قضايا

النقد وبناءالابداع.. رؤية ثقافية

ايهما اجمل أن تكتب أو أن تقرأ؟ وايهما أهم أن تناقش أو تنقد؟ وايهما الأفضل أن تحاسب أو تبدع؟ أسئلة جديرة بالتفكر في عالم الثقافة والنقد والابداع الثقافيين..الجدير بالذكر أننا في منطقة تدمن الصراع الثقافي ولم نصل بعد لمرحلة القراءات النقدية حتى لا نتسرع ونقتحم حقول النقد الثقافي..

القيمة المضافة في الكتابة والقراءة تتحدد عندما يستطيع كل من القارئ والكاتب تحمل بعضهما البعض بتعبير بول ريكور الذات عينها كآخر، هنا الوردة هنا لابد من القفز  الفكري نحو التعاون الإبداعي فالكتاب والأدباء والشعراء والفلاسفة وأهل كل فن ينتجون صور وتمثلات وقراءات ورموز وقضايا ومصالح وقبل ذلك كله أفكار وينتهي الأمر بدوائر سقوط حجر في الماء!!

 منذ الأزل الفكر الإنساني متراكم وجدلي يبقى محل جدوائية  كل ما ينتجه في معيار القيم الإنسانية الكونية، حيث الماهية والهوية والحرية  تنتظم في معادلة التعاون الإبداعي للكرامة الإنسانية..

نختلف عن بعضنا البعض لكن واجبنا الوجودي أن نستفيد من مهارات كل منا ولا نبخس الناس أشياءهم ومضمار الحياة ليس النقد الهدام وإنما النقد العلمي البناء الذي بالنهاية يشعر كل منا بالعدالة التي تبقى نتاج التفهم وليس الحكم المسبق والتسامح وليس تبادل التهم والأحكام والحوار الموضوعي المنظم وليس الجدال العقيم وعليه التعايش بالتعاون لإبداع النفع العام كصورة مشرقة للعدالة، حيث الثقافة بشتى موجاتها واشعاعاتها هي محضن النباهة والرحمة والحضارة الإنسانية..

والنقد كعملية ثقافية-معرفية، هو عبارة عن فحص لكل ما هو سائد في سبيل واقع آخر مضاد له وفقا لنموذج أو تصور مستقبلي. "فالنقد يعني: الفحص والاختبار ووضع كل شيء في ميزان العقل والاحتكام إلى معاييره ".

وعليه الكتابة أو القراءة كلاهما نسق ثقافي، معيار التناسب بينهما هو التفكر العميق والعلمي الرصين حتى لا نظلم بعضنا البعض، ولكي تكون لقاءاتنا الثقافية ورشات تؤسس لدينا فن الإبداع النقدي كتابة وقراءة وترجمة في حركة الواقع الاجتماعي..

بالمختصر: عندما نتسامح فكريا سنتعلم الحوار وبعدما نتحاور بقيم سنتعايش بقوة ونتعاون بإتقان ونبدع بإحسان..غير ذلك سيظل دوائر لغوية وخطابات خشبية ومواقف جاهلية تزيدنا بعدا عن النقد العادل.. تعالوا الى كلمة الطيبة التي تفتق النقد الثقافي في كل فعالياتنا وتصنع الإبداع الثقافي المؤثر في الواقع، لأن الثقافة تهندس شكل الحياة الخاص وتخصص الهوية الذاتية، وهي التي تترجم الجذور في المكان والزمان وتعكس حمولات التراث، كما انها تفتح أمام الذات والآخر إمكانيات وآفاق التعارف مع صور الإبداع الإنساني عبر العالم.. 

تعالوا لفك النزاع بين منحنيات الثقافة وتضاريس المجتمع ومطبات الذاكرة والتاريخ، كي نتعاون في رسم معالم مستقبل أفضل لهويتنا الثقافية بعيدا عن الفوضى والهوان ونكوص الوعي الثقافي..و مهما اختلفت الأفهام وكان الإنسان أكثر شيء جدلا يبقى التعارف أساس الإبداع..

***

بقلم: أ. مراد غريبي

في المثقف اليوم