قراءات نقدية

الكاتبة السورية إنعام ديوب في روايتها الأولى (2-2)

مفيد خنسة(الحب أون لاين)..  هل يمكن أن يتحول إلى حب حقيقي؟

محاولة الاغتصاب ومرحلة جديدة:

حين تستمر نعمة بتعاملها الرسمي مع عزيز، يصر عزيز على الإسراع في تحديد موعد للزواج منها وكتب كتابه عليها، ويتم ذلك بناء على موافقة أمها وأبيها لأن عزيزاً يبقى الخيار الأفضل لها، وذات يوم تكون فيه نعمة وحيدة في البيت يصر على دعوتها للعشاء، وعندما يأتي بسيارته ليأخذها، يدخل إلى البيت وهو يعرف أنها وحيدة، وتتفاجأ حين تراه يدخل إلى غرفتها محاولاً اغتصابها، ولم تنجح بصده ومحاولة الهروب منه، ووجدته بحالة غير طبيعيّة، يمزق ثوبها الجديد الذي اختارته من أجل مناسبة الخروج معه للعشاء، وبعد ممانعة شديدة استطاعت أن تفلت منه وتخرج نصف عارية، وبقي يلاحقها وكأنه فقد صوابه، وقد أنقذها دخول عمتها التي جاءت للاطمئنان على ابنة أخيها نعمة، وحين أخبرت أباها، تم فسخ الخطوبة واستقالتها من الشركة بعد أن انتهى من حياتها كلياً لتبدأ مرحلة جديدة.

السر داخل دمية الماتريوشكا:

تكتشف نعمة أن أمها كانت ترافق أباها في السفر إلى فرنسا حيث أخوها فيصل الذي أكمل اختصاصه بمعالجة الأمراض السرطانية، كان بسبب متابعة العلاج من مرض السرطان الذي أصيبت به، ولم تخبرها من أجل ألاّ تسبب لابنتها الوحيدة أي نوع من أنواع الخوف أو القلق، كاترين التي أمضت حياتها في الأعمال الخيرية وتقديم المساعدات للأسر المنكوبة، وكان جل اهتمامها ببلدها سورية خلال محنة الحرب، وكان زوجها يقدم إليها الدعم الكبير من أجل ذلك، عندما تسمع أن مجموعة ملثمة دخلت إلى بيت العائلة القديم في أطراف البلدة الذي كانت توزع فيه المساعدات القادمة من الخارج، وقتلت والدها وابنة ابن أخيه البالغة من العمر سبع سنوات وأخاها الذي لم يتجاوز الخامسة، لم تستطع ان تتحمل هول الكارثة وصدمة تلك الجريمة، فتصاب بانهيار عصبي، وعلى أثره تموت كاترين تاركة لابنتها أمانة عند خالتها وهي عبارة عن صندوق، سلمته لها، وحين تفتحه نعمة تجد داخله دمية الماتريوشكا وإلى جانبها ورقة بيضاء: (عديني أن ما ستجدينه داخلها لن يؤثر فيك إلاّ لاتخاذ قرار- إن شئت اتخاذ قرار- فأنا أعلم كم أنت ذكيّة، وأنا واثقة بقوتك وحسن تصرفك) ص(370)، وبالفعل تعدها نعمة، وتفتح الدمية الأصغر لتجد مفتاحاً وورقة خضراء تخبرها بما كتبته عليها بأن هذا مفتاح البيت في سورية الذي كان شرطاً تعجيزيّاً اشترطه والدها على فهد الذي كان ما يزال طالباً حينه أن يبنيه لها مقابل موافقته على زواجهما، وهذا ما فعله فهد لاحقاً، وأم نعمة سجلته رسميّاً باسمها، أما في الدمية الصغيرة فقد وجدت ورقة كتبت عليها باللغة الفرنسية ذلك السر الدفين: الذي قلب حياة نعمة رأساً على عقب وساعدها في أن تصبح امرأة ذات قرار، وبقي العم عبد الله شبه شاهد عليه، ولكنه بقي كاتما حقيقيّاً وأكيداً للسر طوال حياته.

هل ينتصر الحب الافتراضي؟:

كان سعد يروق له أن تناديه سعووود، وهي أيضاً كانت تستعذب أن يناديها أمووول، وبعد موت أمها وقرار أبيها الزواج تصبح دائرة علاقاتها ضيقة، وتزداد إحساساً بالحاجة إلى سعد، وعنما تتواصل معه من جديد أثناء وجودها في فرنسا يخبرها أنه وحيدٌ في أميركا، وتعده للمرة الأولى أنها ستكون له، ولن تكون يوماً لغيره، فيحذرها أن تعده بما لم تستطع الوفاء به، لكنها ما زالت هي أمل بالنسبة إليه، فكيف يمكن لها أن تقنعه بأن نعمة هي نفسها أمل، وبدأت تخشى أن يعتبرها مخادعة له من جديد، لكن سعداً عندما يعرف أن نعمة من طبقة غنية يخبرها بعدم قدرته على الاستمرار معها لأنه من طبقة فقيرة، وهذا ما ولّد في نفسها الإصرار على لقائه، وسرعان ما وجدت الطريقة المناسبة، فقد اختارته أحد الشخصيات العلمية الإدارية لملء استبيان يتعلق برسالة الدكتوراه التي وصلت إلى مراحلها الأخيرة، وبالفعل تلتقي به في الجامعة التي يعمل بها، ويملأ لها الاستبيان وتتقرب منه، ومع تطور العلاقة تصارحه بحبها له لكنه يرفض بسبب الفوارق الاجتماعية، ويصارحها بأنه يحب فتاة لا يدري إذا كان لها وجود حقيقي، وفي الوقت نفسه يرفض والدها رفضاً قاطعاً أن يوافق على زواجها من سعد المتزوّج الذي لا يمكنه حتى شراء شقة ليسكن فيها، في الوقت الذي ترفض فيه هي الأخرى محمد صديق العائلة، الطبيب المختص بتجميل الأسنان والمستقر في استراليا ويصغرها بثلاث سنوات. عندها تتوتر علاقتها مع أبيها وتسافر إلى كندا إلى خالتها وتتطلع على السر الذي تركته لها أمها. وقد ساعدها ذلك على اتخاذ قرارها النهائي على طريقة أمها التي تطمح أن تكون نسخة عنها طبق الأصل.

(في صندوق أسود مخملي، وضعت الميدالية التي تحمل اسمي وتاريخ الموعد الأول للقائنا الذي لم يكتب له النجاح، وبجانبها وضعتُ مفتاح باب لشقتين ضمتا إلى بعضيهما لتصبحا طابقاً كاملاً كبيراً في بنايتي في السالمية - التي كانت أمها قد نقلت ملكيتها إليها-، وتم تأثيثها بما يليق بالأمراء، ومعه ورقة بيع وشراء باسم سعد عبد المحسن عبد الصادق وعبارة تقول: " من حق أولادك أن يعيشوا باستقرارٍ وفرح، "، وتذكرة سفر باسمه وجهتها فرنسا،..... وورقة بيضاء ناصعة.... إن أحببت مشاركتي في المكان والأمل فأنت تعلم المكان ورقم الرحلة) ص(378). ثم تقدم له الصندوق هدية في مكتبه وتشترط عليه ألا يفتحه قبل السابعة من صباح غد. تاركة إياه في حالة من الذهول.

بنية الرواية ومصير الشخصيات الرئيسة:

لعل الكاتبة قد تعمّدت أن تقدم بعض الشخصيات المترفة ماديّاً أو عاطفيّاً في محاولة منها لاجتياز مرحلة البؤس الذي أوشك أن يفتك بأرواح البشر، وزرع الأمل في نفوس البعض من خلال إبرازها لأهمية التحصيل العلمي العالي وأثره على المستقبل، نعمة تنال الدكتوراه، سعد يصبح أستاذاً جامعياً، فهد رجل أعمال كبير، وعزيز مدير شركة، ورجل أعمال كبير، حتى فيصل أنهى اختصاصه بمعالجة أمراض السرطان، وكاترين مجازة وصاحبة مشاريع كبرى للأعمال الخيرية، ولذلك هي لا ترصد قاع المجتمع بقدر ما ترصد حالة استثنائية، لكنها من خلال بطلتها نعمة تبين كيف يمكن للحب الافتراضي أن ينجح في مثل الظروف التي مرت بها، من دون أن تنفي إمكانية عدم نجاح مثل هذا الحب، إذا تم الأخذ بعين الاعتبار العوامل التي يمكن أن تجعله فاشلاً، (وأنا على قناعة تامة أنه في حال تغييب الظروف سيختلف الاختيار حكماً!

مثلاً، لولا الظروف العائلية لكان بدر اختياراً...

لولا ظروف العلاقة وظروف سعد لكان سعد اختياراً..

لولا ظروف بدر وسعد غير المناسبة، لما أصبح عزيز اختيارا!).ص(247)، ونتبين أن هدف الكاتبة ليس الإجابة النهائية على ظاهرة التواصل العاطفي (أون لاين) التي أضحت في العقد الأخير من أهم الظواهر التي تعاني منها الشرائح العمرية كافة في مجتمعاتنا، وتناول هذه الظاهرة من خلال هذا العمل الروائي يعتبر محاولة جريئة من الكاتبة في عملها الأول لعرض نموذج حي لهذا التواصل العاطفي وما يترافق معه من جوانب اجتماعية واقتصادية، بالإضافة إلى الجوانب السيكولوجية لهذا النموذج. وإذا نظرنا إلى مصائر بعض الشخصيات:

(1) نعمة: تتنازل رسميّاً لسعد عن طابق سكني يليق بالأمراء للسكن فيه، من منطلق أنه من حق أولاده أن يعيشوا باستقرارٍ وفرح، ولا أدري إذا كان هذا الفعل مقنعاً؟! قد يجعل الحب شخصية كنعمة تضحي من أجل الفوز بمن تحب بعد أن تأكدت أن حبيبها الافتراضي هو حبيب حقيقي، ويتمتع بصفات تجعلها أكثر تمسكاً به، لكن أن تبرر ذنبها الذي يمكن أن تكون قد اقترفته بسبب فوزها به بمثل هذه التضحية فهذا ترف روائي وإن كان يتناسب مع ترف بعض شخصيات الرواية.

(2) العم عبد الله: حضوره باهت على الرغم من أنه كان عاملاً أساسيّاً في نجاح حب فهد من كاترين، كما أنه بقي كاتماً لسرها الدفين.

(3) بدر: وفاءً لحبه لنعمة يقرر السفر إلى سورية للقيام بمشاريع خيرية لمساعدة المنكوبين بسبب الحرب،

(4) سعد: ينفصل عن زوجته بمنتهى الود والاحترام وبرضى جميع الأطراف، مما يجعل الظرف مناسباً ليستجيب لطلبها ويأتي مع والدها إلى المطار في الوقت المناسب، في إشارة إلى قبوله بقرارها المستقل.

وعلى العموم يمكن أن تكون المصائر منسجمة مع السياق الذي بنيت عليه الرواية. لكنها شخصيات مسالمة إلى درجة أن هذه الشخصيات تخلو من أي صراع درامي، على الرغم من أن إمكانيات المواجهة متوفرة، وينتفي في الرواية صراع الإرادات والقوى والمواجهات العنيفة. وهذا يعكس الطبيعة المسالمة والأخلاقية للكاتبة نفسها. وإذا لاحظنا أن خاتمة الرواية تشير إلى أن أحداث الرواية لم تنته وإن جزءاً آخر يتبع، سنجد من الطبيعي أن تكون النهايات مفتوحة، ولعل بعض الشخصيات الثانوية في هذا الجزء تصبح رئيسة في الجزء الثاني، وبالعكس. وفي اعتقادي أن الجزء الثاني من الرواية سيكون أكثر إثارة، وتشويقاً ومفعماً بالأحداث الكبيرة، ولا أستبعد أن تكون الرواية ثلاثيّة في أجزاء. لأن هذا الجزء يفتح الباب واسعاً لطرح قضايا معاصرة تعني الإنسانية على اختلاف الأديان والجنسيات.

الحدث المركزي وإمكانات المسارات:

نلاحظ أن الكاتبة اعتمدت على حدث مركزي، وهو ما حدث ل كاترين من قبل الشاب الذي رفضته على الرغم أنه من بلدها ومن دينها لتختار الشاب المسلم فهد، وتجعله ينال مصيره بقدر يقتص منه بالموت دهساً بسيارة عابرة، وهذا يشير إلى أن الكاتبة تؤمن بالقدر، وتؤمن بالعدالة الإلهية، كما أنها تؤمن بحرية المرأة باختيار شريكها من وجهة النظر الإنسانيّة البحتة، بقطع النظر عن الدين أو الجنسية أو العرق أو المذهب أو الطائفة، وهذا يجعل من الرواية رواية إنسانية وعالميّة، من حيث الموضوع الإنساني الذي تعالجه في هذا الجانب من الرواية، ويصادف أن يكون شاهداً على هذا الاقتصاص العم عبد الله، وهو من النوع الذي يحفظ السر، وهنا يمكننا أن نتساءل عن إمكانات تداعيات الحدث المركزي وهو السر الذي أخفته كاترين طوال حياتها، وهنا سندخل في المنحى الافتراضي للرواية!، ماذا لو أن العم عبد الله أفشى ذلك السر لصديقه فهد في مرحلة من مراحل أحداث الرواية؟، وماهي التداعيات الممكنة المتعلقة بذلك؟ ماذا لو أن بدراً دافع عن حبه لبنت عمه نعمة؟ وأصر أن يواجه أهله، وأصرّ أن يواجه عزيزاً؟!، ماذا لو لم يكن عزيز قد حاول اغتصاب نعمة؟ ماذا لو أن كاترين ونعمة لم يكتب لهما الذهاب إلى الكويت؟ قد تكون الإجابة باختصار، لن تكون هناك رواية!!، وبهذه الإجابة نكون قد نفينا الإمكانات المختزنة في الرواية، إن الفعل الروائي يقوم أصلاً على حدثٍ افتراضي أو حقيقي، يختاره الروائي ثم يبني عليه روايته بأحداثها وشخصياتها، وفق مسارات يريدها هو، ولكن كلما كانت الأحداث والشخصيات حقيقية كلما زادتنا إقناعاً، ولكن تبقى الإمكانات موجودة من وجهة النظر الواقعية، وإن كانت الواقعية قد استخدمت في غير معناها الحقيقي الدقيق في الفكر السياسي وفي الفلسفة والفكر عموماً، لأنها استخدمت بمعنى الواقع.

إن الواقع هو ما حدث فعلاً، ولكن ما وقع فعلاً يمثل إمكانية من إمكانات الحدوث، وكل إمكانية من الإمكانات تكون حدثاً واقعيّاً، أي الواقعية هو ما يمكن أن يكون، أما الواقع فهو ما وقع فعلاً، من هذا المنظور نجد أن الرواية يمكن أن توصف بالواقعية، وإن كانت بعض الأحداث تبدو غير مقنعة كفاية، فالإقناع شيء، والواقع والواقعية شيء آخر!، ألم نواجه في حياتنا أحداثاً غير مقنعة؟ لا بل أقرب إلى الخيال؟ وهنا لا بد من التمييز بين الشخصيّة الدرامية والشخصيّة الروائيّة، فالشخصية الدرامية تشترط التفاعل في وسط محكوم بالتنافس والصراع، وهي إحدى إمكانات الشخصية الروائية التي تمثل الحالة الأعم.

السرد الروائي واللغة الشعريّة:

أستطيع أن أقول بثقة إن السرد الروائي هو البطل في هذه الرواية، حيث يتمايز بمستويات مختلفة أهمها:

(1) الانتقال من العام إلى الخاص:

في الأغلب الأعم تفتتح الكاتبة كل فصل من فصول روايتها، بمقدمة عامة تتناسب مع الأحداث التي يتضمنها هذا الفصل، خاصة في النصف الثاني من الرواية وقد تتضمن مقولات مختصرة تبين المرتكزات الأساسية لثقافتها الإسلامية: (وجودنا صنع السماء، حياتنا صنع الظروف، ومستقبلنا صنع قدرنا) ص(154). أو تفتتحها بمقولات عامة تتضمن حكمة مستخرجة من صميم تجربة ذاتية لشخصية رئيسة في الرواية، (وحده الزمن كفيلٌ بنقلنا من حالة فكريّة وجدانيّة إلى أخرى قد تكون مختلفة الصفات، نتابع كمشاهدين حياة بأحداث جديدة إلى أن نصل إلى مرحلة المشاركين في كلّ المشاهد. نعيش الكثير من الحقائق، ونتعايش مع بعضها الآخر،) ص(203)، ثم تنتقل إلى الحدث ذي الصلة بالحدث المتعلق بمطلع الفصل السادس: (ودائماً أقول: يجب علينا القبول، فما لا نقبله بإرادتنا سنقبله رغماً عن أنوفنا، يجب أن نتظاهر بالقبول إرضاءً لشيء ما داخل ذاتنا، شيءٌ يعشق التمرّد، شيءٌ يريد أن يقول: أنا موجود ولا أحب لأحدٍ أن يتجاهل هذا الوجود!

لم تعد علاقاتنا الافتراضيّة تقل أهميّة عن علاقاتنا الواقعية، ولا علاقة الأشخاص الافتراضيين أقل قوّةً من الأشخاص الحقيقيين) ص(203). وهذه من المقولات والمعاني الهامة التي تريد أن تقولها الكاتبة من خلال روايتها هذه.

(2) اللغة الشعرية:

على الرغم من أن لغة السرد الروائي عبر الجمل والتراكيب تفترض المعاني الحقيقية، نجد الروائية إنعام ديوب تستخدم لغة المجاز الأقرب إلى لغة الشعر، (وهل يمكن لصورةٍ أن تهب رجلاً جناحين، فيحلق في فضاءات الخيال، ويقطف السعادة باقات من نجوم الهيام، يشتمها عبيراً شافياً لجروحٍ نقشتها الحياة جسد روحه، جروح سببت أنيناً ما زال يسمع صوته كلما لمست ذاكرته سببها وزمانها ومكانها؟!

أقتربُ منك في عالمنا الافتراضي بقدر ابتعادي عنك في الحقيقة، هذه هي الحقيقة!) ص(179). وهكذا نلاحظ براعة الوصف للعاشق الذي تصله للمرّة الأولى صورة من يحب، وإن كانت هذه الصورة من خلال الشاشة التي تفصل بين الحقيقي والافتراضي، ثم تنتقل إلى الحدث الخاص في سياق النسيج الروائي العام.

(3) خلاصات التجربة والقول المختصر:

تمتاز الرواية بهذه السمة التي تنم عن تجربة ذاتية غنيّة، كما تنم عن ثقافة واسعة، وخبرة مكتسبة من واقع عملي، (الحب هذا الانجذاب غير المحكوم، غير المفهوم، غير المتوقع، هذا الإحساس الإيجابي اللذيذ المبهم المليء بالود والحاجة والرغبة في امتلاك الفرح.

الحب إحساس فوق كل القوانين، يقترف مرتكبوه الجرائم بإرادة راغبة ويد واعية ودوافع صادقة وموافقات أصدق!)ص(181)، بعد كل ما قرأنا عن الحب، حين نقرأ مثل هذه الكتابة لا بد أن نتيقن أنها صادرة عن كاتبة لها باعها الطويل في التعبير عن إحساس حقيقي وقدرة مميزة للتعبير عن حقيقة ذلك الإحساس.

أحداث الرواية محكومة بالقدر:

الكاتبة تسلم بالقدر في مجمل الرواية، وتعزو كثيراً من الأحداث التي تحصل مع أبطالها إلى قدر مكتوب، وتسلم بأن القدر يفعل فعله خارج التوقع فيكون غادراً حيناً: (صفعة القدر الأولى تأتي على غدر، تأتي قويّة قوّة الصخر، تكسر الأحلام وتهشّم الآمال، لئيمة لا تظهر نواياها، هوجاء لا تنذر بوصولها، قد لا يستطيع الآخرون رؤيتها، ولكنها ستترك أثراً في روح متلقيها لن يمحوه تعاقب السنين ولن يشفيه ألف اعتذار) ص(266). ويكون فصلاً حيناً: (للقدر كلمته الأولى والأخيرة) ص(245)، والقدر يأخذ دلالات متعددة فقد يعني المصير: (هذا ما أراده القدر لي وله ولا يحق لنا معاندة القدر)ص(254)، وقد يعني المحرك الفاعل: (هل يمكن للقدر أن يجعلنا تسلية في هذه الأيام المملة؟!)ص(320)، وقد يعني التشخيص: (أحبه حتى نجعل القدر يبتسم كلما تذكرنا)ص(382).

***

مفيد خنسه

في المثقف اليوم