قراءات نقدية

دراسة في جمالية الرؤية الشعرية في قصيدة (أنا الشعر) لوهيب عجمي

عصام شرتحمقدمة: تهدف الدراسة إلى كشف المنعرجات الفنية والمحفزات الجمالية التي تنبني عليها قصيدة (أنا الشعر) لوهيب عجمي من حيث اللغة والحساسية والقيم الجمالية  التي تثيرها على المستوى الجمالي، أي إن الدراسة ستنصب على المثيرات الجمالية البؤرية التي ترتكز عليها القصيدة من حيث الفاعلية والقيمة وبلاغة  الرؤيا الشعرية، ومن هنا، فالشعرية محفزات نصية ترتقي أعلى مثيرات الاستثارة والتكوين الجمالي من خلال اللغة وبلاغة التعبير الجمالي عن الموقف والحدث الشعري الذي تثيره القصيدة في تطلعاتها الجمالية الفنية، وهذا ما ستسعى القراءة النقدية الجمالية لهذه القصيدة الوقوف عليه و تحميله من الرؤى والمنظورات ما يغني المخيلة الشعرية، ويحقق ما يثير الموقف الجمالي . ووفق هذا التصور، فإن الدراسة ستكون شاملة للقضايا الجمالية البؤرية التي تحرك الشعرية، وتثير كوامنها الجمالية، لاسيما إذا أدركنا أن اللعبة الشعرية بالأساس لعبة جمالية تعتمد الإسنادات التشكيلية الصادمة التي تثير الموقف الجمالي، وتحقق الغاية الجمالية العظمى في القصيدة بكل متحولاتها الجمالية. 

أولاً- نص قصيدة ( أنا الشعر) لوهيب عجمي:

انا الأشعار أصدح في الأعالي مع الأطيار في حضن الدَّوالي

أنا الأشعار أرسم في يراعي بيوت العشق في قمم الخيالِ

ولي الألحان يعزفها جنوني على أوتار قلبي في الليالي

أنا الشَّلال يقطر من حنيني بأقلام المحبَّة والجلالِ

خلوقٌ صادقٌ حرٌّ أمينٌ نبيٌّ سابر عمق المُحالِ

أنا عومٌ وغطسٌ في سطورٍ وريشة خافقٍ في الإبتهالِ

بحورٌ في مداها الحرِّ درٌ وأسرار السما كنزُ الجبالِ

انا بحرٌ بأمواج القوافي ولي في عالمي أسمى الخصالِ

أنا حبٌ وعاطفةٌ وذكرى ووشوشةٌ بآذان السؤالِ

انا صُوَرٌ بمرآة المعاني من القطب الجنوبي للشِّمالي

وكيف، متى وحتى من فروعي وتتبعها " لعلَّ" الإحتمالِ

وتفعيلٌ ولكن ليس نثرا فنثر الشعر ماضٍ للزَّوالِ

فلا التحديث أمرٌ مستحبٌ إذا طمس الحقيقة بالضَّلال

انا عطر الكلام على كتابي وأزهار اللقا في الاحتفالِ

أنا برقٌ الحروفِ على لساني انا رعد العواطف في مجالي

أنا الآلام من ألمي تغذَّت رماح الوقت لم ترفق بحالي

انا فرحٌ ودمعٌ في عيونٍ وأعراسٌ لربّات الحجالِ

أنا الأرض الّتي أعتزُّ فيها وأحصد من جنائنها غلالي

أنا عزمٌ وصبرٌ والتزامٌ وآمال الغريق على الرِّمالِ

وسيفي لايساوم في قتالٍ يطاعن بالطغاة ولا يبالي

نصالي لا تهادن من يعادي وعنترةُ بن عبسٍ في النزالِ

أنا لهبٌ توقَّد في ضلوعي وأقضي العمر ألهو باشتعالي

وحقي الحق أفديه بروحي وخطي للكرامة والنضالِ

وإنّي عاشق أهوى حبيبي وعين محبتي صدق انفعالي

عشيق ناشد المعشوق وصلا وما نجح المعذَّب في الوصالِ

انا طيرُ البلاغة حين تزهو على تاج الفصاحة والدلالِ

عيوني لا ترى الا جمالا فأهتف واصفا شمس الجمالِ

وروّاني اليراعُ حلال حبري وقد شبَّ اليراع على الحلالِ

لأشرب من حليب الجن كوبا وأطوي الارض أودعها سلالي

وأبني فوق رأس المجد عرشا أجرُّ نجوم ليلي بالحبالِ

أنا الابداع في حرفي تجلّى ويرسم في الرؤى ثغر الهلالِ

انا الحب الّذي أجتاح فيه قلوب العاشقين بلا قتالِ

أنا طفل أظن الجمر تمراً ويحملني البكاء الى ظلالي

أنا من جئت أبكي في سريري بهذا الكون اصبو للكمالِ

وقولي انني ناضلت دهراً بدنيا الجهل يؤلمني نضالي

وقولي انني أحيا سعيدا بدنيا الشعر يسعدني مقالي"(1).

الشعرية أفق جمالي متحول في تحريك الرؤية الجمالية واستثارة إيقاعاتها النفسية والشعورية، من خلال بلاغة الإسناد ،وقيمة العلائق النصية التي تربط الكلمة بالكلمة والجملة بالجملة، لتحقق تناغمها  الجمالي، وقوة حنكة الروابط النحوية ومنطق إسنادها الجمالي الاستثاري، يقول الشاعر وهيب عجمي،" الشعرية لغة جمالية في ربط الكلمات واستثارة إيقاعاتها الجمالية المتحولة من قيمة جمالية إلى قيمة لإبراز ملمحها الجمالي الشعوري، وفاعلية الجملة الشعرية تبرز من خلال جمالية الصورة والعاطفة التي تحتويها"(2)، وقول الشاعر وهيب عجمي يذكرنا بقول  الشاعر العراقي علي جعفر العلاق:" القصيدة لغة قبل كل شيء؛ ولغتها هي التي توصلنا إلى عناصرها الأخرى. في الشعر تكون اللغة خاصية الشاعر الأولى، أو مأثرته الكبرى؛ ولذلك نتحدث عن لغة السياب، ولغة أدونيس، ولغة محمود درويش وآخرين، ولا أعني باللغة- هنا- مفردات الشاعر التي يكثر معدل ترددها أو تكرارها في قصائده، لا أعني معجمه الشعري فقط، بل شمائله اللغوية أي القدرة على تليين القاعدة اللغوية السائدة؛ وتكييفها شعرياً. لا بمعنى إلحاق الأذى بها، واختلاق المعاذير للإساءة إليها، بل ما أعنيه شيئاً آخر تماماً هو الاصغاء لهاجس الشعر لا لمنطق اللغة فقط"(3).

وهذا القول عضده شاعرنا وهيب عجمي،إذ يقول:" الشعر بناء وتكوين وإحساس جمالي في خلق اللغة المتمردة في شكلها وتكوينها الإبداعي،  وكلما كان الشاعر فناناً في تشكيل اللغة والتعبير الجمالي عن الرؤيا استطاع أن يؤثر ويحرك الجمهور لتلقي نصه الشعري بتفاعل وانفعال ولذة جمالية"(4). والواقع أن اللعبة الشعرية لعبة جمالية في تشكيل اللغة الانزياحية التي تموج بالحساسية واللذة والجمال، وكلما كان الشاعر مثيراً في تحريك الرؤيا الجمالية الخلاقة بمغرياتها ورؤاها استطاع أن يحقق ما يصبو إليه في تحفيز المتلقي  لتلقي النص الشعري باستثارة ولذة جمالية نادرة.

المحفزات الجمالية الحساسة في قصيدة (أنا الشعر) ومؤثراتها الجمالية:

إن المحفزات الجمالية قيم  فنية مؤثرة في استجرار الدلالات والمعاني الجديدة؛ وإن استعلاء قيمة جمالية على قيمة تنبع من فاعلية الأنساق الشعرية ومحفزاتها الجمالية التي تثيرها في النسق الشعري الجمالي من حيث اللغة والفاعلية والقيمة المحركة للأنساق الشعرية؛ وهذا يعني أن فاعلية كل محفز جمالي تتضافر مع فاعلية المحفز الجمالي الآخر في تحريك الشعرية وإنتاج الدلالات الجديدة، مما " يؤكد أن الشعر يبحث عن جميع إمكانات إيقاعه، فيلجأ إلى الأساليب اللغوية جميعها ليقدم تنويعات مختلفة تنسجم مع السياق الشعري والموقف الوجداني الذي يعيشه الشاعر"(4).

ومن هذا المنطلق، فإن فاعلية المحفزات الجمالية تنشأ من تفاعل وتكامل المحفزات الجمالية كتفاعل المحفز البصري واللغوي والاستهلالي والتناصي مع بعضها البعض لتحقيق اللذة والاستثارة الجمالية.

ومن يطلع على مؤثرات البنى الجمالية التي تثيرها الأنساق الشعرية بمحفزاتها النصية  في قصيدة (أنا الشعر) يلحظ غنى المحفزات الجمالية وتفاعلها مع بعضها البعض لتحقيق الرؤى الجمالية بمتحولاتها النصية الخلاقة ومعانيها المثيرة، من خلال تفاعل المحفز النصي اللغوي الاستهلالي مع المحفز اللغوي التشكيلي، وحنكة الشاعر في الانتقال من محفز جمالي تشكيلي بصري إلى آخر، مما يحقق الشعرية ومحمولها الجمالي، وفق ما يلي:

1) المحفز الجمالي اللغوي الاستهلالي:

إن شعرية أية قصيدة تنبع من فاتحتها الاستهلالية المثيرة، والتقليعة النصية الأولى التي تبثها القصيدة إلى المتلقي، لهذا يتأنق الشاعر في وثبته اللغوية الأولى أن تكون الصور قوية معبرة في فاتحتها النصية، وكلما تعمق الشاعر في خلق الاستثارة الجمالية حقق الفاعلية العظمى في تحريك الأحداث والرؤى الشعرية، وإن أي انطلاقة جمالية تبثها القصيدة ترجع إلى الأسلوب الجمالي في اختيار الكلمات وتنسيقها على هذه الشاكلة من البلاغة والاستثارة النصية.

ولو دققنا في فاعلية المحفز الجمالي الاستهلالي في قصيدة ( أنا الشعر) لوجدنا بلاغة التشكيل الجمالي وتركيب الكلمات بموسقة إيقاعية ملتهبة عاطفياً؛ بمعنى أدق : ثمة حركة جمالية تبثها الكلمات فيما بينها تنشأ من بلاغة الاقتران وقوة الرابط الجمالي المموسق على مستوى الكلمات وموحياتها ومؤثراتها الجمالية، كما في قوله:

انا الأشعار أصدح في الأعالي مع الأطيار في حضن الدَّوالي

أنا الأشعار أرسم في يراعي بيوت العشق في قمم الخيالِ

ولي الألحان يعزفها جنوني على أوتار قلبي في الليالي

أنا الشَّلال يقطر من حنيني بأقلام المحبَّة والجلالِ

خلوقٌ صادقٌ حرٌّ أمينٌ نبيٌّ سابر عمق المُحالِ

"أنا عومٌ وغطسٌ في سطورٍ وريشة خافقٍ في الإبتهالِ

 هنا، يبني الشاعر هذه الأبيات بناء جمالياً مموسقاً يدل على بلاغة الرابط الاقتراني التشكيلي من خلال تناغم الروابط النصية وفاعلية الرؤى الجمالية التي تربط بين الأنساق الشعرية من خلال حساسية الرؤية وبلاغة المنظورات الجمالية التي تثيرها الأنساق الشعرية بكل ما تؤديه  من استثارة ولذة جمالية، ففي قوله:[أرسم في يراعي بيوت العشق في قمم الجبال] استثارة جمالية في اقتران اليراع ببيوت الشعر ، ثم اردافه بالرابط الجمالي [قمم الجبال] لتشتغل اللوحة الفنية بريشة الشاعر وحساسيته الجمالية، ثم نلحظ هذه الحنكة الجمالية بالانتقال من قيمة جمالية تشكيلية إلى قيمة أكثر استثارة وفاعلية ودهشة جمالية في استثارة الأنساق بكل روابطها الفاعلة الدالة، كما في قوله:[ولي الألحان يعزفها جنوني/ على أوتار قلبي في الليالي]؛ فهذه الدهشة الجمالية التي تحرك الأنساق الشعرية تدلل على بلاغة رؤيوية في استثارة الرابط الجمالي [أوتار قلبي] ليخلق منها صورة مؤثرة جمالياً بحراك الرؤية بين صورتين أو محفزين جماليين هما: محفز اللغة الصادمة / ومحفز الرؤية الجمالية العميقة الخلاقة، بقوة الرابط الشعوري المحرك للأنساق الجمالية، ثم يتابع الحراك الجمالي في الأنساق الشعرية عبر فاعلية الضخ الجمالي المحرك لحياة القصيدة ودمائها الحية التي تنساب بتفاعل وتكامل جمالي استثاري عجيب، لتكتمل الرؤية النرجسية عند الشاعر بكل ما تقتضيه من مؤثرات رؤيوية عميقة في مداها ونبضها الجمالي، وهذا ينم عن بلاغة  عميقة في الرؤيا وفق منظورات الحراك والمحفز الجمالي اللغوي والإيقاعي، كما في قوله: [أنا الشلال يقطر من حنيني، بأقلام المحبة والجلال]؛ فهذه الحنكة في ربط الأنساق الجمالية وفق متغيرات الرؤية النصية الخلاقة بكل ما تشي به من رؤى ودلالات ومؤثرات جمالية،هي ما يجعل الشاعرمميزاً  في فاعلية الضخ الجمالي للأنساق الجمالية والصور المؤثرة بإيقاعاتها ومتحولاتها الجمالية،كما في  قوله:[ أنا عومٌ وغطسٌ في سطور/ وريشة خافق في الابتهال]؛ فهذه الصورة:[ وريشة خافق في الابتهال]، تبرز حساسية الشاعر الجمالية في ربط مثيرات الرؤية بالشكل اللغوي المنساب، مؤكداً مطواعية اللغة بين يديه لتكون كلماته مرسومة كأيقونات مشهدية ولوحات زيتيه معبرة  بعمق عن قوة المخيلة المتوهجة في اقتناص الصور الجديدة بكل ما تقتضيه من فاعلية ولذة جمالية. وهذا يدلنا على فاعلية المحفز  الجمالي اللغوي الاستهلالي  الذي تنبي عليه قصائد وهيب عجمي، ليحمل أعلى درجات القيم والاستثارة واللذة في التشكيل.لأن النص الشعري المؤثر فواعل جمالية رابطة بين الأنساق الشعرية، ولاترتقي هذه المؤثرات إلا من خلال التناغم والتآلف والتلاحم المثير بين الأنساق الشعرية، وهذا ما صرح به العجمي قائلاً: " الشاعر المبدع رائي جمالي بامتياز ،والشاعر الحق هو الذي يشكل اللغة بطريقة جمالية متوهجة بأعلى درجات القيم المؤثرة جمالياً من خلال بلاغة الروابط والمثيرات الجمالية الجديدة التي تثيرها القصيدة في الكثير من تحولاتها الوهاجة"(5).

والملاحظ أن شعرية القصيدة متنوعة بمحفزاتها وفق منظورات نصية مراوغة تؤكد بلاغة الانتقال من قيمة جمالية إلى قيمة وفق متغيرات جمالية خلاقة تشي بها، كما في قوله:

انا بحرٌ بأمواج القوافي ولي في عالمي أسمى الخصالِ

أنا حبٌ وعاطفةٌ وذكرى ووشوشةٌ بآذان السؤالِ

انا صُوَرٌ بمرآة المعاني من القطب الجنوبي للشِّمالي

وكيف، متى وحتى من فروعي وتتبعها " لعلَّ" الإحتمالِ

وتفعيلٌ ولكن ليس نثرا فنثر الشعر ماضٍ للزَّوالِ

فلا التحديث أمرٌ مستحبٌ إذا طمس الحقيقة بالضَّلال"

إن المثير اللغوي الجمالي في القصيدة يكمن في الانزياح الفني عبر بلاغة الأنساق الشعرية الغزلية، كما في الانزياح التشكيلي الخلاق:[ آذان السؤال- مرآة المعاني] فهذا الإسناد التجسيدي المؤنسن(آذان السؤال] يولد حالة من التلاؤم والالتحام الجمالي بين الأنساق، لتؤدي الجمل الشعرية قيمة بلاغية استثارية، ليخلق حالة من التناغم والانسجام  الجمالي، وكأن الشاعر بهذا الانتقال والتحول الجمالي من قيمة جمالية إلى أخرى يحرك الإحساس الجمالي، كما في قوله: [إذا طمس الحقيقة / بالضلال]، فهذا الطباق المثير، والتختيم الاستثاري في القافية يحرك الإحساس الجمالي، ويثير كوامنها الاستثارية البراقة.

والملاحظ كذلك الحنكة التشكيلية والتراكم الأسلوبي الضاغط الذي يؤسسه الشاعر بتكرار الضمير [أنا] المتتابع في الأبيات: [أنا بحرٌ/ أنا حبٌ/ أنا صورٌ]، وهذا التكرار أسهم في رفع سوية الرؤية الشعرية لتبرز بقوة انزياحية خلاقة بالرؤى والدلالات الجديدة، وهذا يدلنا على أن قيمة  المحفز اللغوي الاستهلالي تبرز من خلال انسياب الصور والدلالات الشعرية لتسمو الرؤيا الشعرية، وتبرز بقوة الانزياحية دالة.

2- المحفز الجمالي الأسلوبي المثير:

الشعرية تفاعل مؤثرات وقيم جمالية أسلوبية،وكلما تنوعت  الأساليب والرؤى الشعرية حققت القصيدة فاعلية محفزاتها الجمالية الأسلوبية، وغناها بالرؤى النصية المراوغة، وهذا يعني أن فاعلية الرؤى الشعرية تنبع من قيمها النصية المراوغة، وحنكة الشاعر في الانتقال من قيمة تشكيلية إلى قيمة وفق منظورات ورؤى نصية جديدة، كما في قوله:

" انا عطر الكلام على كتابي وأزهار اللقا في الاحتفالِ

أنا برقٌ الحروفِ على لساني انا رعد العواطف في مجالي

أنا الآلام من ألمي تغذَّت رماح الوقت لم ترفق بحالي

انا فرحٌ ودمعٌ في عيونٍ وأعراسٌ لربّات الحجالِ

أنا الأرض الّتي أعتزُّ فيها وأحصد من جنائنها غلالي

أنا عزمٌ وصبرٌ والتزامٌ وآمال الغريق على الرِّمالِ"

هنا، يبرز المثير الجمالي من خلال التشكيلات النصية المركبة تركيباً شاعرياً ينم على خبرة لغوية وتلاعب تحفيزي استثاري دقيق من خلال دهشة الإسناد وارتقاء الفاعلية الجمالية النصية،كما في قوله:[أنا الالام من ألمي / تغذت رماحُ الوقت لم ترفق بحالي]، فقوله:[ لربات الحجال]، وهذا الأسلوب التشكيلي النصي يدلل على بلاغة رؤيوية نصية تحقق غايتها النصية البليغة في توليف الأنساق النصية التي تحقق غايتها وقيمتها النصية، وهذا يدلنا على أن الشعرية – عند العجمي – شعرية  تحولات تشكيلية استثارية بليغة تخط إيقاعها الجمالي عبر شعرية الأنساق وتحولات الدلالة.

ومن أبرز مثيرات المحفزات  الجمالية  في القصيدة استحواذها على كم وافر من التشكيلات النصية البليغة كما في قوله:

أنا لهبٌ توقَّد في ضلوعي وأقضي العمر ألهو باشتعالي

وحقي الحق أفديه بروحي وخطي للكرامة والنضالِ

وإنّي عاشق أهوى حبيبي وعين محبتي صدق انفعالي

عشيق ناشد المعشوق وصلا وما نجح المعذَّب في الوصالِ

انا طيرُ البلاغة حين تزهو على تاج الفصاحة والدلالِ

عيوني لا ترى الا جمالا فأهتف واصفا شمس الجمالِ

وروّاني اليراعُ حلال حبري وقد شبَّ اليراع على الحلالِ

لأشرب من حليب الجن كوبا وأطوي الارض أودعها سلالي

إن قارئ هذه الأسطر يدرك سر الشعرية عند العجمي- هذه الشعرية التي تعتمد بلاغة الأنساق الشعرية ومتحولاتها النصية البراقة التي تثير الموقف العاطفي الجمالي وتحقق غايتها الشعرية،كما في قوله:

[عيوني لاترى إلا جمالاً / فاهتف واصفاً شمس الجمال]،وهكذا يؤسس الشاعر لغته الشعرية على خلق الاستثارة الجمالية في التشكيل بالانتقال من قيمة جمالية استثارية إلى قيمة  أكثر استثارة ولذة وفاعلية، مما يدلل على شعرية جمالية  في تحفيز الأنساق الشعرية وخلق استثارتها النصية.

وصفوة القول: إن شعرية الأنساق الشعرية- في قصيدة (أنا الشعر) تحقق إيقاعها الجمالي من خلال انزياح التشكيلات المراوغة وخلق إيقاعها الجمالي النصي المراوغ، ووفق هذا التصور، لقد حقق العجمي في قصيدته لذة الانزياح والزوغان التشكيلي النصي من خلال بداعة الالتفات من نسق تشكيلي إلى آخر، وهذه لذة الشعرية وتحولاتها النصية المراوغة.

 ***

د. عصام شرتح

.....................

الحواشي:

(1) عجمي، وهيب- قصيدة (أنا الشعر) منشورة على صفحة الشاعر في الفيس بوك.

(2) عجمي،وهيب، 2022- حوار مع وهيب عجمي ،حاوره عصام شرتح، مخطوط على الفيس.

(3) العلاق، علي جعفر 2015-حياة في القصيدة، حوار عبد اللطيف الوراري، دار كنعان،ـ دمشق،ط1، ص132.

(4) شرتح، عصام ،2022- حوار مع وهيب عجمي، مخطوط على الفيس.

(5) المرجع نفسه.

في المثقف اليوم