قضايا

غياب الأب عن الطفل وتأثيراته السلبية على نفسيته وسلوكه

من خلال تجربتي الطويلة في التدريس وعندما يستدعي الأستاذ ولي التلميذ.. لمعالجة مشكلة ما سلوكية أو تعليمية كعدم القدرة على التركيز عدم المشاركة والمبادرة في القسم والانطواء الشديد فالذي يحضر هو ليس الولي أي الأب بل الأم.. ولاحظنا هذا الغياب بمبررات واهية كثرة انشغالات الأب وتعبه ولكن الحقيقة هو التخلي هذا عن دوره التربوي داخل الأسرة وتحميل الأم مشاكل الأطفال.. فهل هذه الظاهرة صحية أم لها تأثيرات سلبية مستقبلية على نفسية الطفل؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال..

تقول الكاتبة " سارة طالب السهيل ": (أما غياب الأب عن الطفل بشكل دائم، فانه ـ كما تؤكد الدراسات العلمية المتخصصة ـ يؤدي الى إعاقة فى النمو الفكرى والعقلى والجسمى، خاصة فى الفئة العمرية التى تتراوح ما بين الثانية والسادسة، يصعب على الطفل رؤية الحياة وفقاً لجنسه فى حال غياب الأب، لذلك نجد الطفل المحروم من الأب أكثر حساسية فى مشاعره ويعاني من التردد في سلوكه والالتباس في تحديد دوره الذكوري او الأنثوي، حيث يستمد الطفل الذكر صفات الذكورة من الأب فى ملبسه وطريقة كلامه ومعاملته للآخرين، بينما يساهم الأب فى تعميق شعور الفتاة بدورها الأنثوى، عن طريق معاملته المميزة لابنته عن إخوتها الذكور، مما يرسخ شعور الأنثى لديها ويدعم تقبلها لذاتها والنجاح في تحقيق التوافق النفسي والإجتماعي، ويعلمها الحياة ويضعها على طريق النجاح المهني كما يعلمها ما يجب أن يكون عليه سلوكها مع زوج المستقبل)(1)

وهذا ما أكدته الدراسات العلمية" يقول دانييل نوترمان - أستاذ البيولوجيا الجزيئية بجامعة برينستون، وطبيب الأطفال، والباحث الرئيسي في الدراسة- لـ"للعلم": "إن الدراسة قامت على فرضية أن شدة الإجهاد ومدته يرتبطان بطول التيلومير، وأن غياب الأب عن حياة الطفل يؤدي لزيادة التوتر لديه، سواء كان ذلك لأسباب اقتصادية أو عاطفية أو كليهما"، مضيفًا أن النمط الجيني للطفل يُعَدُّ عاملًا أساسيًّا في تأثُّره بالبيئة المحيطة، ومن ثم تغيُّر طوله، وهذا التأثير تحركه آليات معينة أو متغيرات جينية في نظام نقل السيروتونين بالخلايا، فكان الأطفال ذوي المتغيرات الجينية الأقل نشاطًا أقل تأثرًا بفقدان الأب بنحو 90% من نظرائهم".. (2)

ما هي الآثار السلبية لغياب الأب عن الطفل حسب المختصين النفسيين ؟

إليكم هذه الآثار:

يؤثر غياب الأب على نمو الطفل وعلى ثقافته وشخصيته.

الحرمان من العطف.

يؤثر على تشكيل الضمير الأخلاقي لدى الطفل.

- يؤدي لصراعات نفسية وإلى الاضطراب وانعدام التوازن العاطفي والأمن النفسي.

- يؤثر على مدى تقبل الطفل لرفاقه من المرحلة العمرية نفسها، ما يقلل من كفاءة الطفل مستقبلاً.

- يؤثر على مستوى التحصيل الدراسي.

- يؤثر في النمو النفسي والعقلي حيث يتعرض الطفل الغائب عنه والده للخوف والحرمان والتهديد والاكتئاب.

- يؤثر في اكتساب الطفل الأدوار الاجتماعية كالذكورة والأنوثة، والتي تعد أساسها عملية تعلم اجتماعي تحقق للمجتمع البقاء والاستمرارية فيكتسب الطفل صفات الذكورة والطفلة صفات الأنوثة.

- يؤثر في استقلال شخصيات الأطفال وفي اعتمادهم على أنفسهم.

- يؤدي إلى الاضطرابات السلوكية والجنوح أحياناً.

- يتألم الأطفال الذين توفي آباؤهم مبكرين إذا تحدث أمامههم وملاؤهم عن آبائهم وكيف يعاملونهم وماذا يحضّرون لهم؟ ولذلك يعملون لمرافقة أصدقائهم من الأيتام، لأنهم مثلهم يفتقدون الحب والرعاية والعطف والحنان.

- يكون فاقد الأب أكثر إحساساً بالقلق والشعور بالنقص والغيرة وأقل نضجاً ورغبة في التفاعل الاجتماعي مع غيره ويكون أكثر اتكالية.

- يكون ضعيف الثقة بالنفس وأقل التزاماً بالنظام.

- يكون قليل الانتباه والتركيز والاستجابة وأقل قدرة على السيطرة على نوبات الغضب التي تنتابه(3).

فعلى الآباء أن يكونوا حاضرين مع أبنائهم حضورا جسديا وعاطفيا من أجل الإشباع العاطفي والاستقرار النفسي وشعور الأبناء بالأمان النفسي الذي يجعلهم ناجحين في حياتهم.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

.......................

المراجع:

1- موقع عمون: مقال "غياب الأب عن الطفل يصنع قنبلة إنسانية" لسارة طالب السهيل.

2- موقع:scientifique américain

مقال " غياب الأب يقصر من أعمارهم " دعاء عبد الباقي.

3- مجلة:Elleالعربية مقال " كيف يؤثر غياب الأب على تنشئة الأبناء ؟"تقرير لرانا إبراهيم

 

 

في المثقف اليوم