قضايا

في اليوم العالمي للفلسفة.. كيف لنا ألا نتفلسف؟

"لا أولي عناية لفيلسوف إلا بمقدار ما يكون قادرا على أن يكون قدوة.. بيد أن القدوة ينبغي أن تُعطى عن طريق الحياة المعيشية الجلية، وليس عن طريق الكتب والمؤلفات"... نيتشه

صباح هذا اليوم وانا اشاهد فديو قصير للصديق حسين سعدون يتحدث عن الفلسفة بمناسبة يومها العالمي، وهو يقف على جسر الشهداء، حيث تبدو السماء خلفة غائمة، والمارة ينظرون اليه بتعجب، فتذكرت عبارة الفيلسوف الفرنسي آلان باديو التي يقول فيها:" لا تنتمي الفلسفة إلى قاعات الأكاديميين فقط؟ بل انها تنتمي الى حياة المجتمع". كانت فلسفة سقراط نوعا من انواع الحوار والجدل، غرضها الأول ليس في قهر الخصم، بل الوصول الى الحقيقة، فسقراط عندما يعطي اشارت البدء في الحوار، كان يهدف إلى كشف الحقيقة، وليس الانتصار على الخصم. المهم بالنسبة له أن ندع انفسنا تتغير، أن نتآلف مع الاسئلة. يكتب كارل بوبر:" إن المناقشة التي تنتصر فيها بينما تفشل في أن تعينك على تغيير افكارك أو توضيحها، يجب اعتبارها خسراناً مبيناُ " – اسطورة الاطار ترجمة يمنى طريف الخولي –

لم يكن هدف سقراط من المحاورة أن يؤسس لمذهب فلسفي، بل أن يعلم الآخرين ان الفكر معايشة وحوار. كان سقراط يقول لكل من يريد أن يسمعه، إن الشيء الوحيد الذي يعرفه هو انه لا يعرف شيئا. وفي محاورة " لا خيس او الشجاعة " يقدم لنا افلاطون صورة للطريقة التي يتحاور فيها سقراط:" أيما شخص قريب من سقراط ويدخل معه في محادثة فهو عُرضة لأن يُستدرج إلى مجادلة. وأيا كان الموضوع الذي يبدؤه فسوف يذهب به سقراط كل مذهب، حتى يجد نفسه في النهاية مدفوعا الى ان يُفصِح عن حياته الحاضرة والماضية، حتى إذا ما وقع في الشرك فلن يتركه سقراط حتى ينخُله ويُمحصه " - محاورات افلاطون ترجمة شوقي داود تمراز –. كانت رسالة سقراط من المحاورة ان يدعوا محاوريه الى الارتقاء بانفسهم:" ماذا انتم فاعلون برجل أهمل ما عُنيت به الناس، الثروة ومصالح الاسرة والمناصب، ولم يقل في جمعية الشعب قولا ولم يشترك في مجالس الحكماء، ولم يسهم في الدسائس والاحزاب بنصيب؟..لقد قصدتُ أن اسدي لكل منكم ما اعتقد انه أعظم خدمة ممكنة: أن احمل كل رجل بينكم على وجوب النظر إلى نفسه قبل أن ينظر إلى مصالحه " افلاطون محاورة الدفاع ترجمة زكي نجيب محمود -. وإذا استندنا الى الصورة التي قدمها افلاطون لاستاذه سقراط، فسنجده سيد الحوار مع الآخرين، وكان سيدا ايضا في الحوار مع نفسه.

كان الفيلسوف الالماني هيغل قد جعل ظهور الفلسفة على مسرح الحضارة البشرية رهناً بتقدم الإنسان، وتزايد إحساسه بالحرية، فذلك لأنه قد فطن الى أن من خصائص الروح الفلسفية هي روح البحث المستمر، والحرية الفكرية، والتسامح العقلي، والرغبة الدائمة في الحوار مع الآخرين. وقد كتب جون لويس في كتابه مدخل الى الفلسفة:" إن الفلسفة لا تبدأ إلا حينما يتهيأ للبشر أن يتنازلوا عن روح العنف والشدة، لكي يستعيضوا عنها بروح التفاهم والمودة ".

ندرك جيدا ان فهم الحضارة الغربية امر مستحيل بدون شيء من المعرفة لتاريخ الفلسفة، يكتب ميشيل اونفري ان الفلاسفة جميعا مازالوا احياء اليوم، وما يزال لديهم ما يقولونه لنا حتى ونحن نعيش في عصر الهواتف الذكية. واعمالهم ما زالت تنطق باسم وجهات نظر عالمية تماما في زماننا هذا. وهي تطرح اجوبة حية لنفس الاسئلة التي تضغط على عقولنا وحياتنا في ايامنا هذه ولقوة. ومازلنا قادرين على تمييز روح سقراط وروسو وكانط وهيغل تخفق حتى في قرننا الحالي. قرن مواقع التواصل الاجتماعي.

ربما يقول البعض: كيف لنا نحن الذين نعيش في هذه البلدان التي تفتقر الى ابسط شروط الاستقرار: ان نتلفسف؟ كيف لبلدان لا تزال تاكل وتنام مع الخرافات والاستبداد ان تسمح للمواطن ان يتفلسف، فالفلسفة " لا يمكن ان تُشيد في الهواء " كما كتب فؤاد زكريا ذات يوم، فهي تحتاج الى واقع صلب تستند اليه، ولا يمكن ان تتطور إلا اذا تطور الواقع الذي تعبر عنه، وهي لا يمكن ان تصبح قوة فاعلة ما لم نوقض في داخلنا ملكة الدهشة، ظل شوبنهاور يردد باستمرار:" الحصول على الفكر الفلسفي هو القدرة على الاندهاش من الوقائع العادية واشياء الحياة اليومية، بان يُطرح موضوعاً للبحث والنقاش ما هو عام واعتيادي "– العالم إرادة وتمثلا ترجمة سعيد توفيق –.

في واحدة من تأملاته يصر ديكارت على ان فعل التفلسف عند الانسان معناه ان يفكر اعتمادا على ذاته، من دون الاستغناء عن افكار الآخرين.

والان دعونا نطرح سؤالاً آخر: هل يمكن لنا جميعا ان نصبح فلاسفة. يقول كانط ان ما يمكن ان نحصل عليه هو التفلسف، بالبدء بالتساؤل عما اكتسبناه من فكر، ومواجهة هذا النمط من النتساؤل مع المجتمع والعالم، والكشف عما يمكن ان تقدمه لنا التجربة، وسنجد صدى هذه الفكرة عند هايدغر في مقالته " ما الفلسفة " – ترجمة محمود رجب – حيث يكتب:" وإن لم تكن لدينا اية فكرة عن الفلسفة، نحن في الفلسفة، لأن الفلسفة بداخلنا، وتنتمي الينا بالمعنى الذي لم نتوقف فيه عن التفلسف ". ان التفلسف فعل كما يقول هايدغر، وهو يسري في كل عمل نقوم به. وفي النهاية يساعدنا على بناء " مسكن الوجود ".

يكتب جون غيرش في كتابه الممتع " العيش بالفلسفة " – محمد شوقي زين - إلى ان الفلسفة وهي تصنع لنفسها عالما خاصا، تحولت أيضاً إلى تعليم للناس عندما قرر افلاطون أن يؤسس اكاديميته، ليقدم لنا مفهوما جديدا بعنوان " التفلسف " وهو مفهوم يدل على طريقة جديدة في قيادة الحياة..وهو ما حاول من بعده تلميذه ارسطو ان يطرح السؤال المهم: "كيف يمكن ان تصبح الفلسفة طريقة للعيش؟"، وكانت الحاجة للإجابة عن هذا السؤال هي جزء مما يدفع الناس إلى الفلسفة.

قبل اكثر من الفين وثلثمائة عام اخبرنا ابيقور إن: "الفلسفة التي لا تشفي الآلام البشرية هي محض هباء، فالفلسفة التي لا تُبرئ الروح من معاناتها، لا تختلف عن طبّ لا يداوي مريضاً ولا يشفي عليلاً". اعتقد أبيقور أن القضية الأساسية للفلسفة تتمثل في القضاء على كل الاعتقادات الخاطئة، فكان يظن أن الخوف اللاعقلاني من أهمّ العقبات في طريق السعادة، وأن العلاج لهذا الخوف، هو أن يفهم الإنسان الطبيعة، فغاية الفلسفة تكمن في مساعدة الناس على بلوغ السعادة، وأن أول أبواب السعادة هو سلام النفس، وهذا ما يسمّيه أبيقور "الطمأنينة"، وحتى نحصل على هذه الطمأنينة وهذا السلام ينبغي أن نملك فكرة سليمة عن الطبيعة التي نعيش في ظلها، وعن القوانين التي تحكم هذه الطبيعة ولهذا يريد أبيقور من الإنسان، أن يتمكن من تأسيس قانون يمكنه من هزم الخوف من المجهول، من خلال نظرية تقول "لا شيء يأتي من لا شيء، ولا شيء يضيع في اللاشيء"، والإنسان سعيد لأنّه لا يخشى فقداً، لا يهاب نهاية العالم ولا الموت ولا الآلهة.

على رقعة صغيرة من الارض في جزيرة اوربية قريبة من الاراضي التركية، سيكتب رجل حاد الملامح، صاحب لحية طويلة كان يوليها عناية خاصة:" من يقل بأن التفلسف لم يحن وقته بعد، او ان وقته فات، لا يختلف عن الذي يدعي بأن وقت السعادة لم يحن بعد ". يصف لنا ديوجين لايرتيوس في كتابه "مختصر ترجمة مشاهير قدماء الفلسفة " – ترجمة عبد الله حسين – ابيقور بانه حاول ان يقترب من شخصية سقراط في سلوكه اليومي والمعيشي، فلم يكن لديه من الثياب اكثر من ثوبين اثنين، وما كان ياكل غير الخبز والزيتون، وإذا ما اسرف احيانا، فقد كان ياكل قطعة من الجبن.

كان أبيقور المولود سنة 324 قبل الميلاد في جزيرة ساموس، قد بلغ الثامنة عشرة من عمره حين قرر أن يجد إجابات على ما طرحه معلمه " بمفليس " من أسئلة لم يجد لها أجوبة في قاعة الدرس لأنها حسب قول المعلم من اختصاص الفلاسفة فقط.. إذن ليتفرغ للفلسفة..كان أبوه معلماً يتقاضى راتباً بسيطاً، مما دفع أمه أن تعمل لتعيل العائلة، فكانت تبيع الأعشاب الطبية لمعالجة المرضى، يسافر الى أثينا لحضور دروس الفلاسفة وكان في ذهنه مشروعين الأول البحث عن ما اسماه العماء الفكري الذي يصيب الناس.. والثاني تخليص العالم من هذا العماء..لكنه وجد إن النزاع شديد بين الفلاسفة، فقرر أن يسافر إلى بلدان الشرق باحثاً عن إجابات لأسئلته، دارِساً الحكمة الشرقية.. وما أن بلغ الخامسة والثلاثين من عمره حتى عاد ثانية الى أثينا حيث قرر أن يشتري بيتاً كبيراً وحديقة لينشئ مدرسة لتدريس الفلسفة، وكان الانضمام الى هذه المدرسة متاحاً للجميع، رجالا ونساء.. أغنياءً وفقراءً، وكان يهدف من وراء مدرسته إلى نشر أفكار عن عالم مثالي يعيش فيه الجميع بإخاء ومساواة.. وبعكس مدرسة أفلاطون التي كان يسعى صاحبها إلى إنشاء جمهورية مثالية، كان أبيقور يبشر بمدينة شعارها " الاستمتاع بالحياة "، وكانت المدرسة التي سميت " حديقة أبيقور" ترفع شعار المساواة، فلا فرق بين التلاميذ وأستاذهم، ولا وجود للفروقات الطبقية، والحياة داخل المدرسة تتسم بالتقشف، فالطعام اليومي يقتصر على خبز الشعير والقليل من الجبن، وكان الطعام الدسم محرماً لأنه يبعث على الأسى والألم. يكتب أبيقور:" إنني أنتشي من خبزي ومائي..وإني لأعرض عن التوابل واللحوم ". كانت فلسفة أبيقور تدين لسقراط بالكثير من مفاهيمها، فسقراط أول فيلسوف يشير إلى أهمية التطبيق العملي للفلسفة باعتبارها تهدف الى تغيير حياة الإنسان، وأن تكون أولى غايتها الاهتمام به، ولهذا سعى أبيقور وتلامذته إلى إثبات إن الوصول الى السعادة هو الهدف من الحياة، وكانوا يثنون على أهمية تحرر الإنسان من العبودية والتسلط والاضطراب. قال سقراط إن الرجل الصالح لا يمكن أن يلحق الأذى بالآخرين..فمفتاح الحكمة هو إشاعة الخير والسلم بين البشر.

اعتقد أبيقور أنه يجب أن تكون الفلسفة عملية. ويجب أن تغيير الطريقة التي نعيش بها. وتبعاً لذلك، كان مهماً أن يمارس مَن التحقوا به، مهنة الفلسفة عوضاً عن تعلمها فقط.

بالنسبة لأبيقور، كان مفتاح الحياة هو إدراك أن ما نسعى إليه هو المعرفة الممتزجة بالمتعة. و الأهم من ذلك هو تجنب نشر الشقاء بين الناس، ولهذا نجد إن أهم وصايا أبيقور لتلامذته:

* السعي إلى إلغاء المعاناة من حياة الناس.. إلغاء المعاناة من حياتك.

* نشر السعادة لأنها ستجعل الحياة أفضل

* العيش ببساطة، فليس مهماً أن تحصل على أشياء لا تحتاجها. إذا كانت رغباتك بسيطة فمن السهل تلبيتها و سيبقى لك الوقت و الطاقة للاستمتاع بالأمور المهمة في حياتك.

يرى أبيقور اننا لن نستطيع العيش بسعادة ما لم نفهم العالم الذي نعيش فيه وندرك طبيعته، وبعبارة أخرى إننا يجب أن نعرف من نكون،ولماذا نعيش؟ ولهذا يؤكد أبيقور إن بإمكان الإنسان أن يعيش سعيداً لو تحرر من الخوفين الكبيرين الذين يفسدان الحياة: الخوف من الآلهة والخوف من الموت.

قضى أبيقور كثيراً من الوقت في الكتابة، كان كثير الإنتاج. كتب حوالي 300 كتاب، رغم أنه لم يصلنا منها أي كتاب سوى شذرات. ما نعرف عنه اليوم هو مستمد في أغلبه من كتابات تلامذته وأتباعهم فيما بعد. فقد كانوا يحفظون كتابات أستاذهم عن ظهر قلب ونقلوا تعاليمه عبر المؤلفات التي ظهرت في العصر الروماني، وكان أشهرها كتاب " في طبيعة الأشياء " كتبه الفيلسوف الروماني لوكريتوس الذي عاش بعد وفاة أبيقور بـ 200 عام.وفي هذه القصيدة – الكتاب – (ترجمه الى العربية علي عبد التواب علي) يرى لوكريتوس إن شقاء الجنس البشري وانهيار أفكاره يرجع الى الخوف من تسلّط الآلهة والفزع من غضبهم، وأن فلسفة أبيقور جاءت لتخليص الإنسان من تلك المخاوف، ومن ثم توطيد الإحساس بالطمأنينة في قلوبهم.

كان أبيقور يهتم بالأفكار والمعتقدات الخاطئة، وكان يرى أن معظم المشكلات التي تواجهنا لا تنبع من أحوالنا الفعلية أو الواقعية، وإنما من معتقداتنا الخاطئة عنها.

بعد اكثر من الفين عام على وفاة ابيقور، سيموت مواطن فرنس، ظل طوال حياته مهموما بسؤال: ما الفلسفة. ففي صباح الرابع من تشرين الثاني عام 1995 يستيقظ سكان الدائرة السابعة في باريس، على مشهد غريب، الرجل الكتوم الذي يسكن في احدى البنايات ، لا يخالط الآخرين وقليل الكلام، يلقي بنفسه من نافذة شقته في الطابق الثامن، لم يكتب رسالة عن اسباب انتحاره، لكنه كان يردد "لا اريد ان اظل ملتصقا بقارورة للأوكسجين، مثل كلب ". في السبعين من عمره رأى جيل دولوز من الأفضل، إنهاء حياة عذبها المرض لسنوات طويلة. كان المرض في تلك الأثناء قد أقعده تماما.. ولم يعد ثمّة من أمل في شفاء مرتقب. اوصى بان لا تبحث عائلته واصدقائه بعد موته عن ما تركه لتنشره:" لا شيء.. لا شيء، لانني ليس لدي احتياطيات، ليست لدي مخزونات ".الرجل الذي انهى حياته بطريق تراجيدية، كان مشهورا عنه دفاعه المستميت عن الفلسفة وبالكتب التي كتبها عن كانط، ونيتشه، وبرغسون ومواطنه ميشيل فوكو، وفي عبارة مؤثرة يكتب:" ليس هناك موت للفلسفة، وانما محاولات اغتيال "، يقول أن الفلسفة تعرضت لكثير من الحملات والمحن التي تحاول القضاء عليها، يتهم هيغل بانه اراد اسدال الستار على الفلسفة من بعده، وبالتالي حاول ان يعلن نهايتها. يسأل دولوز: كيف يمكن للفلسفة ان تبقى حية حتى هذه اللحظة، في ظل التقدم الهائل للعلوم، وازدهار مذهل للفنون؟ ويصر على ان الفلسفة عليها ان لا تنكفيء وتترك المهمة للعلوم او الفنون:" لقد تقدم العلم كثيرا، واخذ بريق الفلسفة وحل العلماء محل الفلاسفة، لكن الآن هناك فرصة ذهبية للفلاسفة للعودة مجددا بعد ما فشل العلم من دون الفلسفة في حل مشاكل الانسان، لا سيما بعد الازمات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها المجتمعات حاليا ".

في آخر حياته نشر دولوز كتاب " ما هي الفلسفة " – ترجمه الى العربية مطاع صفدي، – دافع فيه عن حق الفلسفة بالعيش مؤكدا ان عبارة " موت الفلسفة " لا قيمة لها، وان الفلسفة لا تزال تسعى الى ان يكون لها الدور البارز في ابداع اساليب جديدة. استاذ الفلسفة تساءل عن مغزى الفلسفة، معتبرها حليفا اساسيا مع قوى العصر المبدعة، القوى التي تعطي قيم جديدة للحياة. وقد سعى الى صنع فلسفة متحررة من القيود التي تفرضها السلطة الرسمية، مؤكدا على أن الفلسفة ليست تأملا، وان لا شان لها مع التجريد انها " فن ابداع المفاهيم ".. حاول جيل دولوز التركيز على نشاط فلسفي مستقل له موضوعه وادواته وتقنياته،ولهذا خاض معركة على جبهتين، الاولى ضد الفروع المعرفية التي حاولت ان تحل محل الفلسفة ( التحليل النفسي.. التحليل المنطقي.. نظرية المعرفة..السانيات)، الثانية ضد أنواع الفلسفات القائمة التي سادت وفرضت نفسها منذ انطلاق الفكر الفلسفي وحتى نيتشه، لا سيما ديكارت وهيغل.

يربط جيل دولوز الفلسفة بالاغريق لانهم:" هم الذين صادقوا على موت الحكيم، واستبدلوه بالفلاسفة، اصدقاء الحكمة " – جيل دولوز ما هي الفلسفة ترجمة مطاع صفدي -.

ان البشر الذين يهتمون بالفلسفة هم في الحقيقة يتشربون مبادئها من خلال الثقافة المحيطة بهم. ومنذ ما يقارب الـ " 250 عاما اعلن مواطن الماني عاش حياة رتيبة، اسمه إيمانويل كانط عن ايمانه بأن الفلسفة قادرة على فحص كل شيء. كان كانط فيلسوفا من عصر التنوير، وكان لديه ايمان بانه لايوجد في الكون كله إلا شيء واحد تام الندرة، ألا وهو العقل. فقدرتنا كبشر على المناقشة المنطقية هي الشيء الوحيد الذي يميزنا عن بقية ما في الكون " نحن قادرون على تطوير العالم من حولنا باستخدام التفكير والارادة ".

لقد ميز كانط في كتابه " نقد العقل العملي " – ترجمة غانم هنا – بين ثلاثة انواع من الاسئلة التي تطرحها الفلسفة. ويقول انها تلخص جميع اهتمامات العقل:

1- ما الذي يمكنني معرفته؟

2- ما الذي يجب علي القيام به؟

3- ما الذي قد آمله؟.

***

علي حسين – كاتب

رئيس تحرير صحيفة المدى البغدادية

في المثقف اليوم