قراءات نقدية

علي فضيل العربي: صورة المرأة المنتميّة في المجموعة القصصية (إيلا)

مازال كتاب القصة القصيرة، والأقصوصة، من جيل الشباب، يثرون - من حين لآخر - الساحة الأدبيّة بنماذج قصصيّة، سرديّة، مدهشة، تعكس جانبا مضيئا من النهضة الأدبيّة المعاصرة، وصورا من الإبداع الأدبي الواعي والملتزم.

من العراق الشقيق، من أرض الأدب الأصيل، والعلم الوفير، أتحفتنا القاصة والشاعرة تماضر كريم*. بمجموعة قصصية. بعنوان "إيلا"**، في طبعتها الأولى 2023 م، عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع – العراق ضمّت بين دفتيها، سبعة وثلاثين نصا قصصيا، سبعة عشر نصا منها ينتمي إلى أدب الرسائل.

واستسمح القاريء الكريم إن أستهلّ هذه القراءة المتواضعة - بتناول عنوان المجموعة (إيلا) بشيء من الإطالة، لما له من دلالات، وجب الوقوف عندها. إنّ العنوان الأدبي هو عتبة النص السردي أو الشعري.، وقد يأخذ من الكاتب أو الشاعر وقتا ليس وجيزا لاختياره والرسو عليه. فهو الأصعب على الإطلاق، لأنّه بمثابة منارة البحر التي تهتدي على ضوئها السفن والقوارب. وكل من زعم أنّ العنوان الأدبي هيّن المبنى والمعنى فقد جهل مغزاه الحقيقي.

نحن أمام مجموعة قصصيّة، وسمتها صاحبها، القاصة العراقيّة، تماضر كريم بعنوان مثير للدهشة، لما يحمله من معان عميقة ويوحيه من رموز لغويّة وأسطوريّة وثقافيّة وروحيّة قديمة.

إيلا، وتعني بالعبريّة شجرة البلوط، التي ترمز إلى القوة والصلابة والمتانة ضد كل الصعوبات كلها من حولها وطول العمر والديمومة والارتفاع في العالمين الروحي والمادي.. هي شجرة جذورها عميقة جدا في الارض بحث يصعب بل لا يمكن كسرها واجتثاثها بسهولة. التي كان بعض الناس يعبدونها في الماضي. وهي الشجرة المقدسة في بعض ثقافات العالم. لقد لعبت دورا مهما في الاساطير كرمز للقوة الاساسية. كان زوجا لا ينفصل مع إله الرعد في الثقافة السلتية ***. وفي تم تنفيذ طقوس وثنية ومسيحية مختلفة، كالصلاة لها أو للآلهة التي تمثلها، من أجل القوة والمتانة. وقد اجريت بعد المحاكمات تحت اشجار البلوط القوية. وتستعمل في بعض الطقوس الدينية والروحية كملاذ روحيّ. لأنها شجرة محبوبة.

إن القيمة الرمزية لشجرة البلوط مدهشة، عندما وظّفها بعض الناس في صلاتهم للحديث مع أعلى القوى في هذا الكون.

و من الاعتقادات السائدة، أنه يمكن للناس الاختباء تحت شجرة البلوط لأنها تمنحهم الحماية اللازمة التي يريدونها في الحياة.

و بعد، تقول بطلة الرسائل " وتلك الأصابع التي عندما ألمسها أشعر أنّ العالم لا زال جميلا، رغم أنّنا محاطون بكل هذا الخراب " ص 189.

أجل، لا شيء يستطيع ترميم هذا الخراب سوى الحب والجمال. إنّه خراب أصاب النفوس في مقتل. فـ " الجمال يذبل قليلا لكنّه لا يموت " ص 175. ولن يتعافى هذا العالم من علله وأزماته وخرابه، ما لم يسد الحب والجمال بين البشر. بغض النظر عن كلّ الاختلافات والتباينات البيولوجيّة والإثنيّة والثقافيّة والدينيّة.

قصص " إيلا " اجتماعيّة بحتة، رصدت القاصة العراقيّة تماضر كريم في مضامينها، يوميات المجتمع العراقي، الذي لا تختلف يومياته عن المجتمعات العربيّة، في المشرق والمغرب العربيين، بعيدا عن ألغام السياسة ومطبّات الإيديولوجيّا. عوالمها الإنسانيّة لا يقيّدها عنصر الزمكان.

لقد اعتمدت القاصة على مجموعة من (التيمات) اليوميّة، العاديّة، الملتقطة من صلب الواقع المعيش. فبين الحب العذري والشقاء اليومي والهمّ الذي يلاحق المرأة العاملة، والتي تترك أبناءها وحيدين في المنزل، كما تركت فريدة حسن ابنتها ذات التسع سنوات وحيدة في البيت " وأخبرتها أنّها ستتسوق وتقوم بتسديد بعض الفواتير، ثم تعود، وأوصتها أن تعتني بنفسها جيّدا " ص 25.

تقف قصص القاصة تماضر كريم، لتدين سلوكيّات الكذب والنفاق والإهمال والخداع. وأغلب ضحاياه، هي المرأة، وخاصة الزوجة، فهي العنصر الخدوم في البيت، وهي التي تدفع الثمن مرارا وتكرارا. وتتعرّض للعنف المعنوي والمادي، لأنها في نظر زوجها كما زعم اليهود " جسد لا أقل ولا أكثر. هي ملاذ للمتعة وقضاء الشهوانية الحيوانية المفرطة "

" بالأمس نسيت نشر الملابس، واكتشف هو وجودها في الغسّالة، فهبطت يده على وجهي بعنف، وتركت زرقة قرب عيني، زرقة أحرجتني أمام الأولاد، وأمام جارتنا التي حضرت لتستدين مني بعض المال " ص 57. " سيطرق الباب عند الواحدة تماما، مع ستة من أصحابه " ص 57. " هكذا عندما يأتون، لن يكون هناك سوى تقديم الطعام، ومثل كل مرّة سيكون هو وأصحابه راضين وسعداء " ص 58. " سأكون مستعدّة مثل جنديّ على أهبة الاستعداد لحتفه " ص 60.

أهمّ ما شغل القاصة تماضر كريم في قصص مجموعتها (إيلا)، الهمّ الاجتماعي، وما يلاحق المرأة الشرقيّة من خسارات مقابل الرجل الشرقي، وانكسارات نفسيّة التي تعكسها علاقاتها بزوجها. هذا الزوج الذي تلاحقه، أحيانا، كالسراب. هذا الزوج الأنانيّ، الباحث عن سعادته الذاتيّة، بأيّ ثمن. ففي قصة (البداية من البحر)، يصدم الزوج زوجته بكل برودة دم، كأنّه يخاطب صنما لا زوجة من لحم ودم ومشاعر. أخبرها، دون أن يتلعثم، ودون خجل، أو تردّد، أنّه " في آخر رحلة له إلى دمشق، تزوّج من امرأة سوريّة، منذ حوالي سنة، وإنّها على وشك وضع طفلهما الأول " ص 11.

و لم يكتف الزوج الواثق من نفسه بذلك الخبر، بل زاد وأخبرها بـ " أنّه ينوي السفر معها إلى أوروبا " ص 11. والأدهى من ذلك قوله لها همسا: " ستصلك ورقة الطلاق قريبا..لكي تعيشي حياتك. " ص 12.

هكذا يمارس الرجل الشرقي هواية الزواج والطلاق، وكأنّها لعبة ذكوريّة متوارثة، وراسخة في جدار التراث، وفي ذاكرة العادات والتقاليد الباليّة.

استهلّت الكاتبة مجموعتها القصصيّة (إيلا)، بقصة (عودة)، وهي قصة.

" لا يمكن أبدا أن نحصل على كلّ شيء، نحن شركاء في هذه السعادة وهذا الجحيم " ص 16. (البداية من البحر).

" خطر لي أن مهما بنينا، فإن كل شيء سيهوي في النهاية، تماما مثل بيوت الرمال " ص 16.

في قصة فيتر تقع تلك الطالبة الجميلة، المثقفة جدا، ذات الشعر الأصفر والعينين الزرقاوين، والتي تدرس في قسم اللغة الفرنسيّة، تقع في حبّ شاب ميكانيكي. معتقدة أنّه شاعر وصحفيّ ويدير جريدة. " هي تظنّ أنّي صحفيّ وشاعر وأدير جريدة " ص 20.

" الأسوء من السواد تحت الأظافر والجلد هو أن تكتشف كل هذا الكذب " ص 22.

وعندما اكتشفت حقيقته، لم ترد فضحه بلسانها، تجنبا للفضيحة، بل لقد اكتشفت كذبه بأسلوب ينم عن ذكائها وفطنتها، وسموّ أخلاقها، وأصالة ثقافتها. ".. بعد أن أحكمت لفّ يدي، ضغطت عليها بطريقة ما. كأنّها أرادت أن تقول شيئا.. لا أعرف ما هو. لكنّه بدا شيئا جميلا. " ص 23.

إنّ الحب لا يعترف بالفوارق الاجتماعيّة والتفاوت الثقافي، ما لم يكتنفه الكذب والخداع والمشاعر الفوقيّة أو الدونيّة. فشخصيّة فيتر تبدو مهزوزة، غير واثقة من نفسها، مريضة نفسيّا، بسبب محدوديّة العلم والثقافة. عكس شخصيّة حبيبته الطالبة، فهي قويّة ورزينة وحكيمة، لأنّها متعلّمة ومثقفة وواعيّة. وهي مرآة تعكس مجتمعا متحرّرا من العادات والتقاليد القبلية والعشائريّة. مجتمعا يمقت الطبقيّة القائمة على المظاهر الماديّة - كما هو الحال في البيئات البورجوازيّة والرأسماليّة - وعلى التميّز الثقافي، كما هو الأمر عند النبلاء والأوليغارشية الثقافيّة.

في قصة إيلا التي وسمت بها القاصة تماضر كريم مجموعتها القصصيّة، مشهدان يجسّدان حالة العالم العربي: مشهد إيلا، وهي امرأة يهوديّة، أستاذة جامعيّة في مادة التاريخ، جاء بها الحنين والذاكرة إلى بغداد بحثا عن منزل أبيها الذي كان معلّما بإحدى المدارس الإعداديّة. صادف صاحب التكتك " تلك السيّدة ذات الشعر البنيّ المقصوص على طريقة الرجال " ص 63، والتي أعطته مبلغا مرتفعا، ليساعدها على إيجاد المنزل. كانت مستعدّة لبذل المزيد من المال من أجل تحقيق أمنيتها وغرضها المنشودين. إنّها رمز للعقليّة اليهوديّة، وللفلسفة التوراتيّة في الكيان الإسرائيلي الغاصب. فهو كيان مبنيّ على الأوهام التاريخيّة والأساطير التلموديّة والأكاذيب الإيديولوجيّة، طمعا في تأسيس دولة يهوديّة، تمتدّ من النيل إلى الفرات. إنّ التاريخ القديم، المزيّف عند دعاة الدولة اليهوديّة هو حجتهم الوحيدة الباقيّة في جعبتهم لتغليط العالم، بأنّ فلسطين وما جاورها ملك لهم. وهكذا يسعون إلى تدريس ذلك التاريخ المزوّر المتخم بالأكاذيب، كما زيّفوا التوراة، وهو سلوك ورثوه أبا عن جد، ليس غريبا عليهم. عندما وجدت إيلا منزل والدها مغلقا، حاولت فتحه " تركها تتأمّل المنزل، واندهش من محاولتها فتح الباب المقفل " ص 75. لكن صاحب التكتك ترجّاها ألاّ تحاول فتحه " أرجوك لا تحاولي الآن " ص 75.

أرادت القاصة العراقيّة تماضر كريم من خلال الحوار الذي جرى بين صاحب التكتك وإيلا اليهوديّة أن تعرّي مأساة الجيل الجديد في العراق والعالم العربي على حدّ سواء، إنّه جيل لا يهتم بالتاريخ، بل في إحدى البلاد العربيّة خرج طلبة المدارس في ثمانينيات القرن المنصرم إلى الشوارع مردّدين (التاريخ في المزبلة)، رافضين دراسته والامتحان فيه.

وتسأل تلك اليهوديّة صاحب التكتك عن اسمه، فيخبرها بأنّ اسمه عمّار، ثم تخبره أنّ اسمها إيلا، ويعني (شجرة البلوط)، تسترسل في الحوار التالي، وتسأل صاحب التكتك:

- " هل تقرأ ؟ " ص 70

- " لا... كان آخر كتاب قرأته هو في المعهد كي أنجح " ص 70

- " أنت غير مطّلع على تاريخ العراق إذن ؟ " ص 70

- " ليس كثيرا.. في معهد الإدارة لا يعبأون بالتاريخ " ص 70

ثم ليتأمّل معي أخي القاريء هذا الحوار الذي دار بين عمّار العراقي وإيلا اليهوديّة.

- " وأنت، ما هي دراستك ؟ " ص 71

- " درست التاريخ، وأنا الآن أدرّسه في الجامعة. " ص 71

- " أشكّ كثيرا أنّنا سنفهم حاضرنا من دون فهم الماضي " ص 72

- " ما معنى أن ندرس تلك الأشياء التي حصلت في الماضي ؟ " ص 71

إنّه حوار يجسّد عمق المأساة التي تعيشها الطبقة المتعلّمة والمثقّفة في البلاد العربيّة. فبينا ينبش الباحثون والمؤرخون اليهود بأظافرهم ونواجذهم في عوالم الأساطير والخرافات عن تاريخ مزيّف لبناء دولتهم المزعومة وكيانهم الوهمي، نجد يالمقابل، طائفة من المتعلّمين والمثقفين العرب والمسلمين يدعون إلى إلقاء التاريخ في غياهب النسيان وإهمال التراث ـ تحت عذر المعاصرة والتجديد والعولمة.

أمّا المشهد الثاني، فتجسّده مناظر كلّ من " الصبية الذين يعبثون بالتراب " ص 64. و" المرأة التي تنبش في المزابل " ص 64. و" الخضّار الذي يدور بعربته في الشوارع " ص 64. وهو يمثّل خلاصة سياسة الاستبداد والقمع والحرمان، التي تمارسها السلطة السياسيّة المكبّلة بسلاسل بارونات المال الفاسد المتدفّق من أنابيب الرشوة والمتاجرة بالمخدّرات واختلاس أموال النفط والغاز ونهبها وتبييضها.

ولقد أبدعت القاصة تماضر كريم ووفقت في ختام قصتها، بقولها: " حتى الأضواء تنكسر على الشارع، وتلاقي مصيرها هناك على الأسفلت. " ص 76، ثم تقول: " وصعد التكتك شاقا طريقه بين السيارات، وفي الطرقات المختصرة، وهو يراقب تكسّر الأضواء " ص 77.

لقد كانت خاتمة القصة انكسارا لحلم إيلا اليهوديّة، ونهاية لحلمها التلمودي الطامع. وانفتاح كوّة يقظة ووعي لدى عمّار. ذاك المواطن العربي، العراقي الواقع بين سندان الاستبداد ومطرقة الحياة، بين همومه اليوميّة لانتزاع رغيف الخبز الحافي، ولو من يد يهوديّة تفتّش عن زمان ماض، وذكريات أبيها وقومها.

في قصة "غرق" تتجلّى لنا مأساة أخرى من جملة المآسي الإنسانيّة، التي أفرزتها المدنيّة المعاصرة. ظاهرة التبرّع بالأعضاء الجسديّة. هي فكرة تبدو للمرء جيّدة، مادامت ستهب للمرضى الآخرين جرعة من الأمل، ومزيدا من الحياة. أجازها الطبّ الشرعي، واختلف حولها رجال الدين، لقطع الطريق أمام سماسرة وتجار ولصوص الأعضاء البشريّة. تقول البطلة، معبّرة عن رفضها للفكرة: " لم تكن تلك فكرة جيّدة، أن أتبرّع بأعضائي الداخليّة بعد موتي، كنت أريد لجسدي أن يُدفن كاملا. لا أدري كيف تمكّن من إقناعي ؟ " ص 99. لكن زوجها يبدو هادئا، مطمئنّا، وكأنّ الأمر لا يهمّه. بعدما وقّع رفقة زوجته على تلك الورقة. " فقد فعل ذلك وهو مبتسم وراض تماما " ص 99. " إنّه منسجم بشكل غريب مع كلّ شيء، مع هذا الهدوء العميق في منزلنا الخالي من الأطفال، مع النوم واليقظة والليل والصباح، مع قرارنا التوقيع على منح أعضائنا. مع الحزن وساعات الملل والصمت وإسقاط جنيننا الوحيد. إنّه ببساطة لا يقلق حول أيّ شيء. " ص 99 / 100. ولم تستسلم بطلة القصة، كديدن المرأة العراقيّة والعربيّة الحرّة، التي لا تفرّط في جسدها حيّا أو ميّتا. كانت على يقين أن منح أعضائها الداخليّة لامرأة غريبة، أو حتى ولو كانت من ذوي القربى، قرار فظيع. شبيه بمن فرّط في جزء من وطنه، ولو كان مقدار شبر من التراب. لقد حسمت أمرها، وقررت أن تمنح نفسها وجنينها لماء النهر الساكن، أيّ للحياة، مادام الماء رمزا للحياة والخلود والديمومة. "... لكنّهم لا يعرفون أنّي حسمت أمري، هم لن يأخذوا جسدي... كنت ببساطة قد قررت إغراق جسدي. " ص 103. " بدا ماء النهر ساكنا وساهما، للحظة بدا لي أنّه يدعوني، أنا وطفلي، معا، ها أنا أشعر به يركل بطني بنعومة، أنا خائفة قليلا نعم، لكنّي كلّما فكرت أنّنا لن نفترق. يهدأ قلبي، يهدأ كثيرا. " ص 103. هكذا تمرّدت بطلة القصة على واقع مرّ وأليم، بطله زوجها الذي أقنعها بما أقدمت عليه، حين تبرّعت بكل شيء، ولم تذر لنفسها سوى اللحم والعظم. " كان التبرّع بكل شيء كرما مبالغا فيه. اللحم والعظام هو ما تبقى فحسب " ص 100. إنّها قصة دلالتها الرمزيّة قويّة. هذا المواطن العربي ؛ المشرقيّ والمغاربيّ على السواء الغارق في المشقّة، يمارس السخاء بلا حدود، والجود الذي يفقر، والإقدام القتّال، طمعا في بلوغ السيادة. ورحم الله أبا الطيب المتنبي، الذي أشار إلى ذلك قائلا: لولا المشقة ساد الناس كلّهم.. الجود يُفقر والإقدام قتّال. لقد أضاع أشباه الرجال بعض الأوطان في جلسات خمر وقمار ورقص وغناء.

و تتناسل هموم المواطن العراقي المسحوق، ومن عادة الهموم أنّها لا ترحم عندما يستسلم لها المرء. في رسائل تلك المرأة العاشقة، المحبّة للحياة، في عزلتها في المشفى، التي استمرّت 17 يوما، بسبب وباء الكوفيد 19، أو ما أطلق عليه " وباء الكورونا "، الذي شلّ حياة الناس اليوميّة، وأرعب البشريّة، وأزهق مئات الآلاف من الأرواح. حتى اعتقد البعض أنّ نهاية العالم قد حلّت.

" يا إلهي. أين شجاعتك الآن ؟ ها أنا أواجه كلّ شيء وحدي.. الصداع والاختناق والغثيان والانطفاء. أواجه العتمة، والفراغ والذكريات والكوابيس. أواجه الرحيل بكل هذا الضعف " ص 187.

تكتشف عالم المعذّبين في الأرض. نساء أخريات مقهورات، قهرهنّ المرض والحرب والإرهاب والرعونة الذكوريّة والتقاليد والعادات البالية، فانفصلن عن مجتمعهنّ وأهالهنّ وعشائرهنّ مرغمات ومكرهات. " نحن محجورون رغما عنّا مع أدوارنا، حتى قبل أن نصبح بين هذه الجدران، هذه المرأة الباكية قد تكون أكثر حريّة ممن يعيشون في الخارج " ص 156. أجل، إنّ الحريّة عند بطلات قصص تماضر كريم، لها مفهوما فلسفيا، لا علاقة له بالمكان. ووجودهنّ في الحجر الصحي بين جدران المشفى، عند البعض أرحم من الخارج. فالحياة شعور فطريّ وإحساس عميق وسلوك يوميّ، حين تكون الروح تحلّق في رحاب الحريّة، مثل تلك الفتاة الأيزيديّة من سنجار، الهاربة من واقعها المرّ، اللاجئة عند خالها في بغداد، طلبا للحياة الآمنة. " إنّها فتاة أيزيديّة من سنجار. تعيش في بغداد من خالها. لا تريد العودة إلى هناك. تقول إنّ الذكريات هناك تدق في الروح كالمسامير. إنه تشبيه قاس، أليس كذلك " ص 145.

و بين الأمل والألم تحاول نساء تماضر كريم أن تحيا، وتستمرّ أحلامها المستقبليّة، والتطهّر من رجس المشاعر السوداويّة. أملا في أن تتمكّن أشعار أراغون وموباسان وفولتير من رتق جراحات الواقع المرّ. " كانت دراسة الشعر الفرنسي تثير أضعاف الشغف الذي تثيره المشارط والحقن والمعقّمات والبدلات البيض " ص 143. وهذا يعني أن أيّ مجتمع إنساني يتخلّى عن نظريّة (الوقاية خير من العلاج)، مجتمع مهدّد بأخطار الفناء. وما الحرب إلاّ نتيجة مباشرة لغياب الحب. أكانت حربا أهليّة، أو قبليّة، أو عشائريّة، أم كانت حربا إقليميّة أو عالميّة. إنّ الحياة هبة مقدّسة من الله، لا أحد له حقّ التصرّف فيها. وما ارتكبته به الجماعات الثيوقراطيّة والإرهابيّة والعنصريّة في بلاد الشام وشمال العراق وفي اليمن، اعتداء صارخ على حقّ مقدّس وهبه الله لابن آدم في الأرض.

نساء صدمهنّ الواقع المعيش. الفتاة الأيزيدية، الكرديّة، من سندار، التي تكابد آلام المرض من جهة، وآلام الذكريات القاسيّة الرابضة على قلبها كراحلة تمطت فوقها بكلكلها وعجزها. " إنها لا تستطيع أن تنسى "ص 146. " والدة الأيزيدية المنتحرة في بئر، قتلتها رعونة المجتمع الذكوري، ومسنّة تخلّى عنها أهلها وأحفادها، فقدت لذّة الحياة، " كأنّ شيئا ما تحطّم فيها " ص 147. وأخرى واقعة تحت وطأة الأحلام، بعدما انتُزعت منها حريّتها." فهي تحكي أثناء نومها، تفرط في أحلامها. " ص 147.

جاءت تلك الرسائل مفعمة بالحب والأمل، ولم تخل من الألم واليأس في ظلّ الحجر المفروض، بسبب وباء الكوفيد 19. لم تجد البطلة الحبيبة من مخرج لمجابهة هذا الواقع المستجدّ والقاسي، سوى الكتابة. رفيقاها القلم والورقة. ومن أجل التشبث بحبل الحياة، ومجابهة قسوة الحياة، ومرارة الوجود. " نعم هذا الوجود أشبه بحجر كبير. نحن أسرى هذه الرحلة القصيرة الداميّة " ص 156. طفقت تكتب الرسالة تلو الرسالة، متحديّة الحجر الصحي " اليوم لم أجد قلمي. هل هو الآخر سأم (سئم) من الحجر ؟ " ص 159.

لقد اكتشفت أنّ الحياة بسيطة وسهلة وسلسة، لكنّ الإنسان عقّدها بسلوكياته المتناقضة. " نحن نحتاج إلى البساطة، فلماذا تتعقّد الأمور على هذا الشكل " ص 156. لقد وهبنا الله كوكبا رائعا، لا مثيل له بين كواكب الكون. كوكبا للحياة في كنف الطبيعة المتوّجة بالجمال والحب والعشق والنور والسحر والماء والغذاء والأوكسجين والظلّ والحرور وعلّم جرا... لكنّ عبقريّة الغباء والرعونة والتألّه عند الإنسان، لوثت الأرض بأمراض الكراهيّة والعنصرية والحروب الداميّة. لقد حوّل العالم إلى غابة مجهولة الدروب والغايات. " انبثق أمامي وجه أبي. كان يحوطني بشكل غريب، كأنّه يحميني، ثم تلاحقت الوجوه، رأيت عددا من الذئاب أيضا، كانت تطير بشكل ما وتنهش الغيوم. كان مشهدا قاسيا. هطلت دماء كثيرة من السماء. لقد ارتعبت من مشهد نزف السماء. وركضت عن سقف لكي لا تلوّثني الدماء لكنّي لم أجد سوى فراغ شاسع " ص 167 / ص 168.

ما حلّ بالمرأة عبر التاريخ، يعجز اللسان عن وصفه. لم ينصفها سوى الإسلام – وهذه حقيقة بيّنة -، ولم ترفع من شأنها سوى الحضارة الإسلاميّة. أما الحضارات الشرقيّة والغربيّة، فقد أنزلتها منازل في الدرك الأسفل من الحياة. كما لم ينصفها بعض الفلاسفة القدماء والسياسيين والأدباء، ونالوا من إنسانيتها. وقد انعقد بفرنسا عام 673 م مؤتمر أوروبي حول تحديد الطبيعة القانونية للمرأة: هل هي إنسان أم حيوان ؟ فإذا كانت إنسانا، فهل تستفيد من جميع الحقوق أم لا ؟ وإذا كانت حيوانا فلا تستفيد من الحقوق. وبعد نقاشات حثيثة توصّلوا بالإجماع أن المرأة إنسان، ولكنّها لا تستفيد من الحقوق. كما اعتبرت الحضارة الاغريقية المرأة شجرة مسمومة، ورجس من عمل الشيطان، تباع كأي سلعة متاع. أمّا الفيلسوف الإغريقي، سقراط، فقد اعتبر (أن وجود المراة هو اكبر منشا ومصدر للازمة والانهيار في العالم. إن المرأة تشبه شجرة مسمومة، حيث يكون ظاهرها جميلا، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالا).

أمّا في الغرب الليبيرالي، الديمقراطي، المتشدّق بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة،. فقد كتبت مجلة التايم الامريكية، أنّ حوالي ستة ملايين زوجة في امريكا يتعرضن للضرب والعنف الاسري ومن الفين لاربعة الاف يتعرضن للضرب حتى الموت. وفي دراسة لـ(مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي 1979 م)، أنّ 40 في المائة من جوادث قتل النساء بسبب مشاكل أسرية و25 في المائة بسبب الانتحار. وفي دراسة أعدها د. جون بيرير استاذ مساعد لعلم النفس بين طلبته في جامعة كارولينا.)، أنّ 79 في المائة من المتعلمين يقومون بضرب زوجاتهم. وفي دراسة اعدها المكتب الامريكي. (و معد هذه الدراسة إفان ستارك، والتي فحصت 1360 سجلا للنساء، حيث قال: (إن ضرب النساء في أمريكا هو أكثر الأسباب شيوعا للجروح التي تصاب بها المراة). إن الأمثلة كثيرة، وإنّ الصورة المرسومة في الغرب محض خيال وأكاذيب. لكن يبدو أن المسلمين قد أصابهم العمى، مما حال دون وصول تلك الصورة إلى الناس كافة. إن الغرب ضائع في غياهب العنف والفراغ النفسي. أما الاسلام فقد أعطى للمرأة مكانة عالية وأعطاها حريتها كلّها، لكنّ بعض المسلمين أساءوا فهم النصوص وشوهوا تطبيقها واستغلالها. وحرموا المرأة من حقوقها الفطريّة.

إنّ ما لحق المرأة الشرقيّة من مصائب على يد الذكر، ليست من بنات الحاضر، بل هي جزء من الموروث الثقافي التراثي. عمرها أجيال وأجيال. ليس من السهل التعافي منها، بعدما امتدّت جذورها في تربة الروح، وانتشرت في المجتمع كمرض عضال لا يُرجى له برء وشيك. " أعرف بماذا تفكّر، تفكّر بأنّي الوحيدة التي لا تتحسّن. ليس ذنبي، تلك المشاكل التي ورثتها عن أجدادي " ص 148.

وفّقت القاصة تماضر كريم في رسم واقع المرأة في المجتمع الشرقي الذكوري. فجاءت صورتها متأرجحة بين نظريتي الواقعيّة الانتقادية والفلسفة المثاليّة. جاء على لسان البطلة في إحدى رسائلها لحبيبها قولها:

" أنا من ذلك النوع الذي لا يحب خوض المعارك من أجل الحصول على المكاسب. أنا أتنازل عنها.. أتركها لمن يحب. " ص 171. غير أنّها، بعد الذي تجرّعته من المرارة، اقتنعت أن ّ الحياة المثاليّة في خضم واقع موبوء، ضرب من الخيال والوهم. " الجمال يذبل قليلا لكنّه لا يموت، تلك كلماتك لي. تأكدت اليوم أنّ الجمال يذوي ويضمحّل ثم يموت تماما كأيّ شيء آخر " ص 175.

لقد تحوّلت نعمة الجمال إلى نقمة. " الجميلات يجذبن كثيرا من الأشياء السيّئة. ألم تفكّر في هذا من قبل ؟ " ص 175.

أجل الجميلات لا حظ لهنّ في الزواج، يشغلهنّ الحب عن الزواج، ويغرّهنّ الثناء، أكثرهنّ تلتهمهنّ العنوسة. ويضحك لهنّ الدهر، ويخدعهنّ الجمال. والبلاد الجميلة أكثر عرضة للطمع والغزو. جمالها يحرّك أطماع الأعداء فيها. أكثر البلاد جمالا، أكثرها وقوعا ضحيّة للغزو. لولا جمال العراق، ما غزاها المغول والتتار والانجليز والأمريكان. لولا جمال الشام ما غزها الأتراك والفرنسيين، ولولا سحر وفلسطين ما تكالب عليها الصهاينة وأعوانهم في الشرق والغرب. أجل، الجمال يجلب كثيرا من الأشياء السيّئة..

لقد اكتشفت البطلة المريضة في مشفى الحجر الصحي، أنّ نهايتها أقرب من حبل الوريد. ستموت، وتدع عالم الدنيا، والناس فيه كيأجوج ومأجوج. ستترك وراءها حبيبا خذلها في وقت كان يجب عليه أن يضحيّ من أجلها. لكن هذا حال المرأة الشرقيّة في أعبن الذكورة الشرقيّة ؛ متاع إلى حين. بل حديقة يانعة، مثمرة يلتهم الرجل منها ما طاب ولذّ، فإذا أصابها قحط وذهب ينوعها، هجرها وأنكر فضلها. " انحنى هامسا ويده تربت على يدي. (أرأيتِ لم يأتِ) " ص 177.

" كنت أريد مشاهدة الشمس وهي تتلاشى في البعيد بلا مبالاة " ص 180.

أجل، لقد تلاشى حبها، حين خذلها حبيبها، واستغنى عنها. إنّه منطق الذكورة الشرقيّة، المحكوم بالعادات والتقاليد ومبدأي القوامة والعصمة.

" لا بد من انتهاء كل شيء جميل. الأشياء الجميلة تبدأ لتنتهي، أليس من الأجدى أنّها لم تبدأ أصلا " ص 181/ ص 182.

خاتمة: قصص القاصة العراقيّة تماضر كريم، أنموذج للقصص الاجتماعي، الذي يعرّي عورات الواقع المعيش، في المجتمع الشرقي. ومن حقّ الناقد والقاريء أن يتساءلا: أما آن لهذا الشرق أن يغيّر نظرته إلى المرأة الشرقيّة ؟ ومتى يكفّ هذا الذكر الشرقي عن حديثه حول المرأة الشرقيّة ؟ وكأنّ الكلام غير المباح لا يحلو له دون الحديث عن المرأة الشرقيّة. لقد اعطتنا شهرزاد درسا في الذكاء والفطنة والعبقريّة، وحوّلت شهريار من سيّاف يقطع رقاب النساء إلى مستمع شغوف إلى حكايات شهرزاد ألف ليلة وليلة. كم كانت القاصة تماضر كريم مبدعة، وهي تكتب على لسان بطلة رسائلها هاتين العبارتين، التي تلخّص متن مجموعتها القصصيّة: " وتلك الأصابع التي عندما ألمسها أشعر أنّ العالم لا زال جميلا، رغم أنّنا محاطون بكل هذا الخراب. " ص 189. وفي في تساؤل ذلك الطبيب الحاذق، الذي يعرف كيف " يداوي الجراح العميقة، ويستأصل ما يؤذي الروح " ص 179. ذلك الطبيب الأثمن من كل من حولها، والذي أشعرها بالأمان والطمأنينة في غمرة المرض والمأساة: " أتساءل هل أنت تستطيع تحمل العالم من دونها ؟ هل تتعايش مع فكرة رحيلها ومع حقيقة أنّك خذلتها ؟ تبا لك. " ص 190. ذلك الطبيب الذي استطاع أن يروي ظمأ الشوق لديها بدلا من حبيبها الذي تخلّى عنها في لحظات العسر، كانت فيها في حاجة أشدّ إلى الوقوف بجانبها، ومواساة قلبها العليل. " عندما كنت على وشك أن أغفو اشتقت إليه. هل تدري ؟ إنّها المرة الأولى التي أشتاق فيها لشخص غيرك " ص 182. وبالمقابل، بدت على ملامح الطبيب آيات الحبّ والحسرة، لمعرفته المتأخرة بها، وتعلّقه بها بعد فوات الأوان. وقد عبّر عن ذلك في قوله:

" ألوم نفسي كثيرا لأنّي لم أعرفها قبلك، لكنت جنّبتها ألم خذلانك. لكني أتيت متأخرا. يا لبؤس الأشياء بعد أوانها " ص 191.

وما يلفت نظر القاريء، أسلوب القاصة الذي امتاز بالبساطة والسلاسة، خاصة في رسائلها على لسان بطلتها التي عانت من مرض الكوفيد 19 وما نجم عنه من حجر ودخول إلى المشفى، وموقف حبيبها منها. كانت لغة القاصة تماضر كريم نابضة بالحزن والأسى من جهة، ومفعمة بالحب والأمل. لغة منتزعة من واقع لا يرحم الضعفاء، ولا يعترف بكينونة الأنوثة، كما أقرتها الفطرة والشرائع السماويّة. لغة مسرّبة من رحم القلب لا من طرف اللسان. امتلكت القاصة تماضر كريم ناصيّة اللغة (و هي خريجة معهدها) إلى جانب الملكة الفنيّة لعمليّة القص، ونظرة واعيّة إلى واقعها المعيش. فكانت قصصها معبّرة بصدق عن طبقة المعذّبين في المجتمع الشرقي، من ضحايا الجهل والتخلّف والاستبداد. وأعود، وأؤكّد، إنّ ما جاء على لسان بطلة الرسائل " وتلك الأصابع التي عندما ألمسها أشعر أنّ العالم لا زال جميلا، رغم أنّنا محاطون بكل هذا الخراب. " ص 189. كشف لنا عن عبقريّة الكاتب، حين يكتب بصدق ونفاذ بصيرة. إنّ الفنّ الأصيل كفيل بإصلاح ما خرّبته الكراهيّة ودمّرته الحروب الصغرى والكبرى.

***

بقلم: الناقد والروائي علي فضيل العربي – الجزائر

..............................

هامش:

* تماضر كريم:  قاصة وشاعرة وكاتبة عراقية معاصرة. من مدينة بغداد، عاصمة العلم والأدب والثقافة. حاصلة على بكالوريوس آداب لغة عربيّة. كتبت الشعر والقصة والمقال في وقت مبكر من حياتها. ونشرت في صحف عراقية وعربيّة، كصحيفة المدائن العربية الصادرة بألمانيا، وصحيفة المثقف الصادرة بأستراليا، وصحيفة أوروك الصادرة عن وزارة الثقافة العراقيّة. من أعمالها المنشورة: ديوان شعريّ بعنوان: (مهاجرون إلى برلين) الصادرة عن دار الدراويش ببلغاريا. مجموعة قصصيّة (هذا ما حدث في مطار بغداد) عام 2022 م. ومجموعة قصصية بعنوان (إيلا). شاركت في برنامج سحر البيان من على شاشة العراقية 2007 م. فازت في مسابقة شبعاد للقصة القصيرة التابعة لمؤسسة الزمان على مستوى القطر بقصة (موت إيليا)، كما جائزة أفضل قصة في مسابقة جامعيّة على مستوى القطر. لها عدة مشاريع روائيّة غير مطبوعة، تنتظر النشر.

** إيلا: هو اسم من أصل إيرلندي، ومعناه في العربيّة، شعاع القمر الذي يكسر العتمة ويجعلها طريق ممهّد لكل شخص يسير فيها. كما يعني المرأة المثقفة ذات العقل المستنير والمعرفة القويّة. وهو من الأسماء المنتشرة في اليهودية. فكثير من البنات يحملن هذا الاسم. ومعناها في اللغة العبرية مخالف تماما عن معناه في اللغة العربية. فتجد أن معناه هنا، شجرة البلوط أو الغوال الصغير، لذلك ينتشر الاسم لما له من معنى رائع لهذا النوع من البشر. كما أنّ أمهات اليهود دائما ما تريد البحث عن أسماء قوية ومعبّرة عن مدى جمال البنت وصفاتها المؤنثة.

*** السلتية: يصفها أرنولد بأنّها مصطلح وصفي أو أداة كاشفة في اللغة الأكاديمية. وهم السلتيون مجموعة من القبائل، كانت منتشرة انتشارا واسعا، وتتضح ثقافتهم في المدافن والتحف الأثرية واللغة. اعتنقها موسيقيون وفنانون وكتاب مثل وليام بتلر. حاليا يستدعي الاسم التفكير في الفن التقليدي والأدب والموسيقى من إيرلندا وأستكلندا. وتعود أصول السلتيين إلى وسط أوروبا. ويتميّز السلتيون بأنّهم: أكبر مجموعة في أوربا القديمة، محاربون برابرة، يتخذون التلال مدافن لهم، أول من ارتدوا السراويل، قوانينهم شفهيّة، تنتسب لهم الملكة اللأسطورية " بوديكا " التي هزمت الرومان عام 61 م (نقلا عن موقع أنا أصدق العلم).

في المثقف اليوم