دراسات وبحوث

عبد العزيز قريش: المواطنة والمدرسة.. إشكالات واقع

عبد العزيز قريشقبل البدء:

مفهوم المواطنة هو نتاج الحراك الاجتماعي الواقع داخل المجتمعات وفيما بينها منذ وعى الإنسان طبعه الاجتماعي، حيث حصلت تطورات وتحولات اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية وفكرية وتكنولوجية وبيئية وعلمية هامة عبر العصور والأزمنة، أفضت في مسارها وخطها التاريخي والزمني إلى تشنجات وصدامات بل وإلى حروب بين مكونات المجتمع الواحد كما بين المجتمعات نتيجة الانحباس في المنابت الاثنية أو الإيديولوجية أو السياسية أو القومية أو الثقافية أو الجغرافية أو العقائدية، مما ولد شعورا بالإحباط لدى الجميع من الوجهة التي سارت إليها الإنسانية والطريق المسدود الذي تعيشه جراء فقدان القيم الناظمة للحياة الاجتماعية في العصر الحديث. فتولدت رغبة أكيدة عند كل مكونات المجتمعات في تجاوز محن الإنسانية من خلال الاهتداء إلى مضامين نظرية قابلة للتطبيق على أرضية الواقع مستوحاة من الشرائع الإلهية والوضعية ومن الثقافة ومن التدافع الحضاري...

ومن تلك المضامين نجد المواطنة، وهي (لم تخرج من كتاب واحد بصورة كاملة بل قد خرجت من كتب الدين، النظريات السياسية والقانونية، التهذيب الأخلاقي، وحتى من الشعر الملهم البطولي)[1] حيث بعدها الفلسفي ينبع من الفكر المؤسساتي القائم على القواعد القانونية الصريحة المتضمنة في مجالي الواجب والحق المحتضنة للتساوي والديمقراطية والشفافية والحرية والعدل وضمان الحقوق الفردية والجماعية للأفراد والجماعات إزاء الانبناء (على الكفاءة الاجتماعية والسياسية للفرد)[2] بعيدا عن اعتبارات البلقنة الضيقة .

فالمواطنة تحتل مركز الفكر الدستوري والقانوني والسياسي والاجتماعي والتربوي والثقافي وقلب الدولة المدنية والحداثية بل (ثمة علاقة عميقة وجوهرية بين مفهوم المواطنة والأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية السائدة)[3] فإذا كانت الفلسفة الاجتماعية العامة للمجتمع هي التي تنظر للمواطنة مدخلا لبناء المجتمع والحفاظ على لحمته ضمن إطار من أداء الواجب واستيفاء الحق وبشروط موضوعية وذاتية ومؤسساتية ضامنة لنجاحها وخاصة فيما يتعلق بتنوع المجتمع بنية ووظيفة عبر تنوع مؤسساته ومكوناته الأساسية بما فيها الأقليات. ذلك أن المواطنة (لا تبنى بدحر خصوصيات المواطنين أو تهميش بعضهم لدواع ومبررات معينة، وإنما هذا المفهوم يبنى كحقيقة واقعية باحترام الخصوصيات وفسح المجال القانوني والثقافي لكل التعدديات والتعبيرات للمشاركة في بناء الوطن وتعزيز قوته وإنجاز مشروعه التنموي والحضاري)[4]؛ فإن الواقع المعيش هو الذي يطبق تنظيرات الفلسفة الاجتماعية للمجتمع ويمنحها قيمتها العملية والإجرائية والتداولية بين الدولة ومواطنيها وبين المواطنين فيما بينهم وبين الجماعات والأفراد وبين الجماعات فيما بينها بواسطة سن قوانينها ونشر ثقافتها وتربية قيمها، وإجرائها في حياة الناس على قدم المساواة والعدل. ومن ثم فسن القوانين وظيفة سياسية بالدرجة الأولى يتولاها النظام ومؤسساته المتنوعة خاصة منها الأحزاب السياسية والمؤسسات الدستورية، وأما نشر ثقافتها فهو وظيفة فكرية مجتمعية بطبيعتها يشارك فيها الجميع خاصة الطبقة المثقفة والإعلام والمؤسسات المدنية، والتربية على قيمها وظيفة أخلاقية واجتماعية وتربوية في عمقها، ترتبط أساسا بالتنشئة الاجتماعية للكائن البشري لتأهيله للاندماج في المجتمع المحلي والعالمي تحت سقف المواطنة، وهي منوطة بالأسرة والمدرسة بالدرجة الأولى.

والمواطنة ليست شعارا فحسب وإنما هي واقع معيش في ظل قوانين وقيم وثقافة الحقوق والواجبات التي تدفع المواطن إلى رعاية وطنه كرعايته لنفسه في مقابل رعاية الدولة لمواطنيها كرعايتها لنفسها مع استحضار بعد التنوع والتناغم بين مكونات المجتمع والوعي الاجتماعي بالقوانين الإلهية المبثوثة في الكون الحافظة للتنوع والاختلاف من مبدأ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[5]. بما يقتضي ذلك من تنوع رائع منسجم متناسق كتنوع ألوان اللوحة الفنية وتناسقها وتناغمها لتنسج لوحة جميله تعشقها العين قبل الفكر. فالتنوع والاختلاف سمة الكون بثها الرحمان فيه ليجد كل منا غايته فيه. ألا ترى العيون اللوحة الواحدة فتذهب في رؤيتها مذاهب شتى! وتقرأها قراءات متنوعة! ومن علم الله تعالى وخبرته بالإنسان جعل الكرم يتربع قمة المواطنة لأنه يذيب جميع الحساسيات ويقهر جميع التشنجات ويجمع كل رؤى في روابط اجتماعية مقننة بالتشريع!

ومن مدخل التربية على قيم ومبادئ وأسس المواطنة ترتبط المؤسسة التعليمية بمسألة المواطنة ارتباطا عضويا ووظيفيا، حيث تمثل المؤسسة التعليمية مرفقا من مؤسسات المجتمع السياسي الرسمي منوط بها وظيفة التربية والتكوين التي تقوم أساسا على قيم المواطنة وحقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة والمساواة والحرية في الحياة المدرسية انطلاقا من أدبيات الفكر التربوي بما فيها الفلسفة التربوية والتشريع المدرسي؛ فالميثاق والكتاب الأبيض يذهبان إلى ذلك مذهبا صريحا وواضحا، وبذلك فالمؤسسة جزء من بنية المجتمع الرسمي للدولة من جهة أولى ومن جهة ثانية تعد مكونا رئيسا من بنية المجتمع العام؛ منوط به التنشئة الاجتماعية والتأهيل للنشء قصد الاندماج في المجتمع. ويزداد هذا الارتباط مثانة في ظل وجود التباس اجتماعي في المؤسسة التعليمية ناشئ عن سياق الظواهر المرضية التي تعيشها واقعيا انطلاقا من كونها مجتمعا صغيرا مستنسخا من المجتمع الكبير. تتجسد فيه الظواهر الاجتماعية وغيرها بكل تفاصيلها، من قبيل العنف المدرسي السائد في المؤسسات التعليمية إزاء تدهور العلاقات الإدارية والاجتماعية بين مكونات تلك المؤسسات وتحطم القيم والمبادئ الناظمة للعلاقات والغش...

من هذا الواقع المدرسي المتوتر والمتشنج بل والمتفجر في كثير من الأوقات؛ تنبعث مسوغات طرح مجموعة من الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالمواطنة والمؤسسة التعليمية، من قبيل:

* لماذا التركيز على المؤسسة التعليمية في مسألة المواطنة؟

* وما المواطنة من منظور مدرسي؟

* وما الإشكالات التي يطرحها واقع المواطنة والمدرسة؟

* وكيف تصوغ المدرسة المواطنة بآلياتها وتنشئ النشء عليها؟

* وهل مدرستنا مؤهلة لمهمة بناء المواطنة في النشء؟

أسئلة كثيرة مفتوحة في سياق المواطنة والمدرسة تتطلب جهود فريق لا فرد لمقاربتها بحكمة وبشمولية في إطارها العام. لكن سأكتفي هنا بالتركيز على الأسئلة الثلاث الأولى؛ لعلي أضع معالم كبرى قابلة أن تكون موضوعات للتحليل والنقاش في ظل التجاذب الفكري المتعاظم بين مفكري مختلف المشارب السياسية والاجتماعية والتربوية وغيرها. خاصة منهم المتخندقون في الأطر السياسية والإيديولوجية والعقائدية والثقافية.

1 ـ لماذا التركيز على المؤسسة التعليمية في مسألة المواطنة؟

ليس غريبا أن المدخل الحقيقي لأنسنة الإنسان وقولبته في سحنة ما وفق منظور المجتمع السياسي باسم المجتمع العام، الذي خوله عبر المؤسسات الدستورية وبالطرق الديمقراطية !؟ أن ينوب عنه في الصغيرة والكبيرة ويصرف الشأن العام باسمه، هو المؤسسة التعليمية لأنها الأداة التربوية المروج لها سياسيا واجتماعيا وثقافيا وإعلاميا بلغة التنشئة الاجتماعية والتأهيل العلمي والمهني للاندماج في المجتمع، والجسر الذي يمر منه النشء إلى المجتمع، ومن هذا العنوان يدخل المجتمع السياسي لتشكيل السحنة المطلوبة لمفترض مستقبلي، يطغى عليه الخطاب السياسي وممارسته العملانية بلغة تربوية وتعليمية وعلمية تظهر على سطحها ما تخفيه في عمقها ويترسب في قاع سدها. فتتجلى في علوم مختلفة تقدم معرفة وأفكارا ونظريات وقيما وسلوكات ونماذج وكفايات وغيرها بلباس العلم المحايد بما هو العلم اصطلاحا، لكنه يعيد الإنتاج من جديد[6] في غفلة من المجتمع الذي يطمح للتغيير والتطور، على مستوى التفكير بالدرجة الأولى فضلا عن طبقات المجتمع.

وضمن هذا العلم المحايد؛ هناك تشكيل مقصود ومباشر للعقل الجمعي والشخصية الجمعية بما يوجهه نحو المستهدف من التربية والتكوين. وبذلك كانت المؤسسة التعليمية مطلب المجتمع السياسي قبل المجتمع العلمي والثقافي والاجتماعي لكي تعيد (إنتاج السائد الثقافي والاجتماعي... والتراتب الاجتماعي والحياة برمتها)[7] بل إعادة نفس المنتج السياسي تحت أسماء وعناوين مختلفة. فـ (المدرسة واحدة من أهم المؤسسات الاجتماعية التي يقع على عاتقها مهمة التعليم والتربية وبهذا فهي تقع في الصدارة كمؤسسة معنية بتطوير المواطنة وخلق الظروف المناسبة للتحول الديمقراطي غير أن المجتمع هو الذي يؤلف عناصر الثقافة المدرسية: المنطلقات الفكرية للمناهج والمقررات الدراسية، والقوانين والتشريعات، اللائحة المدرسية، نظام الامتحانات. أي أن ما يقدم في المدرسة ليس مستقلا عما يحدث في المجتمع والحياة والمدرسة)[8]. وبذلك تكون المدرسة هنا تابعا لا متبوعا، ويكون سؤال: " هل المدرسة تخلق المجتمع أم المجتمع يخلق المدرسة " سؤالا مشروعا؟

ولأجل زيادة توثيق مطلب المجتمع السياسي للمدرسة أكثر من أي مجتمع آخر؛ أسوق مثالا حيا من واقعنا المعيش، حيث ذهب مجتمعنا السياسي في عقود مضت ـ يعرفها ويعلمها الجميع ـ إلى إلغاء الفلسفة من الفكر التعليمي بمحاصرتها في منابعها الأولى لأنها كانت يومها مدخل المشاكسة والمعاكسة للمجتمع السياسي تقلب عليه المضاجع والمواجع، فسكنت وسكتت الفلسفة وحوصرت في مواضيع معينة ممسوخة ومبتورة ومشوهة وأقصي فعلها من المجتمع. لأن (الدولة وضعت أيديها على المدرسة التي فقدت دورها في تربية النشء لأنها كانت تعتبرها مصدرا للإزعاج وتفريخ بعض العناصر تنازع الدولة في سلطتها... [و] تهميش المدرسة بدأ عبر تبخيس رجال التعليم وعدم توفير الإمكانات الضرورية للقيام بعملية التدريس وتوجت بمنع تدريس مادة الفلسفة ومنع إصدار الكتب التي ترمز إلى المقاومة وتعتز بالوطنية، لكن هذه السياسة ... أتت بنتائج عكسية وأدت إلى بروز أشكال جديدة من المقاومة)[9] ، وعندما تأجج الحراك الاجتماعي وذهب إلى أبعد الحدود بوجود طفرات حادة وشاذة وعمياء وعنيفة تجلت بصورة واضحة في تفجيرات الدار البيضاء الأليمة والمؤسفة حقا. استدعيت الفلسفة من جديد ليس حبا فيها وتمجيدا لمكانتها في المجتمع ودورها في بناء العقل المنطقي والمحلل والناقد والمبدع؛ وإنما كمحارب وطني يذود عن المجتمع السياسي، بما يبعد الحراك الاجتماعي الراديكالي عنه بموازاة إبعاد مسؤوليته الكبيرة في هذا الحراك المتشنج نتيجة تخبطه في تصريف الشؤون العامة بما تقتضيه من حل الأزمات وإيجاد الحرية والشفافية والمساواة والعدالة والعدالة الاجتماعية وقيم المواطنة وغيرها. وطلب الفلسفة هنا مطلب للتحاور والنقاش والمدارسة للمختلف عليه لا لتأجيجه وصب الزيت عليه. لأن المسألة مسألة فكرية وإيديولوجية وعقائدية؛ وحده الحوار ينجح في تصريف المختلف عليه إيجابيا ويوجهه حيث يجب استثماره وذلك تحت عباءة المواطنة.

وبما أن مفهوم المواطنة مرتبط في أغلب جوانبه بالحقل السياسي والاجتماعي، فهو يقوم على أسس دستورية وقانونية واجتماعية وثقافية واقتصادية وتربوية وقيمية، تكون في مجموعها موضوع المواطنة، ومن ثمة كانت موضوعا معرفيا بامتياز قابلا للتدريس في صيغ متعدد وبمناهج متنوعة. ومنه ارتبطت المؤسسة التعليمية بالمواطنة من خلال وظيفتها العلمية كما ارتبطت بها من خلال وظيفتها التربوية انطلاقا من هيكل المواطنة المبني على القيم، والقيم شأن تعليمي محض. وبالتالي جاء التركيز على المدرسة في مسألة المواطنة لأنها الأداة بعد الأسرة التي تصوغ الأجيال عن قصد وعمد تحت مسميات عدة تبرر تلك الصياغة وذلك التدخل المباشر في تشكيل الإنسان نفسيا واجتماعيا وثقافيا وفكريا وعقائديا وإيديولوجيا.

2 ـ ما المواطنة من منظور مدرسي؟

لن نذهب هنا إلى تعريف المواطنة لغة واصطلاحا فذلك حاصل بحكم البحث في الموضوع والاطلاع على تفاصيله في حقول معرفية عديدة ومتنوعة. لكن سنذهب إلى المواطنة من منظور مدرسي، وهو منظور استقرائي لا لغوي ولا اصطلاحي. حيث تنظر المؤسسة التعليمية للمواطنة من منظورين متلازمين ومتلاحمين عضويا ومتكاملين وظيفيا وهما:

1.2. منظور معرفي:

يفيد هذا المنظور أن المواطنة قبل أن تكون سلوكا وممارسة هي حقل معرفي محض يدخل في مباحث عدة علوم بأجهزة مفاهيمية ومنهجية متنوعة، تشكل مادة مدرسية مستقلة أو مدمجة ممتحاة من المادة العالمة عبر النقل الديداكتيكي في أطر سياسية واجتماعية وفكرية وثقافية معينة، وفي شبكة تفاعلات بين مكوناتها النظرية وسيرورة تعليمية تعلمية معينة، منسوجة بيد المجتمع السياسي بالدرجة الأولى عبر السياسة التعليمية. تستهدف تمكين المتعلم من معرفة ما المواطنة؟ وهنا يصبح المنظور المعرفي أداة تعريف المواطنة لغة واصطلاحا وتعريف متعلقات التعريف وملابساته الفكرية والإشكالات التي يطرحا في الساحة الفكرية المتنوعة والسجالات السياقية في التعريف فضلا عن مكونات التعريف وأسسه النظرية والتطبيقية.

ومن هذا المنظور ترى المدرسة المواطنة خلا مادة علمية قابلة للتدريس وفق الأسس العلمية للعلم الاصطلاحي، فتنأى بنفسها عن السجالات والإشكالات المطروحة حولها. وتقدم المواطنة في صيغتها النهائية الحيادية كقيم وثوابت وحقائق علمية لا جدال فيها، تؤدي حتما إلى العدالة والمساواة والحرية بمجرد اكتسابها! وهذا وجه توهيمي وتمويهي لوجهها الحقيقي[10] وهو القيام بما طلب منها من قبل الجهة المسؤولة عنها رسميا القيام به تجاه المواطنة. وبذلك تظهر المدرسة خارجة عن نطاق التجاذب النظري أو الواقعي لإشكالية المواطنة، خاصة في عالمنا العربي والإسلامي الذي يتنوع عرقيا ودينيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا حيث يشد هذا التنوع الولاءات بتلحيم عضوي وفكري قوي، تنحبس فيه المواطنة في مجالات ضيقة وتتخندق فيها كل معطياتها حتى تصير المواطنة مواطنات! وتستدعي المراجعة كمفهوم وافد علينا كما يراه البعض وأصل قديم لبس رداء الحداثة كما يراه البعض الآخر.

ومن ثم نجد المدرسة من المنظور السطحي التبسيطي تعرف المواطنة بأنها مادة دراسية مثل باقي المواد؛ تدرسها على قدم المساواة معها بعيدا عن أي تقاطع إيديولوجي أو عقائدي أو اثني أو ثقافي ... مع المطروح سياسيا واجتماعيا، وبعيدا عما يحمله المورد البشري من معتقدات وأفكار لأنها مادة علمية بالمواصفات المطلوبة عند العلماء وعند الديداكـتيـكـيين بما هي : (هي وحدة الانتماء والولاء من قبل كل المكون السكاني في البلاد على اختلاف تنوعه العرقي والديني والمذهبي للوطن الذي يحتضنهم، وأن تذوب كل خلافاتهم واختلافاتهم عند حدود المشاركة والتعاون في بنائه وتنميته والحفاظ على العيش المشترك فيه)[11].

لكن من منظور العمق فإن المدرسة تعرف المواطنة بحزمة من حزم تشكيل الهوية الفردية والجماعية للمجتمع الإنساني وفق رؤى معينة وقوالب مطلوبة. وهي مطلوبة من المجتمع السياسي، وهذا ما نلمسه في منطوق كلمة وزير التربية الوطنية السابق[12] الذي لمس عن قرب ابتعاد المؤسسة التعليمية عن المواطنة لأسباب جلية وخـفية تبعدها عن تحقيق أهدافها؛ مما جعله يقول في مقامه: ( ترسيخ المواطنة وهو منظور أساسي لم يطرحه أحد بكيفية مباشرة. وهــذا هو بيت القصــيد. وذلك لتصبح المؤسسة بيتا منظما، ومحترما، له من يصونه ويراقبه، وله من يعمل من أجل صيانته. ولا أعتقد أن مؤسساتنا حاليا تتطور في هذا الاتجاه. ولا أعتقد أيضا أنها تعيش أوضاعا تساعد على جعلها ذلك البيت الذي يفرض الاحترام. ما هي الأسباب ؟ على كل حال نحن الآن فتحنا هذا الملف ونطمح إلى معالجة الأوضاع بكيفية جدية. وكما جاء في التدخلات، نريد أن لا تعيش مؤسساتنا نوعا من الفوضى في كل جهات المملكة، هذا غير مقبول كيف ما كانت المبررات، والأخطر في المقابل هو السلوك الذي يقبل ما هو غير مقبول. فهناك تداخل العوامل، والعوامل الخارجية أصبحت تتحكم في سير وتدبير المؤسسات، وهنا لا أعمم. لكن هذا هو التطور الذي نلمسه من خلال ما أتوصل به شخصيا. لذلك، منظور ترسيخ المواطنة شيء أساسي كيف ما كانت الإكراهات والمبررات، وسنتخذ القرارات بنوع من التدرج لتحصين المؤسسة التعليمية، لأنها هي مرصد مصغر لما يجري داخل المجتمع، فلا بد من الاهتمام اليومي بالمؤسسات، لأنها هي المرآة والصورة والمحك. فبيت الوزارة هو المؤسسة، وبيت الأكاديمية والنيابة هي المؤسسة. كل ذلك جعلنا نعطي الأهمية التي يستحقها هذا الموضوع، ولا يجب أن نقلل مما يجب القيام به أو نقلص من أهميته، حذاري، لأنه وصلنا الآن إلى محطة متقدمة من تطبيق الإصلاح، وإذا لم تتحكم في هذا الحلقة /البنية /المؤسسة، من الصعب جدا أن نواصل الإصلاح ونحصن مكتسباته. لذلك، أدعوكم هذه السنة، وبدعم من الوزارة والشركاء، الاهتمام القوي والمتواصل بهذه الإشكالية) ومنه يتضح أن هاجس هذه الإشكالية تؤرق المجتمع السياسي.

وأما عن فحوى مضمون التعريف المدرسي للمواطنة تعرب عنه المادة الدراسية في تفاصيل الدروس المقررة سواء المستقلة منها أو المدمجة. وكلها شكليا وغائيا تسعى إلى إكساب المتعلم قيم ومبادئ ومفاهيم ومصطلحات المواطنة لكي يجد المتعلم فيها ما يشبع رغباته وطموحاته النظرية وتلبية لرغبته العلمية الافتراضية، ويجيب عن تساؤلاته العلمية المحدودة في ماهية المواطنة وواجباتها وحقوقها وشروطها وأساليب ترجمتها ميدانيا. وتبقى التساؤلات الجوهرية المتعلق بإشكالاتها خارج الدرس المدرسي بدعوى عدم البرمجة أو لضيق الوقت أو لسهو طارئ أو لمعطى علمي أو منهجي ؟!

2.2. منظور عملاني واقعي:

يفيد هذا المنظور أن المواطنة هي واقع ممارس بما يضمن مستلزمات المواطنة واجبات وحقوقا وشروطا وقيما، يجد المتعلم في فضاء المدرسة المواطنة ممارسة بكل وضوح، من حيث أن المدرسة مجتمع مصغر للمجتمع الكبير وكيان رسمي يعبر عن واقع حال الكيان الرسمي للدولة. ومن ثم يجد المتعلم نفسه متساويا مع زملائه في الحقوق والواجبات بعيدا عن معطياته الدينية أو المذهبية أو العرقية أو الاقتصادية أو الثقافية أو قناعاته السياسية ... ويجد حرية وعدلا في التعاطي مع قضاياه المدرسية في حدها الأدنى إن لم نقل قضاياه الاجتماعية التي يعيشها يوميا عبر تحريك المادة الدراسية تجاه إيجاد حلول لها من خلال مجموعة أسئلة ومناولات مساعدة، كما يجد وسطا مدرسيا ينعم بالسلم الاجتماعي ولحمته بين مكوناته قوية إزاء تقدير قدراته وإمكاناته الذهنية والفكرية والعقلية والعملية وكفاءاته الإجرائية. كما يجد المتعلم الديمقراطية في وسطه المدرسي بما يسمح له بالمشاركة الفاعلة والفعالة في الشأن التعليمي من خلال الآليات القانونية والتشريعية والتقنية الخاصة بذلك.

وهذا المنظور يعرف المواطنة بأنها ممارسة المتعلم الفعلية للحقوق والواجبات ضمن شروط ومستلزمات المواطنة داخل الفضاء المدرسي. وبالتالي هو منظور يرتبط ارتباطا عضويا ووظيفيا بالتعريف الأول ليشكلا وجهي عملة المواطنة بمفهومها الصحيح سواء تعلق ذلك المفهوم بالحقل السياسي أو بالحقل الاجتماعي أو الاقتصادي أو الثقافي. ونحن نجد الارتباط العضوي قائم على المضمون العلمي والثقافي والتعليمي للمواطنة. ونجد الارتباط الوظيفي في التلاحم بين النظري والتطبيقي في عملة المواطنة لتجسيد قيمها وسلوكاتها وأداءاتها ميدانيا، فيقتنع المتعلم بجدواها كمدخل لتحقيق ذاته الفردية وذاته الجماعية من خلال تحقيق رغباته ضمن حدود المواطنة. لكن عندما يفارق النظري الواقع الممارس إما استباقا أو تأخرا أو تنافيا؛ فوقتها لا تجد المواطنة مدافعا مقنعا أو مجادلا ملتزما وإنما تنهار كفكرة وقيمة معا. لذا كان النظام السياسي المغربي واعيا بمدى أهمية المؤسسة التعليمية في ترسيخ قيم المواطنة، ذلك أن المشروع التنموي المغربي يمر عبر الإصلاح التربوي (اعتبارا لدوره الحاسم في تعميم المعرفة، وترسيخ قيم المواطنة، وإعداد أجيال المستقبل)[13] و(اعتبارا لكون الحق في التربية يكلفه الدستور، وبالنظر إلى المكانة المتميزة التي يتبوؤها التعليم والتكوين في المشروع المجتمعي الذي نقوده من أجل المغرب، كناقل حاسم لقيم المواطنة والتسامح والتقدم)[14]؛ولن يكون النقل والترسيخ غير الممارسة الفعلية للمواطنة في المؤسسة التعليمية.

والمؤسسة التعليمية مجال اجتماعي؛ يجب أن تربط بين النظري والعملي لتأسيس منطق العلم عند المتعلم على الوحدة العضوية بين النظري والتطبيقي والتكامل بينهما وتمكينه من القيمة العملانية للعلم، بما يعني من توجيه النظري للعملي وتصحيح النظري للعملي في تزامن واقعي بينهما لكي لا تنتفي عن العلم صفة النفعية. لذا؛ كان أفضل العلم هو المترجم على أرض الواقع؛ وهذا مذهب من مذاهب الفكر التربوي الإسلامي والغربي على حد سواء. فقد وجدنا عند العديد من التربويين الربط بين العلم والعمل تماشيا مع سيرة أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان ترجمان القرآن الكريم على الأرض، فقد كان قرآنا يمشي على الأرض كما قالت عائشة رضي الله عنها. وها هو ابن باديس يقول تربويا: (من دخل في العمل بلا علم لا يؤمن على نفسه من الضلال ولا عبادته من مداخل الفساد والاختلال)[15] وبذلك (حرص ابن باديس على جعل العلم أساس العمل وجعل العمل متكاملا مع العلم واضح في جميع أقواله التي طرح فيها المسائل المتعلقة بالعلم والعمل .لأنه ربط النظرية بالتطبيق من صميم التربية في الإسلام وحقيقة من الحقائق الكبرى التي يقوم عليها الفعل التربوي المتطور لأن قيمة العلم ليست قيمة مطلقة إنما قيمته في التطبيقات والممارسات التي تترجم الحقيقة العلمية وتجسدها للعيان ، وتجعلها فعلا حيا بين الناس يبنون به حياتهم فالعلم الذي يبقى مجرد متعة فكرية لا يفيد وكذلك العمل فهو ليس قيمة مجردة عن المنفعة التي يحققها والأساس العلمي الذي يقوم عليه)[16]. ومن هنا، فالمؤسسة التربوية تنظر إلى المواطنة على أساس أنها ممارسة فعلية للجانب النظري الذي تقدمه للمتعلم. وانطلاقا من كونها مؤسسة سياسية واجتماعية فهي تقدم للمتعلم القدوة والمثال الذي يجب أن يقتدى به، حيث (القدوة في التربية هي أفعل الوسائل جميعا وأقربها إلى النجاح. من السهل تأليف كتاب في التربية! ومن السهل تخيل منهج، وإن كان في حاجة إلى إحاطة وبراعة وشمول ... ولكن المنهج يظل حبرا على ورق ... يظل معلقا في الفضاء ... ما لم يتحول إلى حقيقة واقعية تتحرك في واقع الأرض ... ما لم يتحول إلى بشر يترجم بسلوكه وتصرفاته ومشاعره وأفكاره مبادئ المنهج ومعانيه. عندئذ فقط يتحول المنهج إلى حقيقة، يتحول إلى حركة، يتحول إلى تاريخ)[17].

والسؤال المطروح في إطار منظور المؤسسة التعليمية للمواطنة بشقيه النظري والعملي هو: هل المتعلم فعلا يتشبع بالمواطنة روحا وممارسة؟ وتصبح سلوكا مدمجا في شخصيته وممارسة يومية تتعدى أسوار مدرسته؟

هذا السؤال يحيلنا على الإشكالات التي تطرحها المواطنة على المؤسسة في مقابل الإشكالات التي تطرحها هذه الأخيرة على المواطنة. وهنا بيت القصيد الذي ينسف من الداخل وظيفة المؤسسة التعليمية بمجمل تناقضاته وسلبياته. فترى ما الإشكالات التي تعيشها المواطنة والمدرسة معا من خلال وظيفة المدرسة؟

3 ـ بعض إشكالات واقع المواطنة والمدرسة:

ليس الواقع كالتنظير، وليس البساط ممهدا للمواطنة لاستنباتها في الفضاء المدرسي دون ارتجاج فكري أو عملي، لأن الفضاء المدرسي جزء مجتمعي من مجتمع عام يعيش ممارسات وتناقضات وسلبيات وتدافعات وتراكمات تاريخية وثقافية وتربوية واجتماعية تحمل ما تحمل من مضادات المواطنة، وتعمل على نسفها أو على الأقل كبحها وتعويقها رغم ما ذهبت إليه من إصلاح وانفتاح. فــ (المؤسسة التعليمية، على الرغم من المجهود المبذول على مستوى تغيير مناهج وبرامج المواد التعليمية، إن على المستوى المنهجي أو البيداغوجي أو التقني والفني، لا زالت في منأى عن الدخول في أجرأة مستويات التفعيل العملي والميداني لاستهداف الغايات الأساسية الكبرى؛ من مثل: ترسيخ قيم المواطنة الحرة، وتنمية روح المسئولية، ودعم التنمية الثقافية، والعمل في سياق البناء الديمقراطي. كما أنها ـ المؤسسة التعليمية ـ لا زالت غير ملامسة لغايات ضمان التماسك الاجتماعي وصيانة الهوية الوطنية المتعددة الأبعاد، وبصيغة أخرى يمكن القول بأن المؤسسة التعليمية لا زالت على حالها، وغير مواكبة للاهتمام الذي يوليه لها المجتمع المغربي بمنظور إصلاحي)[18]. ومنه نجد مشروعية البحث في الإشكالات المطروحة ومنها:

1.3. إشكال التنظير من فوق وداخل الغرف المغلقة والمكاتب المكيفة:

بما أن المؤسسة التعليمية واقع اجتماعي معيش لا افتراضي، وموضوع اجتماعي شيئي لا موضوع تجريدي مستنبت من الميتافيزيقا بالمفهوم المفارق لعالم الحس. فالواجب عند التنظير لها الانطلاق من واقعها المعيش لملامسة إشكالاته ومشاكله عن قرب، بما يفيد القيام بدراسات ميدانية ومسحية لواقع هذه المؤسسة قصد الانطلاق من حقائقها الموضوعية والواقعية لا الافتراضية؛ مما يجعل التنظير متينا مرتبطا بالأطر الموضوعية والذاتية والمتطلبات الفعلية لهذه المؤسسة بما تعني من مدخلات بشرية.

ولأجل أن تكون للمؤسسة مصداقيتها الميدانية يجب أن تحقق المتطلبات الفردية والجماعية للمتعلم، وأن يجد فيها ما يشبع فعليا وعمليا تلك المتطلبات. وهذا ما لا يقدمه التنظير من فوق بملابساته السلطوية القهرية والجزرية، التي تلغي ذات المتعلم وتحيله إلى طالب معرفة فقط لا مشارك في برمجتها وتخطيطها وبنائها. فالمتعلم الذي يخاطبه الخطاب التربوي بأسلوب فوقي مفارق لواقعه المعيش لن يحدث فيه تغييرا ولا إقناعا ولا إثارة ولا حافزية ولا تحديا. فمثلا: ما جدوى الحديث ضمن المواطنة عن حق المشاركة في تدبير الشأن العام بتخصيص في الشأن المدرسي وبحصر في تدبير الحصة الدراسية، وقد نزل عليه نص لغوي أو قضية معرفية من فوق تفوق قدراته العقلية أو حالته الاقتصادية أو الاجتماعية أو غير معني بها؟ كيف يكون الإقناع أو الإيمان بالقيمة تحت سلطة الكتاب المدرسي أو المدرس أو النظام التعليمي " العنف الرمزي " ؟ كيف يكون الإيمان بقيمة المشاركة في الشأن العام انطلاقا من عدم مشاركة المتعلم في برمجة احتياجاته وحاجاته التي قررها المبرمج التربوي في غيابه وأسقط حقه في المشاركة أو حتى استشارته؟ فالمواطنة لا تبرمج إلا من المعيش اليومي للمتعلم الذي لا يعرف عنه المبرمج المغربي سوى الأرقام والنسب الإحصائية. أما من هو؟ وما في جعبته من مكتسبات سابقة وأفكار وقيم وسلوكات ومعلومات؟ وما مهاراته وكفاياته وقدراته؟ وما متطلباته واحتياجاته وحاجاته؟ وما الموضوع والمنهجية المناسبين له؟ فذلك كله افتراضي من خلال التخمين التأملي على أحسن أحواله أو هو إرهاصات فكرية فيما يمكن توقعه.

وهذا تنظير يخلق تناقضا بين واقع المتعلم وبرمجة المواطنة، مما يؤدي إلى انفصام النظري عن العملي، وبذلك ينسف الهدف الذي سعى إليه حيث يحيل المواطنة إلى ترف فكري معلوماتي فقط قابل للتخزين في ذاكرة المتعلم يستدعى في الامتحان على أحسن تقدير.

2.3. إشكال درس المواطنة موضوعا ومنهجا:

وهنا؛ نجد أن التأليف المدرسي بما هو مفتوح على الهواية لا الاحتراف والعلمنة، ويقتحمه المختص وغير المختص فضلا عن الملابسات الإدارية والقانونية والتشريعية لا يترجم ما يريده حقيقة المبرمج التربوي الذي وضع المنهاج الدراسي. حيث يجري على درسه المدرسي ومادته المدرسية التباسات موضوعية ومنهجية يسيطر عليها العنف الرمزي والابتذال المعرفي والتعقيد الديداكتيكي. تزيدها الطين بلة الدلالات الخفية المبثوثة في ثنايا المتن التعليمي التي تحققها صور الكتاب فعليا؛ علما بأن (المدرس والمدرسة يلعبان دورا هاما في عملية التنشئة الاجتماعية بعد الأسرة، وذلك عن طريق معاملة المدرس للتلاميذ في الفصول وعن طريق مضمون المادة العلمية ومحتواها)[19]. فهذا الكتاب[20] يتحدث عن حقوق المعاق " ذوي الحاجات الخاصة " في حدود الاعتراف به وتعليمه وهي حقوق طبيعية مشتركة بين المعاق وغير المعاق، فأين حقوق المعاق في النص وما هي المواد القانونية الخاصة بها؟ وذاك الكتاب يتحدث عن الانتخاب وحملته من باب الحلقة والتهريج لا من باب أركان الدولة المؤسساتية والديمقراطية، وكتاب ثالث يقدم الديمقراطية وحقوق الإنسان بنص للغابة وما يقع فيها من وحشية وافتراس؛ ليقول في الأخير لمتعلم السنة الرابعة ابتدائي وقد تمرس على الحاسوب والإنترنيت : (وبدت لي الحياة الإنسانية عند ذلك جنة نعيم إذا ما قيست بالحياة في هذه الغابة الساكنة، لأن الإنسان قد أقام قوانين تحمي الضعفاء من الأقوياء، وتبيح للبطيء أن يسعى رغم بطئه، وللصغير أن يبقى رغم هوان أمره) خزعبلات تأليف مدرسي، يحاول تمرير خطاب ساذج على متعلم يشهد بأم عينه انهيار جنة الإنسان أمام أفعال وأفكار القوة العظمى في العراق وفلسطين وغيرهما، وأن الضعفاء لا تحميهم القوانين؟ بل تزيدهم ضعفا! وهلم جرا مما ابتلانا الله به من موبقات الرشوة وأكل المال العام وغيره. ويذهب إلى تكريس البطء والهوان في فكر المتعلم ويضمنهما له بالقانون الإنساني!؟ بل القياس هنا باطل لأنهما عالمان متشابهان ومتساوقان في المضمون والشدة. فكيف يقنع النص المتعلم بالديمقراطية وحقوق الإنسان من هذا المنطلق؟ وأين هي الديمقراطية وحقوق الإنسان في النص؟ نص يعيد تعليمنا إلى الغابة والقرون الوسطى بالتاريخ الأوروبي لا العربي الإسلامي. نص ...؟! " لا حول ولا قوة إلا بالله".

فهذا التباس في الموضوع كما في المنهج، فمادة المواطنة مادة قانونية بالدرجة الأولى تحمل في ثناياها قواعد قانونية ومواد تشريعية وحقوقا وواجبات، وقيما وأخلاقا وقواعد سلوكية لا يبرزها المتن التعليمي فكيف سيتشبع بها المتعلم؟ ويعرف ما له وما عليه بمثل هذا النص وغيره كثير كثير! فهذا التعاطي مع المواطنة وغيرها لن يزيد المواطنة في المدرسة سوى انهيارا وتمزقا وتأسفا على حالها.

3.3. إشكال عدم تأهيل المدرسة للمواطنة:

انطلاقا من كون المؤسسة التعليمية مؤسسة رسمية يجب أن تعبر من خلال حياتها المؤسساتية عن أهليتها لمقاربة موضوع المواطنة عبر قوانينها وبنيتها المادية والاعتبارية وتجهيزاتها وأدائها وسحنتها؛ نجدها خلاف ذلك! لأن بعض قوانينها يكرس العنف القانوني على المتعلم وعلى مكوناتها، فالمتعلم الذي يجد أستاذه باسم المواطنة وبحكم القانون تجمد في سلم معين مقابل أستاذ آخر يدرسه نفس المادة فتح السلم أمامه، ويجد مختبره يفتقد للمواد المساعدة في دراسته لهذه المادة أو تلك، ولا يجد مقعدا يجلس عليه بل يجد نفسه مكدسا في القسم شر تكديس، ويجد مؤسسته لا تحتوي على ملعب أو مرحاض أو قاعة ... كيف تخاطبه المدرسة بلغة المواطنة، وهو يرى بأم عينه سحق المواطنة باسم المواطنة!

فالمدرسة كمكون رسمي يجب أن تؤهل لغاية تدريس المواطنة بحيث نجعلها مواطنة لها حقوقها وعليها واجباتها التي لا نفرط في شروطها ومتطلباتها. إذن لا يمكن الانطلاق من التهميش إلى المواطنة إلا بإحقاق الحقوق واستيفاء الواجبات. لذا فمدرستنا مازالت غير مؤهلة بعد لتدريس المواطنة وهي مكبلة بأحمال ثقيلة حتى سحنتها وسخة لا ترى الطلاء إلا تبرعا أو تضامنا بين المحسنين أو شفقة من خارج! يتم في يتم! نريده أن يتحدث عن حنان الوالدين؟ فتدريس المواطنة له شروطه وظروفه ومتطلباته السياسية والاجتماعية ... حتى يقتنع بها المتعلم ويؤمن بها وبقيمها ومبادئها. وأما؛ والحالة هذه، فإننا نحاول أن نجمع بين المتناقضين بل المعاكسين في نفس المكان والزمان، فحتى توظيف منهج المحدثين في الاختلاف هنا لا يستقيم.

4.3. إشكال فاعلية المتعلم:

ترتبط المواطنة بالحقل السياسي ارتباطا عضويا كما أسلفنا، وحيث (المدرسة وحدة اجتماعية لها جوها الخاص الذي يساعد بدرجة كبيرة على تشكيل إحساس الطالب بالفاعلية الشخصية، وفي تحديد نظرته تجاه البناء الاجتماعي القائم. فهي تؤدي دورا حيويا في عملية التنشئة السياسية خصوصا أنها تمثل الخبرة الأولى المباشرة للطالب خارج نطاق الأسرة، وذلك من عدة زوايا، فهي تتولى غرس القيم والاتجاهات السياسية التي ينخرط فيها الطلاب، وليس بصورة تلقائية كما هو الحال في الأسرة أو المؤسسات الأخرى. كما أن المدرسة تؤثر في نوع الاتجاهات والقيم السياسية التي تؤمن بها الفرد، وذلك من خلال علاقة المعلم بالطالب، ومن خلال أداء المعلم لعمله، ومن خلال التنظيمات الإدارية)[21]. فمن المفترض وفقه في المؤسسة أن تفعل دور المتعلم في مقاربة المواطنة من خلال مداخلها السياسية والاجتماعية والثقافية والقيمية والقانونية، لكن ليس لمؤسساتنا شيء من هذا رغم ما قيل من إصلاح؛ فالتلميذ / المتعلم مازال على الهامش غارق في الحفظ والاستظهار. كل دروسه تلقين لا يحيد عنها الطباشير قيد أنملة، وإن أحسن بها فعبر بعض الوسائل والتجهيزات الالكترونية التي ليس لها قيمة مضافة على ناتجها التعليمي! أنشطتها مستغرقة في الإنشاء اللغوي، وفي الماضي وتمجيده والأشخاص، لا تشارك في نقد الحاضر وتعريته وهدمه لإعادة بنائه من جديد على أسس الحاضر. محورها الأستاذ، تغيب عن معظمها الوسائل اللوجستية كما يقع في المختبرات. وتقويمها اختبارات تقليدية. أسلوبها قهري بصيغة الأمر لا بصيغة المشاركة والانغماس في حل المشكل أو الوضعية التقويمية، تلمس فيه السلطوية والديكتاتورية، يؤدي إلى (انخفاض الدافعية عند التلميذ، وضعف قدرته على التركيز، وزيادة في توتره الداخلي، وميل إلى الثورة والغضب)[22]، وردة الفعل المتشنجة وربما العنيفة سواء إيجابية أو سلبية العنف!.

واقع تعليمي لا يجد فيه المتعلم نفسه ولا يجد فيه متعة التعلم. راكد قابع في طاولات تشبه مقاعد الناقلة لا تسمح له بالحركة ولا بتغيير طريقة الاشتغال. فضلا عن جمود منهجية التدريس في صيغ قديمة رغم ادعاء لبيداغوجيا الكفايات، ولعل نظرة سريعة على صيغ تقديم الدروس بين القديم والجديد تبرهن على أنها لم تشهد خلا تغييرات طفيفة جدا[23] والجوهر واحد. وهذا لا يفعل المتعلم ولا يمكنه من تشكيل شخصيته المستقلة بأبعادها المختلفة خاصة فيما يخص قناعاته نحو الآخر والوطن والمستقبل. ومن ثم فهو مسلوب الإرادة في المدرسة، مفعول به لا فاعل، مما يجعله متعلما سلبيا في تفاعله مع نفسه والآخر ومحيطه المدرسي والسياسي والمجتمعي.

واقع تعليمي يساهم في إنتاج متعلم مستهلك معرفيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتكنولوجيا. متعلم ينقاد للسهل دون الصعب لا يقرب النقد والإبداع والابتكار إلا لماما أو عرضا. يؤمن بسلبيته وسكونيته. ألا ترى النظام التعليمي يتسلط عليه حتى في اختيار الشعبة بدعوى التوجيه وأي توجيه؟ يخالف رغباته بأقل معدل ، حيث يريد النظام التعليمي إنجاح فراسته النسبية وقراءاته الكهنوتية لمستقبل نجاح الإصلاح؟! فكيف نوطن المواطنة ونستنبتها عند المتعلم وهو غير فاعل في قسمه ومدرسته؟! ليست له مساحة الحرية المطلوبة في التعلم، كل التوجيهات مركزة في: " أنت افعل " وليس في: : أنا أفعل "!

5.3. إشكال فاعلية الأستاذ:

لقد تقلص بالتقنين المفرط دور الأستاذ وحصر في التنفيذ للمبرمج رسميا من متن تعليمي ومنهجية مقررة وخطوط حمر خفية؛ لم يعد الأستاذ معها يبتكر ويجتهد إلا للضرورة الملحة وخلسة! لذا لم يعد أداؤه يؤتي إلا القليل من النتائج، وأكثر جهوده ضائعة ومهدورة. فمثلا مع نص الغابة الذي مر بنا وهو نص لا صلة له بموضوع مجاله لا من قريب ولا من بعيد وإنما حشو وحشر على قياس من رمي به من السفينة للانقاذ وما هو بسباح ولا منقذ! لا يؤسس هذا النص لحقوق الإنسان ولا للديمقراطية ولا لثقافتهما، لأن موضوعه الغابة وليس تلك الحقوق. فماذا سيفعل الأستاذ حياله؟ فإن اجتهد فذاك خروج عن المقرر وإن التزم فتلك تفاهة رسمية تدرس للمتعلم بما لا يمكنه من حقوق ولا من واجبات، ولا من مؤسسات الديمقراطية أو من صيغ إنشائها، ولا من نهجها أو سلوكياتها. فهو مقيد الإرادة لا تُفتح دفاتره على الاجتهاد لأن رقابة الوزارة عبر أجهزتها الإدارية والتربوية وأنظمتها له بالمرصاد. فكيف يبني مواطنة أو غيرها؟!

إن تفعيل الأستاذ بترك هامش الإعداد الحر لدرسه وفتحه على أكثر من مرجع وأكثر من قضية وعنوان هو الكفيل ببعث الروح في درسه ودخ الدم من جديد في قلبه، بل بعث الحياة في أدائه ببعديه المعرفي والميتامعرفي قصد قراءة الآخر والأنا عن وعي عميق مما يكسب فعله معنى يحركه نحو النموذج المنظوماتي للمعرفة الكلي الذي يحقق عند الأستاذ التمكن من المعرفة الشرطية والإجرائية والتقريرية في المتن التعليمي المتعلق بالمواطنة، وبما يميز لديه بين المعرفة الصحيحة والخاطئة ضمن استحضار الفروق الفردية بين المتعلمين؛ لينقل فاعليته من السذاجة الإيبستيمية إلى الوعي الإيبستيمي الفاعل في المتعلم والموضوع والمجال.

ويزيد مشهد فاعلية الأستاذ تعقيدا أو تحسنا نمط شخصية الأستاذ وتكوينه وثقافته ووضعه الاجتماعي والاقتصادي ومظهره وسحنته الخارجية فضلا عن نوع العلاقات المنسوجة بينه وبين مكونات بيئته التعليمية المختلفة خاصة منها البشرية. فالعلاقات لها منطق التصديق على قيمة ما يدرس لمتعلميه من مواضيع بما فيها المواطنة. ومنه لا يمكن أن يقوم لدرس المواطنة في المدرسة قيام وقوام مادام النظام التعليمي يرى الأستاذ/ ة خلا منفذا لقراراته الفوقية ولا يترك له المبادرة.

6.3. إشكال مفارقة النظري لواقع المدرسة:

ينطوي هذا الإشكال على العديد من مواطن مفارقة النظري للواقع أو للتطبيق في الاتجاهين من المواطنة نحو المدرسة أو العكس انطلاقا من كون المدرسة مجالا سياسيا للسلطة الحاكمة تحمله بحمولة المواطن الصالح في عرفها ورؤيتها؛ ومجالا اجتماعيا لسلطة المجتمع يحمله بحمولة الهوية العامة المنبثقة من الموروث التاريخي للمجتمع وهي هوية لا تأخذ صورة واحدة جامدة لتعدد روافدها وتنوعها. ومن ثم يقوم الصراع في المؤسسة التعليمية بين سلطة السياسة وسلطة المجتمع، فتتقرر حقيقة عدم إمكانية الاشتغال المحايث عليها، لانصهار الروافد والتداخلات والتفاعلات في صبغ المدرسة بواقع الصراع الموجود في المجتمع العام والمجتمع السياسي بل والثقافي فضلا عن الاقتصادي. ونحن نجد انفصاما بين المؤسسة والمجتمع حيث (ثمة خلل في طبيعة الآليات الفاعلة والموجهة لقضية التعليم. لقد لوحظ طلاق حاصل بين المدرسة والمجتمع، بين المتعلم ومحيطه، وبين المتعلم وذاته كشخص وكشخصية)[24]. وهذا يقوض تدريس المواطنة في المدرسة لأن واقعها لا ينسجم مع خطابها ومعارفها المروجة في أدائها لوظيفتها المهنية على الأقل. فهي تشهد الفكرة ونقيضها في نفس الوقت، والقيمة وعكسها في ذات اللحظة بما يذكي في المتعلم الطلاق البائن بين شخصه وشخصيته!

فالمدرسة تعيش زمن المواطنة وزمن اللامواطنة في اليوم ألف مرة؛ فمثلا من حقوق المتعلم تكافؤ فرص التعلم داخل القسم بما يفيد تخصيصه بنفس المساحة الزمنية وبنفس المعلومة وبنفس المنهج المخصص لباقي زملائه لكن في واقع القسم هذا غير ممكن لأن السياسة التعليمية تقتضي حشر خمسين متعلما في الحجرة الواحدة وتخصيص ستين أو مائة وعشرين دقيقة للموضوع والمنهج وغير ذلك، مما يعني أن المتعلم ينتابه في حصته الزمنية عشر دقائق وأجزاء من الثانية؛ فهل يكفيه هذا الغلاف الزمني لاكتساب الموضوع والمنهج فضلا عن ملابساتهما؟ فأين تساوي تكافؤ الفرص في التعلم مقابل حجرة دراسية لنفس المستوى تحتوي على أربعين متعلما مثلا وفي نفس المدرسة؟ وأين تكافؤ الفرص في سياق الساعات الإضافية التي تأتي من تدهور خدمات المدرسة العمومية؟ وأين شخصية المتعلم المتوازنة أمام الفرز الممنهج للتلاميذ وفق المعدلات أو المحسوبية والزبونية والعلاقات الاجتماعية بمختلف أصنافها وأنواعها؟ وهي بالمناسبة ليست طارئة على المدرسة لأنها واردة من أزمة النظام التعليمي ككل، الذي تمارس فيه هذه العلاقات من أجل الترقية والانتقال وتبوء المناصب بعيدا عن معيار الكفاءة كأحد مبادئ وقيم المواطنة؟

فواقع المؤسسة التعليمية معروف ولا يمكن أن يرتفع كما هو واقع المجتمع السياسي والاجتماعي للأمة، ومن ذلك لا واقع المدرسة يقنع المتعلم بدعوى درس المواطنة ولا واقع خارج المدرس يقنعه هو الآخر بذلك. ومن ثمة يجد المتعلم درس المواطنة يدخل في باب تأثيث الفكر والذاكرة به كالمؤثثات الأدبية الأخرى، مادام لا يجد له امتدادا في معيشه اليومي بدء من طول انتظاره بباب المسؤول عن المؤسسة وانتهاء بطول انتظاره بباب المسؤول الإداري بالمرافق الإدارية الأخرى أو غيرهما. فتلك معطيات تتراكم لتشكل المكبح الحقيقي لدرس المواطنة وغيره في المدرسة.

وأي خطاب تعليمي للمعرفة من أجل النفع هو خطاب جامد وساذج في ظل واقع مفارق لتنظيراته. وعليه لن يطول القول في هذه الحيثية مادامت الإشارة تغني عن الجمل والكلمات لأن ذلك يشكل خبز يومنا وليلنا.

لــيــس خــتــامــا:

المواطنة والمدرسة في ظل الواقع المعيش المأزوم على مختلف الأصعدة ليست موضوعا مغلقا ومحسوما في أمره بقدر ما هو موضوع مفتوح للنقاش بما يبقي (صيغة الأزمة ملازمة للتعليم، وكأن قدر التعليم أن يكون قطاعا أزميا، فقد اعتبرته الدولة مصدرا أزميا، لأنه كان سابقا يولد نخبة سياسية معارضة، وهو الآن يولد توترا اجتماعيا بسبب الحركات الاجتماعية للمتخرجين المعطلين عن العمل، كما اعتبرته الفئات الاجتماعية مصدرا أزميا يولد التمايزات الاجتماعية ويكرس إجراءات الانتقاء والإقصاء ثقافيا واجتماعيا وبيداغوجيا، وينتج ترسبات سيكو ـ اجتماعية كالفشل الدراسي، التعثر والطرد المدرس، والبطالة، وينتج مفارقات تكوينية كالتباعد الحاصل بين التعلم والحياة عموما، والتباعد بين حاجات ورغبات المتعلم وواقع التعلم. كما اعتبره الممارسون مصدرا أزميا يولد تناقضات بين واجب الممارسة وواقعها، بين حاضر التعليم وطبيعة التكوين، كما أصبح ينتج ظواهر خطيرة، كالغش والعنف والغياب وضعف المستوى، إنها أزمة ممارسة. إنه أيضا مجال تتجسد فيه سلطة القرار، وإلغاء فعالية الممارسين والنظر إليهم كجنود عليها أن تنفذ، لا أن تفكر، وإطارا للعقاب يحرم فيه الممارس مما يتمتع به سواه من الموظفين، وبالتالي إنها أزمة الوضعية، ناهيك عن أزمة التكوين ومدى استمراره. لهذا أصبحت الرغبة في التعليم والجدية في التحصيل وفي التدريس مثار سخرية، وعلامة على السذاجة، ونعتا طوباويا وفقرا في الواقعية. وبالتالي أصبح التعليم نموذجا للضياع والهدر في المجهود وفي الزمن)[25].

فالأزمة مازالت قائمة رغم ما روج من إصلاح لأن الإصلاح لم ينطلق من الإنسان وإليه لأنه غاية التربية والتعليم والتكوين. فلم يبرح مكانه وإن علت وجهه مسحوقات التجديد، فالجسد والجسم قديم يستدعي مشرطا لاستئصال جراثيمه وطفيلياته. ويستدعي جراحا كفء فنانا يدري حقيقة فعله لا هاويا يستنبت المواطنة في تربة لم يؤهلها بعد ولم يكيفها لأجل البذور أو الشتائل؟! فذلك ضرب من الوهم يعلو الخطاب التربوي.

 

عبد العزيز قريش

.........................

المراجع:

ـ القرآن الكريم.

ـ رزنبرغ ، في " من دولة الرعية إلى دولة المواطنة، معقل زهور عدي، http://www.alfikralarabi.org/vb/showthread.php?t=2318

ـ د. فهد إبراهيم الحبيب، الاتجاهات المعاصرة في تربية المواطنة، مجلة المعرفة، وزارة التعليم، السعودية،http://www.almarefah.com/print.php?id=691.

ـ محمد المحفوظ، جريدة الرياض، السعودية، 22/03/2005.

ـ محمد المحفوظ، المواطنة وقضايا الانتماء الوطني، http://www.rasid.com/print.php?id=12779.

ـ مبارك سالمين، السياسة التعليمية والنظام التعليمي في اليمن ومدى توافقها في تكريس المواطنة والديمقراطية، http://www.wfrt.org/cedy/studies/res4_a.html.

ـ عبد المقصود الراشدي، http://www.ier.ma/article.php3?id_article=895

ـ أوليفيي روبول، لغة التربية، ترجمة: عبد السلام بن عبد العالي، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، 2002.

ـ الموسوعة الحرة ويكيبيديا، . http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B7%D9%86%D8%A9 .

ـ د. حبيب المالكي، الكلمة التوجيهية في لقاء التنسيق الخاص بمديري الأكاديميات والنواب الإقليميين، الرباط 2 ـ 3 فبراير 2007، http://81.192.52.38/men/discours/alloc_min_2fevrier07.htm

ـ خطاب ملكي في المجلس الأعلى للتعليم .

ـ المادة1 من ظهير شريف رقم 1.05.152 صادر في 11 من محرم 1427 (10 فبراير 2006) بإعادة تنظيم المجلس الأعلى للتعليم، جريدة رسمية عدد 5396 – 17 محرم 1427 (16 فبراير 2006) .

ـ عبد القادر فضيل، فلسفة ابن باديس في مجال التربية والتعليم، http://www.binbadis.net/dirasat/lire_abdelkader_foudel.htm.

ـ محمد قطب، منهج التربية الإسلامية، دار الشروق، بيروت، لبنان، 1400/1980، ط4.

ـ سامر أبو القاسم، مهام منظومة التربية والتكوين وتحديات التعبئة والإدماج الاجتماعي، http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=59157

ـ د. مصطفى أحمد تركي، السلوك الديمقراطي، عالم الفكر، وزارة الإعلام، الكويت، المجلد 22، العدد2، 1993.

ـ د. فهد إبراهيم الحبيب، الاتجاهات المعاصرة في تربية المواطنة، مجلة المعرفة، وزارة التعليم، السعودية.

ـ عزيز لزرق، حدود وممكنات إصلاح التعليم، منشورات اختلاف 5، 2001، المغرب.

 هوامش 

[1] رزنبرغ ، في " من دولة الرعية إلى دولة المواطنة، معقل زهور عدي، http://www.alfikralarabi.org/vb/showthread.php?t=2318.

[2] د. فهد إبراهيم الحبيب، الاتجاهات المعاصرة في تربية المواطنة، مجلة المعرفة، وزارة التعليم، السعودية،http://www.almarefah.com/print.php?id=691.

[3] محمد المحفوظ، جريدة الرياض، السعودية، 22/03/2005.

[4] محمد المحفوظ، المواطنة وقضايا الانتماء الوطني، http://www.rasid.com/print.php?id=12779.

[5] القرآن الكريم، سورة الحجرات، الآية 13.

[6] انظر كتابات وكتب بيير بورديو صاحب نظرية إعادة الانتاج من منطلق الرأسمال الرمزي أو الثقافي وهو أخطر من إعادة الإنتاج من منطلق الرأسمال الاقتصادي لأنه خفي ولا يترك وراءه غبارا ولا دخانا.

[7] مبارك سالمين، السياسة التعليمية والنظام التعليمي في اليمن ومدى توافقها في تكريس المواطنة والديمقراطية، http://www.wfrt.org/cedy/studies/res4_a.html.

[8] نفسه.

[9] عبد المقصود الراشدي، http://www.ier.ma/article.php3?id_article=895.

[10] انظر في شأنه: أوليفيي روبول، لغة التربية، ترجمة: عبد السلام بن عبد العالي، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، 2002.

[11] الموسوعة الحرة ويكيبيديا، . http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B7%D9%86%D8%A9 هناك تعاريف عدة؛ حيث رأيت هذا مناسبا للمجتمع المدرسي.

[12] د. حبيب المالكي، الكلمة التوجيهية في لقاء التنسيق الخاص بمديري الأكاديميات والنواب الإقليميين، الرباط 2 ـ 3 فبراير 2007، http://81.192.52.38/men/discours/alloc_min_2fevrier07.htm

[13] خطاب ملكي سامي بمناسبة تنصيب المجلس الأعلى للتعليم والإعلان عن إحداث هيئة وطنية للتقويم.

[14] المادة1 من ظهير شريف رقم 1.05.152 صادر في 11 من محرم 1427 (10 فبراير 2006) بإعادة تنظيم المجلس الأعلى للتعليم، جريدة رسمية عدد 5396 – 17 محرم 1427 (16 فبراير 2006) ص 405 . 

[15] عبد القادر فضيل، فلسفة ابن باديس في مجال التربية والتعليم، http://www.binbadis.net/dirasat/lire_abdelkader_foudel.htm.

[16] عبد القادر فضيل، نفسه.

[17] محمد قطب، منهج التربية الإسلامية، دار الشروق، بيروت، لبنان، 1400/1980، ط4، ص.: 180.

[18] سامر أبو القاسم، مهام منظومة التربية والتكوين وتحديات التعبئة والإدماج الاجتماعي، http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=59157

 [19] د. مصطفى أحمد تركي، السلوك الديمقراطي، عالم الفكر، وزارة الإعلام، الكويت، المجلد 22، العدد2، 1993، ص.ص.: 116 ـ 132.

[20] راجع أغلبية الكتب المدرسية في التعليم الابتدائي للغة العربية بقراءة ناقدة تتعجب لما تحويه من انزلاقات في المضمون والمنهج ونحملها أسماء لو نطقت لتبرأت منها.

[21]د. فهد إبراهيم الحبيب، الاتجاهات المعاصرة في تربية المواطنة، مجلة المعرفة، وزارة التعليم، السعودية، مرجع سابق.

[22] د. مصطفى أحمد تركي، السلوك الديمقراطي، مرجع سابق.

[23] يمكن إجراء مقارنة بين منهجية الكتاب الوحيد القديم في تقديم درس التراكيب أو الصرف أو التعبير وبين منهجية تقديمها في الكتاب الجديد، لتبين تطابقها في الجوهر وفي النظرية الديداكتيكية المؤطرة لهما.

[24] عزيز لزرق، حدود وممكنات إصلاح التعليم، منشورات اختلاف 5، 2001، المغرب، ص.: 21.

[25] نفسه، ص.: 69.

 

 

في المثقف اليوم