قضايا

هل فعلاً الاسلام هو الحل؟ نعم، إذا..!!

الأديان السماوية هبة الله للبشرية، لا هبة لممثليها ليعبثوا بها وبالبشرية، الاسلام لا يعترف برجال الدين ولا بمرجعياته، ولا يخولهم حق الفتوى على الناس، ولا يميزهم بلباس معين كما فعلت رجالات العهد القديم، بل جاء من أجل تحقيق، الآمن، والآمان، والأطمئنان، والكفاية، والعدل بين الناس بلا وكلاء له على البشر، ولا غير، ومن بعده ترَك الدين للتاريخ ليتطور، كمن أخترع الكهرباء وأنتهى، ومن بعده تطورت مخترعات الكهرباء لتخدم حضارة البشر، لاان تبقى مؤسسة الدين حراسا أميناًعلى التفسير المتخلف له وللحاكمين بغية السيطرة على البشر.

من يدعي ان الاسلام هو الحل اليوم، عليه ان يقدم الدليل المادي عن اي اسلام يتحدث، أسلام محمد (ص) أم أسلام الفقهاء، ليقول لنا لماذا تخلفنا كل هذا الزمن الطويل؟، هنا يبدأ الحوار بين العلم والايمان، بين الحقيقة والوَهمَ، بين الانجاز والعدم، بين الحرية والسيف، بين الحق والظلم، بين الاستقامة والاعوجاج، بين الاعتقاد والألحاد، فمن هو المسئول عن تقديم الدليل، ونافي الأدعاء؟ الم يكن الحاكم الشرعي، فلماذا لا يستجوب عن كل نقصٍ في التنفيذ، ان كان هناك يوم للحساب كما يدعون؟

ان المسؤول الوحيد عن تقديم الدليل هو المدعي، لأن لا يمكن تأكيده دون دليل، ولا يمكن رفضه دون دليل، نعم، لأن الحجة بالدليل.اما ان المواضيع الدينية ليست بحاجة الى دليل لأنها قدسية فهي غير قابلة للنقاش، لكونها صادرة من المقدس الاعلى لخالقها فهذا أمر بحاجة الى تعريف بعد ان شوهها الفقهاء ومضى عليها الزمن، فهل وضع الله وكلاء له على البشر ليحموا بينهم، :ما قالها المنصورالعباسي"ت158 للهجرة "أنما انا سلطان الله في أرضة "، دليل (للتمييز بين الكتب المنزلة حقا وصدقاً وما تحتويه، وبين الوَهَم)، وبين ما اخترعه الفقهاء له ليردده المنصور، و بعد ان دونت بعد عصر الأنبياء بزمن طويل، وتلاعبت بها السلطة دون خيار، فهل يمكن الاعتماد على الوَهمَ.

الدين صفاء، والعدالة نقاء، والأيمان بهما، قانون آلهي صرف لا يجوز تجاوزهما حتى سمتها الاديان بالوصايا الحدية، والرأي الأكيد ان الدليل مطلوب من الطرفين، لأن غياب الدليل على الأثبات أو النفي يبقي احتمال صحة المدعي أضعف بكثير من أحتمال صحة نافي الأدعاء، وهنا تظهر شمولية الادعاء الذي يمس الأثنين معاً.

هل سمعنا أوقرئنا ان حكومة اسلامية طبقت عمليا ما تقره القوانين في العدل والمساواة التي يدعون انها جاءت من رب السماء (أذكروا لي واحدة عبر الزمن)، لا ابداً واجزم، ان كل فقهاء الاسلام وكل قوانينهم واجتهاداتهم طبقت عكس ما يقولون، وعلى مر الأزمان، اذن ما فائدة دين بلا قيم ولا مُثل ولا تطبيق، من أجل الأنسان؟

نظرياً كل فرضية يمكن ان تكون صحيحة من حيث المبدأ طالما لا دليل على خطئها، لكن يبقى أحتمال صحتها ضعيفاً جداً طالما لا دليل على صحتها. السبب هنا هو خيال الانسان يبقى واسعاً لافتراضاته الكثيرة المتغيرة والمتناقضة احيانا، فالفصل بين الرأيين هو الدليل الاقوى لأي منهم في الأيمان.

كلما كانت النظرية الجديدة -اية نظرية – لم تدخل اختبار النجاح في التطبيق تبقى احتمالات النجاح لها اضعف من فرضياتها، وهكذا كانت النظرية الدينية الاسلامية التي فشلت في كل الاختبارات، العدل والمساواة بين الرجل والمرأة والغزوات التي سموها فتوحات، والا لماذا تغيرت ديانات السماء من واحدة الى اخرى دون ثبات؟.لا بل خلقت عداوات أزلية بين معتقديها حينما تُكفر الواحدة من سبقتها وترميها بالنقصان، وهي جميعا تدعو الى الالفة والوحدة والتعاضد والمحبة بين الناس، هنا لابد من اثبات اصحاب الديانات السماوية من ان دياناتهم هي من عند الله بعد تقديم المنهج الواضح في التطبيق، ليفهما الانسان، وليس ان تعرض علينا كتابا تدعي هو الحقيقة المطلقة لحكم الناس دون دليل.

اربع كتب سماوية ظهرت حسب ما قالها الله هي الزبور والتوراة والأنجيل والقرآن، وأكثر من 4200 ديانة ادعت انها من خالقها حين قال القرآن: ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما، الا يعني هذا ان البشرية من اصحاب الديانات هي تملك ديناً واحدا وان اختلفت التسميات، فلماذا تقدت اصحاب أديان وتخلفت اخرى، الم يكن التأخر ناتجا من نقصان في الفهم والعقيدة والتطبيق والأيمان، واذا كان ذلك حقا، لماذا نرمي الاخرين بالكفر ونحن المقصرون لنا الجنة والقوارير وحور العين وما ملكت ايماننا ونحن لا نؤمن بدين.

اليس من حقنا أقامة علاقة جدلية بين الأديان الأرضية واديان السماء، ولماذا حرموا علينا مناقشة النص مناقشة منطقية حسب صيرورة الزمن في التطبيق لنثبت الصحيح ما دام مجيء الاديان من اجل اصلاح البشرية في الحياة، ولماذا بقينا نهرول خلف التهديد والوعيد بالجنة والنار وقطع الايدي والارجل من خلاف وعذابات القبر دون تثبيت اليس من حقنا العدالة في تطبيق القانون، وفي نفس الوقت يدعو نبي الاسلام الخاتم للنبوة بضرورة التفاعل مع الديانات التي سبقته :" "ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل آل عمران 48"، فمن هو المسئول عن هذه الفرقة الدينية بين الناس وعن التقصير في تطبيق القانون العادل بين الناس، بعد ان دخلت تلك الاديان وكتبها المنزلة مرحلة جدلية التطبيق؟

نبقى نهرول خلف فقه جعفر الصادق وابو حنيفة النعمان وهما انتهوا قبل مئات السنين، الم يتطور فقههما لصالح الانسان، فأذا كان ذلك مرفوضا، أنبقى نستسلم لزمان مضى دون تطور في الرأي والعقيدة والايمان. المشكلة الوحيدة التي تواجهنا اليوم هي: هل ان الاديان التي رافقتها كتب منزلة كما يدعون، كلها منزلة ام موضوعة، من انسان؟

نحن اليوم نعيش في عصر الدليل المادي وليس الغيبي، الدليل الذي أوصلنا الى أكتشاف المجهول، وقربَ المسافات وتحدى اللا معقول، فهل يحق لنا الى اليوم نؤمن بالوهم دون دليل، لقد قتلتنا الردة ومن بعدها العمامة والفقه الميت والفقهاء الذين حولوا اوطاننا الى سجن حديدي للفكر الجامد لا نستطيع فكه او اجتيازه ولا همَ لهم الا سرقته وتدمير الانسان، نعم كل شيء بحاجة الى دليل ثبت حتى الاديان المنزلة بحاجة الى ثبت في التطبيق لأن تدوينا جاء بعد نزولها بزمن بعيد، فمن يدريك ما تعرضت للتشويه، لكوننا عبدناها وتكلمنا عنها ووضعنا المستقبل الكلي عليها دون ادراك منا بالفصل بين الحقيقة ونقيضها، بين الايمان بها والوهم، نحن نريد صحة دين واحد لا كل الاديان، وكنا نعتقد ان الاسلام هو الواحد، لكن التجربة علمتنا أنه كان هو الواحد الذي أوقف مسيرتنا وتقدمنا.بعد ان أثبتت جدلية المنطق الذي جائتنا من المذاهب المختلفة والمتناقضة انه عكس الاعتقاد، واذا كان ديننا الوحيد من الله فكيف نسمح لانفسنا بتعدد مذاهبة المختلفة في كل التفاصيل، التي نشرت العداوة والبغضاء بين الانسان؟

الاشكالية تبدأ من تعريف كلمة الدين المشتركة بين كل الاديان والذي يكاد ان يكون معدوما واذا كان كذلك فمن هو صاحب الدين الاوحد الذي بيده الحياة والموت والعقاب والثواب، اذا كانت كل الأديان لها نفس الاعتقاد واذا كانت من خالق واحد هو الله، لماذا تعددت ديانات السماء ومعتقداتها،؟ سنواجه هنا مشكلة هل ان الدين هو من صنع الانسان؟.

فرق بين الاديان التوحيدية التي تتبع آله واحد، وبين الاديان الوضعية التي في غالبيتها وهمية المصدر، الديانة الالهية جاءت بشرائع والوهمية بشرائع، والفرق بينهما في الاعتقاد والتطبيق، اجزم ان شريعة آور نموالسومرية وحمورابي البابلية طبقت بأفضل مائة مرة من ديانات السماء الحالية، فمن هوالمسئول عن التطبيق الا معتقديها وسلطانهم المنفذ عليها،؟ قضية الخير والشر مختلف عليها بين الاديان وكذلك تختلف في الحياة الاخرة والتناسخ بين الارواح، اذن اذا كانت هناك أخرة حقيقية يؤمن بها صاحب الدين الاوحد، لماذا تجاوزنا قوانينها منذ البداية؟الم تكن من اجل السلطة والمال ولا ثالث لهما فأخترعوا لنا الردة والرجم واعتدوا على الحريات اسمى ما في الوجود من اجل أستعباد الأنسان؟

ويبقى السؤال اين الديانات السماوية التي حققت الاستقامة والعدل بين الناس؟ لو استطاعت لما كانت ولا زالت مجتمعاتنا تقف خلف الامم في التقدم والعدل بين الناس، وما زلنا نهرول خلف الكافرين كما يدعون نطلب منهم الأمن والآمان؟

الدين الوحيد الذي يعتبر خاتمة الاديان هو اسلام القرآن، تكلم عن البينات المادية واجماع رأي الاكثرية وحرية التعبير عن الراي وحرية الاختيار مركزية، وعدهما اساس الحياة الانسانية، ولكن لا احد منا لمس التطبيق منذ النزول الى اليوم واتحدى من يثبت عكس ذلك في التثبيت، حتى نحن اصبحنا نؤمن بالوهم دون تحقيق.فكيف اتبع دينا دون اخر الم احتاج لدليل الصدق في التطبيق، قل لي اي دين نفع البشرية في التطبيق، لا تتكلم عن سرالايمان، بل قل لي اين نظرية التطبيق؟ الحرية والعدالة مشتركات في الحقوق، اين التطبيق؟ ولا زلنا نظلم دون قانون ويفرقون بيننا في الحقوق دون قانون، فأين مرجعيات الدين الصامتة بيننا عن الحق صمت القبور، والموالية للسلطة منذ الظهور؟

ان المشتركات بين الاديان لا زالت غائبة عن التطبيق متناقضة في الوجود الازلي بعد ان علمنا ان الكون كان ازليا قبل الدين، وحتى النار والظلمة والخير والشر مختلفات بين الاديان.هل يستطيع احد منا ان يفرق بين الاساطير وقصص كتب الاديان، عليه ان يقدم الدليل.

معجزة الناسخ والمنسوخ "وما ننسخ من اية البقرة 106"، الديانات السماوية تؤمن بالنسخ وما جاء في بعض الديانات لكنها لا تؤمن بها. هل كل اصحاب الديانات يعرفون الكتابة والقراءة والدين التي لا تنقل الا بهما ونبينا أمي لا يقرأ ولايكتب كما يدعون، على هذا الاساس هل هناك من الزام للاعتراف بدين، دون تطبيق، كما هم المسلمون اليوم، الذين لا يعترفون الا بالمناسك، ومع هذا هم مختلفون في تأديتها وبكل التفاصيل،

هل من حق الالهة محاسبة الانسان مع غياب حرية الانسان، ماذا نقول في المعتزلة صاحبة نظرية خلق القرآن وما جرى لها في عهد المتوكل العباسي(232 للهجرة) وهو قاتل لا يعترف بدين.لكنه خليفة المسلمين، وماذا نقول في المسيحية التي تنكر الجبرية وتؤمن في الحرية والدين جبري في بعض الاحيان؟اذن لا يمكن ان نؤمن بدين الا اذا تبنى نظرية العقل، فماذا بالذي يرفضها اويقف بين بين منها؟ فصفات خلق الطبيعة هل تتناقض مع الايمان بخالقها؟.

هل فعلا توجد القدرة المطلقة عند الانسان وهوالخالق لها، هل يستطيع الانسان ان يخلق مخترع، لا يستطيع تحريكه، هل فعلا يموت الانسان ثم يعود مرة اخرى بعد1400 سنة كما في نظرية المهدي المنتظر الوهمية، هل يعرف الانسان عذابات القبر وعلم الغيب ازلي محصور برب العالمين،؟ "لوكنت أعلمالغيب لأاستكثرت من الخير ومامسني السوء"

كلها اوهام استطاعت حركة الفقهاء في العهدين البويهي والسلجوقي تمريرها على الناس باطلاً، غرضها تدجيلها لاستعباد الانسان، نعم هناك القدرة الخالقة التي وضعت قوانين معايير الحياة فهم لا يؤمنون بها لانها ضد من يستغل الانسان دون ارادة الله المطلقة، على الانسان، فهل حقاً هم يؤمنون بما جاء به القرآن في الوصايا العشر والآيات الحدية في القرآن، لا، أعتقد، أكثر من 1400 سنة ونحن الى الوراء در، كلها نتيجة استعباد الاديان المزورة لنا من فقهاء الاديان دون تفاصيل التطبيق حسب معايير النزول على الانسان، كفاية نحن بحاجة لعدل الانسان قبل ان نقرأ محتويات جدل الكون والانسان، كما قرأتها الشعوب وأقرت لا ئحة حقوق الأنسان، لا حل لنا الا بالخلاص من مؤسسة الدين قاتلة البشروالاديان، ولا خلاص الا بالعلمانية والحرية وفصل الدين عن السياسة، فالاديان اصبحت اليوم كلها من صنع الانسان الذي لابد ان يتطور ليصنع التاريخ المتجدد للبشر الانسان.

***

د.عبد الجبار العبيدي

...............

* انظر أثير العاني، في مقالته، لا حل من دون علمانية.

في المثقف اليوم