قراءات نقدية

سامي عادل البدري: وجوه الطب النفسي (3): جويل باريس

جويل باريس وكثرة البدع والأفكار الخاطئة في الطب النفسي

يندفع الكثير من المتحمسين للطب النفسي إلى إعطاء أهمية مبالغ في حجمها لكل من (فرويد) ومدرسة التحليل النفسي من جهة، ولفعالية الأدوية النفسية من جهة أخرى. هم يريدون أن يدافعوا عن أهمية ما يؤمنون به، لكن كثيراً ما تصير محاولاتهم التبجيلية تلك سبباً إضافياً ومبرراً للإنتقاص والسخرية من هذا التخصص الذي يعاني من مشكلة في رسم حدوده. فما هو الموقف الذي يجدر بنا اتخاذه أمام زعماء التحليل النفسي، وأهمهم فرويد؟ وكيف نقييم الأدوية النفسية وما هو دورها؟

أحد الكتب المهمة التي نجد فيها موقفاً علمياً جديراً بالإحترام هو كتاب (البدع والأفكار الخاطئة في الطب النفسي)١ للطبيب النفسي الكندي (جويل باريس Joel Paris)، وهو كتاب نشر اول مرة عام ٢٠١٣، وطبعته الثانية هذه السنة ٢٠٢٣، من منشورات كامبرج.

ويتكرر إسم هذا الطبيب النفسي في الكتب الأكاديمية للطب النفسي.

سنمر سريعاً في القسم الأول من هذه المقالة على أهم اسهامات هذا الطبيب النفسي المذكورة في الكتب المنهجية للطب النفسي، ثم نركز في القسم الثاني على كتابه المذكور (البدع والأفكار الخاطئة في الطب النفسي).

القسم الأول: اسهاماته المذكورة في الكتب الاكاديمية

يمكن أن نلخص ذكر (جويل باريس) في الكتب الأكاديمية بثلاث نقاط: الأولى انتقاده لكثرة التشخصيات النفسية، والثانية دراساته حول اضطرابات الشخصية خصوصا (الحدية)، والنقطة الثالثة دراساته حول موضوع الانتحار.

يعرف عن جويل باريس أنه أحد الأطباء الذين ينتقدون بشكل دائم كثرة التشخيصات النفسية، بحيث أننا في العصر الحالي صرنا نشخص الكثير من الناس الأصحاء بتشخيصات نفسية ونوصف لهم العلاج. ويذكر كتاب (فش Fish)٢ - وهو أحد أهم الكتب الأكاديمية للطب النفسي - رأي (باريس) ذاك الذي يشاركه فيه العديد من الاطباء النفسيين المعاصرين المهمين مثل (بيتر تايرور Peter Tyror) و(ألن فرانسيس Allen Frances).

هذا بالإضافة إلى أنه هناك لـ(باريس) عدد من المقالات في الصحف الكندية حول هذا الأمر، وكتاب نشر عام ٢٠١٥ من منشورات أوكسفورد الطبية - وهي منشورات معتمدة ورصينة - بعنوان (التشخيص المبالغ فيه في الطب النفسي Overdiagnosis in Psychiatry).

نجد في كتاب (كومبانيون Companion)٣ تركيزاً على ذكر بحوثه فيما يخص اضطرابات الشخصية وحقيقة أنهم يتحسنون مع الزمن، فله دراسة في الثمانينات وضحت بأن الكثير من مرضى اضطرابات الشخصية يشفون خلال ١٥ سنة، وقد أعاد الدراسة عام (٢٠٠١) ليجد أن مرضى الشخصية الحدية يشفى أغلبهم خلال ٢٧ سنة. وفي بحث له عام (٢٠٠٣) نجده يكتب بأن (من بين كل اضطرابات الشخصية فإن اضطراب الشخصية الحدية هو الأكثر احتمالاً لأن يشفى). وهو يحدد أن ما يشفى من أعراض الشخصية الحدية هو العلاقات مع الاخرين والاعراض المعرفية، بينما تبقى الاندفاعية والاعراض المزاجية كما هي.

علما ان (جويل باريس) شخصية معروفة بعض الشيء في كندا حيث يؤخذ رأيه في المحاكم ونجد الصحف تتكلم عنه حين تحصل جريمة ما فيطلبون رأي الخبراء في صحة المجرم العقلية، وله عدد من الكتب والدراسات حول اضطرابات الشخصية الحدية.

ونقرأ من كتاب (شوتر أوكسفورد Shorter)٤ بحثه الذي يفرق بين عدم ثبات المزاج الذي يحصل في اضطراب الشخصية الحدية من جهة، وذلك الذي يحصل في اضطراب الثنائي القطبية من جهة أخرى، والتفريق بين ذلك العرض في الحالتين يتم من خلال النقاط الأربع التالية: التاريخ العائلي، التغير المزاجي يكون سريع في اضطرابات الشخصية، وجود اعراض اخرى، وفي اضطربات الشخصية يكون سبب تغير المزاج عادة بسبب توتر في علاقة مع شخص آخر.

نرجع لكتاب (كومبانيون)٣ ونجد ذكر آخر لباريس في فصل الانتحار، فنجد أنه، وحسب دراسة لباريس، فإن الانتحار يحدث في اضطراب الشخصية الحدية بنسبة (١٠ بالمئة)، وهناك دراسة أخرى لبارس كذلك تقدم نسبة أعلى وهي (١٨ بالمئة). بينما هناك دراسات اخرى، ليست لباريس، وجدت أن تلك النسبة لا تتعدى (٤ بالمئة). فكما هو ملاحظ هنا فرق كبير بين الدراسات، وكأنه مصير اضطراب الشخصية الحدية هو إما أنهم يشفون مع تقدمهم في العمر، او أنهم (نسبة عالية نسبياً منهم) ينتحرون. يا له من إضطراب !!

هذا بالاضافة إلى أن لـ(باريس) دراسات عن الانتحار بشكل عام، حول العوامل العائلية الغير جينية المتمثلة في اساءة معاملة الاطفال واهمالهم وعلاقة ذلك بالانتحار.

القسم الثاني: كتاب البدع والأفكار الخادعة في الطب النفسي

دعونا الان نركز على كتاب (البدع والأفكار الخادعة في الطب النفسي) وهو كتاب قصير، 128 صفحة، ومهم. ينتقد فيه كل من التحليل النفسي والطب النفسي البيولوجي ويقدم البدائل لهما.

علما أن (جويل باريس) كان محللاً نفسياً، ثم صار يشكك في افكار مدرسة التحليل النفسي التي كانت تسود الطب النفسي الاكاديمي في أمريكا، فكتب كتاباً أسماه (سقوط الايقونة)، والايقونة تعني الرمز وهي ذات دلالة دينية، حيث يمكن أن نترجم عنوان الكتاب الى (سقوط الصنم)، وهو ينتقد فيه مدرسة التحليل النفسي وبالتحديد شخصيات زعماءها خصوصا (فرويد). ويبدو أنه بعد ان ترك تلك المدرسة طور افكاره اكثر فصارت انتقاداته تشمل الطب النفسي ككل، فنشر هذا الكتاب (البدع والافكار الخاطئة في الطب النفسي) عام ٢٠١٣ والذي اعيد نشره بطبعة جديدة عام ٢٠٢٣ من منشورات كامبرج.

النقاط التي سوف نتناولها من هذا الكتاب يمكن تلخيصها بأربع نقاط: الاولى (ما هي اخطاء التحليل النفسي؟)، الثانية (ما هي بدائل التحليل النفسي؟)، ثم الثالثة (ما هي اخطاء الطب النفسي البيولوجي؟) ورابعا (تصحيح مسار الطب النفسي البيولوجي والنفسي بالطب المستند إلى الدليل).

النقطة الاولى: اخطاء التحليل النفسي

يكتب (جويل باريس) عن تلك الفترة التي بزغ فيها التحليل النفسي، وهي نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، فقد ظهر في وقتها (زعماء) للطب النفسي. وكان العلم في ذلك الوقت يرتبط بشخصية (الزعيم) أكثر مما يعتمد على المعطيات. كان المؤسسين الأوائل يقدمون اراءهم التي تستند إلى خبرتهم السريرية، بلا أن يكونوا مضطرين إلى إسناد ما يقولونه ببحوث تجريبية بعيدة عن التحيز. فوق ذلك كان للمحللين النفسيين جواباً لكل شيء، فانجذب طلبة العلم لهم.

وكان من الصفاة المقبولة، بل المرغوبة، لمن يريد أن يكون عالماً خبيراً في تلك الفترة هو أن يصير متكبراً قليلاً، فقد كان ينظر لذلك على أنه ثقة في النفس. وبذلك لم يكن ينتظر من أن يقدم إسناداً لنظريته من خلال بحوث تجريبية، فتلك الامور قد تجعله يبدو متشككاً في نفسه، بل كان ينتظر منه أن يصير متغطرساً بعض الشيء.

فوق ذلك فقد قدم (فرويد) نظرية ساحرة تقول بأن هناك حقائق مخفية، لن يستطيع فهمها إلا أتباعه، فصار بذلك للتحليل النفسي جانباً غامضاً وسرياً. بل كان هناك شيء من الترقب الدرامي، فقد كان يطلب من المريض أن يستلقي على أريكة مصنوعة بشكل غريب، فهي تشبه الكرسي لكنها طويلة، ويقال له أن يتكلم في أي شأن يتوارد إلى ذهنه، فيما يجلس المعالج خلفه دون أن ينبس ببنت شفة. يا له من إخراج مسرحي!!

ولم يمتنع الزعماء الأوائل للتحليل النفسي عن تقديم أراء تمس كل زوايا الوجود الانساني، لم تفلت من قبضتهم لا الانثروبولوجيا ولا الفلسفة ولا الدين، بل حتى التأريخ والأدب. فتأثر بهم كل المفكرين، من مؤرخين وأدباء وفلاسفة وفنانين، وعارضهم رجال الدين فزاد ذلك من جاذبيتهم. بل الأكثر من ذلك أنهم أعطوا أهمية كبيرة للجنس، ليزيد ذلك من جرعة التشويق في نظريتهم.

وهم في الأخير قدموا كل ما قدموه، بلا قياسات نفسية محددة!

حين نقرأ تلك الانتقادات للتحليل النفسي التي يسطرها (جويل باريس) في كتابه، والتي لم ننقلها حرفياً بل حاولنا تلخيصها وإعادة صياغتها، نتخيل أنه لم يكن يوماً قريباً من تلك (المدرسة) النفسية. إلا أن حقيقة الأمر هي أنه كان قد تدرب على أن يصير محللاً نفسياً، لكنه انفصل نهائياً عن التحليل النفسي حين أدرك خطأ الفكرة المتمثلة في أهمية فترة الطفولة في نظرية التحليل النفسي، بما يسمى بـ(الحتمية determinisim) التي تستند على أفكار (سيجموند فرويد) حول الذاكرة.

لقد كان فرويد يقول ان كل الاحداث تبقى موجودة في الذاكرة بشكل مكبوت. وتلك كانت النقطة التي دفعت (جويل باريس) إلى أن يهجر التحليل النفسي. فالدراسات الحديثة تقول ان الاحداث ليست مسجلة بشكل دائم في الدماغ، وأن ما هو مسجل من ذكريات في عقولنا يجري تغييره من خلال التجارب اللاحقة. كان ممارسو التحليل النفسي يثيرون مشكلة بإدعاءهم أنه حتى حين لا يتذكر المريض انه تم الاساءة إليه وهو طفل، فإن ذلك لا يعني أن ذلك لم يحصل. كان لسان حالهم يقول للمريض: (أنت لا تتذكر أنه قد تمت الإساءة إليك، لكن هناك احتمال كبير انه قد حصل. وسبب نسيانك هو أنك تنكر، وأنت لا تدري بأنك تنكر). كأنهم كانوا يقومون بالايحاء للمريض بذلك وقد ينتهي الحال بأن يصدق المريض ذلك.

يذكر (باريس) بحوث عالمة النفس (إليزابيث لوفتوس Elizabeth Loftus) التي وضحت لنا من خلال دراساتها وبحوثها التجريبية انه لدينا بعض (الذكريات الزائفة)، بل أنه يمكن أن تتم عملية زراعة تلك الذكريات.

يكتب (باريس) بأنه قرر الانفصال بشكل كامل ونهائي عن التحليل النفسي حين تأكد من خطأ مبدأ (الحتمية الطفولية Childhood determinsism)، فقد أدرك خطأ الفكرة القائلة ان مشاكل الكبار النفسية تكمن جذورها في أحداث طفولتهم، فقد وجد (باريس) أن الكثير من الاشخاص تمرضوا وهم كبار رغم ان طفولتهم كانت سعيدة وخالية من الاحداث السلبية، وهناك كذلك في الجانب الآخر الكثير من الكبار السليمين الذين كانت طفولتهم مليئة بالاحداث السلبية. يذكر (باريس) خلاصة تلك الأفكار في كتاب (البدع والأفكار الخاطئة)، لكن يجدر بنا هنا أن نشير إلى أن له كتب أخرى خصصها لهذه المسألة تحديداً مثل كتاب (أساطير الطفولة Myths of Childhood)٥ وكتاب (أساطير الصدمات النفسية Myths of Trauma)٦.

ويقترح (جويل باريس) كبديلاً لـ(التحليل النفسي) التقليدي، ما يسمى بنظرية (التعلق Attachement) وذلك لأنها مرتبطة بعلم النفس الأكاديمية، وهناك تجارب في مختبرات علم النفس حول هذه النظرية.

يستشهد (باريس) ببحوث (مايكل روتر Michael Rutter) الذي راجع نظرية التعلق وقدم بحوثاً عن أثر الأحداث السلبية في النمو النفسي للطفل والمراهق، علما ان (مايكل روتر) هو طبيب نفسي يعتبر مؤسس للتخصص الدقيق (الطب النفسي للاطفال)، وله دراسة شهيرة جداً إسمها (دراسة جزيرة وايت Isle of Wight Study).

فباريس لا يكتفي بانتقاد النظريات القديمة بل يقدم البدائل الحديثة لها، والمتمثلة على سبيل المثال في أعمال (إليزابيث لوفتوس) فيما يخص الذاكرة، ونظرية التعلق كنظرية يمكن التأكد من صحتها تجريبياً على النقيض من التحليل النفسي، وأعمال (مايكل روتر) فيما يخص بأثر الأحداث السلبية في الطفولة وأثرها عند الكبر.

إنتقاده للطب النفسي البيولوجي

لا يكتفي (باريس) بانتقاد التحليل النفسي، بل هو من أشد المنتقدين لبعض جوانب الطب النفسي البيولوجي. يأخذ مثالاً عن ذلك في تطرقه للحديث عن طبيب نفسي كان معروفاً إسمه (إيوين كاميرون D. Ewen Cameron)، ويمكن وصفه على أنه كان (زعيماً) على حد سواء، مثل زعماء التحليل النفسي، فقد كان لفترة ما رئيس الجمعية الأمريكية للطب النفسي. وقد كان يعمل في جامعة (ماك جيل McGill) العريقة، لكن ذلك لم يمنع أن تبلغ ثقة هذا (الزعيم) بنفسه انه يزيد من جرعة الصدمات الكهربائية إلى مئة (١٠٠) جرعة للمريض الواحد معللاً أن ذلك سيسبب فقدان ذاكرة للمريض وبأن لفقدان الذاكرة تلك أثر علاجي، وبأن الدماغ سوف يرجع ويكون دوائر عصبية أكثر سلامة من السابقة. كل ذلك ولم يكن لديه أدنى دليل أو إثبات على أن ما يقوله صحيح.

ما هو الحل؟

بعد أن يقدم لنا (باريس) أدلته حول استنتاجه ذلك، يبدأ في الإشارة إلى المصادر الحقيقية التي يجب علينا الاعتماد عليها في تلقي المعلومات والآراء والنظريات حول الطب النفسي، وهي المصادر التي تعتمد على الأدلة الغير متحيزة، فنحن اليوم في عصر الطب المستند إلى الدليل.

فعلى صعيد علاقة الطب النفسي بعلم النفس ونظرياتها يشير كما أسلفنا لـ(مايكل روتر) وجهوده في عمل بحوث تجريبية تساعدنا على فهم النمو النفسي للطفل والمراهق، ويشير أكثر من مرة في كتابه للطبيب النفسي (ألن فرانسس Allen Frances) صاحب كتاب (إنقاذاً للسواء Saving Normality) - الذي ترجم للغة العربية - الذي يصحح الكثير من الأفكار الخاطئة حول حدود الطب النفسي وهو كتاب يشار إليه في الكتب المنهجية للطب النفسي كذلك مثل كتاب (فش).

يستشهد (باريس) أكثر من مرة بالجهود الاستثنائية التصحيحية لـ(دانييل كارلات Daniel Carlat) صاحب كتاب (الباب المخلوع للطب النفسي Unhinged) وكتاب (المقابلة النفسية Psychiatric Interview)، وصاحب موقع (منشورات كارلات) التي تراجع المعلومات الصيدلانية النفسية.

وفيما يخص المعلومات التي يجب أن نعتمدها حول الأدوية النفسية يذكرنا (باريس) أنه لا يجب أن تغيب عن ذهن الطبيب النفسي المعاصر الدراسات المعتبرة والموثوقة مثل دراسة (STAR*D) لمضادات الاكتئاب، ودراسة (CATIE) لمضادات الذهان. وكذلك توصيات ( المعهد الوطني البريطاني للصحة وجودة الرعاية NICE) التي تقترح على سبيل المثال أننا في حالة الاكتئاب البسيط علينا لا نسرع بوصف الدواء بل أن نعطي موعداً آخر للمراجع، وهو ما يسمى باستراتيجية (الانتظار والمراقبة Watchful waiting)، وتفضيل استخدام العلاجات الغير دوائية. وفي ذلك السياق ينتقد (باريس) حالنا اليوم فهو يكتب حرفياً: “أحيانا يكفي للمريض في عيادة الطبيب أن يذرف بعض الدموع كي يسارع الطبيب ويوصف له أدوية.”

وفي الكتاب تفاصيل كثيرة عن مشاكل وفضائح شركات الادوية وكيف أن تلك الشركات تستطيع الضغط على العلماء من أجل تمرير معلومة ما، وهو يذكر على سبيل المثال حين قاطعت شركات الأدوية مجلة (JAMA) مسببة خسارة مادية كبيرة لها. ويرجع ويذكر (دانييل كارلات) الذي يطلق عليه بأنه (استثناء) ويتحدث عن موقعه الالكتروني (منشورات كارلات).

وأخيراً يكتب عن بحوث العلاجات النفسية الكلامية ويؤشر على انهم تقريبا جميعا بنفس الكفاءة وباننا يجب ان نركز على العوامل المشتركة بينهم، ول(باريس) مقولة مهمة يجب أن ننتبه لها: “إن العلاج النفسي الكلامي ليس طريقة حميدة، ويجب أن تتم عملية تنظيم ممارسته بقوانين، بنفس طريقة القوانين التي تنظم استخدام الادوية!”

علما ان لباريس كتباً كثيرة منها كتبه (نقد مبني على الدليل للتحليل النفسي المعاصر) نشر عام ٢٠١٩، (الطبع والتطبع في الاضطرابات النفسية، أثر الجينات والبيئة) كتاب نشرت الطبعة الثانية منه عام ٢٠٢٠، (العوامل الاجتماعية في اضطرابات الشخصية) من منشورات كامبريج، وقد كان (بيتر تايرر)  قد كتب مقدمة الطبعة الاولى ونشرت الطبعة الثانية عام ٢٠٢٠، وكتاب (وصفات للعقل، نظرة نقدية للطب النفسي المعاصر) عام ٢٠٠٨، (استخدام وسوء استخدام الادوية النفسية، نقد مبني على الدليل) عام ٢٠١٠، (الدليل السريري الذكي للتصنيف الامريكي للامراض النفسية) خرجت الطبعة الاولى مع النسخة الخامسة، وثم تلتها الطبعة الثانية وهي من منشورات اوكسفورد، (العلاج النفسي في عصر تسوده النرجسية، الحداثة والعلم والمجتمع) عام ٢٠١٢.

الخاتمة:

كانت تلك مقالة عن (جويل باريس)، الطبيب النفسي الكندي الذي كان محللاً نفسياً ثم صحح لنفسه المسار بأن صار يستسقي معلوماته من البحوث النفسية الاكاديمية التي تجري في المختبرات والمثبتة علمياً، مركزاً على اهمية الطب المستند على الدليل. طبيب أدرك بحكمة بأن أفضل طريقة من أجل أن نمنح الطب النفسي ذلك القدر الذي يستحقه تكمن في أن نعرف حدوده، وأن نتجنب أن ننفخه بترهات فيتضخم كالبالونة يمكن أن تتفرقع ما أن يلامسها أصغر دبّوس.

***

كتابة: سامي عادل البدري

........................

1. Paris, J. (2013) Fads and Fallacies in Psychiatry. Cambridge University Press.

2. Casey, P. & Kelly, B. (2019) Fish’s Clinical Psychopathology: Signs and Symptoms in Psychiatry 4th Edition. RCPsych publications

3. Johnstone EC, Owens DC, Lawrie SM, Mcintosh AM, Sharpe S, (2010) Companion to Psychiatric Studies. 8th ed. New York: Elsevier

4. Harrison, P., Cowen, P., Burns, T. & Fazel, M. (2018) Shorter Oxford Textbook of Psychiatry, 7th Ed. Oxford University Press

5. Paris, J. (2013) Myths of Childhood. Routledge

6. Paris, J. (2022) Myths of Trauma: Why Adversity Does Not Necessarily Make Us Sick. Oxford University Press

في المثقف اليوم