامهم الذي يريدونه اليوم ويهددون به بالبندقية لتبقى السلطة لهم دون تغيير، ليحكمنا السفهاء اصحاب السلطة والمال والجنس، وبه باعوا الوطن للأجنبي الحاقد دون ضمير، وبه قتلوا العلماء والمفكرين وكل من له رأي سديد، لذا يستحيل ان يتصورون ان الحكم سوف ينزع منهم لصالح الناس الاخرين، المصلحين، بعد ان تثقفوا بثقافة العنصريين، وخوفا من ان تكشف خبايا السنين، لكن بالوعي الفكري الصحيح ستنزع منهم جريمة التغيير رغماً عنهم بأذن الله العلي القدير، ولنا الامل في ثوارتشرين،.فقد علمنا التاريخ ان لامستحيل.

اذا قرأت النص في الوصايا العشر القرآنية ترى ان الانسان العادل هو الذي يؤمن بأن الله الذي منحه سلطة النص سوف يخرجه من الضيق وفي أكثر الأزمات عنفاً، أذا ألتزم بمبدأ العدالة وعدم الأعتداء على الاخرين، فكيف لو كانت شرعية الفقهاء هي النقيض؟

من هنا ادركتُ اديان الاخرين ظلم ا تباعها عندما اخذوها دون تفكير، ودون معرفة صادقة بنصوص الكتب السماوية فثاروا وصححوا خطأ التقدير، حتى قربوا المنهج العلمي في التأويل الحقيقي للنص فولدوا لهم منهجية التغيير. أما نحن فقد استمر الخطأ يرافق السلطة فكانت الجهمية والصنمية والفرقية والمذهبية والطائفية التي ابعدت عنا ادراك المشخص في المعرفة العلمية والضمير، فأحلوا في مناهجنا المدرسية تكرار الكلام الفارغ لنكون بعيدين عن المعلومة الصحيحة اي بعيدين عن الحقيقة القرأنية العظيمة لنبقى ندور في الوهم المعرفي لا المعرفة العلمية الحقيقة في التكوين، وهكذا ترى شبابنا الغض اليوم يلطم ولا يدري على من يلطمون؟.

هنا تجُمد العقل وتحول الى روتين كما في مقدمات تغريدات رجال الدين الذين ملَ الناس منهم واصبحوا لا يطيقون سماعهم بالمطلق لأفترائهم على المنطق والدين الصحيح. فهل سنتقدم اذن مالم نكتب لنا تاريخا معرفيا بعيدا عن الاساطير، ومع كل الذي يحتاطون له ويمنعونه عنا من وسائل ادراك العلوم والمعلوم "سيبقى القلم ما قتلوه وما صلبوه ، ولكن شبه لهم، " نعم للفكر شهداء، وللحرية ثمن، هم بعيدون عنهما لا يدركون، سنكتب في نصوص فسروها خطئاً عمداً فقلبوا فيها لنا ظهر المَجَن في معرفة حقيقة النص الكريم، هنا حجبوا عنا مدرسة الحقيقة والحقوق، لابل اهملوها عمداً والتي جاءتنا هداية من الخالق الكريم.

من هذه النصوص التي سوف نتطرق اليها لأصلاح الحال هي:

نصوص الردة والرجم، نصوص الحرية، نصوص آحاديث الغيب، نصوص الوصية والارث،نصوص ملك اليمن دون قانون، وهي نصوص بالغة الاهمية والذي أدى فهمها الخاطىء من قبل الفقهاء الى حصول اشكاليات مجتمعية كبيرة أثرت في المجتمع العربي والاسلامي تأثيرا بالغا تباعدا وتناحرأ، وولدت فيها ما سمي بالفِرق الاسلامية أو المذاهب الاسلامية المخترعة التي تجاوزت على النص الديني، فحولته الى تفسير شخصي سلطوي، مقيت، أنتظروا الحلقة الثانية،

***

د.عبد الجبار العبيدي

في المثقف اليوم