تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا

سراب سعدي: تحدايات المجتمع المعاصر.. أسباب ومعالجة

يعد الانحراف الأخلاقي من أخطر الآفات التي تنهك المجتمع وتبرز خطورته في أنه الطريق المعبد الذي سيستنزف روح المجتمع ويُمزق نسيجه وينتهك الأعراف والقيم الاخلاقية، ومن خلال الأبحاث الاجتماعية التي تصدر بين الحين والآخر حول الانحراف والذي ينحدر بمستويات مختلفة فتؤكد هذه الأبحاث أن أساس المشكلات التي تواجه الشباب وتقودهم نحو الجريمة والسلوكيات الخاطئة ماهو إلا أسباب عديدة تلبدت في سماء الشباب وطموعاتهم فيمكن تعريف الانحراف بأنه الخروج عن المألوف وعن المعايبر والأعراف والتقاليد المعروفة لدى المجتمع بصورة عامة. وقد وضعت الكثير من التعاريف للوصول إلى المعنى الحقيقي للانحراف ولعل ما ذكره عالم الاجتماع كوهين في تعريف الانحراف الاخلاقي هو الاكثر وضوحا حيث عرفه بأنه " السلوك الذي يكون خارجاً عن التنبؤات المشتركة والممكنة في محيط النسق الاجتماعي".

ومن أمثلة الانحراف الاخلاقي (استخدام الألفاظ البذيئة، التحرش الجنسي، الاغتصاب، الكذب، الرشوة، السرقة التزوير، مظاهر التعري والابتذال، تعاطي المخدرات....الخ)، ولكن ما هي الأسباب التي تؤدي إلى سلوك هذا المنحدر ألا اخلاقي؟! بالتأكيد هناك اسباب كثيرة ومن اهمها التفكك الأسري والذي له اثر كبير على تنشئة الأطفال فاذا كانت الاسرة مفككة لا تهتم بتربية ابنائها بصورة صحيحة من خلال غرس القيم والاخلاق والمبادئ الطيبة وتعليم ابناءها الفضيلة وحب الخير بكل تأكيد سيكون مصيرهم الجهل والتخلف والانحراف. والسبب الثاني هو الصحبة السيئة التي لها الحصة الأكبر في التأثير على الافراد لسلوك الانحراف وكما يقول الشاعر لا تسأل عن المرء وأسأل عن قرينه....، ومن الاسباب أيضا النظرة الدونية للفرد تجاه نفسه ولذلك يحاول أن يرفع من نفسه بفعل امور منحرفة عن الطبيعة ملفتة للنظر بغية الوصول للكمال من وجهة نظره بكل تأكيد!!، والسبب الآخر هو وسائل الاتصال فكما نعلم أن وسائل الاعلام والاتصال هي سلاح ذو حدين ومن المهم توجيهها بشكل صحيح حتى لا تكون سببا في الانحراف والتدني الاخلاقي، (وسأستعرض لكم اسبابا أخرى دون الدخول في التفاصيل) ومنها الفقر، الفراغ، افتقار الوازع الديني، تدني المستوى الثقافي، غياب دور المدارس والجامعات في نشر الفضيلة، البطالة، الحرية الكاذبة، الضغوط النفسية...الخ.

 اما عن تأثير الانحراف على الفرد والمجتمع فقد يتأثر الفرد من خلال شعوره بالضياع وتأنيب الضمير وازدياد الأمراض النفسية فيفقد ثقته بنفسه وكذلك يصبح غير مقبول من مجتمعه...، أما عن تأثير الانحراف الاخلاقي على المجتمع فيتأثر المجتمع بشكل كبير بتلك السلوكيات الخاطئة تصل إلى دمار وانهيار المجتمع وتدني المستوى الاخلاقي فيه وضياع الحقوق وفقدان الثقة وعدم الشعور بالأمان في بيئة همجية لا تعرف للأخلاق أي معنى فيشكل خطرا على استقرار المنطقة قد تصل الى هجرة العقول من هذه البلدان للوصول الى بر الامان والاستقرار الاخلاقي. نصل الأن إلى ايجاد العلاج المناسب لمثل هذه الظواهر المؤذية اهمها توفير الحلول للأسباب التي ذكرت سابقا، واضيف لها تفعيل القانون ليكون رادعا لكل من تسوغ له نفسه عمل أمور لا اخلاقية مرفوضة من قبل المجتمع وكذلك توفير الامان لكل افراد المجتمع فالفوضى وعدم الاستقرار يولد الجريمة والنزاعات والشغب وكلما كان هناك امان واستقرار أدى ذلك الى وجود النظام الذي له دور كبير في التقليل من هذه السلوكيات، وأيضاً من أهم الحلول وآخرها هو تأهيل المنحرفين من خلال إقامة مراكز وجمعيات فيها خبراء نفسيين لمعالجة الازمات وحلها.

***

سراب سعدي

في المثقف اليوم