قضايا

السلوكيات الحلزونية في مجتمعنا العراقي

الحلزوني وما ادراك ما الحلزوني  

قرأت تغريدة هزيلة مقرفة جذبت إنتباهي فدفعتني لكتابة وحاولت أن لا أخرج عن مجال دراستي لعلم النفس الإجتماعي في سردي للموضوع فعجبا للشخصيات الحلزونية التي (تشم براز سيدها فتعتقد أنه مسكا) هذه واحدة مفارقات الأضطرابات السلوكية التي تعددت وإرتفعت نسبها في مجتمعنا فالسلوكيات الحلزونية كالجراثيم إنتشرت اليوم في الجسد العراقي وفي جميع جوانب الحياة الاجتماعية والمؤسساتية بحيث أصبح في زماننا هذا أن الانسان النزيه الصادق المستقيم النبيل المخلص السوي مذموما قبيحا مقطوع الأمل وهو لا يستحق ما يتلقاه من ألم وإضطهاد بعد أن أصبحت ظاهرة الشخصية الحلزونية المريضة هي كالجرثومة إنتشرت وتوسعت وتجاوزت مؤسسات الدولة لتعم كل المجتمع الذي أصبح دليله وادي العدم فامتلأت شوارعنا بالأفاقين المنافقين ذات السلوكيات المريضة المنحرفة وإمتلأت صفحات التواصل الاجتماعي وشاشات التلفاز والصحف بالشخصيات الحلزونية المتأثره بمراجعها الفكرية وهؤلاء الذين لهم ملامح سلوك شخصي مضطرب ومميزة يلتف صاعدا مرة وهابطا تارة بشكل ملتوي حلزوني يعادي ويبغض كل خط مستقيم وأحيانا يكون  كالأفعى بنعومته ساعيا الوصول الى هدفه كي يصطاد فريسته أو يقذف بسمومه وهو يعرف أنه لا يملك إمكانية أو قدرة على ذالك ولا يوجد لديه مايجيده سوى هذا السلوك الذي يسعى لتطويره وإستخدامه في الوقت والمكان المناسبين رغم أنه يعرف نقاط ضعفه وفشله مع أي مصدر للقوة ويعتقد نفسه مهاب عند بعض الناس بوجود مكانته عند سيده او شهادته المزورة او حتى منصبه السياسي الذي حصل عليه بالتزوير ووصل لكل هذا بسلوك الغش...وإن أسوأ هذه الشخصيات الحلزونية هو من لا يكون طاهر اليدين فيكتمل قبح سلوكه مع نجاسة فكره وهو أبعد ما يكون عن الطهارة رغم انه اكثر الناس حديثا في استضافاته التلفازية او تغريداته النتنة التي ينشرها على صفحات التواصل الاجتماعي ويستند هؤلاء  في ذالك على سلوكهم الحلزوني الفريد من نوعه حيث يرون من خلاله افكارهم الخبيثة انهم يمكنهم ان يخدعون كل الناس طول الوقت ويظنون أنفسهم اذكى من الاخرين والمعروف لدى الجميع ان الخنازير لا تشم رائحتها النتنة لانها لو فعلت ذالك لماتت مختنقتاً برائحتها ..ومن هنا نلاحظ اليوم في مجتمعنا شخصيات متعددة بيروقراطية لها ذات الملامح المميزة التي لا ولن تختلف عن ملامح النصابين المتلونين والخلاف بينهم وبين النصابين هو فقط في نوعية النصب والاحتيال والفساد فالشخصيات الحلزونية بعضها سواء كان بأعلى المراتب المجتمعية أوالسياسية أو من بين عامة الناس فهذه السلوكيات تشبة الطفيليات التي تقتات على كسب الغير لصالحها وهي لا تمانع وتسعى الى الطعن بالظهر اذا سنحت لهم الفرصة فيغتابون خصومهم من الناس بلا خجل ويحترف الغش والتحريف ويأكل في كل الموائد...ومن هنا لكل مقام مقال فمقام من يشم نتانة الوحل وينام في الخربة ليس كما هو عندما يعتلى المقاعد المرموقة ويحتفل به اروع صالات الاحتفاء فابن الخربة النصاب الغير متعلم لايمكنه ان يكون متحضرا.كالذي غرد اخيرا وهو يتفاخر بشم براز سيده فاعتقد أنه مسكا.وهذا واحدا من بعض الشخصيات النتنة اليوم وبسلوكه الحلزوني يغش الناس ويزور ويسرق ويحتال وأنتخب بالتزويرلكي يحصل على أعلى المناصب السياسية والشهادات الجامعية ويظهر لك نفسه أنه متحظرا الى أقصى درجات التحضر وعندما تقابله ترى أن إبتسامته المغشوشة الباهته تملأ ملامح وجهه الواضحه فيه علامات الخبث حيث يتقن التلون الى درجة الابداع وينتهز الفرص بشكل مفضوح ولا يترك هذه الميزة حتى ولو كان في أعلى المناصب .. فالشخصية الحلزونية ذات السلوكيات المتعددة لا يلزمه مبدأ ولا تلزمه أخلاق ..فمرة تراه وديع كلامه ملمع لكسب الاخرين وتارة يكون خطرا وعنيدا مؤثرا في محيطه الاوسع وهو شبيه بالخلايا السرطانية التي تتكاثر بسرعة وبعدد كبير في زمن قياسي يهدد النسيج الاجتماعي ويقوض مستقبل الابداع والحرية والامان وهو عدو الاستقامة والصدق والسلام نراه يبادر دائما بابتساماته المغشوشة الصفراء ويمطرك بالقبلات المخادعة ويحتضنك بشغف وسريع البديهية بكلام معسولة يلقيه على من يستهدفه لإقناع المقابل على أنه وديع مؤمن ونزيه فيكسب عطف الآخر المستهدف ..وعندما تنتهي مصلحته ويسرق منك عواطفك وأفكارك التي تنفعه بعدها يعتبرك قبيع وعدوه ويغتابك بنفاقة وسلوكه الخبيث في حقيقته المتلونه وأما إذا أقبلت أنت عليه وكنت بشوشا تراه يقابلك بوجها متأففا وإذا هممت باحتظانه وتقبيله شوقا تراه تراجع الى الخلف مشمئزا..دائما في غيابك يستسيغ لحمك على كل الموائد فينهش سيرتك ناكرا جميلك وفضلك وعلمك وأخلاقك معه - فتصبح أنت عاهته التي يحاول مداواتها بإغتيابك والسخرية منك عندما تأتي سيرتك في مجلس ..رغم أنه معروف عنه في الوسط الاجتماعي جبان رعديد يجيد المناوره ويحصر سلوكه على ملكة الهروب من المسؤولية ..فهكذا هو الشخص الحلزوني في المجتمع الذي يعتقد نفسه هو الأفضل والأذكى رغم أن سلوكه واضح بانه أشد الناس وضاعة وخسة وغباء ويعيش في تصوره ووهمه هذا لكي يصدق نفسه وغشه الواضح في سلوكه وتعابير لغة حواسه وجسده تساعدة براعته في المناورة وإمكانياته السلوكية الحلزونية على أن يتخفى بالسلوكيات المخادعة التي تساعده على الالتواء والتلون لكي يجني الثمار التي غرسها في الآخر لمصادرة جهد غيره لصالحه ولديه صفات كالمسمار الحلزوني الذي يجب عليك أن تظربه على راسه لكي يختفي عن طريقك رغم أنه يبقى مغروسا في ذالك المكان او الكرسي الذي غرسته فيه فينتحل الفرصة كي يظهر راسه مرة اخرى وهو ايضا يجيد المناورة بذكاء لكي يتهرب من المسؤولية ويدعي الموهبة والقدرة في نفس الوقت ..وهكذا نوع من الشخصيات أحيانا لهم القدرة بالتحايل بحيث يتمكنون بالفعل من تسلق السلم الاجتماعي والإرتفاع الى أعلى درجاته فيصبح وبالا على مجتمعه الذي تمكن من خداعه ..بحيث أن أول مهامه في المسؤوليه التي وصل إليها بسلوكه المخادع هي القضاء على الاذكياء والانقياء الصادقين في محيطه ويعمل على رفع مرتبة الخسة والغباء في مجتمعه . فهاهم كثير ممن يدعون محللين وسياسيين  يتحدثون بكل شيئ من دون أن يفقهوا شيئا وبعض الحلزونيين اليوم وصلوا الى قمة الهرم المجتمعي بدون أي جهد للصعود إليه وهم أخس خلق الله وها نحن نرى ممن تسلط عليهم الاضواء الكاسحة كمحلل سياسي  يقول (شممت براز سيدي فوجدته مسكا) ولا يشعر بالخجل عندما دونها في تغريدته هذا واحد ممن لم يكشف عن الظلام العميق الكامن في أعماقه وأمثاله ملئوا الدنيا وأشغلوها بدون كشف الفراغ الذي يملأ رؤوسهم فأصبحت الشخصية الحلزونية ظاهرة حركية يزدحم بها المحيط الاجتماعي فتدفع به الى حالة من اللغو والتشتت والانشغال بما لا طائل ورائه بينما إبتعد وغاب دور الانسان الصادق الامين الذي صنع المنجزات بالجهد والعرق والدموع ومات كل الأمل بغد مشرق أفضل ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم       

***

د. قاسم محمد الياسري

 

 

في المثقف اليوم